صدى الأسبوع: من يقف وراء تأزم العلاقة بين الحكومة الفدرالية وصوماللاند؟

لتحميل الملف PDF

المحتوي

مقدمة  ……….. 3

خلفية الصراع الحالي بين الحكومة الفيدرالية وإدارة صوماللاند …………..3

“غافو ” ودوره في افتعال الأزمة ………………..4

قرارات اعتباطية وغياب البوصلة ………………………6

صوماللاند والترحيل القسري للصومالين……………..7

السيناريوهات المستقبلية …………..7

مقدمة:

في الاسبوع الماضي حدث تراشق اعلامي بين مسؤوليين من دولة الصومالية وإدارة صوماللاند ادي إلى اصدار مجموعة من القرارات من كلا الجانبين، وبعد أن تكشفت زوايا ” القضية” نقف ونتسأل من يقف وراء تأزم العلاقة المعقّدة بين الحكومة الصومالية وإدارة صومالاند، وكذلك نستشرف مستقبل علاقات بينهم في ضوء الأحداث الأخيرة التى تسببت في تعكير الأجواء وعمقت خلافات اللامنتهية بين الحكومة الصومال وادارة صوماللاند.

خلفية الصراع الحالي بين الحكومة الفيدرالية وإدارة صوماللاند :

بعد إنهيار حكومة المركزية في يناير 26 من 1991م دخلت الصومال في أتون صراع طويل، ولم تزل أثاره موجودة إلى يومنا هذا، وبعد مرور شهرين من سقوط النظام سياد بري في الصومال بالتحديد 18 مايو من نفس العام ،  تشكل نظاما جديدا في مناطق المستعمرة البريطانية من الصومال، وناشدوا المجتمع الدولي بالاعتراف للدولتهم الوليدة، ولكن لم تجد اي صدى حتى يومنا هذا، وبعد مرور ربع قرن من سقوط سياد بري لم تجد الصومال دولة قوية تحقق تطلعات الشعب الصوماليّ، الذي يعاني من أزمات خطيرة ومتجددة.

لم تنتهي انعقاد المؤتمرات في تركيا لفك عقدة الخلاف بين الصومال وصومالاند التى تصر إلى فك الارتباط عن الدولة الصومالية نهائيا واعتراف دولتها التى استمرت عقدين ونيف بدون اعتراف، وفي وجود هذه الخلافات الجوهرية بين الصومال وصومالاند بدأت الأخيرة إلى تبني سياسة إخراج الأجانب من أراضها، وتنفيذ متطلبات تواجدهم في داخل صومالاندي، وقد اثارت هذه السياسة إلى ردود أفعال قوية في أوساط المجتمع الصومالي.

وفي خلال هذا الوضع المتأزم أعلن عبدالله غافو محمد مدير مكتب الجوازات والجنسية والهجرة خطابا أصدره – حسب قوله – من وزارة الداخليةيطالب من خلاله خطابه إلى فتح مكتبا فرعي للإستخراج الجواز الصوماليّ في هرجيسا، وفور إعلانه تحدث وزيرة داخليةصوماللاند  للوسائل  الاعلام ونفي بما جاء في الخطاب الذي قيل انه خرج من مكتبه.

“غافو ” ودوره في افتعال الأزمة:

ذكر السيد عبد الله غافو محمد مدير إدارة الجوازات والجنسية والهجرة  في وزارة الداخلية بالحكومة الفيدرالية في مؤتمر صحفيّ عقده في مقدشو أنّه وصل إليهم طلب من حكومة صوماللاند بفتح مكتب فرعي لاستخراج الجواز الصومالي في هرجيسا لتسهيل استخراجه على مواطني صوماللاند” وأضاف غافو: إنهم لم يقدّموا بعد رؤيتهم في قبول هذا الطلب أو رفضه، مشيراً إلى أن المكتب يصرف جواز السفر لأبناء صوماللاند عبر مكتبه الرئيسي في مقدشو ومكاتبه الفرعية في جرووي وبوصاصو بولاية بونت لاند أوعبر الإنترنت.

