تحليل: هل ستنسحب حركة الشباب فعلا من إقليم شبيلي السفلى؟

توالت هذه الأيام الهجمات المنظمة في محافظة شبيلي السُفلى والتى تشنها قوات صوماليّة عالية التدريب مدعومة من قبل قوات الحفظ السلام –أميصوم بالإضافة إلى المساعدات اللوجستية والفنية من قبل القوات الأمريكية، ومشاركة جوية بالمرحويات القتالية “الهليكوبتر”. أسفرت هذه العمليات المتتالية إلى تقليص دور حركة الشباب في المنطقة، مما أدى إلى ورود أنباء حول انسحاب الحركة من كافة القرى التى كانت خاضعة لإدارتها في المحافظة، ومع إمعان النظر فإن الحركة لا تسطير حالياً مديرية واحدة من المديريات الخمسة التى يتكون منها الأقليم، حيث في السابق كان لها حضور قويً في المدن الحيوية للمحافظة، ويعتبر الأقليم واحدًا من أهم الأقاليم إلتى يوجد لها حضور قويّ في جنوب الصومال، فهل يا ترى الحركة ستنسحب فعلاً عن إقليم شبيلى السفلى؟.

أهمية الإقليم بالنسبة لحركة الشباب

يقع الأقليم في جنوبي العاصمة مقديشو، ويمثل همزة وصل بين العاصمة مقديشو وباقي الأقاليم في جنوب البلاد، ويملك الإقليم أيضا منفذا بحريّا ولديه مرافئ على المحيط الهندي، ويمر بالأقليم أيضا نهر شبيلي، بحيث يعتبر الأقليم واحداً من أغنى الأقاليم في الصومال من حيث الثروة الزراعية والحيوانية والسمكية، وعلاوة على ذلك يتمتع الأقليم أهمية استرتيجية أخرى للحركة منها.

– العوائد المالية الضخمة: تحصل حركة الشباب على عوائد موالية ضخمة من الأقليم على شكل ما يسمي بالزكوات وكذلك الأتاوات التى تفرض على الثروة الزراعية والحيوانية لدى سكان الإقليم بالإضافة إلى سيارات النقل العامة والشحن، والمنازل السكنية، وذلك يعتبر الإقليم نقطة مهمة بالنسبة لحركة الشباب لتسهيل أنشطة الحركة في الأقاليم المجاروة له.

– البيئة الصالحة لمعارك الكر والفر: يتمتع الأقليم بمساحات تكثف فيها الغابات ولديه طرق متشعبة تؤدي إلى المديريات التابعة للأقليم، مما يجعل الأقليم معقلا استراتيجيّاً للحركة، وحالياً رغم عدم تواجدهم الفعليّ في المديريات إلاّ أن لديها حضور قويّ في الأرياف والغابات التابعة للأقليم، ولأجل ذلك تلجأ الحركة في الأسلوب الكر والفر لمعاركها مع القوات المتحالفة، وكما هو معروف فإن الحركة تسيطر على جميع المديريات لإقليم جوبا الوسطى وكذلك مديريات في أقليمي باي، مما يسهّل للحركة الانتقال بين هذه الأقاليم في خلال معاركها مع القوات المتحالفة.

– التركيبة السكانية: تسكن في الأقليم قبائل كثيرة بحيث ساهمت التركيبة المختلفة للقبائل القاطنة في الأقليم والمتناحرة فيما بينها في حصول الحركة على فرص البقاء في الإقليم، وذلك بسبب غياب رؤية توحد هذه القبائل لمجابهة التحديات الخارجية التى تواجه إقليمهم، وكذلك تأثر بعض أبناء الأقليم بأفكار حركة الشباب بسبب المدة الطويلة التى تواجدت فيها الحركة في الأقليم، ومن ثم أصبح الأقليم من الأقاليم التى جندت منها حركة الشباب عناصر كثيريين، ويشار إلى أن قد جندت أطفالا صغارا من الأقليم في فترة تواجدها هناك.

– المنفافذ البحرية: وتوجد في الشريط الساحلي للأقليم منافذ بحرية “موانئ طبيعية” وتعتبر هذه المنافذ بمثابة الرئة التى تتنفس منها الحركة. وبعد استعراض أهمية الأقليم للحركة، يتسائل البعض؛ هل ستنسحب حركة الشباب فعلا من الأقليم الذي يتعتبر منطقة استراتيجية بالنسبة لها؟

ونظراً للطبيعية الجغرافية للأقليم والفوائد الماليّة التى تجنيها الحركة من المجتمع، فإن انسحابها الكليّ من لأقليم لن يأتي بسهولة، ولا يعقل أن يحصل انسحاب مفاجأ –كما تقول بعض الانباء – وذلك لأن الحركة ليس لديها تواجد فعليّ في المناطق الحيوية للأقليم أصلا، بحيث تنتقل من وإلى أدغال الأقليم والأرياف المتأخمة للمديريات التابعة للأقليم، مما يجعل مهمة القوات المتحالفة المتمثلة في إلحاق الهزيمة بحركة الشباب صعبة.

وبالجملة فإن انسحاب الحركة من الاقليم يعني أنه سيؤثر على تمويل عملياتها في داخل الصومال، كما تخسر كثيرا من امكانياتها المالية التى كانت جزء من خططتها لاستمالة منفذي هجماتها ضد المراكز الحكومية، وإن حدث انسحاب حركة الشباب من هذا الإقليم وفق ما تقول بعض التكهنات، فإن ذلك لن يؤدي إلى تهدئة الأوضاع في الإقليم، لأن الحركة لا تزال تسيطر على مناطق في بعض الأقاليم المجاورة له.
وأخيراً؛ فإن التجارب تشير إلى أن أسلوب الكر والفر من الأساليب القتالية التي يصعب التغلب عليها، بحيث تستنزف القدرات القتالية لكلا الجهتين المتحاربتين، ويقول المهندس للسياسة الأمريكية الخارجية هنري كسنجري (1973-1977) إن : “الجيش القوي إذا لم يتنصر فهو مهزوم، والجيش الضعيف إذا لم ينهزم فهو منتصر”.

زر الذهاب إلى الأعلى