تحليل: أسباب ارتفاع سعر الصرف في بونتلاند

في بلد يعيش منذ عقدين ونيف تحت غياب مؤسسات الدولة، التى دُمرت في بداية الصراع السياسي في البلد، وكذلك هشاشة قدرة الدولة الحالية وغياب الاستراتيجية الوطنية لإنعاش اقتصاد الوطن، لأنها -كما نراها- تعطي أولويتها القصوى في كيفية إعادة الأمن وبث نظام الدولة أو الاستقرار في المناطق الخاضعة لإدارتها، بين هذا وذاك سجلّت العملة الوطنية “شلن صوماليّ” في سنوات الماضية تراجعا مخيفاً أمام الدولار، مما أدى إلى اعتماد الدولار بالمعاملات اليومية بصورة غير رسمية كعملة أساسية في حيمع مناطق الصومال، ما عدا إدراة صوماليلاند التى أصدرت عملة خاصة بها، استجابة لتطلعاتها الانفصالية، ويستخدم حالياً فئة “الألف شلن” المتبقية من العملة الوطنية.

وفي نهاية فترة الرئيس السابق شيخ شريف شيخ أحمد تناول الاعلام الصوماليّ مساع حثيثة لإعادة طباعة العملة الوطنية، وذلك إثر زيارات مكوكية قام بها الرئيس الى الخرطوم، ولكن لم تكلل هذه الجهود بأي نجاح، وذلك بسبب ا لتطورات السياسية التي حصلت في نهاية 2012م بعد انتخاب حسن شيخ محمود رئيسا للبلاد، ولم تبدأ الحكومة الحالية المنتهية ولايتها مساع أخرى مماثلة لتلك المساعى، لإعادة هيبة العملة الوطنية في الصومال، التى تعاني من التدهور منذ الإطاحة بالحكومة المركزية برئاسة اللواء سياد بري
.
وتجدد في هذه الأيام مظاهرات مناوئة لإرتفاع الأسعار في بونتلاند، وحدث ذلك في مدينة بوصاصو الحاضرة التجارية لإارة بونتلاند في محافظة بري، وكذلك في مدينة جروي عاصمة إدارة بونتلاند، وذلك بعد أن سجّل سعر الصرف بأعلى سعر له منذ ستة سنوات، وارتفع سعر الصرف من 23الألف شلن صومالي للدولار الواحد إلى 26 الف شلن صومالي، ومن المحتمل أن يصل إلى 30 الف شلن في الأيام المقبلة إذا ما استمر الوضع كما هو، وأدت هذه التغيرات في سعر الصرف إلى ارتفاعٍ دراماتيكي لللمواد الغذائية في منطقة بونتلاند بأكملها، واعرب المتطاهرون عن احتجاجهم على ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية الضرورية، مما جعل المواطن العادي ذا الدخل المحديد غير قادر على استجابة التطورات.

وفي المؤتمر الأخير لبرلمان بونتلاند تطرق الى شكوى المواطنين عن التضخم والغلاء المعيشي، وذكر رئيس اللجنة الاقتصادية في برلمان بونتلاند محمود ديري في حديث لإذاعة محليّة أنهم باشروا فعلا بمعرفة الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع الاسعار، وذكر أنهم يبحثون عن عملات مزورة أدخلت في بونتلاند خاصة في مناطق غلمدغ، ولم يتطرق الى دور العملة التى تصنعه بونتلاند في تضخم الاسعار.

ومن اأبسباب التى ساهمت في راتفاع الاسعار في بونتلاند منها:

• طباعة إدارة بونتلاند عملة جديدة: بعد أن شهدت حكومة بونتلاند بغياب السيولة المالية وفشلت بصرف رواتب لعمّالها، استقدمت مكينة لصنع العملة “شلن صومالي” وذلك لردم تعثراتها المالية، ووضعت الماكينية في مدينة بوصاصو، وقد وزعت العملة الجديدة لكافة عمال الدولة، مما ذكر الشعب بسنياريو مشابه في حقبة حكومة محمود موسى حرسي “عدي موسي” التى قامت بطباعة عملة جديدة وكانت نتيجيها بأن شهدت بونتلاند أكبر موجة لتضخم الأسعار بحيث وصل آنداك سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 30 ألف شلن صومالي، وبما أن الرئيس الحاليّ خطى نفس الخطوة للرئيس الأسبق، فمن الممكن أن تزداد حدّة تأثير العملة الجديدة على المواطنين، ولم تقدم حكومة “غاس” خطة لضبط سعر الصرف، كما حدث في فترة الرئيس السابق عبدالرحمن الشيخ محمود الذي نجح في استقرار سعر الصرف، فلاجل ذلك تتحمل حكومة عبدالولي شيخ محمد علي تدني مستوى الشلن الصوماليّ، وارتفاع المعيشة المصاحب لتضخم الأسعار، فعلي حكومة “غاس” وضع حدّ للأزمة الحالية قبل ان يبلغ السيل الزبى.

• غياب رقابة الحكومية: فمن المشاكل التى تساهم بصورة أساسية لرفع الصرف في أسواق العملات، بأن إدراة بونتلاند ليس لها أيّ قدرة لتأثير متخدي القرارات، بحيث لا تستطيع أن تفرض رؤيتها المالية لأرباب الأسواق في بونتلاند، مما يجعلهم يتحركون وفقا لمصالحهم الخاصة، بغض النظر عن معاناة المواطن الصومالي في قرارتهم، ومما يعزز قوة اصحاب المصالح “التجار” عندما أصبحت حكومة “غاس” جزءاً من المشكلة التى ساهمت برفع الأسعار وذلك لما قدمت المكينة وهى تعرف مدى خطورة طباعة عملة جديدة، فغياب الرقابة تساهم جنبا الى جنب طباعة عملة جديدة في ضعضعة الشلن الصوماليّ، وغلاء المعيشة للمواطن.

• العملة “شلن صومالي” المتهالكة: وكما نعرف بأن العملة الصُومالية قد دخلت في حالة يرثى لها، وهجرت أغلبية العظمى من الشعب لاستخدامها، وأصبح “الدولار” العملة المتداولة في السوق، وحتّى النظام الالكتروني لتحويل الأموال الذي يعرف بـ ” خدمة سهل Sahal Service ” في بونتلاند يستخدم بـ ” دولار” وكذلك في جنوب الصومال، مما يسجل شهادة وفاة للشلن الصوماليّ- في الأيام القادمة – إذا استمر الوضع كما هو حالياً، فتدهور قيمة الشلن الصومالي هي من الأسباب الرئيسية لكارثة التضخم التى تشهده بونتلاند.

إن ما يحصل في بونتلاند ما هو إلا نتائج لعوامل اقتصادية وسياسية متعددة، ممن الضروروي أن تستفيذ الحكومة الحالية بما حدث في الفترات السابقة، وأن تصدر اجراءات صارمة لحدّ أزمة التضخم التى أثرت علي حياة المجتمع، ومن أولها تفكيك المكينة التى تعتمدها إدارة بونتلاند لصرف رواتب العمّال ووقف اصدار عملات جديدة، التى تعد من أكبر المشاكل التى أججت الوضع الاقتصادي في بونتلاند.

زر الذهاب إلى الأعلى