كيف تعاملت بونت لاند مع حادثي جرعد وجرمال؟

عكست طريقة التعاطي مع حادثة سيطرة مقاتلي حركة الشباب الاثنين الماضي على منطقة جرعد من محافظة مذج من ولاية بونت لاند ومن بعدها على جرمال من محافظة نوغال في عمق إقليم بونت لاند تخبّطاً وارتجالية من قبل إدارة بونت لاند في اتخاذ المواقف والتعامل مع الأزمة.

فالتحرّك الحرّ والانتشار في المناطق الساحلية الذي قد لا يتوقف في جرعد وجرمال بل يمكن أن يمتدّ إلى مدن كبرى كبوصاصو، لا شكّ في أنّه استفزاز لبونت لاند من قبل حركة الشباب باستباحة أراضيها وزعزعة أمنها ويتطلب ردّا حازماً وقرارا حاسما.

إلاّ أنّ مواقف بونت لاند على مستوى الإدارة أظهرت قدراً غير قليل من التخبط والارتجالية. وقبل ذلك فشلا استخباراتيًّا أمنيا وحالة ارتخاء عسكري.

فاتهام وزير أمن بونت لاند الحكومة الفيدرالية بالوقوف وراء دخول المقاتلين من حركة الشباب إلى إقليم بونت لاند جاء خارج سياق العلاقة بين بونت لاند والحكومة الفيدرالية والعلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحركة الشباب ودون حساب الإضافة التي سيشكلها مثل هذا الاتهام في استراتيجية مواجهة تمدد الحركة في بونت لاند ووقف تقدّمها في مناطقها. مما يدل على مدى ما يطبع هذا التصريح من ارتجالية وذاتية يصعب فهمها بمعزل عن الرؤية التقسيمية الساذجة والمستقرّة في أذهان عوامّ مجتمع بونت لاند القائمة على أنّ الحكومة الفيدرالية وحركة الشباب رغم ما بينهما من التنافر والاقتتال إلاّ أنهما في النهاية كيانان جنوبيان قد تلتقي مصالحهما عندما يتعلق الأمر ببونت لاند التي هي وفق هذه الرؤية كيان أجنبيّ عنهما. وهي رؤية غير واقعية تفتقر إلى أبسط مقومات الصحة والمنطق.

وفيما كانت وسائل الإعلام تتناقل على مدى أيام أنباء تحركات مسلحين من حركة الشباب في سواحل عيل طيري وحرر طيري وهوبيو القريبة من ساحل جرعد، لم تصدر استخبارات بونت لاند تحذيراً من مثل هذا التحرك الخطير قبل حدوثه، مما يدلّ على قصور استخباراتي في أجهزة أمن بونت لاند بحيث أنها عجزت عن رصد هذه التحركات والتوفر على معلومات متعلقة بهذا الهجوم مسبقا.

ومع طول المسافة بين جرعد وجرمال وأهمّية هاتين المنطقتين واستمرار هذه التنقلات لأكثر من يومين فإنّه لم تسجل أية مواجهة عسكرية مع حركة الشباب التي انسحبت أمامها حاميات المناطق التي تمّ اجتياحها. ولا تزال الأنباء تتحدّث فقط حتى الآن عن استعدادات وتحضيرات على مستوى حكومة بونت لاند للتصدي لمقاتلي الحركة الذين هاجموا المنطقة. مما يدلّ على حالة استرخاء عسكري في هذه المناطق نتيجة سوء تقدير وضعها كجبهة اتضح أنها معرضة لتهديد من هذا الحجم مما أدّى إلى تركها مكشوفة.

كما لا يخلو الأمر من أنّ تأخير المواجهة العسكريّة مقصود من جانب بونت لاند تفادياً لخسائرها خاصة وأنّ بونت لاند مشغولة الآن في عهد الرئيس عبد الولي بالشؤون التنموية، وغير متحمسة لتكرار مرارة المواجهات مع مقاتلي هذه الحركة في جبال جلجلا بمحافظة سناج حيث خاضت بونت لاند واحدة من أطول مواجهاتها وأكثرها خسائر مع أنصار الحركة. وتفضل الآن صوملة المواجهة وجعلها على مستوى الحكومة الفيدرالية والقوات الإفريقية التي تدعمها.

زر الذهاب إلى الأعلى