متابعة مشهد محافظتي هيران وشبيلي الوسطي الإنجازات والعقبات :

لم يتبقى من سياسة الحكومة تجاه نشر مبدأ الفيدرالية  في أنحاء البلاد  وبالأخص تأسيس الكيانات الفيدرالية  سوى تفعيل واستكمال مشروع  هيران وشبيلي الوسطى واقتراع  أجندة مخصصةلمحافظة بنادر .

منذ ان أعلنت الحكومة عزمها علي بناء إدارة إقليم لمحافظتي هيران وشبيلي الوسطى كان يخرج شكوك يحم حول الكيفية التي ستواجه الحكومة .

 كيف كان استعدادات الحكومة والقبائل قبل انطلاق المؤتمر:

بعد مشاورات واستماع آراء المعنيين من محافظتي هيران وشبيلي الوسطى واتخاذ جلسات مغلقة  بين الرئيس ومستشاريه ورفقائه المقربين له  ووكلائه من الحكومة انتهت كلها  في بدء تنفيذ هذا العزم .

أما في جانب القبائل القاطنة في هذين المحافظتين فإن أي قبيلة من هذه القبائل كانت تعقد جلسات تشاور حول هذا المستجد , ففي أروقة فنادق وملتقيات كل قبيلة كانت لا تفارق  جلسات القبيلة التي يحضرها سياسيو القبيلة ورجال أعمالها ونخبها المثقفة فضلا عن حضور النواب والأعضاء الممثلين لها في البرلمان  والحكومة  وفوق هذا كله حضور  السلاطين ورؤساء القبيلة .

أهم القضايا التي  كانت تدور في تلك الجلسات نقاش كل قبيله حول المنصب التي تفضل حصوله وكيف يمكن لها نيل هذا المقصود , وكان يعلن بعض أفراد المرموقين من القبيلة ترشحه ورغبته في تولي هذا المنصب  .

نقاط تجمع قبائل كل محافظة

وأما في سعيد المحافظتين فكانت هناك قضايا و مصالح تجمع قبائل كل محافظة عموما بينما تفرقهم تفاصيل بعض تلك المصالح , فإذا أخذنا مثلا قبائل محافظة هيران من المصالح التي كانت تجمعهم حصول بعض إن لم تكن الكل الأمور  التالية

_أن تكون عاصمة  إقليم الإدارة الجديدة واحدة من مدن المحافظة  .

_أن يكون الرئيس  منتميا محافظة هيران .

_ان تستضيف المحافظة جلسة المنتدي .

ونفس الكلام كان ينطبق علي قبائل محافظة شبيلي الوسطي .

دور الحكومة  في هذا المشهد

ظهر في الساحة التنافس الشديد بين المحافظتين, وأصبح دور الحكومة كدور الحكم في اللعبة .

فأصدر الرئيس حسن شيخ محمود مرسوما  رئاسيا LR.86  بتاريخ 19/12/2015 كان مكونا من أربعة نقاط وأبرز ما جاء فيه  :

_ أن تكون مدينة بولو بردي إحدى مديريات إقليم هيران عاصمة الإدارة الإقليمية المؤقتة لمحافظتي هيران وشبيلي الوسطى .

_وأن تكون مدينة جوهر عاصمة إقليم  شبيلي الوسطي هي المستضيفة لمؤتمر تأسيس الإدارة الإقليمية  لمحافظة هيران وشبيلي الوسطى .

لقي المرسوم الرئاسي ترحيبا باستثناء بعض القبائل القاطنة في محافظة هيران, لكن الرئيس أقنعهم بعد أن قام بزيارة إلي بلدوين عاصمة محافظة هيران . والجدير بالذكر أنه كان هناك حروب مشتعلة بين بعض القبائل الهير انية آنذاك مما دفعت الرئيس إلي القيام بهذه الزيارة  لتهدئة الأوضاع و إجراء مصالحة بين القبائل المتحاربة ,وبجانب تلك الزيارة كان هناك أيضا  تعيين محافظ جديد لمحافظة هيران بعد عزل المحافظ السابق والذي كان من أشد معارضي مخططات وزارة الداخلية  تجاه تشكيل الإدارة للمحافظتين .

شكلت الداخلية مسبقا لجنة فنية كان عملها تسهيل بدء وافتتاح فعاليات مؤتمر تشكيل الإدارة لمحافظتي هيران وشبيلي , وفي 12/شهر يناير الماضي  انطلقت فعاليات المؤتمر في مدينة جوهر بافتتاح رسمي من الرئيس .

ظهور جمهور معارض وأسباب ظهوره :

كان المفروض كما في جدول أعمال المنتدي أن يلي افتتاح  المؤتمر  دعوة لزعماء القبائل  والسلاطين لانتقاء المبعوثين ثم التجاوز إلي تشكيل البرلمان ,في هذا السياق اعلنت الوزارة  الداخلية  قائمة توزيع حصص المبعوثين للقبائل , لكن كان هذا الإعلان  بمثابة قنبلة سرعان ما انفجر الوضع وصاح معظم القبائل المشاركة  من النوافذ الإعلامية , تلت هذه الصيحات مقاطعة المؤتمر وعدم حضور جلساته  من قبل هذه القبائل   والرحيل مؤخرا بعد أن تمادت الداخلية قرارها  ولم تلق بالا ا لانتقادات الموجهة إليها  فضلا عن معالجتها .

كنا نسمع أصوات تدين الحكومة وتحملها فشل المؤقت وتوقف أعمال المؤتمر بسبب سوء تصرفاتها والغباء السياسي التي تنتهجها , ويبدوا هذا الكلام وجيها لأن المعارضة  في إدارة جلمدغ ما كانت لتكون لولا سوء تصرف الحكومة مع ملفهم وإقصائهم بدل لم شملهم .

لكن بعض المتابعين والمحللين يقولون إن هذا الموقف   كان يحمل دلالات كثيرة ولم يكن بالمرة سوء تصرف أو غباء سياسي و من الدلالات التي  يحمل الإعلان أنه كان  عرقلة  معمدة  ومؤقته من قبل الحكومة لكونها آنذاك  مشغولة بمؤتمر منتدي التشاور الوطني  وكانت تركز وتسلط الضوء كثيرا حتي لا يشغلها أعمال جانبية وبالتالي كان الإعلان رسالة مفادها أنها ستتفرغ لهذا المؤتمر فيما بعد , ومن الدلالات  أيضاتجربة الحكومة  حجم المعارضة التي ستتوجه في حال ما إذا اقتضت مصلحتها اتخاذ مواقف وقرارات كهذا أثناء  تشكيل الإدارة وتعرف رموز هذه المعارضة

مهما كانت فإن ثمة عقبة كبيرة تواجه الحكومة  , ونترقب كيف ستواجه معالجة هذه الاوضاع كي  تعود الأمور إلي نصابها ..

مؤتمر مضاد في بلدوين :

قبائل هيران هي التي عارضت بشدة ورفضت قائمة  توزيع حصص المبعوثين وبالتالي ندد قبائلها علي سعيد القبلي والإقليمي معا , وأعطت هذه فرصة لظهور سياسيين هيرانيين كانوا معارضين لسير الأحداث  ولكنهم يختفون أعماق القبائل  بسبب صراع بينهم وبين تحالف الرئيس الذي بيده معظم ملفات السياسية  ومن بينها ملف هيران وشبيلي, فقام هؤلاء السياسيون دور أ ساسي في افتعال الأزمة استفادة من غليان وغضب القبائل وقاموا بوحدة وتجييش هذه المعارضة وجعلها  تحت مظللة واحدة اسمها هيرانية , وانطلاقا من هذا جاء مؤتمر بلدوين كمؤتمر مضاد ومنه ظهر شروط و مطالب  جماعية جديدة أهمها عدم قبول بأي حال من الأحوال  أن يكون إقليم هيران وقبائله رهانا في يد حلفاء الرئيس وأن اهل هيران هم الذين لهم يد العليا لهذا المؤتمر .  نسف  المشاركون في هذا المؤتمر المضاد  قرارات  تم الاتفاق عليها مسبقا نكاية وضغطا علي الحكومة  منها استضافة مدينة جوهر لمؤتمر تشكيل الإدارة للمحافظتين.

زر الذهاب إلى الأعلى