الإعلام الصومالي في الحضن العربي

لأول مرة في تاريخ الصومال، فاز صحافي صومالي بعضوية الأمانة العامة لإتحاد الصحفيين العرب، أحد  أهم وأعرق  منظمات الصحافة العربية، وهي سابقة أقل ما يمكن أن يقال عنها بأن العرب يتجه إلي إحتضان الإعلام الصومالي، ورفع الفيتو عنه .

أنتخب الصحافي الصومالي  المحضرم عابي فارح  في ٢٢  من شهر مايو الجاري عضوا في الأمانة العامة لإتحاد الصحفين العرب وذلك خلال المؤتمر الـ 13 للاتحاد الذي عقد في العاصمة تونس برعاية رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد، وبمشاركة أكثر من 100 شخصية نقابية وعربية من عدد من الدول العربية من بينها  اتحاد الصحفيين الصوماليين العرب. 

حصل عابي فارح  الذي عمل في مجال الصحافة والاعلام  لأكثر من40 عاما وعضوا مؤسسا لنقابة الصحفيين الصوماليين، علي 66 صوتا من أصل 88 صوتا في انتخابات الأمانة العامة لإتحاد الصحفيين العرب ليتبوأ مقعده في الأمانة إلي جانب حاتم زكريا وخالد ميرى عضوان في مجلس نقابة الصحفيين المصرية، وياسين المسعودي من اليمن، ومؤيد اللامي من العراق والذي أنتخب رئيسا للاتحاد، إلياس عون من لبنان، وعبد الله الجحلان من المملكة العربية السعودية، زإلياس مراد من سوريا، وعبد الله البقالى من المغرب، والصادق الرزيقي من جمهورية السودان، وعدنان خليفة الراشد من دولة الكويت، ومؤنس محمود المردي مملكة البحرين، وناصر أبو بكر من دولة فلسطين .

لطالما شكك البعض عن هوية الصومال، وأتهموها بأنها في ذيل قائمة الدول العربية وأنها لا تقتات الا من فتات العرب بسبب أن لغتها الرسمية ليست عربية، لكن انتخاب صومالي مساعدا عاما وعضوا في الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب يبعث رسالة واضحة مضمونها أن الصومال دولة عربية جسدا وروحا، وعضو أصيل ومؤسس للجامعة العربية؛ لأن  اتحاد الصحفين العرب رمز للقومية العربية ويعود تأسيسة إلي إجتماع اللجنة التحضيرية لمؤتمر إتحاد الصحفيين العرب المنعقد بالقاهرة فى الفترة من 19 إلى 31 فبراير  عام 1964 ، وذلك فى “إعقاب الإجتماع التاريخى لمجلس الملوك والرؤساء العرب ، الذى تم إنعقاده فى القاهرة فى 12 يناير عام 1964 ، بدعوة من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر” ، ويضم في عضوية الإتحاد  الذي يقع مقره في القاهرة أكثر من 19 نقابة عربية، من بينها  نقابة الصحفيين الصومالين التي انضمت اليه في منتصف السبعينيات، وشعار الإتحاد”حرية ومسئولية”.

الإعلام الصومالي ولا سيما الإعلام الناطق باللغة العربية يمر اليوم بأوج عطائه وانجازاته، حيث يعمل في الصومال في الوقت الحالي عشرات من وسائل إعلامية مكتوبة ومسموعة ومرئية موجهة للعالم العربي ويغطي هذا الإعلام المتبوع لدوائر حكومية ومراكز إعلامية ، ولشخصيات عامة وتيارات إسلامية، مجالات التعليم، والسياسية، والاقتصاد، ولعب خلال السنوات الماضية دورا بارزا في تغيير مستوى وعي الصومالين تجاه هويتهم العربية، وإبراز الوجه الصومالي العربي المشرق من خلال المقالات والتقارير، ودراسات عن  مقومات الهوية العربية في الصومال وذلك بهدف تطوير وتوثيق عرى التواصل بين الصومالين وأخوانهم في الدول العربية.

لكن رغم هذا الدور المتميز ، يواجه الإعلام الصومالي الناطق باللغة العربية صعوبات وتحديات جسام تعوق عمله وتساهم في تقليل نجاحاته وانجازاته على الأرض، وتتمثل تلك التحديات في ضعف الإمكانيات ، وغباب الدعم الخارجي، بالإضافة إلي مشكلة الإعتراف وغياب الأسوق ودور النشر لإصداراته، وأنه يدفع ثمن الانطباع الذي تكوّن لدى العالم إزاء الصومال ورؤيته بأنها دولة فاشلة وبلد مريض لا محل له من الإعراب، وبالتالي لا تحصل الصحافة الصومالية وخصوصا الصحافة الناطقة بلغة الضاد، الدعم والاعتراف من نظيراتها في الدول العربية، فان ذلك أثر سلبا على عملها وساعد  في اضعاف ثقة مؤسسي هذه الإعلام بمدى استمراريته وامكانية تفادي مصير الصحف الورقية الصومالية التي اختفت وتلاشت في زحمة الأحداث، وقتل روح الأمل في نفوس القائمين عليها الذين كانوا يعولون كثيرا على اخوانهم العرب. 

فالصحافة الصومالية الناطقة باللغة العربية تختلف عن نظيرتها الناطقة باللغة الإنجليزية، فالأخيرة تتلقى  تشجيعا  من بعض الدول الغربية ومن مؤسسات الأجنبة العاملة في الصومال، أما نظيراتها التي تخاطب للأمة العربية لا تحظى بنفس القدر من الإهتمام  لا من الغرب ولا من الأشقاء العرب.

من  هنا الآ ينبغي أن تتحمل الدول العربية ونقابات الصحفيين العرب وعلى رأسها اتحاد الصحفيين العرب مسؤولياتها الأخلاقية تجاه الصحافة الصومالية التي تحتاج إلي خبرة وأفكار نظيراتها العربية ومساهمتها في تعريب المجتمع الصومالي حتى تكون اللغة العربية لغة رسمية لجمهورية  الصومال الفيدرالية عبر تشجيع الكتاب ذوي الأفكار المتجددة والمبدعة، وتحيفز الكفاءات ذوي الخبرة في مجال الكاتبة والتأليف، وانشاء شبكات تنسيق بين الصحافة الصومالية وأخواتها في العالم العربي بهدف تبادل الخبرات وتأسيس شراكة  لتغطية الأحداث المتسارعة في العالم العربي ومنطق القرن الأفريقي ، بالإضافة إلى استضافة الصحافيين الصومالين في الدورات والندوات التي تنظمها وسائل الإعلام العربية. كما ينبغي في الختام أن تراقب الصحافة العربية  أوضاع الصحفين الصومالين في الداخل عن كثب وتعمل من أجل توفير الحماية للمؤسسات الإعلامية في الصومال نظرا للظروف الأمنية التي  تعمل فيها.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى