هل حبست اثيوبيا نهر شبيلى؟

كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن اقامة اثيوبيا سدودا تمنع فيها تسرّب المياه من المنابع الممتدّة من على مرتفعات اراضيها فى اتّجاه المناطق المنخفضة باتّجاه الحدود الصومالية

الحديث عن بناء سدّ فى الاقليم السادس الصومالى الاثيوبى وبالتّحديد فى منطقة غرب مدينة غدى جاء بعد أن جفّت روافد نهر شبيلى تماما وأصبحت المياه فيها أثرا بعد عين وذالك بعد أن تحوّلت الأودية فيها الى مناطق يابسة جرداء يتّخذه العابرون سبيلا بل وتحوّلت أحواضه الى ملاعب اطفال مفتوحة نسو فيها هدير الماء وتلاطم امواجه بفعل ما حلّ بها من الجفاف وسواء كان الأمر بتدخّل اثيوبى متعمّد او كنتيجة طبيعية للقحط العام وتأخّر الأمطار بشكل غير مسبوق فانّ المسألة يجب أن تكون بمثابة دقّ ناقوس الخطر ومناسبة للفت الانتباه الى الخطر المستقبلى المحدق بأمننا المائى ممّا يستوجب البحث عن الآليات الكفيلة بتأمين المصادر المائية بشكل مستدام يحفظ الحقوق المائيّة للأجيال القادمة, وعلى كلّ فانّ اثيوبيا وفى ظلّ سياساتها الحالية فى التّوسّع ببناء السّدود العملاقة لأغراض الرّى والطّاقة لن تتردّد لحظة فى الاستفادة القصوى والسلبيّة من نهر شبيلى او جوبا اذا ماارتأت فيه مصلحتها القوميّة خصوصا فى ظل شراهتها الحاليّة فى الحصول على تيارات مائيّة عملاقة لتوليد الكهرباء الى جانب الاستصلاح الزراعى ايضا

يمنع القانون الدولى على الدّول أن تمنع جارتها الاستفادة من موارد الخيرات الّذى يوجد فيها مصادرها وعلى هذ الضّوء لا يحقّ لدول المصدر (Upstream countries) اعتراض المياه ومنعها دون دون لدول المصب (Downstream countries) ولذالك فانّ الدّول ذات السّياديّة تعتبر المساس بأمن مياهها مسألة حياة او موت وكلّنا نسمع عن النّزاع المصرى الاثيوبى عند ما شرعت الأخيرة ببناء سدّ أسمّته ب(سدّ النّهضة) وهذا ما اعتبره الجانب المصرى خرقا واضحا لاتفاقية دول حوض النيل والّذى تتّخذ باقى الدّول الأعضاء فيه موقفا مناهضا لاتفاقية تقاسم مياه النّيل عام 1959 باعتبارها تصبّ فقط فى مصلحة مصر وتعطيها قسمة الأسد ولا أحد يعرف كيف تمكّنت مصر اقناع الأطراف الموقّعة على الاستئثار بنحو 65% من حصة النيل تليها السّودان بنحو 34% مقابل13% للباقى ربّما لأنّ قادة افريقيا السوداء كانو فى مرحلة غيبوبة تامّة حينها.

وللمفارقة وكما ورد فى تسجيل مسرّب للقيادة المصريّة سنة 2013  يتناقشون فى سبل الرّدّ على الاستفزاز الاثيوبى المتمثل فى بناء سدّ النّهضة يطرح السياسى المصرى ايمن نور فكرة تسليح معارضة صوماليّة لارهاق الجيش الاثيوبى وكبح جماح الكبرياء الحبشى وربّما فى فترة لاحقة استخدام هؤلاء المسلّحين كورقة ضغط وتفاوض امام الخصم الاثيوبى , وربّما من هنا وصاعدا علينا نحن – أنفسنا- اولى بأن نفكّر بهذه الورقة قبل أن نكون طرفا فى حرب بالوكالة

نبذة عن نهر شبيلى 

لا يعرف الكثيرون أنّ فى الصومال عدّة أنهار فرعيّة مثل: دجهان, طرور,نجال, بيواوداى فى الشمال الشرقى والغربى وكلّها لايستفاد منها قبل أن تصبّ فى البحر الاحمر والمحيط الهندى بنهاية المطاف

هذا عن الأنهار الفرعيّة أمّا عن الأنهار الرّئيسيّة فهى جوبا بمساحة 1030 كم ويعتبر أكثرهما استغلالا رغم أنّ شبيلى أكبر منه مساحة (حوالى 1500كم) لكن نهر شبيلى الممتد 800 كم داخل أراضى الجمهوريّة قادما من منطقة اجيسو فى الصومال الاثيوبى ليمرّ على 3 محافظات أوّلها بلدة افرعدّو من محافظة هيران وعندما يصل الى بلعد من محافظة شبيلى الوسطى ينعطف الى ناحية الجنوب الغربى باتجاه مركة ونواحيها بحكم الطبوغرافية وارتفاع الشّريط الساحلى فيها

يرتفع منسوب المياه في نهر شبيلى عند موسم هطول الأمطار من المنابع وخصوصا فى فصل الرّبيع والخريف ويتسبّب فى فيضانات تودى بخسائر فادحة فى المزارع والحييوانات والممتلكات ,خسائر كان بالامكان تحويلها الى مكاسب لو كانت هناك حكومة صومالية قادرة على بناء قنوات رىّ ومخازن مياه احتياطيّة فى اطار سياسة رىّ وطنيّة منظّمة.

 فى ظلّ العطاء الغزير لهذا النّهر والبالغ نحو 2,384 مليار متر مكعب سنويّا, لكنه اذا قسمنا هذه الكمية المائية على عدد السّكان فى هذه المحافطات وهى مليونين وثلثمائة نسمة (حسب احصائية وزارة التّخطيط الصومالية بالتّعاون مع UNFPI ) فانّ نصيب الفرد فيها يكون فقط 1036 متر مكعب سنويا يعنى على حافة خطر الشّح المائىّ لكنه يمكن رفع القدرة الاحتفاظيّة للنّهر كما أشرنا.

ترعة وليس سدّا

عموما فانّ اثيوبيا شهدت بناء بعض المحابس المائيّة لأغراض الرّى والزراعة ولم يكن هنا أىّ قلق يختلج قلوب جيرانها على الرّغم من أنّها تمدّهم هى مجتمعة مع ارتيريا بنحو 84% من مصادر مياه النّيل و100% من مصادر مياه شبيلى وجوبا, غير أنّ النّموّ الاقتصادى الاثيوبى فى السّنوات الأخيرة وتوسّعها فى البنية التّحتيّة جعلها تبحث عن مصدر رخيص ومتجدّد للطّاقة , ولذالك فانّنا على عتبة مرحلة جديدة فى اطار الصراع الدّولى المرتقب على المصادر المائية.

ورغم وجود محبس مائى تمّ ترميمه مؤخّرا غرب مدينة غدى فى الأراضى الصوماليّة الاثيوبيّة الّا أنّها أقرب الى الترعة منه الى سدّ لأسباب منها:

  • أنّ اثيوبيا تتكبّد حاليّا عبء بناء سدّ النّهضة ولم تنجز منه 50% حتّى الآن وتتوقّع انجازه بحلول 2017 الّا أنّه قد يتأخّر , لذالك فانّ بناء سدّ ثانى يصعب عليها فعله فى وضعيّة كهذه
  • حتّى ان فرضنا أنّها قادرة كان بامكانها اقامته فى المنابع الرّئيسيّة التى يأتى معطمها من منطقة هرر
  • الكميّة الّتى يحتاجها سدّ لتوليد كهرباء تكون بعشرات المليارات المكعّبة خاصة فى عامها الأوّل وهذا ما لا يتوفّر فى نهرى شبيلى وجوبا

وعند الحديث عن بناء سدّ فانّه لا يعنى فقط الحدّ من كميّة المياه فقط وانّما يمنع ايضا انسياب التربة الطّينيّ الطّمييّة الغنيّة بالمواد العضوية الّتى تصاحب دوما حركة المياه من المناطق المرتفعة الى المناطق المنخفضة , وبالتّالى فانّ توقّف هذه التّربة من الاندفاق يحدث نقصا فى العناصر الغذائية فى التّربة وبالتّالى يتضرّر بها النّباتات فى المنطقة.

المراجع

  1. ديلى نيوز مصر
  2. الجزيرة انجليزية
  3. موقع المعرفة
  4. ديلى تلغراف
  5. سى ان ان
  6. جريدة اليوم السابع

زر الذهاب إلى الأعلى