المسرح الوطني الصومالي تاريخه وأهميته

تشتهر الصومال بثرائها الثقافي والفني المعبرة عن هوية الصوماليين وثقافتهم العريقة، لكن هذا التراث بدأ يتدهور بعد إنهيار  النظام المركزي وسقوط حكومة محمد سياد بري عام 1991، وتعرضت جميع المؤسسات المسؤولة عن حماية التراث الوطني لتدمير ممنهج جراء الحرب الأهلية التي أعقبت سقوط النظام بما في ذلك المسرح الوطني الصومالي الذي كان أحد الروافد الإنسانية وحركة الأدب الصومالي وقاعدته المتينة.

لقد كان المسرح الوطني واحدا من أجمل المباني في العاصمة مقديشو، ويقع في موقع جميل من قلب المدينة وكان يستعمل كملتقى للمؤتمرات الوطنية والعالمية الهامة، والندوات،  وحلقات النقاش، وكان يتسع لحوالي 1500 شخصا.

انشأ المسرح الوطني الصومالي في مقديشو  عام 1966 بتمويل من الحكومة الصينية الشعبية   وكهدية منها للحكومة وللشعب الصومالي ليكون  صرحا شامخا يشهد تنوع وثراء الثقافة الصومالية. وقد كان من بين الأهداف الرئيسية من وراء انشائه  المحافظة على التراث الثقافي الصومالي وتحسينه وتطويره بالاضافة إلى ذلك كان يقدم المسرح للجمهور عروضا تعليمية  وترفيهية عن طريق الافلام السينمائية والعروض التمثيلية.

وكان المسرح أيضا يحمل على عاتقه مهامات أخرى أبرزها: 

1- تنظيم رحلات دورية إلى الاقاليم لعرض المسرحيات والأغاني والراقصات الشعبية فيها. 

2-  تأليف وتلحين الأغاني الترفيهية والارشادية ثم تسجيلها لمحطتي إذاعة مقديشو وهرجيسا بقصد البث  الاذاعي لها على الجماهير  الشعبية في كل مكان.

كان المسرح الوطني الصومالي يدار من قبل وكالة مستقلة تحت اشراف وزارة الاعلام والارشاد القومي التي بذلت جهدا كبيرا في توسيع قاعدة المسارح الوطنية وانشائها في مختلف أقاليم البلاد وذلك بهدف اعطاء فرصة أكبر لتنمية المواهب الناشئة ولتطوير الفنون التي قد تكون خاصة بكل اقليم هذا وبناء على ذلك فقد تم بناء المسارح الوطنية في هرجيسا ومناطق أخرى بالبلاد. 

ومن يوم افتتاحه للجمهور ظل المسرح منطلقا للجهود الرامية إلى تطوير التراث الثقافي والفنى للشعب الصومالي وأصبح ممكنا  للفرق الفنية الصومالية أن تقدم فيه للجماهير عروضا فنية رائعة ومتطورة فتحت لهم الطريق أمام زيارات  إلي  البلدان الصديقة والشقيقة وتقديم عروضهم فيها كالزيارات التي قاموا بها إلى جهمورية الصين الشعبية، وبلغاريا، وتنزانيا،  والسوان ، ومصر، والإمارات العربية  وغيرهم  من البلدان العربية والافريقية.

كانت خشبة المسرح الوطني الصومالي  منبرا هاما ومتنفسا للفانيين والأدباء الصومالين  الذين كانوا يقدمون فيها مختلف الفنون المؤثرة والمروجة للقرارات التي كانت تتخذها الحكومة من أجل تحقيق النصر  المبين للشعب الصومالي في ظل الوحدة والأخوة  والمساواة والرفاهية.

هناك مقولة مشهورة تقول: “أعطني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا مثقفا”. هذه المقولة تدل على الأهمية الكبيرة التي يشكله المسرح وكيف كان منذ القدم أحد منابر الأدب والثقافة ومختلف الفنون وكيف لعب دورا كبيرا في تطوير حياة الدول المتقدمة وشعوبها وتحقيق أهدافهم التربوية، والأخلاقية، والأمنية، والسياسية، بل كان ولا يزال  المسرح وسيلة أساسية تساهم في ترسيخ الهوية الوطنية وتوفير الحلول للمشكلات والأزمات التي تعاني منها الشعوب، كما يتح المسرح للمسؤولين فرصة للالتقاء مع الجماهير والاستماع إلي آرائهم وأفكارهم وما يدور في خاطرهم  وأيصالهم كل ما لديهم من سياسات وقرارات  بصورة سلسة وذلك من خلال  المؤتمرات والندوات والمسرحيات.

في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الصومال يجب على الحكومة وخاصة إدارة محافظة بنادر أن تتحمل مسؤولياتها تجاه إعادة اعمار المسرح الوطني الصومالي الذي بات مهجورا وخاويا على عروشه واحياء دوره الإيجابي في توجيه الأمة ورفع مستوى وعيها في الخطر الذي يحدق مستقبل البلاد وحثها على المشاركة في الجهود الرامية إلي إعادة بناء الوطن وتحقيق الإزدهار والرخاء.

لا يخفى على أحد أن شرائح مهمة من مجتمعنا ينظرون إلي المسرح بنظرة سيئة وذلك على خلفية تجاربهم السابقة أو ما يشاهدونه في مسارح الدول الأخرى، لكن ينبغي أن نحاول ازالة هذا الانطباع وان نقنع هؤلاء على  أهمية المسرح ودوره الايجابي في الحفاظ على التراث الوطني  وتطويرها وتوجيه الأجيال الناشئة  نحو بناء الوطن والمحافظة على  هذا التراث الغني للأمة وعلى اماكنية أسلمة المسارح .

 

زر الذهاب إلى الأعلى