العمال في الصومال 

يحتفل العمال الصوماليون اليوم مع نظائرهم في العالم ولسان حالهم، عيدٌ بأية حال عدت ياعيدُ.

عيد العمال في الصومال له طعم مختلف، يهلّ على العمال كل عام ويحتفلون به وهم في وضع مزري كارثي يندى له جبين الحياء خجلا في ظل غياب نقابات عمالية تدافع عن حقوقهم، وتحميهم من طغيان أرباب العمل.

في كل صباح، يخرج العمال الصوماليين من منازلهم خماصا ويعودون إليه والنوم تثقل أجفانهم ولا يجدون في جيوبهم ما يكفي قوت عيالهم . يعمل البعض منهم ما يشبه بالمجان، أو العمل مقابل الغذاء، والبعض الآخر رواتبهم مجرد أرقام مكتوبة في أوراق العقد، لا تصرف لهم في الأوقات المتفقة عليها، ولا يجدون من أسيادهم ما يطرب خاطرهم ويرّف عنهم كربهم، بل لا تكابد الأسياد شيئا من الألم ووخز الضمير، ولا هم يحزنون.

لم يتسلم عشرات من العمال في الصومال- وهم من الفئة المحظوظة- في السلك الحكومي رواتبهم منذ شهور، يواصلون ليلهم بنهارهم متعلقين بأهداب الأمل راجين أن تكون غدا أفضل من اليوم، لكن فيما يبدو صار الطريق نحو نهاية المسلسل طويلا وليالي الدجى لم تجد بعد طريقها إلى الزوال.

مع اشراقة كل صباح، يهيم مئآت من المواطنين الصوماليين  على وجوههم  طلبا للرزق ولقمة العيش، ويعملون بظروف في غاية السوء  تتنافى مع الشرعية الاسلامية ومع مبدأ أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف، ولا تتوافق مع المعايير الدولية في مجال العمل والعمال ولا تندرج أحوالهم تحت القانون الدولي ولا المعاهدات الدولية .

يصل هؤلاء المواطنون إلى الأسواق، والمحلات التجارية والأماكن التي تشهد فيها أشغال البناء ومقالع الأحجار بمشاعر قوية في أطمار بالية لعل الله يرزقهم من حيث لا يحتسبون، لكنهم يجدون وقد سبقهم بها عمال أجانب يشتغلون برواتب أعلى من رواتبهم ولم يترك لهم سوى الهوامش والفتات.

فيما يبدو لم يسمع أرباب العمل في الصومال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواد التي تتحدث عن حقوق العمال في الدستور الصومالي.  تنص المادة (23)  في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن:

1- لكل شخص حق العمل وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومرضية، وفي الحماية من البطالة.

2- ولجميع الأفراد- دون تمييز- الحق في أجر متساو وعلى العمل المتساوي.

3- ولكل فرد يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية، وتستكمل عند الاقتضاء بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.”…

ومن المواثيق الدولية الأخرى في ممارسة حق العمل “اتفاقية تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية التي حددت هذه الساعات بثماني ساعات يوميا وثمان وأربعين ساعة أسبوعيا.

أما في الدستور الصومالي ينص البند (٢٤) المادة (٥)أن لجميع العمال الصوماليين، لا سيما النساء، الحق في الحصول على حماية خاصة تمنعهم من سوء المعاملة والتفرقة والتمييز في أماكن العمل، ويجب أن يكون أي قانون عمل على أساس المساواة بين الجنسين في أماكن العمل .

وبعد أن عرفنا الحقيقة المرة عن العمال الصومالين، من حقنا  أن نقول إذا لم تتحمل الحكومة مسؤولياتها تجاه العمال، ولم يتق رؤساء العمال في حقوق العاملين لن يعتدل الميزان ولن تصبح للحياة المهنية معنى؟!

زر الذهاب إلى الأعلى