صدى الأسبوع: الجفاف يُسقط ورقة التوت

لتحميل الملف أنقر على: الجفاف يُسقط ورقة التوت PDF

المحتوى :

الجفاف في القرن الإفريقي:  ……………………………………………. 4

الوضع في صوماليلاند: …………………………………………………. 4

الملف الإنساني: 

     المناطق المتضررة من الجفاف في صوماليلاند: ………………………….4

     حجم الضرر: ……………………………………………………….5

     تفاقم المشكلة بالتقاعس عن الاستعداد: ………………………………..5

الملف السياسي:

     فشل حكومة صوماليلاند في التعامل مع المشكلة: ……………………….6

     تناقض حالة الاستقرار مع الفشل في التعامل مع الأزمة: …………………..6

    الاعتراف الدولي والجمعية الخيرية! …………………………………….7

    الاستثمار في المشكلة بدلًا من حلّها: …………………………………..7

    تفاقم الفساد السياسي والإداري والمالي: …………………………………8

    الجانب الآخر من المشهد: …………………………………………….8

المطلوب للحد من تفاقم الأزمات والحلول الاستباقية: ……………………….9

الجفاف في القرن الإفريقي:

تعرضت منطقة القرن الإفريقي عمومًا لموجة من مواسم جفاف كانت الأسوأ، مؤثرة على أكثر من عشرين مليون إنسان، منهم 10 ملايين إنسان في إثيوبيا يواجهون المعاناة من سوء تغذية جسيم أو الموت جوعًا في حال لم يصل الدعم الازم لهم للخروج من تلك المرحلة الحرجة، خاصة أن الجفاف ضرب بكل قوته الإقليم الصومالي في شرق إثيوبيا، نظرًا لشح الأمطار التي هطلت في موسمين مطيرين متتاليين على الأقل، نتيجة لظاهرة “إل-نينيو” التي حذّر منها علماء الطقس والبيئة في الفترة الماضية، وقد أدّى انخفاض معدلات الهطل المطري إلى تراجع في الغطاء النباتي، وفشل المحاصيل البعلية ـ المروية بالمطر ـ، و مع عموم القحط ونضوب المياه وخلو المراعي من الغذاء الذي تحتاجها المواشي التي يعتمد عليها السكّان البدو، اضطر الرعاة إلى قطع مسافات طويلة في فترات زمنية قصيرة، بحثًا عن المياه والمراعي، مؤديًا ذلك إلى خسائر كبيرة في القطعان.

الوضع في صوماليلاند:

ولكون “صوماليلاند” ضمن منطقة القرن الإفريقي المتضررة من الجفاف الشديد والمتكرر، قاد تراكم النتائج السلبية لقلة الأمطار، مع عوامل جغرافية-سياسية، وفشل في الاستعداد لمواجهة ما كان محتومًا، نتيجة للجفاف الذي عايشته البلاد ـ خصوصًا ـ على مدى السنوات الثلاث الماضيات، من تعرّض فئة الرعاة والمزارعين التقليديين، لضربة شديدة مؤدية إلى فقدان مئات الآلاف من المواطنين الرعاة لمورد رزقهم المتمثّل بقطعانهم ومحاصيلهم، ناهيك عن سقوط عدد من السكّان فريسة للموت جوعًا وعطشَا، إضافة لحالات النزوح والتشرّد التي تعرّض لها المتضررون، بسبب فقدهم مصادر رزقهم، وتخلّيهم عن ممتلكاتهم محاولين الوصول إلى مصادر المياه أو إنقاذ ما يمكنهم إنقاذه من أطفال وبقايا القطعان.

الملف الإنساني:

المناطق المتضررة من الجفاف في صوماليلاند:

بلغ حجم الضرر الذي تسببت به حالة الجفاف المستمرة منذ ثلاثة أعوام في صوماليلاند، حدًا أدّى إلى ضرب البنية الاقتصادية للمجتمع البدوي والزراعي البسيط في الصميم، بحيث أصبح السكّان في حالة من الهشاشة لم يعد معها الصمود أمام نتائجها الكارثية، رغم استفادتهم من حالة الاستقرار الأمني الذي تعيشه البلاد، لكن شح الأمطار في الموسم الأخير، كان القطرة الأخيرة التي ملأت قدح الضغوطات التي طال تحمّلهم لها، مما أدّى إلى انكشافهم تمامًا ليصبحوا للمرّة الأولى منذ ثلاثة عقود في حاجة حقيقة وماسة للمساعدة، بعد استنفادهم على مدى السنوات الماضية ما كانوا يعتمدون عليه للاستمرار ومقاومة الظروف السيئة التي تكرر مرورهم بها!

وعلى الرغم من وجود حالة مزمنة من المعاناة من الجفاف في المحافظات الشرقية “عين” و”سرر” و”سول” و”سناغ” و”ماخر” على مدى السنتين الماضيتين، فقد أضيفت إلى قائمة المحافظات التي عانت بشدّة من شح الأمطار في الموسمين الأخيرين، كل من محافظات “هَوْد” و”مروديجيح” و”ساحل” و”جبيلي” و”سلل” و”أودل”، وقد أفادت التقارير الحكومية إلى أنّ قطاع المتضرّرين من موجة الجفاف الحالية، يبلغ 260 ألف إنسان، من أصل أربعة ملايين بما نسبته 6,50%  من سكّان البلاد، أي متضرّرًا واحدًا مقابل كل 15,5 مواطن على التقريب، في حاجة عاجلة للغذاء الأساسي وإمدادهم بالمياه في مناطق تقطّع السبل بهم وبما تبقّى من قطعانهم.

حجم الضرر:

وعلى الرغم من التحذيرات المسبقة التي أطلقتها المنظمات الدولية والمحلية من إمكانية حدوث “عجز” كبير، في الموارد والإمكانيات المتاحة لمواجهة الأزمة البيئية القادمة، ناهيك عن عقد الجهات الحكومية في صوماليلاند مؤتمرات صحفية، بدءًا من شهر أغسطس في العام 2015 الماضي، فإنّ التقديرات الحكومية قفزت فجأة ودون سابق إنذار، إلى اعتبار 450 ألف إنسانٍ عرضة للآثار السلبية لسوء التغذية والعطش وفناء موارد رزقهم الممثلة بقطعان الماشية والمحاصيل البعلية، مما شكّل صدمة حقيقية للمجتمع – الذي لم يكون على وعي بحجم الكارثة المقبلة – حدوث حالات وفاة وتعقّد الأوضاع بالصورة المأساوية التي أخذتها، خلال الأسابيع الماضية والتي كان من نتائجها نفوق معظم قطعان الأبقار والأغنام والماعز والإبل في المناطق الأشد تَضَرُّرًا وما نقلته التقارير من سقوط 8 ضحايا على الأقل من الرعاة البدو، نتيجة للجوع والعطش منهم بينهم أمٌّ ووليدها في محافظة “أودل”.

تفاقم المشكلة بالتقاعس عن الاستعداد:

أثبتت كارثة الجفاف الأخيرة في “صوماليلاند” غيابًا تامًا للتخطيط والعمل الجادّ على الأرض، لإيجاد حلول استباقية لحالة الجفاف التي استمرت متفاقمة على مدى السنوات الثلاث الماضية، مرهقة الطبقة المنتجة الرئيسية في البلاد “الرعاة” و”المزارعين”، والذين تعتمد عليهم البلاد في أهم مصادر إيرادتها من حيث كونهم المنجين للسلع الرئيسية التي تصدرها البلاد “المواشي” ومنتجاتها، وتوفير الحبوب الغذائية التي تغطي جانبًا من احتياجات السكان من الحبوب، وما يتم تحويله إلى أعلاف لقطعان الحظائر، خاصة أن القطعان التي يقوم الرعاة بتربيتها وإتاحتها للوسطاء والتّجار، هي بمعنى الكلمة مدار الحركة الاقتصادية في البلاد، ومصدرًا مهمًا من مصادر دخل الدولة من الضرائب والرسوم والتعرفات المفروضة على كافة مراحل تصدير الماشية، وما تقوم الدولة بجبايته من رسوم جمركية على السلع التي يتم استيرادها من عوائد تصدير تلك القطعان ومنتجاتها، كالجلود وسواها.

وقد يكون السلوك الحكومي الذي وخلال الأشهر السابقة لحلول الكارثة البيئية، لم يعدُ عقد المؤتمرات الصحفية وإطلاق “مجلس الجفاف الأعلى في صوماليلاند”، وإعادة تسميته وتعديل أسماء أعضائه، دون إجراء مسح أو تحديد مناطق منكوبة أو تعيين مواقع جغرافية لتكون محطّات إغاثة للرعاة الذين ازدادت معدلات تحركهم مع تقدّم الجفاف، وتأخّر هطول الأمطار في المناطق التي نزحوا إليها لحماية قطعانهم من النفوق جوعًا وعطشًا، على طول خطوط ترحالهم من جنوب البلاد حول الحدود الإثيوبية إلى الساحل شمالًا.

الملف السياسي:

فشل حكومة صوماليلاند في التعامل مع المشكلة:

على الرغم من تجنّب الكثير من المراقبين والمثقفين، التصعيد في شأن مقاربة الفشل الذريع لدى حكومة “كولميه” في التصدّي لنتائج الجفاف، وغياب أي أثر ملموس في القيام بأي جهد استباقي لما كان متوقعًا منذ الصيف الماضي، فإن الهدف من تجنّب أي تصعيد، كان محاولة لعدم إتاحة المجال للحزب الحكام، في نقل التركيز الشعبي عن المأساة، نحو المماحكات السياسية وما أصبح مسلكًا حكوميًا معتادًا، يهدف أول ما يهدف إلى حرف انتباه الجمهور عن أخطاء الحكومة وخطاياها، باتجاه إشعاره بأنّ “الدولة” و”وجودها” و”استقلالها” أصبح مُهددًا، في خطاب شعبوي تخويفي يملؤ قلوب العامة بشعور بالإضطهاد والملاحقة من قبل أعداء الدولة “Qaran Diid” والساعين لهادمها وتدميرها “Qaran Dumis”، بما يمهّد غالبًا لمعاقبة الأصوات والأقلام الناقدة التي تكشف جوانب القصور والتقصير الحكومي والفساد المستشري في مفاصل الدولة ودوائرها ومؤسساتها.

أثارت طريقة تعامل حكومة “كولميه” بقيادة أحمد محمد محمود “سيلانيو” مع سلسلة من الأزمات الإنسانية والسياسية، الكثير من التساؤلات وعدم اليقين لدى الفئات المتعلمة باكرًا، إلّا أنَّ حالة العجز الشديدة التي أظهرتها الحكومة في التعامل مع الأزمة الأخيرة، والتي ظلّت سُحبُها تجتمع على مدى ثلاث سنوات، حتى أفرزت الأوضاع المأساوية غير المسبوقة في تاريخ البلاد منذ إعلانها الاستقلال عن “مقديشو” قبل ربع قرن، سبّبَ شعورًا عامًا بالإحباط وعدم الجدوى للفئات الشعبية، التي كانت المتضرر الأكبر، نظرًا لصلتها المسيسة بسلبيات حالة الجفاف على المستويات الاجتماعية والاقتصادية، بما أدّى إلى تسمية موجة الجفاف باسم الحزب الحاكم فأصبح اسمها ” Abaarta Kulmiye/قحط كولميه”، جريًا على العادة القديمة لدى الصوماليين، في تأريخ أحداثهم بمواسم الجفاف أو الرخاء الطويلة!

تناقض حالة الاستقرار مع الفشل في التعامل مع الأزمة:

معلوم أنَّ “صوماليلاند” تنعم باستقرار كبير  منذ نهاية التسعينيات، بالمقارنة بمناطق كثيرة من بلاد الصومال المستقلة سنة 1960م، إلّا أنّه وعلى الرغم من غياب العوامل التي أدّت إلى إضعاف الدولة في الشطر الآخر “شريك الوحدة”، فإنّ انكشاف عجز الدولة في ظل حكومة “كولميه”، أظهرت إلى حدّ كبير أنّ الدولة في “صوماليلاند” لم تبتعد كثيرًا عن حالة “الدولة الفاشلة”، التي جعلت وصم “مقديشو” بها في أذهان الشعب، أحد أهم ركائز بقائها، ومصدرًا أساسيًا من مصادر شرعيتها، وحجّة لفرض سلطتها على المتبرمين بالأوضاع بين أبناء “صوماليلاند”.

وعلى الرغم من التبرّم الشعبي، الذي طال فئات شعبية عديدة، بصورة تجاوزت ما كان يتكرر من تجاوب إنفعالي مع تحويل الخلافات السياسية إلى الجانب القبلي وما يترافق مع من حزازيات عصبية، فإن حالة اليأس والشعور بالمهانة وللا جدوى، أثبتت وجهة نظر آلاف المواطنين من خريجي الجامعات والفئات العمرية الشابة، في خيارهم للموت غرقًا أو التعرّض للإهانة والانتهاك من قبل عصابات الهجرة غير الشرعية، بدلًا من البقاء في بلدٍ ينعم بكل مقومات المادية للنهوض، لولا افتقاد الطبقة السياسية للنزاهة، وغياب أي شعور بمعاناة الشعب، بحيث يمكنها خلق إرادة سياسية هادفة إلى تطوير البلاد، دونما أن يكون لديها مكاسب شخصية يمكن تحصيلها عبر قنوات خلفية، أو إيقاف المعتاد من أساليب تحقيق عوائد شخصية على حساب المصلحة العامة.

الاعتراف الدولي والجمعية الخيرية!

ومما لا شكّ فيه، أنّه مع تدنّي المستوى التعليمي، والعزلة الثقافية الناشئة عن قلة المنتج الفكري المنشور باللغة الصومالية، مؤديًا ذلك لقلة الوعي الشعبي، وغلبة الجانب العاطفي في تقييمها للأمور، بما يخلق بيئة غير متقبّلة للتوعية، خاصة مع تراكم عقدين ونصف من الـ”بروباغندا” المشيطنة لكل نقد، يدعمها الانكشاف المستمر لمزايدات العاملين في المجال السياسي على القضايا التي تمسّ الفئات الشعبية الأكثر تضررًا من فشل الدولة، لصالح تسويات وترضيات ورشى معلومة، يتم قبضها من قبل مثيري الرأي العام، حيث تكون سريعة التحقق دون أي أثر بنّاء على المجتمع أو الدولة، ومع تكرار حالات الشدّة الناتجة عن اتضاح حجم الأضرار والمخاطر التي يحملها تعامل السلطة مع احتياجات الشعب وحقوقه وتطلعاته، وخبو الاهتمام وإغلاق باب الحديث أو العمل على حل المشكلات، لصالح هذه التسوية أو تلك، والتي تمت بين أطراف سياسية خلف أبواب مغلقة، فقد وصلت الفئات الشعبية لحالة من انعدام الثقة بأي نقد يوجّه للدولة، بل غدا الشعور العام تشجيعًا على مجرّد ابتزاز السلطة، حتى “لا يهنأ” أساطينها بما تمّ كنزه من أموال الشعب وحقوقه.

وقد يكون أحد أكبر السقطات التاريخية المتكررة لحكومة “كولميه” وعلى رأسها “أحمد محمد محمود-سيلانيو”، منذ الفضيحة البروتوكولية التي حدثت في زيارته غير الرسمية لمكتب رئيس جمهورية آيرلندا، كانت فضيحة قيامه بالسفر خصيصًا في زيارة “رسمية” لمقرّ إحدى الجمعيات الخيرية في “دولة الكويت”، مستخدمًا إحدى طائرة من طرف تلك الجمعية في الذهاب لذلك البلد الشقيق، بدلًا من ما هو متوقّعٌ من إيفاد أحد مدراء هيئة “الأعمال الخيرية الوطنية” أو قياديًا في “وزارة الأشغال” أو “وزارة الشؤون الاجتماعية” أو “وزارة الأوقاف”، بدلًا من إهانة مقام الرئاسة في جمهورية تسعى للحصول على الاعتراف الدولي!

الاستثمار في المشكلة بدلًا من حلّها:

قد يكون واحدًا من أخطر ما يواجه المتضررون من أزمة الجفاف الحالية، وما قد يستجد مستقبلًا من أزمات نظيرة، استسلام السلطة الحاكمة في صوماليلاند، وما يدور في فلكها من مؤسسات سياسية وحزبية، إلى سيطرة قطاع المنظمات غير الحكومية الدولية والأجنبية، على جانب كبير من أعمال البناء والإعمار المتعلقة بالمنشآت العامة، وهو ما ينسحب كذلك على تمويل أعمال الإغاثة والدعم والتموين، ولا يخفى على المتابعين عن كثب لطرق عمل تلك المنظمات، من فساد والمحسوبية عبر ما يتم تبادله من امتيازات وعمولات، تسمح لتلك المنظمات بخلق بيئة فاسدة داخل أجهزة الدولة ذات العلاقة بها، بحيث يُتاح لها ممارسة الجانب المظلم من أنشطتها بعيدًا عن المتابعة، بل وبحماية مسؤولين وأفراد نافذين، بالغًا ذلك حدّ اقتسام التمويل مع المستهدفين دون علمهم وخلق قنوات لنقل المبالغ النقدية، في حركة لغسيل الأموال يصعب رصدها، كما في حالة منظمة غير حكومية أجنبية تتخذ من “نيروبي” مقرًا رئيسيًا لها، برز دورها عبر طرحها برنامجًا لـ”تمويل” اللاجئين اليمنيين، وذلك دون منحهم عقودًا نظامية يمكن العودة إليها، بحيث يحدث فشل حتمي في آلية تتبع عملية التمويل، ويسهل “تبديد” تلك الأموال، بحجّة عدم التزام اللاجئين اليمنيين ببنود عقد وقعوا عليه دون استلام نسختهم الخاصة بهم، وكل ذلك في ظل الحماية التي حصلت عليها، من المسؤول الذي قام بتأجير أحد منازله مقرًّا لها في مدينة “هرجيسا”.

تفاقم الفساد السياسي والإداري والمالي:

أفرزت الأزمة الأخيرة “قحط كولميه”، عودة مكثّفة لأعمال اختلاس أموال المساعدات، وقد تكون إشارة أحد المواقع الإخبارية – من مصدر لا يمكن التأكد من صحّته – إلى قيام مسؤول كبير في الدولة بإيداع صكِّ بعشرين مليون دولار، تم التحصّل عليها من بلد عربي، في أحد البنوك البريطانية لصالح حسابات بنكية توزعت ما بين أفراد عائلة مرؤوسه، والحساب الشخصي للمسؤول الكبير المنفّذ للأمر، ناهيك عن ما تم إثباته من سرقة المساعدات العينية، والتي بدأ توزيع جزء منها في البداية على المستهدفين، ثم بيعها في القرى التي نزلت فيها اللجان المكلّفة بتوزيع المساعدات في محافظة “أودل”، ثم وصول المساعدات المسروقة والمباعة إلى مدينتي “بورما” و”هرجيسا”، تحت سمع ونظر الوزارات والدوائر الحكومية من “الداخلية” و”التجارة” و”البلديات” وحتى “مجلس صوماليلاند لمواجهة الجفاف”.

