ملاحظات على مخرجات مؤتمر منتدى التشاور الوطني

جرى في العاصمة مقديشو فى الفترة مابين 9-11 من شهر/نيسان أبريل الجاري مؤتمرا لمنتدى  التشاور الوطني  شارك فيه كل من رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود، رئيس البرلمان محمد شيخ عثمان جواري، رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد علي، نائب رئيس الوزراء محمد عمر عرتن، رئيس ولاية بونت لاند،عبد الولي محمد علي غاس، رئيس ولاية جوبا لاند أحمد محمد اسلان، رئيس ولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن شيخ آدم، ورئيس جلمدج عبد الكريم حسين جوليد.

وبعد عدة أيام من المدولات والمناقشات والشدّ والجذب واللقاءات المباشرة وغير المباشرة اتفق المشاركون على نقاط مهمة للمسار السياسي وتشكل علامة فارغة في مسيرة العملية السياسية في الصومال، ومن أهم تلك النقاط:

1-  إعادة التأكيد على التزام عدم تمديد فترة ولاية الرئيس والبرلمان، واجراء الانتخابات البرلمانية  في موعدها  في شهر يوليو المقبل ثم الانتخابات الرئاسية في سبتمبر المقبل. 

2- التأكيد على اجراء انتخابات السلطة التشريعية على أساس  المحاصصة القبلية والمحاصة المناطقة.

3-  تشكيل ثلاث لجان مشتركة تتولى مهام تنظيم مختلف مراحل  الانتخابات:

  • لجنة انتخابية وطنية تتكون من 17 عضوا  يتم اختيار 5 من أعضاؤها من قبل الحكومة الاتحادية  وعضوين تعينها الإدارات الاقليمية
  • لجنة انتخابية محلية تتكون من 11   عضوا  تعين الحكومة ثلاثة منها  في حين يتم اختيار الأعضاء الآخرين من قبل الإدارات الاقليمية.
  • لجنة لحل الخلافات تشكلها الحكومة الاتحادية وحكام الإدارت الاقليمية

4- أن تتم عملية التصويت في العواصم والمقرات المؤقتة للولايات الفيدرالية القائمة حاليا، أو التي سترى النور قريبا ،إضافة إلى العاصمة مقديشو والتي لها وضع خاص.

5- ووفقا لمخرجات المنتدى ينتخب أعضاء مجلس الشيوخ على أساس المناطقية، حيث  تتقدم كل إدارة الاقليمية  مرشحين للمجلس الذي يخصص 30٪ من مقاعده للنساء، و يتم التصويت لكل مقعد على حدة من قبل برلمانات الإدارات الإقليمية  قبل اجازته من قبل حكام الإدارات. أما مجلس النواب الغرفة الأدنى للمجلس التشريعي الذي يتكون من 275 عضوا سيتم اختيارهم من قبل    13750 شخصا من مختلف شرائح العشائر الصومالية ، حيث يختار كل عضو  من البرلمان 50 شخصا من عشيرته. 

نظرا للمرحلة التي تمر بها البلاد يبدو  أن مخرجات المنتدى أمر مهم للغاية وخطوة نحو الإتجاه الصحيح، لكن  هناك ملاحظات مهمة للغاية ينبغي أخذها في عين الاعتار لتكون العملية الانتخابية اقرب إلي الواقعية ولإضفائها قدرا من الشفافية والنزاهة  ومن أبرز تلك الملاحظات:

1- ما تم الاتفاق عليه لم يبن على  أساس قانوني ولم يمر عبر القنوات الدستورية الشرعية وبالتالي يجب أن يتم التصويت عليه رغم اقتراب موعد الانتخابات وقبل أن يدخل حيز التنفيذ أو اجراء تعديلات على الدستور المؤقت. وهذا تتطلب أيضا أن يصوت  البرلمان على تلك التعديلات .

2- رغم وجود  لجنة الانتخابات التي ينص عليها الدستور  اتفقت قيادة البلاد على تشكيل  لجنة مكلفة بتنظيم الانتخابات يتم تعينها من قبل الحكومة والإدارات الاقليمية وهذا  يعني أن اللجنة الجديدة مخالفة للقانون وتخالف ما نص عليه الدستور وخاصة فيما يتعلق باللجنة الوطنية للإنتخابات، ولذلك يجب حل هذه الاشكالية سواء كان حلها عبر المحكمة العليا التي تقوم مقام المحكمة الدستور التي لم تشكل بعد أو عبر البرلمان . والغريب في الأمر أننا لا نعرف سببا واضحا يستوجب انشاء لجنة انتخابية جديدة مادام هناك لجنة دستورية مهامها تنظيم الانتخابات،  ولماذا لم يتم تغير اللجنة الحالية أو توسعتها لتتلائم مع  طبيعة المرحلة الطارئة أو  للتناسب مع مطالب حكام الولايات الثائرة.

3- النظام الانتخابي الجديد منح صلاحيات واسعة لقيادات الإدارات الاقليمية وهم الذين يختارون اللجان الانتخابية ويضعون  اللوائح الداخلية لتلك اللجان، ويشترط النظام كذلك إعلان فوز المرشح بتوقيع من رئيس الاقليم، وهذا عوار قانوني، ويؤثر سلبا  على مبدأ تكافؤ فرص المرشحين، ولذلك ينبغي إلغاء هذا الشرط  ويجب الا يحتاج العضو المنتخب إلي تصديق من حكام الاقاليم .

4- ووفقا لمخرجات المنتدى، فمجلس الشيوخ عبارة عن ممثلين من حكام الإدارات الاقليمية لأنه ترشحهم الإدارات ويتم اجازتهم من قبل البرلمان الاقليمي  وهذا يطعن مصداقتهم، ودورهم الحيادي في المستقبل،  وكان ينبغي أن يضاف إلي ذلك شرط  آخر يوجب أن يكونوا من الشخصيات المعتبرة والمقبولة داخل المجتمع.

5-  لم تقدم قرارات المنتدى التشاوري توضيحات على  طبيعة الأشخاص  الخمسين الذين يختارون  عضوية العشيرة في البرلمان المقبل، ولم تحدد ما هي المعايير التي يجب  ان تتم اختيار هؤلاء الأشخاص، واكتفت بذكر دور زعماء القبائل الـ 134 الذي انتخبوا البرلمان الحالي وعلى أن يكون ضمن لجنة الخميس ممثلين من الشباب والنساء.

6- لم تتحدث قرارات المنتدى عن التمويل الانتخابي ولم تشر  لا قريب ولا من بعيد إلي  وضع قانون ينظيم مسألة التمويل والانفاق على المرشحين المحتملين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وهذا أمر مهم لمواجهة الفساد وشراء الذمم.

7- لم تنص مخرجات المنتدى على آليات المراقبة وطرق متابعة العملية الانتخابية وحتى صدور النتائج. ولم تتحدث عن وجود مراقبين دوليين أو محليين لضمان نزاهة الإنتخابات، وتعزيز ثقة المواطنين في العملية الانتخابية وحصيلتها.

وفي ضوء  الظروف التي تمر بها البلاد ينبغي عرض مخرجات المنتدى لمتخصصين قانونيين  لإعادة النظر  فيها والعمل من أجل حل الاشكاليات الدستورية، وتصحيح ما فيها من عوار قانوني، ورفع توصيات تسهام في تسهيل سير العملية الانتخابية إلي الجهات ذات العلاقة ولا سيما فيما يتعلق بآليات المراقبة؛ لأن لجان المراقبة الانتخابية آلية مهمة لضمان نزاهة الانتخابات وخصوصا في المجتمعات التي تخرج من النزاعات الأهلية  وتساعد في رفع ثقة الجمهور  على شرعية الاتنخابات ونتائجها.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى