ﺍلآﺜﺎﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ والإقتصادية ﻷﺯﻤﺔ ﺍﻟﺠﻔﺎﻑ ﻓﻲ ﻤحافظة سناج

تقع محافظة سناج في شمال الصومال وهي من أكبر أقاليم الصومال مساحة، ويبلغ عدد سكانه أكثر من نصف مليون نسمة حسب إحصائية عام 2014م،(1) ويشكل أكثر من 70% منهم رعاة رحل (2)، ويعتمد اقتصاد الإقليم على الثروة الحيوانية، وبعض محاصيل الزراعية وتحويلات المالية من الخارج.

عرفت محافظة شرق سناج منذ نهاية التسعينات ارتفاعا في حدة ظاهرة الجفاف واتساع مجال انتشارها مما نتج عنه نقص في الموارد المائية و ترتبت عنه مضاعفات بيئية و اقتصادية سلبية ارتفعت وطأتها في أربع السنوات الأخيرة لتصل إلى مستوى كارثي.

وتسببت موجات الجفاف الحالي بحدوث تأثيرات سلبية على قطاعات المياه والزراعة والرعي والغطاء النباتي والثروة الحيوانية، كما انعكس ذلك على النواحي البيئية والاجتماعية والاقتصادية.

و شملت آثار الجفاف معظم نواحي المحافظة خاصة مدينة برن Badhan ونواحيها، وذكر تقرير أعدته جمعية سلام للتنمية (Salaam Development Society) – والتى تتخد مدينة برن مقرا لها وتعمل في مجال الإغاثة والتنمية- أن أخطر المناطق التى ضرب الجفاف سهول عوسني (Cawsane)، ومدينة برن (Badhan) ونواحيها، ومنخفضات جبي (Gebi)، وسهول حديد (Xadeed) وصول، إضافة الى بعض مناطق الجبلية والساحلية التى تقع شرق وشمال المحافظة.

وقال محافط محافطة سناج محمود عيون في حديث له للصحافة: “نواجه بالفعل أزمة انسانية حادة، ونقصا في الغداء والماء بسبب تأخر هطول الامطار والجفاف المستمر في المنطقة لاربع سنوات متلاحقة”.(3)

وفيما يلي بعض الآثار المترتبة على الجفاف:

  1. شح المياه: ذكر المتابعون بأن أهم آثار موجات الجفاف التي تشهدها منطقة سناج في هذه السنوات تتثمل في مجال قطاع المياه حيث أدى النقص الشديد في كميات هطول الأمطار إلى نضوب الماء في بعض الوديان وغور وجفاف بعض العيون المعروفة والأبار التى كانت تستغل لأغراض الشرب، وسقيا المواشي، فيما حدث تلوث في بعض الآبار.

فمن المناطق المتؤثرة في شح المياه مدينة برن (Badhan) والمناطق المجاورة لها، (من عيل طاهر إلى عيرجابو)، فبئربرن التاريخي الذي كان مصدر مياه لأهالي هذه المنطقة أصبح أثرا بعد عين.

و بدأ الناس يشكون إنقطاع المياه في المناطق و القرى التى كانت تستخدم الآبار الإرتوازية كمدينة عرمله (Carmale) و عيلبوه (Ceel-buuh)، و حنجلول (Xingalool)، وهدافتمو (Hadaaftimo)، وطهر (Dhahar) بسبب انخفاض منسوب المياه في العديد من الآبار إضافة إلى حدوث أعطال فنية في مضخات بعض الآخر، كما جفت أغلب الآبار المحفورة يدوياً في منخفضات طوح طير (Dooxa-Dheer)،ونواحي مدينة طملحجري (Damala-Xagare) والتى كانت تعتمد بشكل عام على سقوط مياه الأمطار وجريان الأودية نتيجة للجفاف التي تعرضت له المحافطة،

وفي هذا السياق رحل كثير من رعاة المواشي من أماكنهم إلى مناطق المجاورة وربما إلى أماكن البعيدة هرباً من الجفاف وشح المياه، وعملية الرحيل هذه تكلف مبالغ باهطة وتشكل عبئاً على السكان الغارقين بالديون جراء الجفاف وقلة مصادر الدخل.

وتسبب قلة المياه وضمور بعض الأبار إلى :

  • إنتشار بعض الأوبئة والأمراض الناتجة بتلوث بعض الآبار
  • طهور نزاعات داخلية مرتبطة في سيطرة موارد المياه.
  • انحسار توفر المياه العذبة الصالحة للشرب، وإرتفاع تكلفتها
  • إرتفاع التكلفة المالية: حيث أصبح الناس يعتمدون الشرب وسقيا المواشي بواسطة ناقلات المياه المكلفة جدا، مما انعكس على أحوال الأهالي الاجتماعية والمادية.
  1. هلاك المواشي:-

شح المطر وتأخره تسبب في موجة جفاف لم تشهدها المنطقة منذ سنوات، حيث الكلأ في المراعي بات منعدما بعد أن تحولت السهول والمراعي الى مساحات قاحلة لا حياة فيها للأعشاب التي تقتات عليها المواشي. وحتى الجبال التي كانت تشكل ملاذا لأرباب المواشي اثناء الجفاف تحولت أغلبها الى مناطق جرداء بدورها.

هذه الحالة اثرت على قطعان الاغنام والماعز في معظم المناطق سناج، حيث بات العديد من اصحاب المواشي ينفقون أموالا ضخمة للحفاظ على قطعانهم، بينما أخرون اضطروا لبيع العديد منها، خاصة في ظل ارتفاع اثمنة الماء وغياب دعم منتظم من طرف الجهات المعنية.

وفي حديث له للصحافة في وقت سابق أكد محافظ إقليم سناج محمد إسماعيل عيون نفوق ثلث المواشي في إقليم سناج جراء الجفاف الذي ضرب مناطق في ولاية بونتلاند. والباقي مهدد بنفوق والأمراض.

ويشتكي كثير من الأهالي الذي يسكنون المنخفضات السهلية الواقعة بين رد و هبر هنبلي (RAD- HABAR-HUNBULE)) إلى جفاف المراعي وتصحر السهول إضافة  إلى ظهور بعض الأمراض التي تصيب الأغنام والمواشي بشكل عام.

ويشار إلى أن الرعاة الرحل الذين يعتمدون بشكل كامل على الرعى في كسب رزقها هى أكثر الأسر التي تأثرت بالجفاف.

  1. المجاعة: يواجه كثير من الأسر فقرا مدقعا بسبب هلاك ماشيتهم التى كانت تمثل مصدر الدخل الرئيسي، وبما أنهم لا يمتلكون أي مصادر بديلة للحصول على الطعام فأغلبهم مهدد بمجاعة. وسبب الجفاف أيضا في زيادة انعدام الأمن الغذائي والفقر خاصةً في البادية والمناطق الريفية التي يعتمد معظم سكانها على المواشي لتوفير لقمة العيش، وارتفعت أسعار الأطعمة المحلية في أسواق المدن مثل اللحم والألبان وأصبح عرضها غير كافية لتلبية حاجات السكان الغذائية.
  2. النزوح: ومن الآثار الإجتماعية لهذا الجفاف نزوح وترك أعداد كبيرة من الرعاة بيوتهم في المناطق البادية بسسب هلاك مواشيهم، وإندفعوا أفواجًا نحو القرى مثل رد (RAD)، وهبرشرو (Habarshiro) ….. وآخرون إتجهوا نحو المدن مثل برن (Badhan) وحنجلول، وطهر بحيث سكنوا في بيوت أقاربهم وقلة منهم بنوا أكواخا في أطراف بعض المدن والقرى.

وخلق نزوح هذه الاعداد مشاكلا إقتصادية وإجتماعية، على سبيل مثال لا الحصر، أنهم يشكلون عبأ على الاسر المضيفة، وأصبحوا عاملا مساعدا في تدهور الظروف المعيشية في المناطق الحضرية.

  1. الصحة

من المعروف أن المياه من أهم العناصر الحيوية التي تضمن صحة الإنسان الأساسية، إذ ترتبط نوعية وكمية المياه المتوفرة ارتباطاً وثيقاً ببقاء الإنسان، لذا يؤثر الجفاف على صحة الإنسان بشتى الطرق.

ووفقاً لبيانات من مستشفى العام لمدينة برن، فقد تم تسجيل هذا العام عدد من المرضى الذين يعانون من سوء التغذية والأمراض المرتبطة بها من فقر الدم وغيرها، وتزداد معدلات سوء التغذية بين الأطفال بشكل ملحوط.  وتوصف مستويات سوء التغذية في القرى الريفية بالخطيرة بسب نقص الغداء والماء .

  1. التعليم:

تعد ظاهرة التسرب المدرسي من أصعب المشاكل التي تعاني منها القطاع التعليم في المنطقة وخاصة في القرى والأرياف التى تواجه الجفاف والقحط، فقد تسرب في هذا العام عدد كثير من تلاميذ من المدارس في قرى التابع لمدينة برن لأسباب متنوعة ترتبط بالجفاف، وكان الكثير من هؤلاء التلاميذ رعاة اضطروا للرحيل مع قطعانهم بحثاً عن مراعي أفضل، بينما الآخرون أضروا بترك الدراسة عندما لم يستطيع ذويهم بدفع التكاليف والمصروفات المدرسية.

وتشير هذه الإحصائية التى أعددته جمعية سلام للتنمية في بعض القرى التابعة لمدينة برن بأن نسبة طلاب مسربين هذا العام كثيرة، وخاصة في القرى والأرياف بسبب الجفاف والقحط. (6)

إسم القرية إسم المدرسة نسبة تلاميذ المسربين  %
لاكو (Laako) مدرسة لاكو الإساسية % 13
رد (Rad) مدرسة رد الأساسية %21
مديجلي  (Midigale) مدرسة مديجلي الأساسية %15
عوسني (Cawasane) مدرسة عوسني الأساسية % 21

 

ويعزي التقرير أن أغلب أسباب ارتفاع طاهرة التسرب بتلك المدارس مرتبطة بالجفاف وما ترتب عنه من آثار.

وعموماً فإن آثار الجفاف السلبية ومضاعفاته تتفاقم يوما بعد يوم ويهدد التقدم الاقتصادى والاجتماعى للمحافظة ما لم يوجد حلا إستراتيجيا لتخفيفه.

 

محمد سعيد فارح

مدير مركز النجوم للتديب والبحوث في سناج
زر الذهاب إلى الأعلى