مراحل وتطور الإعلام  في الصومال 3-12

أولا: الصحف الصومالية في الفترة ما قبل الإستقلال

يرجع تاريخ دخول الصحافة في الصومال إلى عام 1919م ، وكانت جورنال بولوتينو العسكرية، النشرة الأولى التي طبعت في البلاد، تلتها جريدة إيطالية يومية تطلق عليها  بإسم كورييري دي لا صوماليا  عام 1927. وفي عام 1948 ظهرت  صحيفة (الصومال) أول صحيفة وطنية صومالية يديرها محررون صوماليون تصدر باللغة العربية ثم صحيفة “حامل أخبار الصومال” باللغتين العربية والإنجليزية. وكذلك كان من بين أبرز الصحف التي رأت النور في الفترة ما قبل الاستقلال صحيفة الوحدة،  والصراحة ، والأمة ، وبريد الصومال، واللواء، وقرن إفريقيا وغيرها.

الحديث عن هذه المسيرة الطويلة للصحافة الصومالية في الفترة ما قبل الإستعمار ليس بالأمر الهين وذلك بسبب انهيار قطاع الإعلام في الصومال بعد اندلاع الحرب الأهلية في البلاد عام 1991 وتعرض جميع المخزون التراثي  والذاكرة الوطنية للنهب والسلب والسرقة والضياع، ولذلك نحاول فقط في السطور التالية عرض وسرد جانبا من تاريخ ومسيرة الصحف الصومالية الصادرة في عهد الاستعمار  سواء كانت تصدر باللغة العربية أو الإنجليزية أو الإيطالية، كما نحاول في الحلقات القادمة تحليلات حول طبعية تلك الصحف شكلا ومضمونا.

كورييري دي لا صوماليا

أنشئت  عام 1927  وكانت صحيفة يومية تصدر باللغة الإيطالية لتزويد الإيطاليين المقيمين في الصومال بأخبار العالم، وبدأت بإصدار نسخة باللغة العربية  عام 1943م.  وتزامن ظهور صحيفة كورييري دي لا صوماليا مع  نشأة حركة وحدة الشباب الصومالي  (ليغو) أول حركة تحررية  ضد الإستعمار وكانت الصحيفة مقربة من الحركة، وتولى إدارة تحريرها نيكولينو محمد صومالي مسيحي ترّبى في إحدى الحضانات  المدارة من قبل الإرساليات التنصيرية في الصومال في عهد الإستعمار. أصبح نيكولينو  فيما بعد السكرتير العام للوزارة الخارجية الصومالية ثم عيّن رئيسا لمكتب الرئيس الصومالي الأسبق عبد الرشيد علي شرماركي. وعندما سيطر البريطانيون على جنوب الصومال في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ودخلوا المدينة مقديشو في فبراير عام 1941 تم تغيير اسم الجريدة لتصبح  somali couriere ، وأضيف لها صفحات باللغة الإنجليزية خلال الفترة من عام 1942م إلى عام 1949.

صحيفة  الصومال

أول صحيفة صومالية تصدر باللغة العربية ويعود تأسيسها إلى عام 1948 أصدرها محمود جامع أوردوح وكانت تطبع في مدينة عدن ( مطبعة محمد علي لقمان) وذلك لعدم توفر مطابع في الشمال في تلك الفترة  وكان يشارك في تحريرها بعض المدرسين والموظفين الصوماليين سرا. لم تعمر الصحيفة طويلا، وقد صدر 6 أعداد فق

، وتوقفت عن الصدور على خلفية مشاكل  اقتصادية وضغوط سياسية مارس الإستعمار ضد إدارة الصحيفة. والجدير بالإشارة إلى أن السيد أرودوح استطاع في عام  1961 اصدار جريدة  مانتا ( اليوم) باللغتي العربية  والانجليزية.  

صحيفة العمال

 تعد أول صحيفة صومالية صدرت في جيبوتي عام 1933  وكانت تطبع بالرونيون على شكل منشورات، وكان موجهة للعمال الصوماليين في جيبوتي. ولقد لعبت هذه الصيحفة دورا هاما في توعية العمال ومعارضة التشريعات الاستعمارية. ولكن لم يصدر منها سوى 12 عددا ، ثم سارعت رقابة سلطات الاحتلال الفرنسية إلى مصادرتها. وترأس تحرير الصحيفة المناضل الجيبوتي محمود حربي.

صحيفة حامل الأخبار

وقد كان الطابع الشعبي الوطني الذي تميزت به الصحافة الصومالية في المناطق الشمالية سببا في قصر عمر صحيفة الصومال التي  أدارها أوردوح، إلى جانب تآمر السلطات البريطانية الاستعمارية عليها ، فضلا عن قلة الموارد والصعوبات المحاطة بطباعة الصحيفة في عدن ، وكان صدور هذه الصحيفة بمثابة أداة التنبيه للسلطات الاستعمارية البريطانية التي بادرت بعد سنوات قليلة إلى إصدار صحيفة أسبوعية سمتها حامل  أحبار الصومال  في الاقليم الشمالي بالصومال وذلك عام 1953  وقد فعلت ذلك أسوة بالإدارة الايطالية في الجنوب، وأيضا لمواجهة المد الفكري المناهض للإستعمار التي كانت تقودها الحركة الوطنية الصومالية في الشمال . صدرت صحيفة حامل أخبار الصومال باللغتين العربية والإنجليزية وكان مقرها في مدينة هرجيسا ، وكانت النسخة العربية تصدر منفصلة عن النسخة الانجليزية ومختلفة عنها من حيث مضمون الأخبار والموضوعات  التي تتناولها ، والواقع أن هذه الصحيفة كانت أقرب إلى المنشورات منها  إلى الصحف وذلك خلافا لصحيفة كوريييري دي لا صوماليا التي تميّزت بمستوى متقدم من الناحية الفنية ( تحريرا وإخراجا) عن حامل أخبار الصومال ، وكان من ضمن محرري النسخة العربية لحامل أخبار الصومال موظفون يهود يتقنون اللغة العربية ، وكان يرأس تحريرها يوسف حسن آدم … وكانت تنشر الصحيفة أخبار الإدارة البريطانية في الصومال ، والنزاعات بين القبائل  وبعض الاعلانات وبريد القراء والاخبار المحلية عن التعليم  والتجارة والتموين والرياضة.

صحيفة اللواء

صحيفة اللواء الإسبوعية أسسها حزب الجبهة الوطنية المتحدة  في الصومال عام 1957، ومولها السيد عبد الله عمر وكانت تصدر باللغة العربية ورأس هيئة تحريرها السيد  أحمد يوسف دعالي وزير الخارجية الصومالي في حكومة عبد الرزاق حاج حسين، وتميزت الصحيفة بميولها الانفصالية الموالية للاستعمار البريطاني.

صحيفة الوحدة

ومن أبرز الصحف الوطنية التي صدرت في الصومال في حقبة الخمسينات صحيفة الوحدة الناطقة بلسان حزب وحدة الشباب الصومالي الذي تأسس  في الجنوب عام 1943 وتولى قيادة  الحركة الوطنية الصومالية وكان له فروع في مختلف انحاء الصومال . وقد صدرت هذه الصحيفة بمناسبة تأسيس الحزب عام 1957  وكانت تصدر في مقديشو مرة في كل أسبوع باللغتين العربية والإنجليزية ، ولم تزد صحيفة الوحدة عن 4 صفحات بحجم التابلويد ، وقد توقفت الصحيفة عن الصدور في يوليو عام 1960 بعد اعلان الاستقلال ثم أستؤنفت في أوساط الستينات ، حيث كانت تصدر في مناسبات تأسيس الحزب وقد صدرت قبل انتخابات عام 1964 وكان يشرف على تحريرها كل من السيد عبد الله حاج أبوبكر والسيد أحمد عمر الأزهري، ومن أهم القضايا التي كانت تطرحها  جريدة الوحدة على المستوى السياسي الصراع الصومالي الإثيوبي، أما على المستوى الاجتماعي الاقتصادي ركزت على قضايا التخلف الاجتماعي، والأمية ، وتدهور الأوضاع الاقتصادية وسائر مكونات التركيبة الاستعمارية ، وكانت تطالب تعديل برامج التعليم بما يتناسب مع الدستور الصومالي وبما يكفل دعم وتعزيز التعليم الإسلامي ، وقد اتخذت صحيفة الوحدة اتجاها تحريريا معاديا للاستعمار.

قرن إفريقيا

كانت جريدة أسبوعية تصدر باللغة العربية وتابعة لحزب الرابطة الوطنية التقدمية. يرجع صدور الجريدة إلى عام 1957  ، وتولى رئاسة تحريرها السيد  عمر عبد الرحمن .

الصراحة

كانت جريدة الصراحة ضمن صحف المناطق الشمالية  الصادرة باللغة العربية ، وجرى تأسيسها في نهاية الخمسينات  ، وكان يعمل فيها صحفيون بارزون  بينهم السيد  عبد العزيز شيخ إسماعيل والسيد محمد عجه علي وكانت توزع 2500 نسخة.

بريد الصومال

 كانت تصدر من العاصمة مقديشو، وكانت تنشر مقالات لاذاعة ضد الحاج محمد حسين أحد الشخصيات المؤسسة لحركة ( ليغو)، وكانت تتميز برفضها الواضح لإقتراب الصومال من الدول العربية.

صوماليا اليوم

كانت مجلة نصف شهرية حكومية، وبدأ اصدارها عام 1956م ، وكانت  تهتم  بنشر الإنجازات التي كانت تحققها الحكومة المحلية والمقالات والتقارير التي تتناول التقدم والتطور العمراني في تلك المرحلة.

المنار

كانت تصدر في كل أسبوعين مرة، وكانت تابعة للإرساليات المسيحية في العاصمة مقديشو، لم تعمر الصحيفة طويلا وتوقفت عن الصدور إثر احتجاجات رسمية وشعبية على نهجها التنصيري.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى