واقع ومستقبل التّمثيل السّياسىّ للمرأة فى الصومال

يشير المراقبون للوضع الصومالى أنّ هناك عقبتان رئيسيتان فى وجه تقلّد المرأة لمناصب سيادية فى البلد الّذى رزح تحت الحروب والفوضى طيلة الرّبع قرن الأخيرة :–

  • المسوّغات الدّينيّة الّتى يستدلّ بها معظم الرّجال هنا عند ذكر اسم المرأة فى السّياسة او حتّى عمل المرأة, قد لا يكون هذا الرّجل متديّنا اومهتمّا بالنّصوص الدّينيّة بقدر ما هو شغوف باقصاء المرأة تحت أىّ مبرّر وذالك على الرّغم من أنّ المرأة الصوماليّة كان لها دورا بارزا قديما وحديثا فى التأثير على القيادة والسّياسة مثل باقى النّواحى الاجتماعيّة والاقتصاديّة

غير أنّ الكثير من القيادات النسائيّة ترى أنّ عدم التّقبّل المجتمع الصومالى لتقلّد النساء المناصب ليس بسبب دينى ربّما لتجنّب الحساسيّة حول المسالة تقول فوزية آدم ” أعتقد أنّ الأمر هنا لا يتعلّق بالدّين” فيما تقول مريم اويس ” المشكلة الرّئيسيّة فى ذالك لا تكمن فى الدّين الحنيف وانّما فى التّقاليد” وللتّوضيح فانّ الكلام هنا ليس عن ر ئاسة المرأة وانما عن المرأة الصومالية فى المناصب العليا

 

  • التّقاليد : مثل أىّ مجتمع فى العالم محافظا كان او متفتّحا فانّ صعود المرأة لأعلى المناصب يعدّ سيرا عكس اتّجاه التّيار وبالتّالى فانّ من الطّبيعى أن تكون أكثر صعوبة فى حالتنا كمجتمع محافظ , فكما ورد فى تراثنا الكثير من الحكم والأمثال الّتى تمجّد بالمرأة كذالك فانّنا نصادف الكثير منها تفوح منه را ئحة الازدراء والاستحقار منها هذه الأمثلة:
  • Naagi waa caruur cago ( ماالمرأة الّا كطفل مولود لكن وبأقدام كبيرة !!)
  • Nin ay naagi wado iyo wr awr wado midna kaama leexdaan (اثنان لا يلتوون عنك ابدا – يخبطان فيك حتما – : رجل  فى زمام امرأة والابل على آثار بعضها)
  • Naagi waa balaayo loo baahanyahay(المرأة مصيبة لاغنى عنها)

وسواء كانت قصة الملكة ارويلو اسطورية او حقيقيّة كما يذهب اليه الكثيرون فانّها تروى عن مآسى حلّت بالرجولة لأنّ الملكة التى يعود تاريخها الى حوالى اربعة قرون – كما يذكر- شرعت فى الانتقام من الرّجل وتعذيبه وربّما مثل هذه الرّوايات تبقى حيّة فى مخيّلة الرّجل الصومالى كنموذج مصغّر لما يمكن للمرأة ان تقوم به من كوارث حال وصولها سدّة الرّ ئاسة

انّ مقياس الرّقىّ الحضارىّ لمجتمع مّا هو مدى عدله الاجتماعى واصطفافه الى جانب الفئات المستضعفة فيه ومنها المرأة , قد تقفز الى أذهان البعض أنّ ذالك يعنى أنّ المرأة فى الدّول الغربية أكثر حضورا فى المناصب القياديّة من نظيراتها فى العالم الثّالث , حسنا هى كذالك لكنّها ليست بالضّرورة فعندما تعرف أنّ أعلى معدّل نسوى فى برلمانات العالم هو البرلمان الرواندى بنسبة 63,8% مقابل 25% لبرلمانيّات اوربا و15% فى كلّ من مجلس الشّيوخ والكونغرس الامريكى, على كلّ فانّ الدّين الاسلامى كان السّبّاق الى الوقوف بجانب حقوق المرأة المهضومة بل وأعاد لها صونها وكرمتها ورفع من شأنها ليس عن طريق اطلاق العنتريات الجوفاء ولا رفع اللّافتات المغرضة وانّما من خلال تشريعات صارمة تحفط لها الحقوق وتطلب منها الواجبات

ويجب أن ننتبه الى خطورة عقليّة ال ان.جى.او التى تستخدم ورقة المرأة فقط للضّغط والاركاع وما يروّجون له من انتهاكات واغتصابات جماعيّة واضطهاد منظّم ضدّ المرأة , التّرويج لتلك الادعاءات المغرضة تهدف الى زعزعة الهوية الصوماليّة الّتى ليس لها تاريخ فى اغتصاب او تعنيف المرأة على هذا المستوى حتّى فى جاهليّتها

التّمثيل النسوى فى البرلمان وهيئات الدّولة لا يزال محدودا رغم التّوقيع على تخصيص حصة 30% فى البرلمان لكنّهنّ فى الواقع لا تتجاوز نسبتهنّ 14% بمالا يتناسب مع نسبتها الشعبية 50% ,وعلى الرّغم من ذالك فانّه يجب أن نثمّنّها ونعتبرها مكسبا بالمقارنة مع الحكومات المدنية او فى الحكومة العسكرية ولا حتّى كأعضاء فى اتّحاد الشّباب الصومالى أمّا فى التّمثيل الوزارى فهو أقلّ منه بكثير(حوالى 7%)

لقد كان من أبرز الأسباب التى أدت الى ذالك تدنّى المستوى التّعليمى للمرأة فى ذالك الوقت والبيت الصومالى المحافظ الّذى لا يرى جدوى من تعليم المرأة اضافة الى الزّواج المبكّر وما يسبّبه من تسرّب دراسىّ واجهاض فكرى

ما هى الانعكاسات المحتملة لاتفاقية الأطراف الفاعلة فى الصومال والّتى ركّزت على خارطة عمليّة الانتقال السياسىّ للسلطة ؟

من ميزات المؤتمر التّشاورى الأخير أنّ الأقوياء استأثرو بقسمة الأسد عند تقاسم الكعكة وطبعا سيكون على حساب المجتمع المدنى والفئات النّسائيّة والأقلية او مجموعة القبائل النصفية ففى 2012 كان الأمر أكثر يسرا للمرأة للصعود لعضوية مجلس الشعب بواسطة الضّغط على الأعيان أصحاب الحق فى التّعيين آنذاك رغم تذمّر الكثيرين من أفراد العشائر لكنّ الآن تغيّرت المعطيات وأصبح التّعيين بيد شريحة مصغّرة يصعب جدّا اقناعهم اوالزامهم بانتخاب أعضاء نساءية فى البرلمان القادم واذا لم يتمّ تعيين احداهنّ فلن يكون هناك جهة بعينها يمكن تحميلها المسؤوليّة فى ذالك

من هنا يجب أن ننتبه الى خطورة عقليّة ال ان.جى.او التى تستخدم ورقة المرأة فقط للضغط والاركاع وما يروّجون له من انتهاكات واغتصابات جماعيّة واضطهاد منظّم ضدّ المرأة , التّرويج لتلك الادعاءات المغرضة تهدف الى زعزعة الهوية الصوماليّة الّتى ليس لها تاريخ فى اغتصاب او تعنيف المرأة على هذا المستوى حتّى فى جاهليّتها

وعلى كلّ فانّ الأهمية لا تكمن فى مجرّد التّمثيل بمعنى (شغل المجلس الشّاغر) وانّما فى ايجاد قيادات نسائيّة تحمل هموم المرأة وتطرح قضاياها وتعبّر عن رؤاهنّ بما يتطابق مع الثّوابت الدّينيّة والقوميّة, هذه المواصفات تغيب فى البرلمانيات فى المجلس الحالى رغم أنّ الجنس الآخر ليس أحسن منه بكثير الّا أنّهنّ توجد فيهنّ الأمّيّات (عاجزات عن كتابة احرف اللّغات الصوماليّة!!).

 

زر الذهاب إلى الأعلى