السفير الذي غيّر مجرى تاريخ الصومال(2)

السفير والملك فيصل بن عبد العزيز وقصة الانضمام بالجامعة العربية-

يقول السفير: كنت ممثلا للصومال في منظمة الوحدة الافريقية والمعروفة حاليا بمنظمة الاتحاد الافريقي. وكان للصومال نشاط كبير في داخل المنظمة لاسباب ومنها دولة المقر ايثوبيا وكانت بينا قضايا عالقة . لكن بعض دول  المنطقة في المنظمة لايروننا أفارقة وكانوا يهمشون أفكارنا وإقتراحاتنا وكانوا يقولون دائمأ انتم لستم إلا رعاة العرب قدمتم من البحر وتخطيتم من البحر “بمعني لستم افارقة ” بمجرد نازحين إستوطنو المنطقة , يقولون عن طريق المزاح لكن هذه العبارات كانت تؤلمني عندما أسمع من بعض المندوبين الدائمين في المنظمة . مع العلم أن السفير سبق له أن حررت إيثوبيا مذكرة بانه ” شخص غير مرغوب”. وتعني في الدبلوماسية إبلاغه بمغادرة البلاد، وانه غير مرحب وكان هذا الأمر عندما كان مستشار في السفارة ، واسبابها سنذكر يوما .

يقول السفير عدت الي الصومال قبل الإنقلاب العسكري بما أن الرجل دبلوماسي وعسكري وأكاديمي وربما لم تخلو أصابعة من الانقلاب العسكري لسياد بري وسأروي لكم لاحقا شهادته ودوره في الانقلاب 1969.  يقول بعدما نجح الإنقلاب دعاني رئيس الجمهورية وقال لي عينتك سفيرا للإتحاد السوفييني ربما أراد الرئيس بتعيينه سفيرا للسوفييت لسببين:

 اولا: أن يبعده من الساحة الداخلية بما انه رجل عسكري حاول الانقلاب مرة وكان معهم ايضا

 ثانيا : تعينه سفيرا لموسكو عاصمة الإتحاد السوفييتي لتوطيط العلاقات  السوفيتية الصومالية وليتولي مهامات تطوير وتسلح الجيش يقول حيظوا ملابسي وبدلاتي علي غرار سوفيتية للبرد القارع . وكان لكل سفير 4 بدلات تعطيه الدولة .

 قلت لرئيس سياد بري: إن الإتحاد السوفيتي لاينفعكم بها إلأً سفيرا إشتراكيا ولست برجل إشتراكي , فحلمي الي القاهرة , فقال لي طيب إذهب الي القاهرة .

وحينها كان أمين العام لوزارة الخارجية “عبد الرحمن جامع بري” إبن عم الرئيس سياد بري وكان الوزير عمر عته غالب. ذهبت الي الوزارة فقالوا لي ماذا تريد أن تفعل في القاهرة وماذ تنوي ان تنجز لنا . قلت لهم عندي مهمتين في القاهرة:

 اولا : أن انضم الصومال الي الجامعة العربية

 ثانيا : ان أبني جامعة علي غرار جامعة الخرطوم بدعم عربي .

فقالو نحن نواقفك وكان عمر عرته غالب يأمل ذلك. سافرت الي مصر قاهرة المعزة ، تعرفت علي السفراء وسرعان ما أصبحت علاقتي بالمصريين قوية لأني كنت من خريجي القاهرة أبناء عبد الناصر . ومن خلال القنوات الدبلوماسية أصبح الأمر اسهل مما كنت أتصور وبعد مشاورات ومباحثات بعثت الجامعة الدول العربية وفدا الي الصومال لتقييم وبشان الجامعة ارسلوا عميد جامعة الخرطوم وعميد جامعة القاهرة، وكتبو تقريرا بتقيم الصومال ومن ضمن التقرير قولهم ” في النهاية لغة الصومال ستنقرض ” كما إنقرضت لغة المصريين .

يقول السفير وبعد أيام مر علي “سيلانيو ” رئيس إدارة صومالي لاند الحالي وكان حينها وزيرا للتخطيط . فقلت له سلم هذا الملف لرئيس الجمهورية . سيلانيو رأى الملف وكأنه ملف خاص بالجامعة فقط فسلمه الي ” عبد الرزاق حاج ابوبكر ” وكان عضو في مجلس الثورة .

قرأ عبد الرزاق التقرير فوجد كلمة “في النهاية لغة الصومال ستنقرض” فوضع تحتها خط عريض وقدم للمجلس وقال يريدون ان يقضو علي لغة الصومال وكان تلك الفترة مشاريع بتدوين اللغة الصومال في وزارته .

وأما ما يتعلق بالمشروع الجامعة، فقد خصصت له الجامعة الدول العربية 30 مليون دولار ، و10 مليون من قذافي، و 10 مليون من السعودية و10 من كويت والإمارات . وكانت ايضا وعود بمساعدات عربية لكل ما تحتاجه الجامعة. وصل خبر مشروع بناء اكبر جامعة في الصومال الي الإتحاد الأروبي فأجهضوا المشروع وأخذت ايطاليا مشروع الجامعة وهي الجامعه المعروفة لديكم في  الصومال .

 لقد ذهبت الي الحج من القاهرة حين علمت بان الرئيس سياد بري سيذهب الي الحج برفقة وفد كبير ومن ضمنهم عمر عرته غالب وإتفقت مع الوزير ان نستفيد تلك الفرصة ولايشكنا أحد فالدولة جاءت للحج ولايعرف العالم نوايانا وكان امين العام للجامعة الدول العربية “محمود رياض” في الحج . وكانت فرصة ثمينة , تحدثت مع الوزير فوافق وبعدها اخبرت الرئيس بمفرده نوايانا وما نخطط له لأن كان برفقته اعضاء المجلس الثورة وبعض المتحمسين للسوفيييتي .

خرجت وكنت انوي الذهاب الي القصر للتحدث مع الملك الفيصل بالقضية ووجدت في الطريق الأمير سلطان بن عبد العزيز  واقف مع شرطة مرور . فقلت له الأمر جلل أريد الملك !!!  فاخذني بسيارته وأدخلني الي الملك الفيصل فاخبرت الموضوع ومشرعنا بإنضمام الصومال الي الجامعة العربية فقام الملك وقال الحمد لله تقبل الله دعائنا حج مبروووورررررر. وقلت له الرئيس سياد بري موجود هنا وأريد ان أتي به . فاعطانا حرسة وموكبة وقال بسرعة قبل ان يتغير الوضع .

 وكان من رئساء الدولة العربية في تلك الحجة جعفر نميري فقط رئيس السودان .  عدنا برفقة الرئيس سياد بري الي القصر قام الملك وقال جح مبرووور وسعي مشكورر .  فقال لنا انا و وزير الخارجية عمر عرته خذو طائرتي الخاصة وتجولوا في العواصم العربية خلال هذا الاسبوع وخذو الموافقة علي مستوي الدائمين فقط حتي نحسم القضية باقرب وقت ممكن.

إنتهينا بجولتنا الاسبوعية وواقفت كل الدول الاعضاء.  وفي القمة وافقت كل الدول ربما الكويت والمغرب قالو الصومال شعبها يتحدث لغة غير العربية فقال “محمود رياض” خلونا ننظر كلمتهم بأي لغة يتحدثون .

قال السفير: كنت أسمع كلماتهم وكنت أفكر باي خطاب سيلقي وزير خارجيتنا .وكيف ستكون خطبته .

قال تقدم وزير الخارجية الصومال الي المنصة وأخد المكرفووووووووون وبدأ بابيات وبأشعار يصف فيها أوضاع العالم العربي والصومال . فإهتزت القاعة بالتصفيق وملأت بالترحيب حتي تعبت أيادينا وبعدها رفعنا العلم الصومالي .

لقد تغير وجه السفير عندما وصل بحديثه الي قصة رفع العلم والخطاب ، حقا لقد غير السفير مجري التاريخ وأثبت الهوية الصومالية.

 السفير كنز في داخلة تاريخ واسرارررررر.

يحيي عبد الرحمن طحلو

يحيي عبد الرحمن طحلو حاصل على: • ماجستیر في العلاقات الدولیة . اكادیمیة السودان للعلوم • ماجستیر في الدراسات السلام والتنمیة (ماجستیر مصغر ) جامعة الخرطوم معھد البحوث والدراسات الإنمائیة 2014م • دبلوم العالي في الدراسات الدبلوماسیة مركز القومي للدرسات الدبلوماسیة التابع لوزارة الخارجیة لجمھوریة السودانیة 2014م • بكلاریوس الشریعة والقانون كلیة الشریعة والدراسات الاسلامیة جامعة افریقیا العالمیة 2011م • دبلوم مھني في العلاقات الدولیة والدراسات الدبلوماسیة . معھد البحوث والدرسات الإنمائیة جامعة الخرطوم 2013م
زر الذهاب إلى الأعلى