الجفاف في صوماليلاند: الأسباب والأضرار

أثارت وفاة أربعة مواطنين من البدو سكّان الريف في محافظة “أودل”، موجة من الصدمة والشعور بالألم، لدى فئات واسعة من السعب في صوماليلاند، ما تسبب في قرع ناقوس الخطر عاليًا، حيال الوضع الحرج الذي تمر به البلاد، فقد عانت صوماليلاند خلال السنوات الماضية من حالة جفاف مستمرة، نتيجة لقلة الهطل المطري عن المعدلات المؤدية للتعافي، خالقًا ذلك تراكمات قادت إلى استمرار  النتائج المدمرة لندرة المياة والقحط الذي أضرّ بالغطاء النباتي، مما وضع فئات واسعة من الشعب في ظروف غاية في الحرج، نظرًا لتعذر الحصول على المقادير الكافية من مياه الشرب، وفشل المحاصيل وهلاك القطعان.

المناطق المتضررة:

شملت الإحصائيات الصادرة حول نطاق تأثير  موجة الجفاف الحالية بـ 240 ألف إنسان، بما يمثّل أكثر من 5% من السكّان المقدر عددهم بأربعة ملايين ونصف المليون نسمة، وعلى الرغم من اتساع دائرة المعاناة من حالة الجفاف، إلّا أن المناطق الغربية من “صوماليلاند” تلقّت الضربة الأقوى، خصوصًا المناطق الريفية في محافظات التالية:

  • محافظة “أودل” وعاصمتها “بكي” قرب “بورما”.
  • محافظة “سلل” وعاصمتها “زيلع”.
  • محافظة “جبيلي” المركز الزراعي الرئيس في البلاد وعاصمتها “جبيلي”.
  • محافظة “مرودي جيح” الأكثر كثافة سكانيًا وعاصمتها “هرجيسا”.

تأسيس مجلس لمواجهة الجفاف في صوماليلاند:

في الرابع من أغسطس 2015م، أعلن السيد/عبدالرحمن عبدالله زيلعي نائب رئيس صوماليلاند، عن تأسيس “المجلس الوزاري الصوماليلاند للجفاف”، ضامًا هذا المجلس في عضويته ستة وزاراء، مكونًا من وزراء الزراعة والبيئة والثروة الحيوانية والصحة والداخلية والتخطيط، وقد تمّ خلال ذلك إطلاق نداء استغاثة دولي، ُوطالب المجلس الهيئات الدولية بتقديم الدعم الضروري، للمساعدة في الخروج من الأزمة، إلّا أن ذلك أتُبِع ولأسباب غير معلومة بتأسيس (المجلس الوطني للجفاف في صوماليلاند)، بمرسوم رئاسي مؤرخ بـ13/02/2016، شاملًا شخصيات حكومية ودينية وعامة، ليقوم بالمهام التالية:

  • البدء بأعمال التبرعات الشعبية وتشجيعها.
  • تنظيم أعمال التبرعات الشعبية وإيصالها للمتضررين.
  • وضع خطط لمواهجة موجات الجفاف فور انتهاء الأزمة الحالية.

الاستجابة العربية:

استجابت المملكة العربية السعودية، لنداء صوماليلاند بطلب الدعم، فتم بإشراف نائب سفير المملكة العربية السعودية لدى كينيا والقائم بأعمال سفارة دولة الصومال علي العثمان، وبحضور المدير الإقليمي للحملة الوطنية السعودية السيد سعد مهنا السويد، ومدير مكتب تنسيق العمل الإنساني لمنظمة التعاون الإسلامي في الصومال محمد إيدلي صبريه، واللجنة الوزارية العليا لمواجهة الجفاف بحكومة صوماليلاند، وشخصيات عامة، حيث تم الإعلان عن تدشين توزيع خمسة وعشرين ألف سلة غذائية في المناطق المتضررة، تحت شعار “لبيك شقيقي”.

وقال السفير علي العثمان إن هذه المساعدات الإنسانية تأتي تلبية لنداء حكومة أرض الصومال، مشيراً إلى أن هذه المساعدات سيتم تسليمها إلى مستحقيها، وأكّد المدير الإقليمي للحملة الوطنية السعودية السيد سعد مهنا حرصه على أن هذه المعونات سيتم تسلميها للمحتاجين يدا بيد..

كما استجابت دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر إرسالها مؤخرًا باخرة اغاثة عاجلة من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الانسانية، عبر ميناء بربرة محملة بألف وستين طنا من المواد الغذائية الأساسية، على هيئة ثمانية آلاف سلة غذائية لتوزيعها على المتضررين في المحافظات الشرقية “توغطير” و”سول” و”سناغ” التي تعاني كذلك من تباعت موجة الجفاف.

 

أسباب تكرار المعاناة:

تقع صوماليلاند ضمن القرن الإفريقي، الذي يقع في مجمله في نطاق التأثير المباشر للعوامل الجوية الناشئة عن التيارات المحيطية، ويشير علماء الأرصاد الجوية، إلى أن أهم أسباب الظروف الجوية المتطرفة التي تمر بها المنطقة جملة والبلاد تحديدًا، ورغم التوقعات بتحوّل ظاهرة الـ”نينيو” المتسببة بسنوات الجفاف الأخيرة، إلى مصدر لأمطار غزيرة ومدمّرة في الشرق الإفريقي، فقد فاقمت حالة الجفاف الشديد على مدة الشهور الستة الأخيرة في القرن الإفريقي وجنوب القارة الإفريقية، وعلى الرغم من أن المحرك الأساسي للأزمة الحالية هو العامل البيئي، إلّا أن عوامل أخرى ساهمت إلى حدّ كبير في العجز عن الاستعداد لما قام الخبراء والمنظمات الدولية التحذير منه خلال العام الماضي، وذلك نظرًا للعوامل التالية:

  • انخفاض مستوى الوعي البيئي والاقتصادي لدى الفئات الريفية.
  • اعتياد الطبقة السياسية ممارسة دور “العالة” لدى التعامل مع الجهات الأجنبية، في غياب تام لفكرة الاعتماد على الذات.
  • تعمّد الهيئات والمنظمات الدولية العاملة في صوماليلاند، القيام بحجب المعلومات والمهارات الممكن تقديمها، عمن تقدم لهم المساعدة، بحيث يبقون عالة عليها، ولا يُخرجوا من حالة الاحتياج، بحيث يُبقي القائمون على تلك المنظمات على مكاسبهم ووظائفهم باستمرار الاحتياج إليهم.
  • التراخي الحكومي الظاهر في التعامل مع الأزمات البيئية، والانشغال بالمناكفات السياسية، والأزمات العشائرية المفتعلة، كتقاعس الدولة عن الوفاء بالتزامها توفير مليون دولار لصالح صندوق دعم المتضررين.
  • الفساد المالي والإداري المتفشي في مفاصل الدولة، كالتساؤلات حول مصير التبرعات الشعبية التي تم تقديمها، وما يحدث من استنفاد خزانات مياه العاصمة “هرجيسا” وكذلك مدينة “بورما” بحجّة نقل المياه للمناطق المتضررة، ثم ما تردد من إعادة سائقي الصهاريج بيع تلك المياه المدفوعة الكلفة إلى سكان أحياء “هرجيسا” المفتقدة لتمديدات المياه.
  • ابتزاز المسؤولين للمنظمات المجتمع المدني الإجتماعية، والإنسانية المحلية والأجنبية على حد سواء، عبر الضغط على القائمين عليها أو مندوبيها المحليين، لتبرير استلامهم مبالغ لصالحهم الشخصي، تحت حجج ومبررات واهية.
  • عرقلة المشاريع التنموية عبر تعقيد الأمور على المستثمرين العائدين، الراغبين في عمل مشاريع في مجالات حيوية يمكنها أن تساهم في توفير فرص العمل، أو إعمار المناطق الريفية.
  • غياب أي رغبة في الاهتمام بخطط ممكنة التطبيق لتحقيق الأمن الغذائي، والاستفادة من مياه السيول، ومشاريع زراعة الأعلاف، وتوفير ما من شأنه تغيير نمط نشاط تربية الحيوانات من حالة الترحال، إلى مزارع التكاثر والتسمين.
زر الذهاب إلى الأعلى