نظرة على الحرب الدائرة بين غلمدغ وفلول حركة الشباب

بعد أن تمكنت بونتلاند من هزيمة مقاتلي حركة الشباب الغازية على أراضيها الساحليّة في منتصف هذا الشهر،اقتحم عدد من الفارين من معارك سوج وغدب جيران إلى المناطق التابعة لإدارة غلمذغ، وكانت وجهتهم إلى منطقة حررطيري التابعة لحركة الشباب، ولكن فور وصولهم لأراضي إدارة غلمدغ وقع صدام ضارٍ بينهم وبين قوات غلمذج في منطقة  ” دينود” الواقعة فى جنوب شرق إقليم مذغ، حيث لا يزال القتال مستمرّا منذ الثالث والعشرين من هذا الشهر (مارس )، وقد عرضت إدارة غلمدغ الإقليمية أسرى تقول إنّهم من مقاتلي حركة الشباب ويبلغ عددهم 22 أسيراً وقد تمّ أسرهم في الشطر الجنوبي الخاضع لإدارة غلمذج من مدينة جالكعيو حاضرة إقليم مدغ.

وذكر رئيس إدارة غلمدغ عبدالكريم حسين جوليد لوسائل الإعلام: أنهم قتلوا في الحر ب التي وقعت في مناطق شرق مدغ 60 مقاتلا وأسروا 38 من المقاتلين، كما استولت قواتهم على أسلحة من حركة الشباب، مناشداً شعب غلمدغ أن يشاركوا في الحرب وتقديم الدعم لقوات الإقليم الذين يحاربون دفاعاً عن أراضيهم حسب قول جوليد.

ومن الدروس المستفادة من الحرب الأخيرة بين حركة الشباب وحكومة بونت لاند أن هزيمة حركة الشباب ممكنة، وتتطلب فقط التعاون المشترك والوثيق بين الشعب والجيش، لذلك يظل تحقيق النصر في غلمذج على حركة الشباب رهيناً بمدى تعاون شعب غلمدغ مع إدارته لكى يتمكنوا من دحر فلول حركة الشباب.

موقف الحكومة المركزية ودروها في الحرب:

هذا الموقف يتلخص في أنّ الحكومة قامت بتقديم دعم مادّيٍّ متواضع على قدر  تواضع إمكانات الحكومة، ودعم معنوي بالثناء والتشجيع، مما كان له أثره الإيجابي في النتائج الميدانية وعلى صعيد العلاقة بين الإدارات الإقليمية والإدارة الفيدرالية. ولكن فقد الدّعم الأهمّ وهو الدّعم اللوجستي، وهو ما ينبغي على الحكومة الفيدرالية أخذه في الاعتبار واتخاذ اللازمة لتحقيقه مستقبلاً.

فقد أرسلت الحكومة في بداية الحرب بين بونتلاند ومقاتلي حركة الشباب طائرتين محمّلتين بالأسلحة والمؤن، وقد أكّدت هذه الخطوة إيجابية دور الحكومة الفيدرالية، حيث لم تكتف الحكومة بالتفرّج على القتال الدائر في سواحل بونتلاندية، ولم تترك حسابات حالة التوتر بينها وبين بونت لاند في قضايا وطنية أخرى تطغى على مسؤوليتها الوطنية. بل إنّ هذه الخطوة –بشكل أو بآخر – ساهمت في إذابة جليد  العلاقات بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية.

ويرى الأكاديمي عبدالنور معلم محمد: “أن هذه المساعدات من شأنها أن ترفع معنويات الجيش، كما تساهم في تعزيز التعاون العسكري بين الحكومة المركزية والإدارات الفيدرالية وترميم العلاقات البينية في المستقبل، إلى جانب كونها مشاركة رمزية من الحكومة المركزية في محاربة حركة الشباب”.

كما لم تهمل الحكومة تقديم الدعم المعنويّ أيضاً لإدارتي غلمذج وبونت لاند. فقد ذكر الرئيس حسن شيخ محمود في الحرب الأخيرة أنه يؤمن بأن جيوش إدارة غلمدغ يستطيعون إلحاق الهزيمة بحركة الشباب كما فعلته إدارة بونت لاند ” مشيراً إلى أن القوات التابعة  لكلا الإدراتين في بونت لاند وغلمدغ قد قدموا للعالم والشعب الصوماليّ تجربة صومالية خالصة لهزيمة حركة الشباب، وطلب الرئيس من الإدارات الإقليمية الأخرى أن يحذو حذو بونت لاند وغلمدغ ويتخلّصوا من حركة الشباب”،

ورغم الدعم الملموس الذي قدّمته وتقدّمه الحكومة الصومالية حاليا في الحرب الدائرة  في مدغ والتي سبق أن دارت رحاها في منطقة نغال إلاّ أنه لم يصل إلى الدرجة المرجوّة منه، ونلاحظ أن الحكومة لم تقدم دعما لوجستيًّا لتلك الإدرات الإقليميّة التابعة لها، يساعدها في المحافظة على كيانها والخدمات التى تقدم لشعبها، فهذه الحرب الأخيرة قد كشفت عن وجود فجوة في مجال الدعم اللوجستي وعن ضرورة توفير الحكومة الصومالية هذا الدعم إلى جانب الدعم العسكري للإدارت الإقليمية في مثل هذه اللحظات الحرجة التي تمرّ بها هاتان الإدارتان، ومن الممكن ان تتكرر محاولات حركة الشباب لبحث ملاذ آمن لنفسها، وتطبيق استراتيجيتها التوسعية.

توقعات الحرب:

الحروب الدائرة بين إدارة إقليم غلمدغ وفلول حركة الشباب الذين يحاولون الوصول إلى منطقة حرر طيري معقل الحركة بعد أن فرّوا أمام قوات بو نت لاند التي ألحقت بهم خسائر مروعة, ليست إلا حروباً تكميلية  لا تستغرق وقتاً طويلا لعدة أسباب أهمّها :

  • أن فلول الشباب منهزمون نفسيا, والأعداد التي اصطدمت معها إدارة غلمذج يرجح أن تكون مجموعات محدودة العدد من التائهين والحيارى دخلوا إلى مناطق إدارة غلمذج بطريق الخطأ, وليس بحيازتهم العدة والعتاد لمواجهة طويلة مع قوات غلمدغ التي تتمتع بالمعنويات العالية مع تسليح ليس بأقل جودة من تسليح عناصر الحركة. والنتائج التي تتوالى بها التقارير تؤكّد على ذلك، حيث وقع كثير من عناصر المقاتلين قدرتها إدارة غلمذج بالمائة في الأسر, والبقية يختبئون في القرى النائية من إقليم مدغ, واقعين بين فكي كماشة قوات بو نت لاند التي تطاردهم من الخلف وقوات غلمدغ التي تواجههم من الأمام.
  • لا يوجد إمكانية لوصول إمدادات أو تعزيزات من الحركة لفك الطوق عنهم, نظرا لبعد المسافة بين معاقل الحركة في الأقاليم الوسطى والمواقع التي تدور فيها رحى المعركة, وقطع قوات إدارة إقليم غلمدغ الطريق على أيّة محاولة لإمداد ومناصرة الحركة لأفرادها المحاصرين .
  • محاصرة القوات التابعة لحلف ناتو لهم من جهة البحر قطع عليهم خطّ الهروب عبر الساحل, حيث تراقب قوات الناتو أي تحركات في هذه المناطق، ولا يوجد بحوزة المقاتلين أيّ بواخر يستطيعون أن يستخدموها لتجاوز تلك المناطق الشاسعة التى تفصل عنهم حررطيري.

كل هذه الأمور تشير بأن المعركة بين فلول الشباب وقوات إدارة غلمدغ لن تستغرق أكثر من الأسبوع الجاري، وستنتهى لصالح إدارة غلمدغ.

زر الذهاب إلى الأعلى