وزير الداخلية الصومالية والتحدي الأمني

Wasiirka_Daaqiliga_DFSomalia 

في أحد البرامج التلفزيونية، برّر السيد عبدالكريم جوليد، وزير الداخلية، أنقطاع صلته بأصدقائه وزملائه في منظمات المجتمع المدني،وعزى ذلك الي ثقل المسؤلية التي تحمل وزارته. لم يترك الوزير خلال الحوار بابا الأ وطرق، ليؤكد أنه ينوء بأحمال ثقيلة، ومسؤوليات كثيرة، يهون من أجلها العتاب. وأنه يرأس ثلاثة أجهزة أمنية وإدارية حساسة، جهاز المخابرات، وجهاز الشرطة، وما يمكن تسميته بجهاز ( الإدارات المحلية)، وإدارة هذه الأجهزة ومتابعة أعمالها ليس با الأمر السهل أو الهين، وهي التي تستنزف وقته وتحول دون الإتصال بالزملاء السابقين، وإستماع آرائهم ومقترحاتهم. وكان لسان حال الوزير: كيف يمكن لي أن أجلس معكم وأرتشف القهوة ونتجاذب أطراف الحديث،  في حين استيقظ كل يوم وأمامي ملفات مهمة وعاجلة تحتاج مني وحدي حلولا ناجعة!.

وهل فعلا يواجه الوزير هذه الواجبات الكثيرة التي تمنع الإقتراب من نخب المجتمع ؟ وماهي هذه المشاكل التي يواجهها الوزير؟

لا يشك أحد في كفاءة الوزير ووطنيته ورغبته الجامحة في تحمل مسؤولياته لكن كثيرين ينتقدونه  بسبب تحركاته، وتصدره في جميع المشاهد السياسية والحوادث في البلاد، وعدم تفويض المسؤوليات؛ لأن ذلك من شأنه أن يعقّد الأمور، ويؤدي الي إستفحال المشكلة التي يرهق نفسه بحلها، بل ذهب البعض الي أبعد من ذلك متهما الوزير بإفتعال المشاكل- ربما بحسن نية- وسطو مسؤوليات الآخرين.

يقول هذا الفريق، ليس هناك مسؤوليات كثيرة، تأرق الوزير، وتذهب النوم عن عينه، وإنما هو  الذي يصنع الأزمات ويخنق الوقت، لأنه يقوم بمسؤوليات غيره ويرفع التكليف عن المسؤولين الآخرين ويملأ في جدول أوقاته مهمات وواجبات ليس من إختصاصاته المباشرة، وبالتالي فعليه أن يكفّ عن القيام بمسؤوليات رؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة وأن يكتفي بدورالتخطيط والمتابعة الذي يجعل غيابهما أو عدم الجدية في أدائهما، جهود الحكومة ((لا أرضا أبقى ولأظهرا قطع)).

 لماذا  يقوم الوزير بنفسه بحل كل صغيرة وكبيرة تقع في البلاد فهذا الإجراء، يساهم في كبت إبداعات الأخرين ويقلل فرص الوجوه الناشئة في المشهد السياسي الصومالي.

   في كل يوم تشرق فيه الشمس تجد الوزير منهمكا في حل ألغاز التحدي الأمني، وقلما تجده جالسا في مكتبه يفكر ويخطط؛ لأنه لا يجد لذلك وقتا. في الصباح الباكر يبدأ التنقل بين مكاتب أجهزة الدولة في العاصمة مقديشو، والمناطق المحورية في السياسة الصومالية محاولا إيجاد حلول لقائمة طويلة من الأزمات، تبدأ من مواجهة أخطار حركة الشباب وتفكيك مخططاتها وتنتهي بإقناع عشرات من الشحاتين وشيوخ العشائر الذين يهاجمونه في بيته وفي مكتبه وعبر هاتفه مما يجعل أحيانا لازبا أن يغيّر رقم هاتفه أو مكان مبيته من حين لأخر وحينما يعود إلي مأواه يعود متأخرا مرهقا خالي الوفاض أو خائفا من نقض ما أبرمه في النهار. لماذا لا يفوض هذه المسؤوليات ويتركها يقوم غيره ؟

لا نعرف كثيرا عن الجدول اليومي لأعمال الوزير في هذه المرحلة، لكن بحكم معرفتنا له كان رجلا يسشعر ثقل المسؤولية ويحب أن ينجزها على الفور وبدون تسويف وممطالة، وكان رجل المرحلة يقتحم المشاكل بكل حزم وعزيمة  غير آبه الخطورة التي تحف بها ولا سيما في المشاكل الأمنية التي لطالما أرقت مضاجع المسؤولين والمواطنين على حد سواء، وبسبب هذه الكريزما التي يتمتع بها الرجل يبدو أنه وقع في فخ الذي وقع فيه أسلافه  في الوزارة ،و لم يوفق الوزير ان يذّبّ نفسه عن الذوبان في هذا الوحل الأمني، فصار مع ركب القوم. 

كي يتغلّب الوزير عن التحدي الأمني، الأجدر أن يقوم بالخطوات التالية:

 1- ان يعزل ويقيل، كل مسؤول أمني أو سياسي غير كفء في وزارة الداخلية، وأن يعين محله آخر قادرا على تحمل المسؤولية.

2- أن يضخ الأجهزة الأمنية، دماء شابة لم تتلطخ أيديهم بدماء الصوماليين، وخصوصا  الشباب الذين تتوفر لديهم مؤهلات علمية لا تقل عن الشهادة الثانوية.

3- أن يفوّض بعض مسؤوليات الوزارة للمسؤولين العاملين معه

4- أن يكف عن الإعتماد على سلطة شيوخ قبائل الهوية وزعماء الحرب المتنفذين في العاصمة مقديشو لأن مطالبهم لا تنتهي وثمنهم باهظة بل عليه أن يقطع شأفه وشباة هؤلاء الزعماء

5- عدم السماح لشيوخ العشائر بالمساس بهيبة الدولة والتدخل في شئون الحكومة.

 

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى