حوار مطول مع الأستاذ عصام حسين الجامع المندوب الدائم لجمهورية الصومال الفيدرالية لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(ALECSO) والمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة(ISESCO) والأمين العام للجنة الوطنية الصومالية للتربية والثقافة والعلوم.

أجرى مركز مقديشو حوارا مطولا مع الأستاذ عصام حسين الجامع المندوب الدائم لجمهورية الصومال الفيدرالية لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ALECSO) و المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ISESCO) والأمين العام للجنة الوطنية الصومالية للتربية والثقافة والعلوم، تناول  مؤتمر المانحين الذي تستضفيه دولة الكويت الشقيقة نهاية العام الحالي لدعم قطاع التعليم في الصومال.

وشرح الأستاذ عصام الجامع خلال الحوار المراحل والمحطات التي مرت فكرة ومبادرة المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي لدعم القطاع التعليمي في الصومال، والجهود التي تبذله الحكومةالصومالية، والفريق الفني المتخصص المسؤول عن المهام الفنية المتعلقة بمؤتمر المانحين لانجاح هذا المؤتمر والذي يشرفه المندوب.

كما تطرق الأستاذ جامع المندوب الدائم للصومال لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ALECSO) و المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ISESCO) والأمين العام للجنة الوطنية الصومالية للتربية والثقافة والعلوم في حواره إلي البرامج والمشروعات التنموية التي سيتم طرحها في المؤتمر، وكيف سيتم توزيعها على كافة الأقاليم والمناطق الصومالية بالإضافة إلي مجموعة من القضايا تتعلق بتطوير القطاع التعليمي في البلاد.

واليكم نص الحوار كاملا:

 مركز مقديشو: سعادة الأستاذ الفاضل عصام الجامع  نشكركم  أولا على قبولكم لهذه المقابلة الحصرية مع مركز مقديشو. منذ ان كلفتم بتولى منصب الأمين العام للجنة الوطنية الصومالية للتربية والثقافة ومندوب الصومال لدى ألكسو وايسيسكو منذ عام 2012م ،  بذلتم جهدا كبيرا في المساهمة بتطوير قطاعات التعليم والعلوم والثقافة والعلوم في الصومال، حيث نظمت اللجنة الوطنية الصومالية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لوزارة التربية والثقافة والتعليم العالي في الحكومة الفيدرالية الصومالية مؤتمرات وورش تعلمية عديدة لتطوير قطاع التعليم والبحث العلمي والثقافة والتراث في الصومال، والتي تركت بصمة واضحة في الوعي الفكري والثقافي لدى الكوادر العاملة في قطاع يالتعليم والثقافة، كيف ترون تلك الانجازات؟

الأستاذ عصام الجامع: في البداية أود أن أشكر  مركز مقديشو للبحوث والدراسات  على إجراء هذه المقابلة ، كما أود أن أنتهز هذه الفرصة لكي أعبر أن تقديري البالغ للمركز والقائمين عليه الذين استطاعوا أن يشاركوا بفعالية في جهود تعزيز المكون العربي والإسلامي في الهوية الوطنية الصومالية رغم الامكانيات المحدودة وفي فترة قصيرة جدا. أما فيما يتعلق بتساؤلكم، أود الإشارة إلى أنه ومنذ الوهلة الأولى من تكليفي بهذه المهمة من قبل وزير التربية والتعليم السابق الدكتور أحمد عيديد في ما يو 2012 ، أدركت أنني امام تحدي كبير جدا يتطلب مني العمل بطريقة مختلفة. لذا قمت في البداية بطلب ترتيب زيارة رسمية إلى كل من منظمة الألكسو في تونس ومنظمة الايسيسكو في الرباط للوقوف عن قرب على امكانيات وقدرات كلا المنظمتين في المساهمة في تطوير قطاعات التربية والثقافة والعلوم في الصومال. وبعد انتهائي من القيام بهاتين الزيارتين ولقاء المسئولين فيها ، قمت بوضع خطة عمل ترتكز على محورين هما الأنشطة والمشروعات المطلوبة دعمها مباشرة من قبل منظمتي الألكسو والايسيسكو ، والأنشطة والبرامج والمشروعات المطلوب دعمها من خارج هاتين المنظمتين وموجه للدول العربية والاسلامية الأعضاء في هاتين المنظمتين. ومن هنا قمنا بالعديد من المؤتمرات ووورش العمل والأنشطة الثقافية في داخل العاصمة الصومالية مقديشو وخارج الصومال في بعض الدول العربية، على سبيل المثال لا الحصر الدورة التدربية الوطنية لمدراء المدارس، والدورة التدربية للتخطيط الاستراتيجي للعاملين في المجال التربوي، والمؤتمر العلمي الوطني الأول للنهوض بالبحث العلمي في الصومال  ، والمؤتمر العلمي بعنوان الحوار أسلوب حياة نحو  تأصيل ثقافة الحوار الوطني وتجذير خيار الوحدة الوطنية، والدورة التدريبية للشباب بعنوان نحو بناء مجتمع حديث في الصومال والمهرجان الثقافي الصومالي في دولة الكويت بعنوان: التراث الثقافي الصومالي ما بين الاصالة والتحولات. وهنا أود أن انتهز هذه الفرصة لشكر لكل من ساهم في دعم جهود اللجنة الوطنية الصومالية وفي مقدمتهم الدكتور غانم النجار والأخ الفاضل الأستاد عبدالقادر علي ورسمه والأستاذ اسماعيل يوسف عثمان المدير العام لقطاع الثقافة والتعليم العالي في وزارة التربية والثقافة والتعليم العالي ومعالي المدير العام لألكسو الدكتور عبدالله محارب ومعالي المدير العام المساعد الدكتور محمد القدسي وكافة مدراء إدارات الألكسو الذين تعاونوا معنا لتنفيذ انشطة متنوعة بعد انقطاع دام 21 عاماً.

ومن ناحية أخرى ، فقد قمنا من خلال الوفد الوزاري الصومالي الذي كانت تترأسه وزير ة التنمية والخدمات الاجتماعية الدكتورة مريم قاسم بتقديم طلب رسمي لوزراء التربية العرب في المؤتمر العام لألكسو الذي عقد ديسمبر 2012 م مفاده طلب تأسيس صندوق عربي لدعم مشروعات البنية الأساسية في قطاعات التربية والثقافة والعلوم لإدراكنا بأن الأجهزة التربوية والثقافية والعلمية في الصومال تحتاج بصورة ملحة لمشروعات بنية أساسية وتتعدى مشروعات بناء وتطوير القدرات الوطنية. وبالفعل  تم التجاوب مع طلبنا بتحديد مجموعة من الخطوات الواجب تنفيذها لكي يتسنى لنا الحصول على دعم من أشقائنا العرب وفي مقدمتها تشكيل لجنة خبراء عرب لتقييم الأوضاع التربوية والثقافية والعلمية في الصومال واعداد تقرير مفصل متضمن للمشروعات التنموية المقترحة ومن وضع تصور تنفيذي. وهنا تم ذلك بتشكيل لجنة عربية برئاسة الخبير الدولي البروفيسور غانم النجار (المبعوث السابق لأمين العام للأمم التحدة في الصومال) وبعضوية البروفيسور عبدالرحيم علي مدير مركز خرطوم لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها (ورئيس مجلس الشورى السوادني السابق) وعضويتي، وتم انجاز كافة المتطلبات وتقديم كافة الوثائق المطلوبة خلال عام 2013 م. Inline afbeelding 1

الاجتماع الوزاري في ديسمبر 2012 م – تونس

Inline afbeelding 2

أثناء المؤتمر الصحفي المتعلق بورشة العمل الوطنية حول البحث العلمي  – مايو 2014 مقديشو

Inline afbeelding 3

المشارركين في ورشة العمل الوطنية حول البحث العلمي – مايو  2014 مقديشو

Inline afbeelding 4

أثناء تسليم الشهادات التقديرية للمشاركين في الدورة التدريبة للتخطيط الاستراتيجي – 2013 مقديشو

Inline afbeelding 5

أثناء حفل افتتاح المؤتمر العلمي الوطني الأول بعنوان: الحوار أسلوب حياة نحو تأصيل ثقافة الحوار الوطنية وتأصيل خيار الوحدة الوطنية – اكتوبر 2014  مقديشو

Inline afbeelding 6

الندوة العلمية بعنوان: علاقة التنمية والاستثمار بتعزيز الاستقرار في الصومال    نوفمبر 2013  دولة الكويت

Inline afbeelding 7

المعرض الثقافي الصومالي في دولة الكويت –  2015

Inline afbeelding 9Inline afbeelding 10

المهرجان الثقافي الصومالي في دولة الكويت – 2015

مركز مقديشو : ستستضيف دولة الكويت، قبل نهاية العام الجاري 2016 م مؤتمرا للمانحين حول دعم قطاع التعليم في الصومال بالتنسيق مع المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (ألكسو) ونظيرتها الاسلامية (إيسيسكو)، إذا هل بالامكان ان تعطينا فكرة عن كيف جاءت مبادرة المؤتمر  وما هي أهدافه ومدى أهميته للصومال والصوماليين ؟

  الأستاذ عصام الجامع:  في البداية أود أن اشير بشكل واضح أنه من دواعي سرورنا وفخرنا أن تكون هذه المبادرة مبادرة صومالية ونابعة منا ومن رؤيتنا الواضحة لاحتياجاتنا وسبل تلبيتها، كما نفتخر وبشدة أنها مبادرة باحتضان عربي واسلامي متمثل بمنظمتي الألكسو والايسيسكو.  نعم أخي الفاضل فقد تقدمت بفكرة هذه المبادرة النوعية منذ ادراكي لحاجتنا الماسة في تلقي دعم من خارج موازنة منظمتي الألكسو والايسيسكو المنصبة في مجملها نحو مشروعات وأنشطة لبناء وتطوير القدرات في الدول الأعضاء. حيث بدأت الفكرة بإنشاء صندوق لدعم مشروعات البنية الأساسية لقطاعات التربية والثقافة والعلوم في عام 2012 م وتطورت بعدها لتصبح مؤتمر للمانحين لدعم قطاع التعليم في الصومال. وهنا أود أن أشكر كل من الأخ الكبير والفاضل البروفيسور غانم النجار الذي عملنا منذ الوهلة وما زلنا نعمل لتطوير  وتنظيم كافة الجوانب المتعلقة بهذه المبادرة النوعية. كما أود أن أشكر الإدارة العامة لمنظمة الألكسو وفي مقدمتهم معالي المدير العام الدكتور عبدالله حمد محارب ومعالي المدير العام المساعد الدكتور محمد عبدالباري القدسي على احتضانهم للفكرة وهي في المهد وتوفير كافة وسائل الدعم لانجاح هذه المبادرة وإيصالها للمراحل المتقدمة التي وصلنا إليها، والشكر موصول إلى معالي المدير العام لمنظمة الايسيسكو الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري الذي أبدى إلتزاما واضحا وجدياً منذ البداية حتى هذه اللحظة في دعم هذه المبادرة النوعية. وأقول فكرة ومبادرة نوعية لأن هذا المؤتمر يعتبر مجال وفضاء مفتوح لتعزيز التعاون بين الجهات العربية والاسلامية العاملة في قطاعات التربية والثقافة والعلوم وتوحيد جهودها على الأرض. أما بخصوص أهداف هذا المؤتمر ، فالمؤتمر يهدف إلى توفير الدعم المالي والفني للمشروعات والبرامج التنموية في قطاعات التربية والثقافة والعلوم في الصومال ، كما نهدف من خلال هذا المؤتمر إلى التعريف بالصورة الحقيقية والحضارية للصومال والصوماليين سواء من حيث التعريف بثقافتنا وتراثنا وتسليط الضوء على العلاقات الصومالية التاريخية مع محيطها العربي والاسلامي،  والامكانيات والثروات الحيوانية والزراعية والبحرية الهائلة التي تتمتع بها الصومال فضلاً عن الطبيعة الخلابة لكثير من المناطق في الصومال التي يجهلها والتي يمكن أن تمهد الطريق لتنشيط السياحة في الصومال بعد تعزيز الأمن والاستقرار في بلادنا. أن هذا المؤتمر برأيي أشبه أن تكون بخطة مارشال لقطاع التعليم في الصومال وندعو الله أن يوفقنا وإياكم في نجاحها. فنحن نعمل على جعل هذا المؤتمر تظاهرة عربية وإسلامية لتسليط الضوء على الصومال. وفي هذا الصدد قامت منظمة الالسكو مشكورة بالمبادرة بتشكيل فريق فني متخصص يتم دعمه من قبل منظمتي الألكسو والايسيسكو لانجاز كافة المهام الفنية المطلوبة المتعلقة بمؤتمر المانحين، وقد تم تكليفي بالاشراف على هذا الفريق. وسوف يعمل هذا الفريق برفع تقاريره إلى اللجنة التنظيمية للمؤتمر التي يرأسها البروفيسور غانم النجار.

Inline afbeelding 11

الاجتماع التنسيقي الأول حول مؤتمر المانحين – 2013 تونس

Inline afbeelding 12

الاجتماع التنسيقي الثاني حول مؤتمر المانحين – 2013 الرباط

Inline afbeelding 13

الاجتماع التنسيق الثالث حول مؤتمر المانحين بحضور معالي وزير التربية الكويتي د. بدر العيسى – مايو 2015

Inline afbeelding 14

الاجتماع التنسيقي الثامن رفيع المستوى حول مؤتمر المانحين – نوفمبر 2015 باريس

مركز مقديشو: وما هي العوامل التي ساعدت على قبول الكويت باستضافة هذا المؤتمر؟

الأستاذ عصام الجامع:  لقد تساءل أعضاء فريق العمل مرارا وتكرارا عن أنسب البلدان لعقد هذه المبادرة على أراضيها ودعم المشروعات والبرامج التنموية المتضمنة لهذا المؤتمر. وقد اتفق جميع القائمون على هذه المبادرة على التوجه نحو دولة الكويت. والسبب بسيط وواضح، فدولة الكويت قيادة وشعباً اثبت للعالم وفي كل الظروف مدى عطاءها اللامحدود والذي كان سببا وجيها على تحقق إجماع دولي حول شخص أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بوصفه قائداً انسانياً عالمياً ومما يعد اعترافاً عالمياً ببصمات أيادي سموه البيضاء وعطاءات الشعب الكويتي الكريم التي امتدت إلى كافة أنحاء العالم واستحقت بموجبها دولة الكويت الشقيقة تسميتها مركزاً إنسانياً عالمياً. حيث قام مشكوراً البروفيسور غانم النجار بعرض فكرة استضافة دولة الكويت لهذه المبادرة النوعية في أراضيها على معالي وزير التربية الدكتور بدر العيسى الذي لم يتوانى منذ الوهلة الأولى على دعم فكرة المؤتمر وقام بدوره بعرضها على صاحب السمو أمير دولة الكويت الذي بارك فورا وأبدى موافقته على احتضان هذا المؤتمر النوعي. وكما يعلم جميع الصوماليين فصاحب السمو أمير دولة الكويت كان ومازال داعماً قوياً لأشقائه الصوماليين في كل الظروف، حيث وفر التعليم المجاني لكافة أبناء وبنات الجالية الصومالية المقيمة في دولة الكويت حتى هذه اللحظة، وقدم الدعم المالي والفني للعديد من السفارات الصومالية في بلدان عديدة حتى يتسنى لها القيام بخدمة المواطنين الصوماليين، وكما قدم مؤخراً دعما سخيا لبناء جامعة متقدمة ومطارات حديثة في شمال شرق وغرب الصومال فضلاً عن تقديم مساعدات تنموية وانسانية وإغاثية في وسط وجنوب الصومال. لذا انتهز هذه الفرصة لأتقدم لدولة الكويت – قيادة وشعباً – بوافر التحية وأصدق آيات الشكر والعرفان والتقدير والامتنان لجهودها الصادقة تجاه أشقائها الصوماليين، وحرصها الدؤوب على حث كافة الأطراف الصومالية بضرورة المحافظة على وحدة التراب الصومالي وأهمية التمسك بلغة الحوار وتعزيز دعائم الاستقرار في الصومال، وجهودها المخلصة في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية لمناطق مختلفة من الصومال للتخفيف من حدة تأثيرات الأزمات المتعددة التي لحقت بالشعب الصومالي خلال الواحد والعشرين عاماً الماضية، وعنايتها الكريمة بدعم المبادرات الهادفة إلى تطوير البنية الأساسية للمرافق العامة وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين الصوماليين في قطاع التنمية الاجتماعية وخصوصاً قطاع التعليم.

مركز مقديشو: ماهي أبرز المحاور التي ستتناولها البرامج والمشروعات التنموية المطروحة في المؤتمر؟

الأستاذ عصام الجامع:  عندما نتحدث عن هذا المؤتمر فنحن لا نقصد الحديث عن مجرد بناء مدارس ، وإنما نتحدث عن رؤيتنا التي تشير بوضوح إلى اعتقادنا الراسخ بأن التعليم مدخل رئيس لتعزيز السلام والتنمية في الصومال. وهذا لا يتأتى فقط ببناء المدارس وإنما من خلال بناء وتطوير الإنسان الصومالي وذلك عبر تطوير المنظومة التعليمية والعلمية والثقافية في بلدنا. لذا فقد قمنا بتحديد ثلاثة مجالات محددة لهذا المؤتمر هي التعليم والثقافة والتراث والعلوم مع اعطاء أولوية لقطاع التعليم وخصوصاً التعليم الأساسي والمهني والفني. كما قمنا بتحديد مسارات محددة للبرامج والمشروعات التي سوف يتم اعدادها وهي مشروعات البنية الأساسية ومشروعات تطوير الأنظمة والسياسات ومشروعات بناء وتطوير القدرات الوطنية الصومالية العاملة في قطاعات التربية والثقافة والعلوم ومشروعات المنح الدراسية والتدريبية ومشروعات الدراسات الوصفية والميدانية ومشروعات دعم الميزانيات التشغلية. إذ أنه لا يمكن الاكتفاء ببناء المنشئات التربوية والثقافة والعلمية دون التفكير في سبل ضمان تشغيلها لفترة معينة تمهد الطريق نحو الاكتفاء الذاتي. ومن ثم قمنا بتحديد فئات المانحين المرتقبين سواء على المستوى الحكومي أو غير الحكومي وتحديد آلية محددة لاستهداف كل فئة من فئات المانحين المرتقبين. كما نعمل حاليا على اعداد نموذج مبتكر لكيفية إدارة المشروعات وتنفيذها على الأرض بالتنسيق والتعاون مع بيوت خبرة عربية واسلامية مرموقة.

مركز مقديشو: كيف ستعملون على ضمان وتحقيق العدالة بين كافة الأقاليم والمناطق الصومالية؟

الاستاذ عصام الجامع : سؤال مهم للغاية، حيث وضعنا هذا التساؤل المحق والملح في ذات الوقت أمام ونصب أعيينا منذ الوهلة الأولى. حيث ابتداءاً  يجدر  الذكر بأن غالبية أعضاء فريق عمل المؤتمر هم ممن لديهم خبرة ومعرفة في الشئون المختلفة للصومال ومدركون جيدا لأهمية تحقيق عدالة حقيقية في توزيع المشروعات التنموية بين كافة المناطق والمحافظات الصومالية. فعلى سبيل المثال لا الحصر البروفيسور غانم النجار هو خبير كويتي ودولي عمل لمدة ثمانية سنوات (2000 م – 2008 م) مبعوثاً أمميا من قبل الأمين العام للأمم المتحدة  السابق كوفي أنان لملف حقوق الانسان وقام بزيارات متكررة لمناطق مختلفة من الصومال وفي أحلك الظروف وقابل العديد من الشخصيات الصومالية وهو استاذ جامعي في قسم العلوم السياسية ويعتد بخبرته الواسعة في الشئون السياسية الصومالية. كما أن البروفيسور عبدالرحيم علي المدير السابق لمعهد الخرطوم الدولي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والرئيس السابق لمجلس الشورى السوداني خبير سوداني ضليع بالشئون الصومالي، وأيضا الدكتور محمد الباري القدسي المدير العام المساعد لالكسو فهو مواطن يمني قبل أن يكون مسئولاً عربيا وكلنا نعرف جيدا مدى التقارب بين الشعب الصومالي والشعب اليمني الشقيق الذي نسال الله العلي القدير أن ينهي محنتهم وأن تعود الدولة اليمينية والشعب اليمني إلى سابق عهده وأن ينعموا بالأمن والاستقرار والرخاء.  وبعد انتهائنا من تشكيل فريق متخصص وخبير بالشئون الصومالية قمنا بتحديد النطاق الجغرافي للمشروعات والبرامج التنموية الذي هو كافة الأراضي الصومالية مع الأخذ بعين الاعتبار للظروف الأمنية على الأرض ولكن دون اسقاط الحقوق حتى لا نحرم مواطنين صوماليين ومناطق صومالية بكلمات حق يريد بها باطل. لذا نحن نتحدث وبوضوح أن المنطلق هو منطلق حقوقي وجغرافي وليس سياسي أو فئوي ، إذ لا يعنينا الجانب السياسي ولا يمكن أن يكون منطلقا لتوزيع المشروعات والبرامج التنموية بين الاقاليم والمناطق الصومالية المتعددة. أي بمعنى آخر سوف نتوجه بالمشروعات والبرامج التنموية إلى كل إقليم من أقاليم الصومال بغض النظر عن تابعيته السياسية أو الإدارية ونجتهد على ضمان تنفيذ المشروعات على الأرض بكل شفافية مع الأخذ بعين الاعتبار للجودة وضمان استمرارية المشروع وخدمته لأكبر عدد ممكن من أبناء وبنات المجتمع المحلي لكل إقليم من أقاليم الصومال.

مركز مديشو: ما هي طبيعة التحديات التي تواجه مبادرة مؤتمر المانحين لدعم التعليم في الصومال؟

الأستاذ عصام الجامع:  نحن ندرك جيدا ومنذ البداية أنه لا يمكن فقط تسليط بصرنا على الفرص الكبيرة التي تتضمنها مبادرة مؤتمر المانحين لدعم قطاع التعليم في الصومال وأن نغض البصر عن التحديات الجمة التي تواجهنا في هذا الصدد. فابتداءًا نحن نتحدث عن مبادرة متوجهة نحو الصومال الذي عاني ولمدة 21 عاماً من حرب أهلية وتعرضت غالبية أجهزته ومؤسساته الحكومية إلى الانهيار. وهذا بدوره نتج عنه ضياع القواعد البيانية المتعلقة بقطاعات التعليم والثقافة والعلوم وندرة المعلومات في هذا الصدد. كما أننا في هذه المبادرة نتحدث عن مبادرة متعددة الأطراف، والتحدي الماثل أمامنا هنا  هو التنسيق بين كافة الأطراف وتقريب وجهات النظر ووضع رؤى وحلول مشتركة. وهذا الأمر تطلب ويتطلب منا القيام بسفرات عديدة جدا ومتكررة وعقد العديد من اللقاءات والاجتماعات التنسيقية. وكما تعرفون فالصومال الآن يمر بمرحلة بناء وإعادة بناء وتأهيل كافة المؤسسات والأجهزة الحكومية وهذا الأمر يجعلنا ندرك جيدا أن المطلوب منا مضاعفة الجهود لتجاوز كافة التحديات السياسية وضعف الثقة بين الفرقاء السياسيين في الأقاليم المختلفة فضلاً عن الإمكانيات الإدارية المتواضعة التي تجد صعوبة في مواكبة متطلبات هذا العمل الكبير. وهنا لابد أن أذكر وبشكل واضح أن القيادة السياسية الصومالية وفي مقدمتهم فخامة رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية السيد حسن شيخ محمود ورئيس مجلس الوزراء السيد عمر عبدالرشيد شرماركي ورئيس مجلس الشعب الصومالي السيد محمد عثمان جواري ووزيرة التربية والثقافة والتعليم العالي الدكتورة خضرة بشير علي  والقيادة العليا في الوزارة قد ابدوا دعمهم لهذه المبادرة النوعية وتعهدوا بتقديم كافة الأدوات والوسائل الكفيلة والممكنة لضمان نجاح مبادرة مؤتمر المانحين.

مركز مقديشو: في السنوات الأخير تغيرت مواقف الدول العربية تجاه الصومال وبدأت تستعيد دورها الأخوي والانساني حيال دعم القطاعات المختلفة في البلاد، ما هي ابرز الدول العربية والأجنبية المشاركة في هذا المؤتمر ؟

الأستاذ عصام الجامع : سوف يتم توجيه الدعوة لكافة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي سواء على المستوى الحكومي أو غير الحكومي.

مركز مقديشو: هل سيحضر  رئيس الجمهورية  الجلسة الافتتاحية للمؤتمر؟ ماهي الجهات الأخرى المدعوة للمشاركة في المؤتمر؟

الأستاذ عصام الجامع: هذا سوف تقرره القيادة السياسية لاحقاً.

مركز مقديشو: هل سيكون المؤتمر مختلفا عن المؤتمرات السابقة التي عقدت من أجل دعم المؤسسات الوطنية الصومالية؟

الأستاذ عصام الجامع: تتجلى بصورة واضحة كون هذه المبادرة نوعية حينما ندرك بأن مؤتمر المانحين لدعم قطاع التعليم في الصومال هو أول مؤتمر مانحين في العالم يتوجه للتنمية وفي قطاع حيوي مهم هو قطاع التعليم فضلاً عن كونها مبادرة صومالية في الأساس باحتضان عربي واسلامي متمثل بمنظمتي الألكسو والايسيسكو ورعاية واستضافة كويتية من أعلى سلطة في دولة الكويت. حيث تعلمون جيدا أن جميع مؤتمرات المانحين التي عقدت لصالح الصومال أو سوريا أو اليمن .. هي مؤتمرات توجهت للقطاع الإغاثي والانساني. وهي غالبا ما تكون مبادرات أممية وأجنبية. أما هذا المؤتمر فهو مؤتمر ومبادرة صومالية وعربية واسلامية تتوجه نحو اعداد مشروعات وبرامج تنموية لقطاعات التربية والثقافة والعلوم في الصومال من رؤية صومالية نابعة من معرفتنا لاحتياجاتنا التنموية وسبل تلبيتها، وبمساعدة خبراء أكفاء من منظمتي الألكسو والايسيسكو بوصفهما بيوت خبرة عربية واسلامية راقية وبدعم من أشقائنا في دولة الكويت وبقية الدول العربية والاسلامية. ومن ثم نعمل على طرح البرامج والمشروعات التنموية في قطاعات التربية والثقافة والعلوم بأسلوب مبتكر على الجهات المانحة المرتقبة سواء الحكومية منها أو غير الحكومية.  ونحن حينما نذكر الجهات غير الحكومية والأهلية فهي دعوة صريحة لإعادة توجيه الموارد المالية لدولنا وشعوبنا العربية والاسلامية نحو تنمية القطاعات الاجتماعية الحيوية في الصومال والبلدان العربية والاسلامية الأخرى، ومن خلال قنوات شرعية ذات مصداقية ومتخصصة بقطاعات التربية والثقافة والعلوم.

مركز مقديشو: بتقديركم ما هي الأموال المطلوبة لتطوير قطاع التعليم في الصومال ؟

الأستاذ عصام الجامع:  أن ارتفاع سقف الأموال المطلوبة لتطوير التعليم في الصومال مرده إلى أن هذا القطاع يحتاج إلى القيام بالعديد من مشروعات البنية الأساسية، فضلا عن حاجته لتطوير الأنظمة والسياسات وبناء وقدرات العاملين في قطاعات التربية والثقافة والعلوم. لذا نحن نتحدث هنا عن مشروع أقرب ما يكون إلى خطة مارشال. ولكن في الوقت ذاته ندرك جيدا الظروف الموضوعية التي نعيشها وفي مقدمتها الظروف السياسية غير المستقرة التي يمر بها العديد من الدول العربية فضلا عن الأزمات المالية والاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار البترول.

مركز مقديشو: كيف تقيمون استعدادات الجهات المانحة؟ وماهو حجم الدعم الذي تتوقعون  من  المؤتمر ؟

الأستاذ عصام الجامع: قد تجلت لنا إرادة حقيقية من قبل العديد من الجهات المانحة سواء على المستوى الحكومي وغير الحكومي لدعم مبادرة مؤتمر المانحين. وقد تجسدت لدينا هذه الرؤية من خلال الدعم الكبير الذي لقيناه من أشقائنا في الدول العربية والاسلامية حينما قمنا بطرح موضوع المؤتمر ومشاريع القرارات في الاجتماعات والمؤتمرات الوزارية. حيث لم نجد جهات معترضة بل بالعكس رحب الجميع بالفكرة وعمل ويعمل على دعمها ، وتعهدت الكثير من الجهات بالمشاركة بفعالية لانجاح هذا المؤتمر النوعي في شكله ومضمونه. والأمر الجدير بالذكر هنا، أن بعض الدول العربية مثل – فلسطين وجزر القمر – قد أبدوا رغبتهم بعقد مؤتمر مماثل لدعم قطاع التعليم لديهم. لذا نأمل ونرجو من الله أن يوفقنا في هذا العمل التنموي لكي يتسنى لنا تكرار هذه التجربة في بلدان عربية واسلامية أخرى.

مركزمقديشو: كيف ستتم استيعاب وإدارة أموال المانحين؟

الأستاذ عصام الجامع: نحن نقوم حاليا بدراسة نماذج مختلفة لإدارة أموال المانحين وسوف نعمل على اختيار الأنسب بالتنسيق والتعاون مع بيوت خبرة مرموقة تابعة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي.

مركز مقديشو: هناك مخاوف تبديها بعض الدول المانحة من عدم قدرة الحكومة من استيعاب الأموال المانحة؟ فما ردكم على ذلك؟

الأستاذ عصام الجامع: يجب أن لا نتكلم عن هذا الجانب بطريقة غير دقيقة. فالحكومة الصومالية استطاعت أن تقوم بخطوات ملموسة لإعادة بناء وتأهيل العديد من المؤسسات الاقتصادية في البلاد مثل البنك المركزي الصومالي وغيره من الأجهزة الاقتصادية الحكومية، وتعمل جاهدة لتطوير باقي المؤسسات. ولكن في الوقت ذاته لا ينبغي علينا ونحن نحرص على المحافظة على مصداقيتنا وشفافيتنا أن نغض الطرف عن التحديات الجمة التي تعتري طريق الدولة والحكومة الصومالية في هذا الصدد. ولكن الأمر الجدير بالانتباه أن اشقاءنا العرب والمسلمين من خلال منظمتي الالكسو والايسيسكو وبقية المنظمات والمراكز التابعة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي هم حريصون جدا على تعزيز السيادة الصومالية وتقوية قدرات الأجهزة الحكومية  في هذا الصدد. كما هم حريصون على اعداد نموذج مبتكر لاشراك الجهات الحكومية الصومالية المعنية لإدارة هذه الأموال بطريقة ذات مصداقية وتتميز بالشفافية. فنحن ندرك أن العديد من الأطراف الدولية تتغنى ليل نهار بمقولة ” عدم قدرة الحكومة الصومالية بإدارة أموال المانحين ” ككلمة حق يريد بها باطل، ومن ثم تعلن في مواقعها الإلكترونية ووثائقها أنها صرفت على الصومال مئات الملايين، مما لا يتوافق مع الواقع المعاش. 

مركز مقديشو: ماذا سيكون دور المراكز البحثية والمنظمات التعليمية في جهودكم لتطوير قطاع التعليم في الصومال؟

الأستاذ عصام الجامع: سوف نحرص على اشراك ممثلين من المجتمع المدني الصومالي للمساهمة بجهود تطوير قطاعات التربية والثقافة والعلوم. حيث لا يمكن لنا أبداً أن نتناسى أو نغض الطرف عن الدور الكبير والملموس التي قامت وتقوم بها المؤسسات الأهلية التربوية أو ما يعرف لدينا بــ ” المظلات التعليمية ” في ضمان استمرار الخدمات التعليمية في أحلك الظروف وعدم حرمان شرائح عديدة من حقهم في التعليم. فهم شركاء اساسيون وسوف يكون لهم دور في هذا العمل الوطني. كما سوف نحرص على إشراك المؤسسات البحثية في مبادرة المؤتمر، حيث قمنا بافراد بند أو فئة محددة معنية بمشروعات الدراسات الوصفية والميدانية وهي احدى المسارات الرئيسة للمشروعات والبرامج التنموية المتوجه نحو قطاعات التربية والثقافة والعلوم.

مركز مقديشو: أخيرا، ماذا تدعو للمنظمات المدنية والشخصيات والكوادر العاملة في مجال التعليم والتقافة في الصومال من أجل تحقيق قفزة نوعية باتجاه بناء قطاع تعليمي وثقافي متطور يواكب مع تطورات العصر ؟

الأستاذ عصام الجامع: أدعو الجميع إلى توحيد الجهود وتفعيل التعاون والتنسيق فيما بينها ، وإطلاق العنان للمبادرات النوعية التي تستجيب للإحتياجات الملحة لقطاعات التربية والثقافة والعلوم في وطننا العزيز الصومال.

مركز مقديشو: وما هي خططكم المستقبلية؟

  الأستاذ عصام الجامع: نحن الآن نعمل على إعداد دراسة مسحية شاملة حول الصومال بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم متمثلاً بمعهد البحوث والدرسات العربية في القاهرة. وسوف تتناول هذه الدراسة محاور مختلفة مثل الجغرافية الطبيعية، والثروات والموراد الطبيعية، والجغرافية البشرية، والأقاليم والمحافظات والمدن الصومالية، وتاريخ الصومال، والحروب الأهلية ومؤتمرات المصالحة، ونظام الحكم والنظام السياسي، والمواقف الإقلمية والدولية حول الصومال، والإقتصاد الصومالي، والتحديات الراهنة ،ودور الجامعة العربية. وسوف يساهم العديد من الباحثين الصوماليين بجانب أشقائهم العرب في اعداد الدراسات المطلوبة. وتعد هذه الدراسة المسحية استكمالا وتطويراً للدراسة المسحية التي قامت بها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم متمثلا بمعهد البحوث والدراسات العربية حول الصومال في عام 1982 م ونرجو أن تسهم هذه الدراسة في تسليط الضوء على الصومال من رؤية علمية وموضوعية .

مركز مقديشو: كلمة أخيرة؟

 الأستاذ عصام الجامع: أود أن أتقدم بجزيل الشكر مرة أخرى لكافة القائمين على مركز مقديشو للبحوث والدراسات وفي مقدمتهم رئيس المركز الأخ الفاضل الأستاذ عبدالوهاب علي مؤمن على الجهود الكبيرة التي يبذلها المركز في تعزيز المكون العربي والاسلامي في الصومال باعتبارهما مكونين رئيسيين من مكونات الهوية الوطنية الصومالية . كما اشكر المركز والقائمين عليه على تعاونهم المثمر والمستمر مع أنشطتنا المتنوعة.

زر الذهاب إلى الأعلى