ماذا تنتظر الصومال من مصر في صراعها مع إثيوبيا؟

إن مصر بلد قوي ومحوري يتمتع بنفوذ وتأثير كبير في الشرق الأوسط وفي إفريقيا، وأن المصالح المصرية في افريقيا عموما ومنطقة القرن الإفريقي على وجه الخصوص تمثل اهتماما مصيريا ، حيث يشكل نهر النيل، الذي ينبع من إثيوبيا شريان الحياة والاستقرار في مصر،   وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقصر مصر بحقها في الدفاع عن مصالحها في إفريقيا ولا سيما في القرن الإفريقي  وأن تقبل المساس بأمن واستقرار  منطقة القرن الإفريقي التي تشهد اليوم تغيرات استراتيجية تهدف إلى تدمير كيان الصومال وإخراجه عن الساحة كي تنفرد إثيوبيا في تقرير مصير الشعوب في المنطقة والتحكم بمصالح الدول الاقليمية والدولية بما فيها جمهورية مصر العربية وذلك عبر تقسيم الصومال إلى دويلات ضعيفة والاستيلاء  على الساحل  الجنوبي للبحر الأحمر .

 اليوم، بدأت إثيوبيا بخطوات جادة لتحقيق ذلك عندما أبرمت مذكرة تفاهم مع اقليم أرض الصومال الانفصالي للحصول على نافذة بحرية على ساحل خليج عدن مقابل أن تعترف أديس أبابا رسميا بأرض الصومال جمهورية مستقلة. إثيوبيا طمعها لا يقتصر على ايجاد منفذ بحري تجاري ينهي عزلتها كدولة حبيسة وإنما الأمر أكبر من ذلك بكثير وأن الهدف الإثيوبي جزء من مخطط تحاك من قبل قوى إقليمية ودولية تستهدف الدول المؤثرة في الشرق الأوسط وتضييق الخناق عليها ومحاصرتها من البحر والبر وأن ما تقوم به إثيوبيا حاليا جزء مما يدور اليوم في الشرق الأوسط وبالتالي  فاذا تمكنت إثيوبيا من الحصول على ساحل بحري فإن حلقة المؤامرة تبدو شبه مكتملة وأن القوات البحرية الإثيوبية ستنتشر في البحر الأحمر وستكون الآمرة والناهية في مضيق باب المندب وأن قواعد الأسطول البحرية الإسرائيلية ستنتشر أيضا في ساحل خليج عدن.

إن الصومال ما هي الا الخط الأمامي للدفاع عن هذه الدول العربية المؤثرة وفي مقدمها مصر ، وحماية مصالحها، وفي حال لم يتم الوقوف إلى جانب الصومال بصورة جادة وحقيقية في صراعها المصيري ضد إثيوبيا فان جدار الصومال سيسقط وأن جدران أخرى ستسقط لا محالة.

ما تحتاجه الصومال اليوم ليس كلاما منمقا،  ولا خطابات دبلوماسية معتادة وان ما تجتاجها تنحصر في ثلاثة أمور:

  1. ابرام اتفاقية دفاع مشترك مع جمهورية مصر العربية  بمقتضاها تحصل الأخيرة على قواعد عسكرية في الصومال
  2. المساهمة بقوة في إعادة بناء القوات الصومالية وتوفير ما يحتاجه من عتاد وتسليح وتدريب  ودعم الجيش الصومالي في حربه ضد المجموعات الارهابية المسلحة
  3. أن تلعب مصر دورا كبيرة في اقناع الدول العربية والغنية في دعم الاقتصاد الصومالي وإعادة بنائه والاستثمار في القطاعات الحيوية بالصومال

يجب على الدول العربية أن تستوعب هذه الحقيقة، فإذا لم يتحقق الأمور الثلاثة خلال السنوات الخمسة المقبلة فإن الصومال في خطر داهم، ولكن الخطر لا يداهم وحدها ؛ لأن الهدف الأسمى لإثيوبيا ومن وراءها ليس شبه الجزيرة الصومالية وانما عيونها على شبيه الجزيرة العربية والشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى