التجاذبات السياسية حول النموذج الإنتخابي

لتحميل الملف أنقر على :صدى الأسبوع الاصدار 20 pdf

ومع إقتراب موعد الإنتخابات العامة في البلاد يحاول أعضاء مجلس النواب الحالي الإحتفاظ على مقاعدهم بصورة أوباخرى،كما يوجد من بينهم من يحاول عرقلة مسيرة الأنتخابات،وعملية الإنتقال السياسي برمتها عبر مماطلة المصادقة على النموذج الإنتخابي الذي تم الإتفاق عليه في منتدى القيادة الوطنية،كما يحاول الإنتقام من الرئيس ورؤساء الولايات الذين يرونهم بأنهم أستحوذوا على مسار العملية الإنتخابية القادمة بما يخدم لمصالحم السياسي..

إفتعال الأزمة

منذ تقديم رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد مخرجات منتدى القيادة الوطني لمجلس النواب للمصادقة على إتفاقية النموج الإنتخابي في 30من شهر نيسان أبريل المنصرم برزت الى السطح خلافات وتجاذبات سياسية عرقلت مصادقة البرلمان على الإتفاقية،والمشكلة تكمن هنا في أن النواب أرادوا إجراء تعديلات على بعض بنود الإتفاقية قبل التصويت عليها،وفعلا تم تعديل تلك البنود التي كانت محل الخلاف واثارت جدلا بين النواب،ومن أجل التوصل الى حل يرضى الأطراف المتجاذبة دون اللجوء الي تعديل تلك البنود التقي رئيس الجمهورية باللجنة البرلمانية المكلفة لمراجعة الإتفاقية لكن دون جدوى.

تحالف من أجل التصعيد

وسط تلك الأجواء المشحونة بالتوتر والترقب ظهر في الساحة السياسية فجأة أصوات تنادي بعدم المصادقة علىى تلك الاتفاقية الجائرة حسب وصفهم ما لم تتضمن أحد امرين:

الأول: تخصيص 8 مقعد من مقاعد مجلس الشيوخ  المزمع تشكيله في الإنتخابات المقبلة للعاصمة مقديشو

الأمر الثاني: الغاء تأسيس مجلس الشيوخ نهائيا،لأنه لايمكن أن يلبي رغبات الشعب الصومالي في هذه المرحلة،ويمكن أن يكون عبئا إضافيا للدولة سواء من حيث الميزانية،أو الوظيفية،ولدى البلاد من المشكلات السياسية وتنازع المؤسسات التشريعية والتنفيذية ما لامزيد عليه بحيث يكون المجلس الأعلى(أو مجلس الشيوخ) مؤسسة تشريعية أعلى من مجلس النواب، وذها بدور يؤثر على أداء مجلس النواب، وهناك دول كثيرة كان عند ها مثل تلك المجالس الاأنها قامت بالغائها لاحقا كما يقول بعض نواب البرلمان الفيدرالي الرافضين لتشكيل مجلس الشيوخ.

وانضم إلى جموع الرافضين لبنود الاتفاقية سياسيون سابقون وحاليون،ورؤاساء عشائر الهوية وخاصة مجلس الوحدة والإنقاذ برئاسة محمد حسن حاد،ورؤساء بعض العشائر البنادرية،وقامت مظاهرات إحتجاجية رافضة للمصادقة على الاتفاقية ومنددة بالنموذج الإنتخابي المطروح ومطالبة باعطاء مقديشوا نصيبها من مقاعد مجلس الشيوخ،ومتزجت أصوات البرلمانيين المعارضين بالإتفاقية لأغراض سياسية وانتقامية بحتة بأصوات شيوخ العشائر الذين يحدوهم الأمل في الأستحواذ على مزيد من المقاعد بإسم محافظة بنادر.

وبين هؤلاء واولئك تقاطع مصالح أملته الظروف السياسية الراهنة،وبعيدا عن ميزان الربح والخسارة والإنتصار والهزيمة،والحق والباطل فإن هذا التحالف كان من أجل التصعيد بهدق إفشال العملية الإنتخبية برمتها.

التصعيد المضاد

ولئن كان هدف التصعيد الذي قام به سيايون وبرلمانيون في مقديشو إثارة ضجة كبرى لعرقلة مسيرة الإنتخابات،فإن تصعيد مجلس الوزراء في ولاية بونت لاند في جلسته الأخيرة في مدينة جروى يوم الخميس الماضي كان أشد ضراوة وأكثر حسما وأقوى لهجة بحيث أعرب عن أسفه العميق إزاء محاولة مجلس النواب الفدرالية في إجراء تعيلات على بنود الاتفاقية، وإذا أقدم البرلمان في تعديل النموذج الإنتخابي المتفق عليه،فأن جميع الإتفاقات السابقة التي أبرمتها بونت لاند مع الحكومة الفدرالية ستنهار فعلا،وسيتحمل مجلس النواب الفدرالي مسؤلية الإنهيار تلك.

ولأجل هذه يمكن القول بأن ولاية بونت لاند كانت واضحة إلى حد ما حيث عبرت عن رفضها التام لمحاولة البرلمان لإجراء تعديلات على بنود الاتفاقية، وهذا التصعيد مع عوامل أخرى كان سببا في حسم التجاذات السياسية على النحو الذي رأينا يوم أمس بعد ما تدخل رئيس الجمهورية لإنهاء الخلاف السياسي المفتعل الذي كاد أن يعصف بمسيرة العملية الإنتخابية برمتها لو تصرف الرئيس بحكم في الوقت المناسب لوضع حد لعبث بعض النواب والسياسين الموتورين ممن لايحمون الوطن ولايحمون الذمار.

المخاوف الدولية من الفشل

وبينما كانت التجاذبات السياسية في أوجها كان المجتمع الدولي يراقب الوضع عن كثب،ولم تتوقف الإتصالات مع المسؤليين في الدولة،وصل الى البلاد أثناء تلك الفترة وفود أممية عربت للمسؤلين عن قلقها البالغ بمسقبل البلاد إذاما فشلت إجراء الغنتخابات في موعدها المقرر في آب /أغسطس المقبل،ودعت الوفود أعضاء مجلس النواب المصادقة على إتفاقية النموذج الإنتخابي التي تم التوصل اليها في مؤتمر منتد القيادة الوطني في 12من نيسان/أبريل المنصرم دون إجراء أي تعديل على بنودها.

كما ألمح الإتحاد الأوروبي عن أمكانية قطع علاقاته مع البلاد إذالم تجرى الإنتخابات بموعدها المقرر،وتأتي هذه التلميحات  تأتي في حين قلص الاتحاد الاوروبي 20%بالمائة من رواتب قوات حفظ  السلام التابعة لبعثة الإتحاد الأفريقي في الصومال”الأميصوم”.

ولم يعير أعضاء مجلس النواب بتلك المخاوف أي إهتمام حيث واصل في مداولاته أمس النقاش حول التعديلات المقترحة على تلك الإتفاقية للتصويت عليها ودون إبداء أي نظر لما يترتب على تلك الإجراء.

إنتهاء الجلسة الأخيرة دون التصويت

إنتهت جلسة أول أمس دون أن تصوت  للاتفاقية،وكان البرلمان الفيدرالي مستعد للتصويت على التعديلات التى أقترحتها اللجنة المكلفة للنظر الى بنود الاتفاقية،وهذه اللجنة المكونة من 27 عضوا من أعضاء مجلس النواب الفدرالي لم تحاول إنقاذ الموقف،بل قامت بالتسويف والممماطلة،ومما يدل على تواطئها أنها صرجت أكثر من مرة لوسائل الإعلام المحلية بأهمية التعديلات التي أدرجها في بنود الإتفاقية،وكانت درجة التنسيق بين السياسيين المعارضين وبين بعض أعضاء البرلمان عاليا.

وكيفما كان الأمر فأن إعلان رئيس البرلمان محمد شيخ عثمان جواري أمس عن إنتهاء جلسة البرلمان دون التصويت على الاتفاقية وتأجيلها ريثما ينتهي إجتماع القيادة الوطنية كان قرارا صائبا بغض النظر عن مواقف الشخصية لرئيس البرلمان، وقد حامت حوله شكوك في الآونة الأخير خاصة في يتعلق بالنموذج الإنتخابي الذي يعطي لرؤساء لولايات دورا هاما في الإنتخابات المقبلة ممايعرض لمستقبله ومستقبل كثير من أعضاء مجلس النواب الحالي لخطر ماحق،ويرى بعض المحلليين أن رئيس البرلمان إستاء من الكيفية التي أدير بها منتدىات التشاور الوطني السابق،وكان يوافق قراراته ومخرجاته على مضض رغم توقيعه عليها،فالرجل مع كل ماقيل ويقال عنه وعن أطماعه السياسية وعدم رضاءه عن مجريات الأحداث إلا أن تصرفه الأخير حول تأجيل التصويت على اتفاقية النموذج الإنتخابي أثبت جدارته في  إدارة الأزمات السياسية.

رئيس الجمهورية يحسم الخلاف ويصادق على الاتفاقية

بعد فشل البرلمان في التوصل الى حل حول التجاذبات السياسية،واستغرق في تفاصيل أخرى غير مجدية مثل مسألة مجلس الشيوخ  المحسومة سلفا وينص عليها دستور البلاد كان لزما على رئيس البلاد إنقاذ البلد من مصير مجهول في حالة ما لورفض البرلمان المصادقة على النموذج الإنتخابي، فأصدر مرسوما رئاسيا يقضى المصادقة على النموذج الإنتخابي،وهذه الخطوة الجريئة والمسؤلة من الرئيس وإن جاءت في وقت متأخر الا أنها حسمت الخلاف وانحازت للمصلحة العليا للبلاد كما كان من شأنها طمأنةسكان العاصمة حيث ذكر الرئيس في المرسوم ضرورة تشكيل مجلس الشيوخ على أن يضمن مشاركة جميع الأقاليم بما فيها محافظة بنادر،كما أشار الى ضرورة حل الشكاوى المتعلقة في منتدى القيادة الوطني المقبل.

ردود أفعال متباينة

أثار قرار رئيس الجمهورية ردوة أفعال متباينة،حيث رحب جماهير عريضة من الشعب الصومالي الذي كان ولا يزال يعاني من الخلافات والتجاذبات السياسية.

ولا يستطيع أن يتحمل لمزايداتسياسية  يدفع فاتورتها الباهظة من مكتسباته ومقدراته التى بناها بعد جهد جهيد،ويأتي التأييد الشعبي لهذه القرارات لأنها تمثل المخرج الوحيد للأزمة السياسية الراهنة،خاصة وأن الشعب كان يراقب المهزلة السياسية التي كان تجرى في أورقة مجلس الشعب في الأسابيع القليلة الماضية، والتي كان ممثلولها مشاغبون معروفون ملّ الشعب من ممارساتهم وسياساتهم الخاطئة،كما ضاق الشعب ذرعا من الممارسات القبلية القذرة التي ظهرت أثناء هذه الأزمة المفتعلة.

أما البرلمان فقد تابينت ردوده حسب تعدد الولاءات والانقسامات الموجودة داخل مجلس الشعب،فالمعارضون ومفتعلوا هذه الأزمة أدانوا بالقرار،ووصفوه بالخاطئ وغير دستوري كما صرح للخدمة الصومالية لهيئة لاذاعة البريطانية النائب عبد الله غودح برى وهومن النواب المعروفين بمعارضتهم للرئيس الجمهورية،لكنه أكد في تصريحه أنهم لايملكون خيارا آخر غير إصدار بيان يوضحون فيه عدم دستورية هذا الإجراء.

من جانب آخر رحب عدد من نواب مجلس الشعب هذا القرار واصفيين إياه بالإيجابي والمفيد والمنقذ للبلاد،وأن رئيس قام بواجبه تجاه الوطن،فيتحتم على الرئيس في مثل هذه الحالات اللجوء الى  إستخدام صلاحيته لإنقاذ البلاد.

أما على الصعيد المجتمع الدولي فقد لاقى القرار ترحيبا حارّ من وكيل الإمين العام للأمم المتحدة الخاص بالصومال السفير ميكل كتنغ حيث قال” لقد كان من الأحسن لو تمت المصادقة بطريقة أخرى إلا أن الخلاف بين أعضاء مجلس النواب أجبر الرئيس على هذا القرار” كما رحّب الأتحاد الأفريقي ومنظمة الإ يغاد،والإتحاد الأوربي بالقرار.

وعلى صعيد الدول رحب بالقرار كل من كينيا واثيوبيا والسويد وايطاليا والمملكة والمتحدة والولايات المتحدة الأمريكية .

زر الذهاب إلى الأعلى