هيومن رايتس ووتش تتهم الحكومة وحركة الشباب بالاعتداء على الصحفيين

نيروبي (مركز مقديشو)- قالت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته اليوم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إن الحكومة الصومالية وحركة الشباب تستخدمان تكتيكات مسيئة للتأثير على التغطية الإعلامية.

وشددت المنظمة على ضرورة تصرف الحكومة بحزم لوضع حد للترهيب والعنف الذي تمارسه قوات أمن الدولة ومقاتلي حركة الشباب ضد الصحفيين، مشيرة إلى حاجة الصوماليين لإعلام حر وحيوي تعتبر مهمة بشكل خاص في ضوء العملية الانتخابية المقررة في 2016.

وقالت لايتيسيا بدر، باحثة أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لا ينبغي أن تكون حرية الصحافة خسارة حتمية أخرى في الصومال. إضافة إلى تهديدات حركة الشباب التي طال أمدها، زادت الحكومة الجديدة من قمع الصحفيين في وقت تشتد فيه الحاجة لخدماتهم”.

وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن حركة الشباب والحكومة الصومالية وحلفاءها سعوا إلى استغلال ضعف الصحفيين الذين لا يتلقون رواتبهم والذين تنقصهم الخبرة على امتداد هذا الصراع الطويل في البلاد.

رغم أن حركة الشباب تشكل التهديد الرئيسي لوسائل الإعلام، إلا أن الصحفيين صاروا أيضا عرضة لهجمات من قبل جهات حكومية وغير حكومية. وقال صحفي في مدينة جالكعيو في بونتلاند: “السلطات والجمهور والمسلحين، كلهم يكنون لنا العداء. نحن مثل سمكة في مياه سامة، نحن عرضة للهجوم والقتل في كل وقت”.

وقابلت هيومن رايتس ووتش 50 صحفيا، ورؤساء تحرير، ومدراء وسائل إعلام عاملين في جنوب وسط الصومال وبونتلاند. منذ عام 2014، قتل 10 صحفيين – 4 في عمليات استهداف على ما يبدو – ونجا 6 آخرون من محاولات اغتيال. كما أصيب صحفيون أثناء عملهم، واعتقل العشرات تعسفا، وحوكم بعضهم، وتلقى العشرات مكالمات هاتفية ورسائل نصية تهديدية تطالبهم بتغيير تقاريرهم أو مواجهة عواقبها.

قال صحفي نجا من هجوم في مقديشو في أكتوبر/تشرين الأول 2014 إنه لا يشك في أنه كان مستهدفا: “كنت أسمع أصوات عدة تقول لمطلق النار أن يسدد بشكل أفضل. كنت أسمعهم يقولون: إنه لا يزال حيا!” أصيب هذا الصحفي إصابة خطيرة لم يعد بسببها قادرا على العمل كمراسل.

وجاء في تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش أن مسؤوليين أمنيين في مقديشو، منعوا تقارير حول قضايا محددة، مثل بيانات حركة الشباب، وأغلقوا مؤقتا 3 وسائل إعلام على الأقل، واعتقلوا صحفيين لم يحترموا تلك الأوامر. واتهم التقرير السلطات الإقليمية في المدن المتنازع عليها باللجوء إلى الاعتقالات التعسفية والتهديد، وأغلقت 5 وسائل إعلام للسيطرة على التغطية السياسية.

وأوضح التقرير أن مسؤولي الحكومة سعوا بانتظام إلى تبرير فرض قيود على حرية الصحافة بزعم أن وسائل الإعلام تتصرف بشكل غير مهني أو بدواعي الأمن القومي. وجدت هيومن رايتس ووتش أنه على الرغم من السياق الأمني والسياسي الصعب، حاولت السلطات الحد من التغطية الإخبارية المشروعة باستخدام تكتيكات غالبا ما تعرض الصحفيين لخطر الانتقام.

وقال التقرير إن حركة الشباب تتعامل بصورة غير قانونية مع الصحفيين – وهم مدنيون وفقا لقوانين الحرب – وتعتبرهم امتدادا للحكومة الصومالية أو لقوات عسكرية أجنبية، متهمة الحركة باستخدام تهديدات وأعمال عنف ضد الصحفيين للضغط وفرض تغطية إيجابية.

وفقا لتقرير المنظمة تواجه الصحفيات مشاكل إضافية، فهن يواجهن قيودا اجتماعية وثقافية، ويعانين من تمييز زملائهن وتهديدات حركة الشباب التي تسعى إلى الحد من مشاركة المرأة في الشؤون العامة.

ويقول صحفيون صوماليون إنهم يردون في كثير من الأحيان على التهديدات والترهيب والعنف بالرقابة الذاتية. يبتعد العديد بشكل واضح عن تغطية القضايا الحساسة، مثل الأمن والفساد والعمليات السياسية المرتبطة بشكل خاص بالفيدرالية.

زقال صحفي في مدينة جالكعيو: “نواجه الآن جماعة خطيرة جدا، حركة الشباب، التي تريد أن تؤوّل كل كلمة في وسائل الإعلام، وتريد السلطات أيضا قمعنا بدلا من حمايتنا. الرقابة الذاتية هي خياري الوحيد المتبقي، وهو أمر محزن للغاية”.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الآمال في أن تحقق السلطات الجديدة في مقديشو وبونتلاند والإدارات الإقليمية المؤقتة التي تم إنشاؤها حديثا العدالة في الانتهاكات ضد الصحفيين قد تلاشت.

وبحسب التقرير قال العديد لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لا يرون أي جدوى في إبلاغ الشرطة عن حوادث، لأنها لن تتابع المهاجمين، والذهاب إلى الشرطة يضع الضحايا أمام مزيد من المخاطر.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الرئيس حسن شيخ وقع في يناير/كانون الثاني 2016 على قانون جديد للإعلام قد يزيد من تقييد حرية التعبير. رغم أن القانون فيه بعض الجوانب الإيجابية، إلا أنه يتضمن أيضا قيودا غامضة على وسائل الإعلام. ومن المرجح أن يتسبب القانون الجديد في مزيد من الرقابة الذاتية على الصحفيين غير القادرين على تحديد ما هو السلوك المجرم.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة الصومالية إدانة الهجمات ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وإجراء تحقيقات فورية وشفافة ونزيهة. كما دعت إلى الالتزام بحماية الصحفيين لإعداد تقارير شاملة وعلنية عن القضايا ذات الأهمية الملحة للعموم، وتعديل أو إلغاء القوانين التي تقيد الحق في حرية التعبير والإعلام. وحثت المنظمة الجهات الدولية المانحة على الضغط على الحكومة الصومالية لحماية الصحفيين من سوء المعاملة، وإعادة النظر في القوانين ذات الصلة، وتقديم المساعدة التقنية لضمان احترام التحقيقات الجنائية لحقوق الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى