دلالات الهجوم الأمريكي المباشر على قواعد ” الشباب”

مركز مقديشو للبحوث : أثار الهجوم الأمريكي الأخير ( السبت 05/03/2016)على قاعدة تدريب لحركة الشباب في موقع اسمه راسو على بعد 120 شمال مقديشو، وعلى مركز آخر للحركة في قرية أو ديغلي في منطقة شبيلى السفلى تساؤلات عن مغزى الهجوم الأمريكي المباشر الذي اعتمد على إنزال وحدات مقاتلة أمريكية، وبالتنسيق مع قوات لصومالية. وفي البداية تجدر الإشارة إلى عدة أمور:

 أن الهجمات الأمريكية على حركة الشباب استمرت خلال العشر سنوات الماضية، ولكنها اقتصرت على استهداف القياديين عن طريق إطلاق صواريخ من طائرات بدون طيار ” درون” ولكن الخطوة الجديدة كشفت عن حدوث تغيير في السياسة الأمريكية حيث تهدف إلى ضرب تجمعات “الشباب” ومراكز تدريبها لإحداث أكبر قدر من الخسائر الممكنة .

وتعتزم واشنطن في خطوتها الأخيرة إشعار الحكومة الصومالية بالمساندة الأمنية درءا لخطر الشباب بعد أن حققت في الآونة الأخيرة نجاحات في إلحاق خسائر للقوات الإفريقية، علما بأن الخبراء العسكريين الأمريكيين ظلوا يعملون سرا في الصومال منذ حوالي 2007 حسبما أعلن مسئول أمريكي عام 2014م.

وتساند وحدات العلميات الخاصة الأمريكية التي يصل تعداد أفراد 50 جنديا بعثة أميصوم.

ويقول خبراء أجانب إن على المجتمع الدولي مساندة الحكومة الصومالية لتتغلب على مشكلة الجماعات الإسلامية المقاتلة.

وبالنسبة للتوقيت فإن الخطوة الأمريكية جاءت في وقت تعاني القوات الأفريقية التي حاربت بالوكالة عن أوربا وأمريكا ضعفا شديدا بعد أن تلقت هجمات موجعة خلال الأشهر القليلة الماضية ، وقد استعادت حركة الشباب العديد من المدن بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي خارج العاصمة ومن ثم تشعر البعثة الإفريقية بالفشل إزاء تحقيق أي نجاح ملموس في مضمار إضعاف قوة الحركة والحد من نشاطها.

ومن جهة أخرى فإن الغارتين الأخيرتين اللتين أعلنت عنها وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاجون) بمثابة رسالة قوية إلى الحركة بأن الولايات المتحدة تخصص أجهزة مراقبة شديدة لتحركات قوات الحركة ووحداتها أثناء التدريبات أو في طريقها لشن الهجمات وبالتالي فإن عليها أن تحسب ألف حساب لشن غارات بقوات كثيفة على ثكنات قوات البعثة الإفريقية، كما أن لأمريكا شبكات تجسس ومصادر تمدها بالأخبار من داخل جنود الحركة.

وأخيرا فإن التحرك الأمريكي الأخير يأتي في ظل سيطرة مخاوف جدية على قادة الدول المساهمة بقوات في بعثة أميصوم بعد الهجمات المتكررة على القوات الإفريقية مما خلق الرعب في البعثة الإفريقية بل إن ثمة مخاوف جدية من تخطيط الحركة لهجمات أخرى ذات تأثير كبير في الدول الإفريقية المساهمة بقوات في بعثة أميصوم بالصومال .

البتناغون: هاجمنا قاعدتين للشباب  

وأعلنت واشنطن أنها شنت غارات جوية على قاعدتين إحداهما في قرية أوديغلى Awdheegle بمحافظة شبللى السلفى على بعد 50 كم جنوب العاصمة مقديشو، كما تم شن غارات جوية باستخدام الطائرات الحربية، والطائرات بدون طيار على قاعدة راسو Raso وهي قاعدة تدريب للحركة على بعد 120كم شمال العاصمة مما أسفر عن مقتل أكثر من 150 من المقاتلين الاسلاميين. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية( البنتاغون) Jeff Davis إن المقاتلين كانوا في حفل تخرج وفي طريقهم لشن هجوم وشيك ضد قواعد القوات الأمريكية وحلفائهم في شرق إفريقيا. وأضاف إن الولايات المتحدة كانت تراقب المعسكر منذ أسبوعين. وتطلق طائرات تجسس بدون طيار من قاعدة شابيللى Chabelley قرب العاصمة جيبوتي.

وقد أكد الجنرال علي باشا محمد عمر مسؤول صومالي رفيع المستوى لإذاعة صوت أمريكا أن القوات الخاصة الصومالية والقوات الخاصة الأمريكية قامت بالاشتراك هجوما على قاعدة حركة الشباب في مدينة أوطيغلي. وأضاف أن، شخصيات بارزة من حركة الشباب قتلوا في العملية.

أبو مصعب : دعاية أمريكية

ومن جانبها قالت حركة الشباب إنها صدت هجوما على إحدى قواعدها في جنوب الصومال في وقت مبكر من يوم الأربعاء الماضي ووصف المتحدث باسم العمليات لحركة الشباب الشيخ عبد العزيز أبو مصعب في حديث لوكالة رويترز العدد المبالغ فيه بأنه ” دعاية أمريكية” وأضاف بأن حركة الشباب لديها خبرة كافية لمنع حشد جمع كبير من قواتها في مكان واحد.

وفي وصف طريقة تنفيذ العملية الأمريكية أشار عبد العزيز إلى أن القوات الخاصة الأجنبية على طائرتي هليكوبتر دون تحديد جنسية الجنود المهاجمين ،وقد تم الهجوم بحلول الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في منطقة أوديغلي في منطقة شبيلى السفلى على بعد 50 كيلومترا (30 ميلا) إلى الجنوب من العاصمة مقديشو .

وقال كانوا ملثمين ويتكلمون بلغات أجنبية وقد أحبط الهجوم أن نحدد هوية المهاجمين وجنسياتهم.

هذا، وقد أعلن مسؤولون أمريكيون وصوماليون يوم الاثنين الماضي أن خمسة من قادة حركة الشباب قتلوا في هجوم السبت، من بينهم محمد مرى محافظ إقليم هيران للحركة ، ويوسف علي أوغاس رئيس هيران السابق الشباب، ولكن ظهورمحمد علي مرى علنا في قرية بوقاقبلي Buqa-qabe  مثل مفاجأة بعد الإعلان عن مقتل القائد، ورفض مرى الدعوى الأمريكية ووصفها بأنها أكاذيب ودعاية أثناء حديث له إلى حشد من الناس تجمعوا لمشاهدة إعدام رجل قالت الجماعة إنه جندي في الحكومة الصومالية.

 مخاوف من انتشار الجماعات المناهضة لهيمنة أمريكا

وأيضا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تهدف من تصعيدها الحالي مكافحة انتشار الدولة الإسلامية، وتطويقها في بلدان الأطراف مثل نيجيريا وشرق إفريقيا، وقد أثار وصول الدولة الإسلامية في ليبيا مخاوف من أن يمتد وجود المجموعة إلى دول شمال أفريقيا وشرق القارة ، وتسعى أمريكا للحيلولة دون ذلك ، وتقوم  القوات الأمريكية الآن مكافحة تنظيم القاعدة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، كما تحارب بوكو حرام في نيجيريا والكاميرون وتشاد، وحركة الشباب في الصومال وكينيا، أي أن الحرب أصبحت متعددة الجبهات ضد المقاتلين الإسلامين الذين يشكلون تهديدا لهيمنتها ولحلفائها.

وتنشر الولايات المتحدة عددا صغيرا من المدربين والمستشارين مع الاتحاد الأفريقي – الكيني في المقام الأول – القوات في الصومال. وقال مسؤولو وزارة الدفاع أن المهمة العسكرية للاتحاد الأفريقي في الصومال مثال جيد للعمل مع شركاء محليين لتعزيز الأمن

وقال أرنست سكرتير في البيت الأبيض ” إن التحرك الجديد يحد من قدرة الشباب على تحقيق أهدافها في الصومال، بما في ذلك تجنيد أعضاء جدد، ووضع قواعد والتخطيط لهجمات على الولايات المتحدة،”

وأصر أرنست على أن الغارات الجوية التي تنفذها طائرات أمريكية تعطي أولوية شديدة لتجنب سقو ضحايا مدنيين لأسباب أخلاقية قائلا: ” إن المنظمات المتطرفة مثل الشباب تستخدم مقتل المدنيين الأبرياء لتجنيد أعضاء إضافيين وإثارة مشاعر معادية لولايات المتحدة “.

مستشارة أوباما: سنلتزم بالشفافية في الإعلان عن ضحايا هجماتنا

وادعى البيت الأبض أن الغارة الجديدة هي الأهم من نوعها منذ سبتمبر عام 2014، عندما قتل زعيم الجماعة أحمد عبدي جوداني إثر غارة طائرة بدون طيار أمريكية الذين كان يعتبر أحد أكثر المطلوبين في أفريقيا.

وقد جاء إعلان وزارة الدفاع الأمريكية للهجوم في الصومال تنفيذ لوعد إدارة أوباما التي أعلنت أنها تخطط في المستقبل لتكون أكثر شفافية حول عدد من الإصابات الناجمة عن استخدام الضربات لمكافحة الإرهاب في مناطق الحرب في الخارج .وقالت ليزا موناكو، مستشار مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي للرئيس أوباما إنه سيتم الافراج عن تقرير “في الأسابيع المقبلة” على عدد من الإصابات الناجمة عن الغارات منذ تولى أوباما منصبه- حسب صحيحفة نيو يورك تايمس، الإثنين الماضي(07/مارس)

المصدر: مركز مقديشو للبحوث

زر الذهاب إلى الأعلى