3 أسباب وراء قرار الرئيس بشأن النموذج الإنتخابي

حسم الرئيس حسن شيخ محمود الجدل بشأن النموذج الانتخابي الذي وافق عليه منتدى الإستشاري الوطني الصومالي،  وأصدر اليوم الأحد مرسوما رئاسيا يأمر بتطبيق النموذج الانتخابي دون الحاجة إلي  موافقة البرلمان الذي فشل في التصويت عليه وإجازته، في خطوة جرئية لم يعهدها الصوماليون من رؤسائهم، لكن هذه الخطوة ستلقي بظلالها على الوضع السياسي خلال الشهور المقبلة سلبا أو ايجابا ولا يختلف عليه إثنان أن المرسوم اتخذ تحت ضغط من قوة المجتمع الدولي.

ورغم أن قرار الرئيس حسن شيخ محمود بشأن  الجدل حول النموذج الانتخابي ، جاء لأسباب رسمية، حصرها الرئيس  في إخفاق  البرلمان في تحمل مسؤوليه تجاه مصادقة النموذج الإنتخابي، إلا أن هناك دوافع أخرى تتلخص في:

أولا: تفادي خطة (ب) التي يلوحها المجتمع الدولي

سعى الرئيس إلي تفادي مشكلة المجتمع الدولي الذي هدد بخطة (ب) ما لم يتم تنفيذ  العملية الانتخابية الصومالية في 2016 في موعدها. وجاء هذا التهديد  على لسان أكثر من  دولة معنية بالشأن الصومالي والتي عبرت عن قلقها من تأخيرات في العملية الانتخابية الصومالية في 2016.  قالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة الماضي أن الولايات المتحدة لديها قلق متزايد من التأخيرات في العملية الانتخابية الصومالية في 2016، مشيرة إلي أن شرعية المؤسسات الاتحادية في الصومال تعتمد على إجراء عملية انتقالية تتسم بالشفافية وتجرى في مواعيدها المحددة، وداعية البرلمان إلي التصرف بسرعة للتصديق على القواعد الجديدة.

وكذلك حذر الاتحاد الأوروبي من مغبة  تأجيل عملية الانتخابية في الصومال، لافتا إلي أن  إن فشل البرلمان في التحرك بسرعة “سيعرض العملية السياسية في البلاد للخطر وسيعيد البلاد سنوات إلى الوراء.

وفي سياق متصل شدد سفير مصر لدى الأمم المتحدة، ورئيس وفد مجلس الامن الذي زار مقديشو  في 19 من شهر مايو الجاري، عبد اللطيف أبو العطا على ضرورة التصديق على العملية الانتخابية في أسرع وقت ممكن.

وفي اللغة الدبلوماسية  تعنى هذه التصريحات التي يراها البعض أنها عادية،  تهديدا مبطنا وتنقل رسائل عن قرارات أخرى في طي الكتمان؛ لأن لغة الدبلوماسية تختلف عن لغة الشارع، فهي ملزمة باختيار الكلمات المؤدبة والمنتقاة بحرص ودقة، لكن في ذات الوقت  تحمل في طياتها معان أخرى لا تحملها اللفاظ التي يستخدمها الدبلوماسيون، وبالتالي كما جاء على لسان الرئيس حسن شيخ محمود وألمحها فان هناك طبخة في الخفاء يعدها المجتمع الدولي   قد لا تعجبها الرئيس وستضمن لبعض القوى الاقليمية دورا كبيرا في العملية السياسية في الصومال، لأن المتجمع الدولي لا يريد الافراط بما دفعه خلال السنوات الماضية من أجل عودة الأمن والاستقرار إلى الصومال.

ولذلك لم يأت قرار الرئيس حسن  شيخ الحاسم الا تلبية لمطالب المجتمع الدولي وتفاديا لاي قرار دولي يفرض من الخارج والذي  لا يخامرنا أدنى شك أنه لن  يكون لصالحه.

2- لي عنق الانتخابات

السبب الثاني الذي  دفع الرئيس إلي إصدار هذا المرسوم،  هو لي عنق الانتخابات وسحب البساط من  الأطراف المعارضة التي لم تستعد  بشكل جيد بالخوض في الانتخابات المقبلة وينوي برأي بعض الأطراف إلي الاسراع في تنفيذ العملية الانتخابية في ظل أجواء غير شفافة مستغلا من دعوات المجتمع الدولي إلى اجراء الانتخابات في موعدها، وإذا جرت الانتخابات في ظل هذا الظرف لا شك أن الرئيس حسن شيخ محمود سيكون أبرز المرشحين حظوظا، لأنه النظام الانتخابي القبلي سيعطي مؤيدي الرئيس سلطة واسعة لإختيار أعضاء البرلمان والذين سينتخبون الرئيس القادم.

3- ضرب عصفورين بحجر واحد

لكن  يرى البعض الأخر أن الرئيس يريد تأجيل الانتخابات وتمديد فترة ولايته وفي نفس الوقت  لا يريد التحمل مسؤولية هذا القرار ولذلك يسعى إلي ضرب عصفورين بحجر واحد، تأجيل الانتخابات وعدم التحمل مسؤولية هذا الفشل عبر إطالة أمد الخلافات، حيث سيثير قرار الرئيس  حفيظة البرلمان والذي قد يصدر بدوره قرارا يبطل  المرسوم الرئاسي أو على الأقل يعقد المشكلة ويفتح لها أبعادا أخرى قد تؤدي إلي تأجيل الانتخابات أو الاتفاق على تمديد فترة ولاية السلطة الحالية، والدليل على ذلك أن أهم البند الذي اثار الخلاف بين أعضاء البرلمان الفدرالي، تخصيص مقاعد لمحافظة بنادر( العاصمة مقديشو) في مجلس الشيوخ  لا يزال قائما وأن الرئيس ترك حسم هذا البند لمؤتمر القيادات الوطنية الذي سيعقد قريبا ويعنى ذلك أن الجدل لا يزال قائما وأن الباب مفتوح لكل الاحتمالات.

ولكي يكون الأمر حاسما ينبغي ان تصدر الحكومة جدولا زمنيا للانتخابات  المقبلة وهذا الجدول سيقطع الشك باليقين ويساهم في بعث الإطمئنان في نفوس المشككين من جدية الرئيس والحكومة والبرلمان في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى