جوبالاند…تقدم ملحوظ وإنجازات على الأرض

منذ انتخاب أحمد محمد إسلان ” أحمد مدوبي” رئيسا لإدارة جوبا لاند في عام 2013م مرّت إدارته بتجاذبات وقلاقل سياسية أدت إلى أن تنصب جهوده في تقديم رؤية تصالحية لأبناء جوبا لاند الذين طالما تذمّروا من كيفية إدارة ملف البرلمان وبعض المناصب العليا في حكومته، حيث سعى الرئيس أحمد مدوبي إلى تخطي تلك المشاكل الداخلية بتنظيم مؤتمر تشاوري يشمل كل القبائل القاطنة في المناطق الثلاث التى تكون إدارته.

إلى جانب ذلك ظل أحمد مذوبي من جهة أخرى يواجه حركة الشباب المسيطرة على مدن حيوية في محافظتي جوبا العليا وجذو، وفي ظل هذه الزوبعة الداخلية التى تمر بها إدارة جوبا لاند لم يكلّ أحمد مذوبي من المساهمة في المؤتمرات التشاورية التى عقدت لمناقشة طرح موقف سياسي موحد إزاء الانتخابات المزمع عقدها في 2016م، وقد لعب دورا كبيرا في إنجاح تلك المؤتمرات لا سيما النسخة الأخيرة التى عقدت في العاصمة مقديشو.

نجاحات تحسب لإدارة جوبالاند لا تقف عند الجانب السياسي والأمني فحسب بل تتخطاهما لتصل إلى هموم المجتمع والمواطنين، نحاول استعراضا سريعاً لجانب منها في المحاور الآتية:

  • التطورات السياسية:

افتتح في مدينة كسمايو مؤتمرا تصالحيا للقبائل الساكنة في إدارة جوبا لاند في 24 من فبراير الماضي كخطوة لتقرّيب وجهات النظر المتباية بين سياسيي إدارة جوبا لاند. وشارك في المؤتمر عدد من أبرز المعارضين للنظام الحاليّ.

والهدف الأساسيُّ للمؤتمر هو: دمج القبائل المحتجة على على ما اعتبرته “التهميش” أحموتقليل حصص تمثيلها في الإدارة الحالية مقارنة مع ما يقتضيه حجمها وثقلها في المنطقة، ومن المتوقع أن تؤدّي هذه المساعى إلى توافق بين الإدارة وقبائل المنطقة حول القضايا محل الاختلاف.

وذكر الباحث في مركز مقديشو للبحوث والدراسات عبدالله حسين: ” أنّ إدارة جوبا لاند حققت تطورا سياسيا ملحوظا في الفترة الأخيرة، بعد أن اتسع صدرها للم شمل كثير من الفرقاء السياسين المعارضين لسياسة جوبا لاند عبر مساع كان آخرها المؤتمر التصالحي لقبائل جوبا لاند الذي عقد في كسمايو حاضرة الإقليم لمعالجة بعض الملفات محور الخلاف بين الإدارة وممثلي بعض القبائل في المنطقة”.

وأضاف الأستاذ عبدالله :”إن إدارة إقليم جوبا لاند أصبحت رائدة الإدارات الإقليمية بفضل حنكة قادتهاـ مما ساهم في تحسن علاقاتها مع الأطراف المختلفة المحلية والإقليمية والدولية، والتي أدت إلى استقطاب اهتمام المانحين الدوليين, حيث يجري التخطيط حاليّاً لتنفيذ مشاريع حيوية ومجدية لمجتمع جوبا لاند من بينها مشروع التعليم المجاني الذي هو قيد التنفيذ في فتح مدارسه”.

  • التطورات الأمنية:

حتى الآن استأثرت “كسمايو” حاضرة الإقليم بجهود تثبيت الأمن من قبل إدارة جوبا لاند ، وقد آتت أكلها كما يبدو، حيث نجحت هذه الجهود في  خلق بيئة آمنة في مدينة كسمايو بحيث صارت صالحة لاستضافة الفعاليات السياسية والمؤتمرات. وقد أقيم فيها إحدى فعاليات المؤتمر التشاوري حول رؤية الإنتخابات 2016م والذي شارك فيه مسؤولون رفيعو المستوى من الحكومة الفيدرالية وولاية بونت لاند وجنوب غرب الصومال إلى جانب جوبالاند الإدارة المضيفة، وقد مرّت هذه الفعاليات بسلام دون أن تسجّل حوادث أمنية. مما يدل على مدى الأمن التى تتمتع به المدينة. بيد أنّه مما يؤخذ على الإدارة الحالية عدم إبداء توجه نحو استرجاع المدن الحيوية من الإقليم خارج سيطرتها التى تسيطر عليها حركة الشباب الصومالية.

ويرى المراقبون أن الإدارة الحالية لم تتجاوز ضواحي كسمايو ولم تقم حتّى الآن استراتيجية أمنية حقيقية لاستعادة المدن التى تسيطر عليها حركة الشباب، غير بعيد عن مدينة كسمايو مثل مدينة جمامي التى تَبعد من كسمايو 60كم فقط، مما يسهل على الحركة تنفيذ ضربات مباغتة في أي مدينة من مدن الإقليم بما في ذلك كسمايو نفسها، لذلك لا يستبعد المراقبون أن تتكرر الأحداث التى وقعت في مدينة عيل عدي في وقت سابق من هذا العام في مدن أخرى في الإقليم.

وبهذا فإنّ أمن كسمايو لا ينفصل عن أمن المناطق الأخرى في الإقليم، وما لم تكن هذه المناطق في سيطرة إدارة جوبا لاند فإنّ الأمن في أي منطقة أخرى لا يعدو أن يكون شكليًّا هشًّا وقابلا للتداعي. وإن مدى تطور جوبا لاند وتنميتها مرهونُ ببث الأمن في المناطق التابعة لها، واستعادة المدن التى تسيطر عليها حركة الشباب، لذا وحتى يتمّ تدعيم المنجز الأمني في كسمايو يجب على جوبا لاند أن تجعل شغلها الشاغل في المرحلة القادمة كيفية تأسيس جيش قويّ، وتقوية أجهزتها الأمنية بما يجعلهاقادرة على حفظ المكتسبات الميداينة وحفظ الأمن في الأقليم”.

  • التعليم في جوبا لاند:

توجد جامعتان في مدينة كسمايو][1][ حاليا، وتشهد المدارس تزايداً في أعداد الطلاب المقبولين منذ قيام الإدارة الحالية للإقليم، وقد وضع مؤخّرا حجر الأساس لمدرسة حكومية متطورة مجانية هي الأول من نوعها في الصومال منذ انهيار الحكومة المركزية، والتى تمولها الأمم المتحدة وقد شارك في حفلة وضع حجر الأساس للمدرسة وكيل الأمم المتحدة في الصومال ميشل كُريفون وعدد من أعضاء ادارة جوبا لاند ووزراء من حكومة الصومال الفيدرالية.

وحدثنا الأستاذ الجامعي إبراهيم عبدالقادر عن وضع التعليمي في الاقليم حيث  قال: “لا تزال إدارة جوبالاند تبهر المجتمع الصومالي بخطواتها السريعة نحو بناء مجتمع متميز، وتحقيق التقدّم في كافة المجالات التنموية معبرة عن اتباعها استراتيجية الاعتماد على النفس في النهوض بالمستوى التعليمي والاجتماعي لمجتمع جوبالاند”.

واضاف الاستاذ إبراهيم: ” نستطيع تلمّس التقدّم الملحوظ في المجال التعليمي في ولاية جوبالاند من خلال الإقبال المتزايد على المدارس خصوصا بعد الاستقرار الذي شهدته الولاية في الفترة الأخيرة، والخطوات الحكومية لتطوير التعليم في المنطقة، والتي من أبرزها الخطوة الأخيرة التي قامت بها الإدارة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بوضع حجر الأساس لبناء مدرسة حكومية مجانية، بالإضافة إلى تنامي أعداد الحاصلين على الشهادة الجامعية من الجامعات المحلية”

  • استشراف المستقبل:

ومما لا شك فيه إذا استمرت إدارة جوبا لاند في الحفاظ علي هذه الوتيرة من التقدم علي كآفة الأصعدة التى تحدثنا عنها فإنها تكون من أنجح الإدارات الإقليمية في الصومال، ويقول أحد متابعي شؤون جوبا لاند: “إن الأفضل لجوبا لاند أن تستمدّ قوتها ووجودها من شعوب المنطقة لا من وجود القوات الكينية الموجودة ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية، والأمل بمستقبل مشرق في إدارة جوبا لاند أمر مرتبط بكيفية تصرف رئاسة الإدارة حاليا، وأهم عامل يؤثر في مسقبل المنطقة سلبا أو إيجابا هو العامل القبلي، فإذا تصرفت رئاسة إدارة جوبا لاند اليوم بحكمة ووفق سياسة هادئة بعيدة عن الظلم والمحسوبية والمحاباة فستكتسب ثقة سكان المنطقة وتأييدهم بما يمكنها من البقاء واقفة على قدميها عندما تنسحب القوات الكينية من الصومال. أما إذا اعتمدت الرئاسة الحالية على القوات الكينية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي لتحقيق مصالحها الخاصة بصرف النظر عما يريده المواطنون وسكان المنطقة، فإن الأمر سيكون له أثر سيء في مستقبل المنطقة”.

ومن جانب آخر ذكر الباحث والكاتب عبدالله عبدالقادر آدم:” بإمكاننا أن نقول أن هنالك تقدماً ملحوظاً في ولاية جوبالاند تحت قيادة أحمد مذوبي, وكذلك هناك تحسن في الجوانب الأمنية والتعليمية والاقتصادية والسياسة والمصالحة, حيث إن الإدارة عملت على تحسين الجانب العسكري والأمني. وتعد مدينة كسمايو عاصمة الاقليم الآن من أكثر المدن الصومالية أمناً،  وقلما تحدث فيها حوادث أمنية, وفيما يتعلق بالمصالحة فقد عقدت الإداراة مؤاتمرات مصالحة للعشائر القاطنة في الإقليم, كان لها الفضل في تحقيق قدر كبير من التفاهمات. كماعملت الإدارة على تشجيع الجانب التعليمي وافتتاح المراكز والمدارس التعليمية,

وفي جانب العلاقة مع الحكومة الفيدرالية حسنت إدارة جوبالاند علاقاتها مع الحكومة الفيدرالية. حيث يعدّ أحمد مذوبي من أهم رؤساء الولايات الداعمين للسلام والتفاهم والحوار الصومالي الصومالي، وكلّ هذه تساهم في تحقيق إنجازات قياسية في المستقبل  القادم” .

وأخيرا تجب الإشادة بالتقدم الذي حققته جوبا لاند متغلّبة على الظروف الصعبة التى تأسست فيها،  ويجب أيضاً الشد على يد قادتها في سعيهم الحثيث بقيادة الرئيس أحمد مدوبي وطاقمه الإداري في هذه المرحلة نحو تطوير الإقليم وخدمة مجتمع جوبا لاند.

 

[1] لم تتسنى لنا حصول العدد الرسميّ للجامعات في جوبا لاند

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى