الرئيس القادم للصومال … تحليل أولي

توطــــئة

حسب مرسوم الرئاسي بتاريخ (23/05/2016) دخلت الصومال مرحلة الانتخابات البرلمانية والرئاسية حيث يتم التنافس على 275  مقعدا في البرلمان  وستشهد العاصمة الصومالية من الآن فصاعدا حملات انتخابية وإعلان ترشح للرئاسة، والجدير بالذكر أن الرئيس الحالي الذي تتنهي ولايته في شهر سبتمبر القادم أعلن مرارا أنه مرشح لفترة أخرى، وقد أعلن ترشحه للرئاسة حتي الآن منافسين له وهما محمد عبدالله فرماجوا رئيس الوزراء الأسبق وقد أعلن ترشحه لرئاسية أيضا سعيد عبدالله ظني النائب في البرلمان الحالي ووزير سابق ورجل أعمال ناجح.  ومن المتوقع أن يترشح  أخرون للرئاسة ولكن من أقوي المرشحين  المتوقع أن يعلنوا ترشحهم أمام الرئيس الحالي النائب عبدالقادر عسبلي على ، رئيس  لجنة العلاقات الخارجية للبرلمان ومرشح سابق للرئاسبة في عام 2012 ،  والشيخ شريف شيخ أحمد الرئيس السابق ،  ورئيس الوزارء الحالي عمر عبدالرشيد شرماركي.

ويستند تحليلنا الحالي للرئيس القادم للصومال علي معطيات عدة أهمها دور المرشح في الانتخابات السابقة، والدور السياسي للمرشح والفرص التي تؤهله للرئاسة ، وبعد تحليل دقيق للوضع الحالي برز الي السطح النائب عبدالقادر عسبلي  كمرشح قوي، وكان  يتوقع ان يمسك عسبلى رئاسة إقليمي هيران وشبيلى الوسطى، إلا أن ممطالة الرئيس حسن شيخ، دفعت الرجل يفكر الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة ومن غير المستبعد أن يصبح رئيس الصومال القادم.

وقبل أن نخوض في تفاصيل تحليلنا وما نستند اليه من قرائتنا حول الواقع السياسي دعونا نتعرف قليلا على هذا الرجل الذي بات يشكل خطرا على الرئيس ويخاف منه أنصار الرئيس وأعوانه، فإن عبد القادر عوسبلى علي نائب في البرلمان الصومالي سياسي واكاديمي ورجل أعمال ناجح، ومن الملفت للنظر أن شيخ شريف كان يخاف من الرجل لدرجة أنه رفض إدراج اسمه في قائمة النواب المقدمة من قبيلة ورسنغلى أبغال  لكنه فشل في منعه  من الحصول على عضوية البرلمان.

دور النائب عسبلي في الانتخابات السابقة في عام 2012

لعل الكثير من  المتابعيين والمهتمين بشأن الصومالي يعرفون أن فوز الرئيس حسن شيخ محمود في انتخابات عام 2012 لم يأتى من فراغ وانما جاء نتيجة تحالفات وتنازلات جرت خلال عملية التصويت ولولاها لما فاز حسن شيخ  برئاسة الجمهورية ما لم يتنازل له النائب عبد القادر عوسبلى علي،  قبل بداية الجولة الثانية  من التصويت، وهذا التنازل هو الذي غير مجرى الانتخابات حيث فاز الرئيس الحالي حسن شيخ محمود على الرئيس السابق شيخ شريف شيح أحمد وذلك بدعم عسبلي للرئيس الحالي.

الفرص التي تؤهله للرئاسة

1) كونه مؤثرا في السياسة الداخلية أكثر من أي مرشح آخر وهذه الحقيقة يعرفها الجميع، وبرزت قدراته الفائقة في التأثير على المشهد السياسي عندما كان وراء توقيع مائة من النواب على مذكرة طالبوا فيها إقالة الرئيس من منصبه بعد إدانتهم بفشله في تحقيق وعوده الانتخابية وخاصة حول القضايا الأمنية في أيار /مايو2014، ومن المعروف ان النائب عوسوبلى كان العقلية المدبرة لذلك الحراك الذي كاد أن يسقط الرئيس لو لا تدخل بعض الوجهاء في البلد بين النائب والرئيس والتي انتهت بهدنه بين الرجلين.

