كيف يقضي مايكل كيتنغ حياته اليومية في مقديشو؟

مقديشو ( مركز مقديشو) – يقول الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال، ورئيس بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال مايكل كيتنغ، في مقال نشر في مجلة العالم اليوم التي تصدرها مؤسسة (تشاتام هاوس): يبدأ يومي مع بعض التمارين الرياضية، ووجبة الإفطار في غرفتي، ثم  في الثامنة صباحا جلسة التخطيط. ويتضمن جدولي اليومي عادة اجتماعات أجريها مع السياسيين، واستقبال الزوار الصوماليين أو الدولين، ورؤية الزملاء العاملين في ملفات مثل الانتخابات، وإصلاح قطاع الأمن، وسيادة القانون، وحماية الأطفال، وقضايا المساواة بين الجنسين، وحقوق الإنسان، والأمن الغذائي، وقضايا النازحين والمصالحة.

هناك حوالي 500 من موظفي الأمم المتحدة الدوليين في الصومال، الأغلبية يعملون في مقديشو. وهناك العديد من موظفي مكتب الأمم المتحدة في الصومال يقيمون في كينيا. فالسلطات الصومالية تطالب بنقل  كل أعضاء السلك الدبلوماسي و الموظفين في المساعدات الدولية إلى الصومال، لكن المخاوف الأمنية، والعملية اللوجستية وتكلفة الحفاظ على أمن الموظفين هي التي تمنع تحقيق ذلك.

التجول في المدينة عملية كبيرة. فريق الحماية المباشرة يرافقني ليلا ونهارا، بالإضافة إلى فرق الأمن المحلية حينما أتجول في أنحاء مقديشو. أتوق إلى التسوق في الأسواق المحلية، أزور بيوت الشاي والمطاعم على شاطئ البحر ، وأتناول جراد البحر، لكن كلها مناطق محظورة الدخول فيها. أقوم بزيارات خاطفة سريعة  على سبيل المثال إلى سوق السمك في العاصمة مقديشو، وسوق المواشي في هرجيسا.

أحيانا، أقوم بزيارة إلي بعض المناطق للقاء مع السلطات، وشيوخ العشائر، ورجال الأعمال، والنساء، والشباب. تملك الأمم المتحدة ستة مواقع محمية بشكل جيد وموظفين في عدد من مكاتب فرعية، من بوصاصو وغرووي في الشمال إلى كيسمايو وبيدوا في الجنوب. أحيانا علينا أن نطير بسياراتنا الواقية من الرصاص، والهبوط على مهابط للطائرات من تربة زلطية تم تطهيرها من الماعز والإبل.

أقضي الكثير من وقتي في تسهيل الحوارات بين الصوماليين من أجل بناء الدولة الاتحادية، وهذا يمثل مغامرة سياسية بالنسبة لهم، ولي.  دمرت البنية التحتية لمؤسسات الدولة جراء خمسة وعشرين عاما من الحرب الأهلية.

هناك العديد من المناطق الرمادية في الدستور المؤقت لعام 2012، بما في ذلك العلاقة بين الحكومة المركزية والحكومات الفدرالية وصلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وإدارة الموارد وتقاسم الثروة. كل خطوة تخضع لمفاوضات معقدة. والنتيجة النهائية ستكون دولة صومالية موحدة تستوعب القبيلة والهوية الوطنية.

إعادة بناء القدرة على توفير الأمن سوف يستغرق وقتا طويلا  وهي عملية سياسية بامتياز، نظرا لارتفاع مستويات انعدام الثقة. فتجاوز السياسة المبنية على القبلية تكون ممكنا فقط عبر  العمل مع سماسرة سلطة العشيرة، وليس ضدهم.

 فتوقعات السكان وثقته بالحكومة منخفضة.  في العديد من المناطق، فحركة الشباب هي أكثر فعالية في توفير الأمن وسيادة القانون – وإن كان ذلك بنموذج وحشي خاص لهم – من الحكومة.

  فللأمن أولوية قصوى.  أعطى مجلس الأمن  تفويضا للاتحاد الافريقي بارسال قوات إلى الصومال تتألف من 22،000 جندي  من بوروندي، وجيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا ، وأوغندا يعملون في جنوب ووسط البلاد.  وقد تم تطهير مناطق حضرية كثيرة من حركة الشباب على مدى السنوات الخمس الماضية، وقوات أميصوم تحاول التكيف مع تغير أسلوب وتكتيكات المتمردين الذين يشنون عمليات كر وفر  على القواعد العسكرية، وهجمات مروعة ضد المدنيين.

الامم المتحدة لديها أيضا هدف، ونقدم دعما غير قتالي لقوات الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك الغذاء، والماء، والنقل، والصحة، والاتصالات. أنا كبير  مسؤولي الأمم المتحدة في البلاد – وتلك مسؤولية ثقيلة.

 التقى الرئيس ورئيس مجلس الوزراء على الأقل مرتين في الأسبوع، وأحيانا معا. وقد هيمنت محادثاتنا  العملية الانتخابية المقررة في نهاية فترة ولاية البرلمان الحالي في شهر أغسطس، وتعقيدات تسويق النموذج الانتخابي، وتحديات تطبيق، بما في ذلك ضمان مشاركة المرأة. وستكون هذه لحظة حاسمة في المسار السياسي في الصومال.

في عام 2012، باستخدام ما يسمى بـصيغة “4.5”  اختار 135 من شيوخ العشائر، 275 عضوا في البرلمان. هذه المرة، سيتم توسيع المجمع الانتخابي وسيصل إلى 14،000. سيكون هناك مجلس الشيوخ الذي سيتم اختاره على اساس الحكومات الفدرالية- وهذا تحول بسيط لكن ملموس بعيدا عن  4.5″.

 قد تقرر اجراء انتخابات شخص واحد، صوت واحد في عام 2020 – لقد تم اتخاذ هذا الهدف الطموح، نظرا لعدم وجود السجل المدني أو الناخبين وأن البنية التحتية المؤسسية والقانونية لإجراء الانتخابات ليست موجودة. فأرض الصومال تمكنت من اجراء ستة انتخابات على مدى السنوات الـ 25 الماضية، لذلك يمكن القيام به.

 الصومال هو المسرح الذي لعبت فيه القوى الإقليمية لعقود من الزمن. فهذه حتما لا تزال قائمة، ولكن هناك درجة كبيرة من الإجماع الدولي على أن الفوضى في الصومال ليست في مصلحة أي أحد. وهناك حوالي 20 بعثة دبلوماسية في مقديشو، بما في ذلك الصين وإثيوبيا، والاتحاد الأوروبي، وكينيا، وتركيا، وقطر، والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة. وقد أمنت فرنسا والولايات المتحدة وغيرها لديها  مخاوف أمنية وتخطط لفتح سفاراتها.

أطهر رأسي من خلال المشي أو ركوب الدراجات على طول الشاطئ بجوار مجمعنا في مقديشو. و”حذار من أسماك القرش” هي علامات التخويف ولكن في حرارة لا تتوقف. أذهب إلى السرير حوالي منتصف الليل. وبعد  15 ساعة من العمل وبعد الإتصال بالأسرة، أنوم بشكل جيد.

“أتوق إلى زيارة الأسواق المحلية، بيوت الشاي والمطاعم المطلة على البحر، لكنها مناطق محظورة الدخول فيها”

زر الذهاب إلى الأعلى