الجانب الآخر من المشهد:

على الرغم من الصورة القاتمة التي يشيعها التعامل الحكومي، والمنظمات غير الحكومية الإجنبية والدولية، مع الأوضاع المزرية التي خلفتها أزمة الجفاف الأخيرة، ومقدار الشعور بالإحباط الذي يعايشه المواطنون المتضررون، أو الذين أرهقتهم الأوضاع الحالية، نتيجة لارتباطهم الاجتماعي والاقتصادي بالقطاع المتضرر، فإنه قد ظهر جليًا أنَّ أطراف جديدة دخلت وبقوة في معادلة إيجاد بديل إسعافي، يحد من أضرار حالة الفشل والفساد الحكوميين ومن يدور في فلكها، فقد برزت جمعيات وتجمعات شبابية وطنية، على مستوى البلاد وعبر مشاريع محدودة، نجحت خلالها في جمع التبرعات من المواطنين داخل البلاد وفي المغتربات، مما مكّنها من إنجاز نجاحات تُحسب لها، على مستوى تحديد المناطق الأشد احتياجًا، وإيصال المساعدات المطلوبة بفاعلية كبيرة، إن كانت من حيث الغذاء الأساسي، وإمدادت المياه والمواد الطبية والإسعافية.

المطلوب للحد من تفاقم الأزمات والحلول الاستباقية:

معروفة منطقة القرن الإفريقي بيئتها المتطرفة، في سنوات الخصب المطيرة، وسنوات الجفاف الشديدة الأثر على الحياة فيها، إلّا أنّ استيعاب حقائق الأرض، والاستعانة بالموارد العلمية التي يتيسر الوصول إليها، ووفرة العامل البشري – نسبة البطالة 70-80%  من السكان – يمكن تفادي جانب كبير من الخسائر والأضرار، بحيث من الوارد الخروج من حالة الاعتماد على الجهات الدولية والأجنبية في هذا المجال، خلال فترة زمنية شديدة القصر، في حال وجود إرادة سياسية، وعزل الممارسات الفاسدة بعيدًا عن ذلك القطاع المهدد لنوعية الحياة على أرض صوماليلاند، وذلك عبر:

–          ضبط عمل المنظمات غير الحكومية الدولية والأجنبية.

–          إنشاء ودعم مراكز أبحاث تقوم بالمهام التالية:

o       التواصل مع الهيئات العلمية المختصة بأبحاث الطقس والبيئة.

o       جمع المعلومات على الأرض وتحليلها.

o       دراسة حركة البدو الرحل، مسارات الهجرة خلف الماء والكلأ.

o       تقدير حجم الهجرات واتجاهاتها واحتمالات تركزها في مناطق دون أخرى في فترات زمنية معينة.

o       إجراء تحديث مستمر للبيانات ونشرها مقدمًا والعمل كمراكز إنذار مبكر.

o       تقدير الاحتياجات للدعم والمساعدة مقدمًا حسب البيانات المجموعة نتائج تحليلها.

–          الاستثمار في توطين البدو عبر:

o       حفر الآبار الارتوازية الغزيرة المياه:

▪ لخدمة المشاريع الزراعية الصغيرة.

▪لإنشاء مشارب مؤقتة للماشية الرعاة المرتحلين في حال نضوب مصادر المياه الطبيعية.

▪عمل خزّانات للمياه، يمكن من خلالها إيصال الماء منها إلى مسافات أبعد في حال الحاجة.

–          تنظيم مسارات هجرة البدو لمنع الرعي الجائر، وحماية المشاريع الزراعية.

–          إنشاء مراكز في طول البلاد وعرضها، كمحطات لتحضير الإمدادت وتقديمها في حال حدوث الجفاف.

–          الاستثمار في قطاع إنتاج الأعلاف “المركزة” “الخضراء” “الجافة”.

–          إدخال ثقافة تسمين القطعان في المزارع/الحظائر.

صدى الأسبوع – الأصدار السابع عشر

مركزمقديشو للبحوث والدراسات

www.mogadishucenter.com

Email: info@mogadishucenter.com

زر الذهاب إلى الأعلى