2) يتمتع الرجل بعلاقات واسعة مع مختلف شرائح المجتمع الصومالي في الداخل وفي الخارج وخاصة مع رؤساء العشائر الصومالية، إضافة الى علاقاته المتميزة مع السياسين من مختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية، وخاصة مع أعضاء البرلمان الحالي وقد حظي بتأييد واسع من قبل مجلس النواب في معركته الدستورية الشهيرة مع رئيس مجلس النواب محمد شيخ عثمان جواري في 22من شهر نيسان/أبريل عام 2015  حول حقو السياسية لسكان العاصمة الصمالية مقديشو ولايزال الرجل يتمتع بإحترام وتقدير بالغ داخل البرلمان الحالي،  الى درجة أن معظم النواب ينادونه “بالرئيس” داخل أروقة البرلمان.

3)علاقاته المتميزة مع  المجتمع الدولي وعلاقاته الخاصة مع الدول المهتمة بشأن الصومالي وخاصة الدول العربية والإسلامية إضافة الى دول الجوار الأفريقي ويتمتع ايضا بالجنسية الأمريكية. وحسب تحليلات الدوائر الغربية فأن الرئيس القادم للصومال من الإسلاميين المعتدليين وهذه السمة تنطبق على النائب عسبلي  مع أخرين مثل الشيخ شريف

4) يضاف الى ماسبق التقليد السياسي الصومالي وهو أن اي رئيس يمسك مقاليد الحكم  في البلاد  لايمكن أن يعود الى الرئاسة عبر انتخابات حرة ونزيهة مرة أخرى، ودوما كان الشعب يتطلع الى تغيير والصومالي يعاني حاليا من تدهور أمني وركود اقتصادي ومجاعة وفيضانات مما تقلل الى حد كبير فرص الرئيس الحالي  الذي فشل كل وعوده الانتخابية والتي عرفت باسم “الوعود الستة”

5) غالبا سلوك المرشحين الآخرين والاحزاب المعارضة تميل الي التكتل ضد الرئيس الذي تنتهي ولايته  والنائب عسبلي عضو مؤسس ومؤثر في حزب المؤتمر الصومالي  أقوي الأحزاب السياسية الصومالية ومن المتوقع أن ينحاز المرشحون والمعارضة للنائب عسبلي لحظوظه الكبيرة في تقلد منصب رئيس الجمهورية.

6)-تذهب التحليلات سياسية أخرى أن محسوبين  من التيارات الإسلامية أصبحوا رؤساء للصومال كالرئيس الحالي حسن الشيخ محمود الرئيس الحالي المحسوب على التيار الأخواني فرع  “دم جديد”  والشيخ شريف شيخ أحمد المحسوب على التيار الإخواني فرع “آل الشيخ او التجمع الإسلامي. والنائب عبدالقادر عسبلي محسوب على التيار السلفي “جماعة الإعتصام بالكتاب والسنة”  والتي تتمتع بنفوذ إقتصادي وإجتماعي واسع في ربوع الصومال وقد لوحظ مؤخرا بإهتمام سياسي واسع للجماعة حيث  حققت الجماعة  4 حقائب وزارية في الحكومة الفيدرالية وعدة حقائب في حكومة ولاية وبونت لاند وكانت تتمتع بنفوذ واسع في ولاية صومالاند.  وقد يتوقع أن يحصل أفراد محسوبين على الجماعة عضوية البرلمان الفيدرالي وهولاء سيساندون وسيصوتون للنائب عسبلي لذا يري مراقبون أنه الرئيس القادم من  التيار السلفي.

ونظرا للمعلومات والمعطيات المتوفرة حتى اللحظة فإن ترشح النائب عبد القادر عسبلى لمنصب الرئاسية سيكون له تأثير بالغ على السياسية الصومالية وسيكون المرشح الأوفر حظا مما يؤهله في الفوز في الإنتخابات المقبلة على الرئيس الحالي حسن شيخ محمود..

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى