الأمية أزمة إنسان القرن الأفريقي

إن القراءة مفتاح العلم والتقدم والازدهار بين الأمم، وهي أولى اتصال حدث بين العالم العُلوي والسُفلي فقال:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،وكان الأمر بهذه القراءة، فاتحة لقراءة هذه الأمة عالَمَ الأرض والسماوات وما فيهما وما بينهما، من أفلاك وكواكب وشُموس وأقمار ومجرات،وبحار وسحاب،ومطر وبرق ورعد،وبرد وحر وجليد،فكانت القراءة أرفع درجة أعطاها الله للإنسان خلافا لبقية المخلوقات.

في بداية فترة الاستعمار البريطاني1910)م) في المنطقة أنشأ خمسا وثلاثين مدرسة داخلية في شرق أفريقيا ، اهتمت حكومات المنطقة بعد استقلالها بالتعليم أكثر من 15% من مجموع دخلها القومي،وهذه تُعتبر نسبة عالية في أفريقيا والدول النامية ،كما أن إشكالية التعليم في هذه المنطقة الجودة ، مما ينبغي مراعاته بالتعليم ليس بالكم بل التنافس في سُوق العمل فمثلا جمهورية السودان فيها ثلاثون جامعة حكومية مركزية وولائية تُخرج سنويا أكثر من 70 ألف طالب وطالبة ومثل ذلك كينيا فيها أكثر من23 جامعة حكومية وأهلية ، والبطالة منتشرة في أوساط الشباب المتعلمين.

وهذه الجهود تختلف بين الدول بسبب الأنظمة السياسية الإقليمية والاقتصادية والأمنية ، تُشكل معرفة القراءة والكتابة حقا أساسيا من حقوق الإنسان لما توفره من ضمانة للانتفاع بالتعليم والصحة والراحة، فإن أفريقيا جنوب الصحراء لا تزال بها 150 مليونا أميا بين الكبار حسب إحصائية الأمم المتحدة لعام 1990م، ومن المتوقع أن يبلغ عدد الأميين في جنوب الصحراء لأفريقيا بحلول عام 2015م 170 مليونا أميّاً وأن 38 مليونا طفلا ينقطعون عن مواصلة الدراسة بسبب الأمن وعدم الاستقرار السياسي وهشاشة الاقتصاد.

يُعتبر الجهل بالقراءة والكتابة واحدة من المعضلات الكبرى التي تواجهها أفريقيا والعالم الثالث، والأمية عالة على الدولة والمجتمع وشقيقة للفقر والتخلف والمرض أو ما يُعرف “بالدورة الشيطانية”.

أظهرت بعض دراسات مُتخصصة أن نسبة الأمية في القرن الأفريقي تصل إلى 35% ويتوقع في نهاية عام 2015م أن تنخفض إلى 30% إذا تحسن الأمن والاستقرار للدول التي تعاني من أزمات سياسية داخلية.

ذكر تقريرٌ لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة أن 115 مليونا طفلا في أنحاء العالم بينهم 90 مليونا من الإناث لم يحصلوا على أي تعليم بالمدارس الابتدائية أي ما يعادل 78% من المجموع المذكور .ومما ينبغي الإشارة والإشادة هنا أن طلاب الجامعات والمدارس الثانوية والابتدائية في المنطقة يشكل الإناث 60% .

وأنّ منطقة القرن الأفريقي فقد انخفضت نسبة الأمية فيها إلى 10% في السنوات العشر الماضية خاصة كينيا التي جعلت تعليم الابتدائية مجانا حيث تقدر بعض تقارير علمية محايدة أن نسبة الأمية في القرن الأفريقي 28% وأكثرها جنوب السودان الوليدة حيث تصل نسبة الأمية إلى  أكثر من 65% بسبب الحرب الأهلية لأكثر من 30عاما، وإرتريا ما يعادل 60%، وإثيوبيا 50% ،وجمهورية السودان 40%، الصومال خاصة بعد الحرب الأهلية الذي استمرت لأكثر من عشرين سنة ، ولا تزال آثارها شاهدة على أطلال أرضه،وقُدرت الأمم المتحدة ب43%،وجيبوتي 35% ،وتنزانيا 32% وأوغندا 27% ، بينما تُعتبر كينيا من ضمن الدول الرائدة في التعليم وتخطط الدولة لخفض الأمية في نهاية 2030 بين 15% إلى 10% وهي خِطةٌ إستراتيجية قومية يرجى أن يكتب لها النجاح.وتصل نسبة ذلك إلي أكثر من 70% خاصة منطقة تركانا ومساي وغرياما وكامبا والقبائل الرعوية في شمال شرق وشرق البلاد وساحلها. والكبار الذين تتراوح أعمارهم ما بين 45- 65 خمسون في المئة من هؤلاء لا يقرأون ولا يكتبون.وقد اهتمت الحكومات بإنشاء مدراس مسائية للكبار في الثمانينيات وأثمرت كثيرا غير أن بداية التسعينيات انخفضت هذه المدارس انخفاضا شديداً.كما انخفضت المدارس المتنقلة في المناطق النائية المترحلة، ويرجع ذلك إلى أزمة  الاقتصاد والتقلبات السياسية التي تمر بها الحكومات ، وشح الموارد من المنظمات التطوعية والإنسانية المانحة.

بقلم/يونس عبدلى موسى يحيى

عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية والباحث في شرق أفريقيا

د. يونس عبدلى موسى

الدكتور. يونس عبدلى موسى يحيى: باحث في شؤون شرق إفريقيا وأستاذ الفقه وأصوله بجامعة عبد الرحمن السميط التذكارية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية،وهو من مواليد مدينة منديرا Mandera(NFD) شمال شرق كينيا عام 1/8/1968م دكتوراه فقه المقارن جامعة أم درمان الإسلامية عام 2003م ممتاز مع مرتبة الشرف، ماجستير الجامعة الإسلامية في أوغندا الفقه المقار عام 2000م ممتاز مع مرتبة الشرف ،البكالوريوس الشريعة والقانون شعبة القانون جامعة إفريقا العالمية عام 1994م(الدفعة الثالثة) والباحث في شؤون شرق إفريقيا. وعضو بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو اللجنة التأسيسية باتحاد علماء إفريقيا
زر الذهاب إلى الأعلى