يوسف جمعالي… كبش فداء لفشل وزير الأمن الداخلي

ارتكبت الحكومة خطأ كبيرا عندما اتخذت قرارا بتسليم الملف الأمني للعاصمة مقديشو إلي إدارة  محافظة بنادر. فالقرار سيكون له تداعيات وخيمة، وانعكاسات خطيرة على أداء الإدارة، وتنفيذ واجباتها ازاء اعادة اعمار مدينة مقديشو، وتحسين الظروف المعيشية لسكانها البالغ عددهم إلي أكثر من مليوني شخص .

إن قرار تسليم الملف الأمني لإدارة محافظة بنادر قرار متسرع وغير مبرر، ويبدو أنه جاء في حالة عضب، ولم يخضع لدراسة متانية؛ لأنه لم يكن أمرا متوقعا على الأقل في ظل هذه المرحلة الإنتقالية التي يمر بها البلاد والتي يتوقع أن تشهده انتخابات برلمانية ورئاسية ،أن تتخذ الحكومة مثل هذا القرار الذي يوحي بأنه تهرب من المسئئولية. كان الجميع ينتظر بعد الهجمات حركة الشباب الأخيرة بالقيام بمحاسبة المسؤولين الأمنيين واجراء تعديلات شاملة على الخطط الأمنية، وظروف عمل المؤسسات الأمنية  والعاملين فيها، واتخاذ خطوات ملموسة لتطوير تلك المؤسسات، ورفع كفاءة أفراد العاملين فيها ليتسنى لهم  القيام بواجباتهم بأكمل وجه.

لم يكن أحد ينتظر أن تكون أبرز نتائج  مؤتمر مجلس الوزراء الاستثنائي والذي ترأسها الرئيس حسن شيخ محمود، واللقاءات المطولة التي أجراها البرلمان مع الوزراء الأمنيين والقيادات الأمنية، نقل ملف أمن العاصمة مقديشو إلي إدارة محافظة بنادر المنهمكة في إعادة بناء البنى التحية للمدينة، وتطوير مرافقها الخدماتية؛ لأن  القرار الحكومي يعرقل جهود محافطة بنادر والتي قد تلعب دورا كبيرا في رفع مستوى وعي المجتمع، وتغير رؤيته ازاء الحكومة في مقديشو والتي يراها كثيرون بأنها فشلت في تلبية احتاجات الشعب، وتحقيق واحد من أهم مطالبهم ، الأمن الغذائي.

في الحقيقة اضاعت الحكومة وقتا وجهدا لا يقدر بثمن في محاربة الجماعات المسلحة عسكريا في  وقت كان ينبغي أن يواجه مثل هذه التحديات بأسلوب غير تقليدي لا يعالج الأعراض، بل يعطي الأولوية لمعالجة لب المشكلة والتي نراها بأنها الفقر والجوع وانسداد الأفق السياسي.

يجب الا يشتت جهود محافظ بنادر الحالي الشيخ يوسف جمعالي، ويثقل كاله بسلطات ومسؤوليات واختصاصات لا يقدر في هذه المرحلة الحساسة إداءها بالوجه المطلوب نظرا لحديث عهده في المسؤولية، وضعف الامكانيات الاقتصادية، واللوجستية،  والموارد البشرية المتوفرة لدى الإدارة وأن المثل العربي يقول  مد رجليك على قد الحافك. ينبغي دعم إدارة محافظة بنادر بما تحتاج اليها من أموال وخبرات لكي تتمكن من تنفيذ الخطة التنموية العملاقة التي أعلنتها منتصف الشهر الماضي  والتي تكزت على إعادة بناء شبكات الطرق المدمرة وتطوير القطاعات الانتاجية في المدينة  وتنمية القطاع الجمركي للمحافظة.

والسؤال المنطقي، لماذ يريد البعض أن تكون محافظة بنادر كبش فداء ويحمل فوق طاقتها ، في مهمة عجزت عنها الحكومة المركزية شيبها وشبابها، فمهام الإدارة  لا تتجاوز، تخطيط البلدية والشوارع، وبناء المرافق الخدمية مثل الاسواق وشبكات الصرف الصحي والمنتزهات ومراكز المطافئ ، ومنح رخص البناء ومراقبة انشائه وتنظيم وسائط النقل البري ووسائله في المدينة ومراقبة أعمال المحالات التجارية و النظافة  والرقابة الصحية وتنظيم الإعلانات، وترخيص اللوحات والاعلانات ومراقبة الدواب المستخدمة في النقل والجر وتنظيم اسواق بيع الحيوانات والمواشي وحظر بيعها خارج هذه الاسواق وتجميع الضرائب من الشعب واستخدام دخلها في تنفيذ المشاريع التنموية  وغيرها من الاختصاصات المتعلق في تنمية الخدمات الاجتماعية .

ولهذا ليس من المنطق ولا من الحكمة السياسية أن تكلف المحافظ بملف يعتبر واحد من أصعب الملفات لدى الحكومة ويطلب منه ماعجزت عنه الوزارات والهيئات ذات الاختصاص.

 

د/عبدالوهاب على مؤمن

باحث متخصص في علم الاجتماع info@Mogadishucenter.com
زر الذهاب إلى الأعلى