وقد عرض غافو على الصحفيين صورة من الخطاب المتضمّنة لهذا الطلب والصادرة – بحسب غافو – من وزارة الداخلية في حكومة صوماللاند والحاملة لتوقيع السيد علي محمد ورنعدي والتي تلاها في وقت سابق في مقابلة له مع قسم اللغة الصومالية بإذاعة صوت أميركا.

من جانبه سارع السيد علي محمد ورن-عدي إلى نفي وجود الورقة المذكورة ووصفها بالدعاية الرخيصة التي تروج لها حكومة حسن شيخ محمود، وقال في مقابلة له على قسم اللغة الصومالية من إذاعة صوت أميركا: إن حديث رئيس مكتب الجوازات عن طلب فتح مكتب فرعي في هرجيسا لصرف الجواز الصومالي مثير للاشمئزاز.

وبعد تبادل هذه التصريحات النارية بين الجانبين علّقت الحكومة الصومالية جميع الرحلات الجوية بين هرجيسا ومقدشو في تصريح اصدره السيد عبدالله غافو محمد. وأمهل الخطوط الجوية العاملة على هذا الخط 21 يوما. حيث يبدأ بعدها مفعول الأمر بالسريان بدءا من يوم 22 فبرايو 2016م، وقال مدير مكتب الجنسية والجوازات:” اتخدنا هذا القرار بعد أن بدأت إدارة صومالاند في التضيق على المواطنين الصوماليين في الإقليم ومعاملتهم كأجانب، مجبرة إياهم على حمل أوراق ثبوتة أو تأشيرات فيزا لدخول صومالاند والإقامة فيها. وأكد أنهم لن يتراجعوا عن هذا القرار ما لم تغير صوماللاند سياستها في استهذاف الصوماليين المنحدرين من  الجنوب والمقيمين في الشمال”.

وفي سياق متصل ذكر وزير النقل والطيرانفي الحكومة الفيدرالية السيد/علي أحمد جامع” جنغلى:”  أن الحكومة الصومالية لم تُعلِق خطوط الطيران بين مقديشو وهرجيسا وإن ما قاله رئيس مكتب الجوازات والجنسية والهجرة عبد الله غافو محمد لم يكن خطابا رسميا صادرا من الدولة الصومالية، بل كان “خطابا” خاصا لمكتبه، لذا نعلن أن الخطوط الجوية بين المدينتين مفتوحة، ولن تتأثر بما قاله السيد غافو”، وذكر نائب وزير الأمن لإدارة صوماللاند محمد موسى ديري في اذاعة صوت امريكيا-قسم اللغة الصومالية:” بأنهم دولة مستقلة ويتعاملون الصوماليين علي اساس أنهم اجانب من دولة  أجنبية كما نتعامل مع الاثيوبين الذين تم إخرجهم من صوماللاند، وأضاف نايب  الوزير انهم – اصلا – لا يحبذون بأن تكون بيننا وبينهم خطوط جوية”.

ونتسائل كيف يمكن ان يأخذ قرارا يتعلق في خطوط الملاحة الجوية السيد عبد الله غافو محمد في ظل وجود وزير النقل والطيران الذي تنتدرج تحت مهامه إدارة الخطوط “ملف” الملاحة الجوية للوطن. وعلي اي اساس بني قراره لتعليق خطوط الجوية بين المدينتين، وكيف يعقل ان يأخذ قرارا ما لم تكن الحكومة الصومالية على علم في الحيثيات التى بنيت في هذا القرار!.

بصورة أو بأخرى ساهم السيد ” غافو” في تأجيج الصراع وذلك من خلال تصريحاته في الوسائل الاعلام التى إتسمت بطابع “هجومى” ولم تكن خطوة مدروسة، وكان من الاجدر ان يترك الملف للحكومة الصومالية التى من واجباتها ان تأخذ قرارا نهائيا عن تلك الأحداث المتجددة في ملف صومالاند وعن قراراتها الأخيرة لترحيل الصوماليين من أرضها، وإن طلبت صومالاند فتح مكتب فرعي للإدارة الجنسية والجوازات كان من المفروض ان تسثمر “الحكومة الصومالية” إلى تقريب صومالاند في حاضنة الدولة الصومالية، ولكن للسوء الحظ استفحل الوضع حتى وصل إلى طريق مشدود.

قرارات اعتباطية وغياب البوصلة:

في خضم هذه الاجراءات التعسفية التى اخذها كلا الجانبين، لا شك انها تُصعب العلاقة الهشة بين الحكومة الصومالية وادارة صوماللاند، وفي بداية الأمر كان من المفروض ان تقبل الدولة الصومالية فتح مكتب فرعي للجوازات والجنسية في هرجيسا، لكي تكون خطوة تدفع إلى وصول تفاهم في قضايا الجوهرية العالقة بينهم، ولكن ملابسات عرض الخطاب التى بعثت صومالاند –إن كانت صحيحة – إلى وسائل اعلام في ظل الوضع المتأزم، لم تكن خطوة موفقة اصلا، حيث زادت الطين بلة، ومن ثم تباين القرارات التى تأتي من مسؤولين من الدولة الصومالية تدل على مدى التخبط” السياسي” الذي تمره الدولة الصومالية، كيف يعقل ان يصدر قرارين مختلفين في خلال 48 ساعة يبطل يناقض أحدهما الآخر.

وكذلك تعامل “صوماللاند” للصومالين المنتمين إلى جنوب الصومال وترحيلهم قسرا أدت الى امتعاض الشعب الصومالي من تلك الخطوة، ووصف مراقبون لوضع الأقليم بأنه قرار اعتباطي وسياسي ولا داعي بإصداره في ظل الوضع القائم.

وفي ظل هذه الخطوات التصعيدية بين الدولة الصومالية من جهة وإدارة صومالاند من جهة أخرى سيعاني الشعب الصوماليّ نتيجة تلك القرارات الإعتباطية التى صدرت من الجانبين، وسيدفع ثمنا باهظا فى حالة ما اذا واصلت ادارةصومالاند في  تنفيذ سياستها الرامية الى ترحيل الصومالين من الشمال إلى مقديشو والمناطق الجنوبية، وهذه الخطوة وانعكاساتها ستعرقل  لا حقا المفاوضات المستقبلية بين الدولة الصومالية وإدارة صومالاند.

صوماللاند والترحيل القسري للصومالين:

تتصرف إدارة أرض الصومال تجاه قضية تهجير ما “يسمى الاجانب”بصورة تثير الإشمئزاز ،حملة ترحيل الأجانب والتي طالت كثيرا من الأجانب لاسيما الأوميين لها مبراتها عند الإدراة،وخاصة عندما يأتى الحديث عن الأمن والإخلال به وبألاداب العامة  فان للإدراة حقا في ترحيلهم،لكن الحملة هذه لم تقتصر على الأروميين وانما شملت النازحين من الجنوب الذين لجئو الى المناطق الشمالية أو مناطق مايعرف ب “صوماللاند” وطلب الإدارة من المواطنين الصومالين من الجنوب تصحيح أوضاعهم واستصدار ما يشبه تصاريح الاقامة أو مغادرة الأقاليم الشمالية كان أمرا مستفزا،أغاظ الكثير من السياسين والقيادات المجتمعية في الشمال والجنوب على السواء .

فالإدارة الانفصالية بدأت فعلا طرد أعداد غفيرة من المواطنين، عن طريق التهديد واصدار قوانين تعسفية ضدهم ووصل بعض الأسر الى مخيمات النازحين في غاروى –عاصمة- ولاية بونت لاند.

تحدث كثير من النازحين بسبب هذه الأزمة عن تهديدات مستمرة بالترحيل أو دفع مبالغ مالية مقابل بطاقات توفر لهم  السلطات المحلية شريطة ان يدفعوا إتاوات للسلطات المحلية،وهذه الخطوة التصعيدية جاءت نتجية للتخبط السياسيي والاداري،فالادارة بسبب مشاكلها الداخلية تحاول صرف انتباه المواطنين عن المشاكل الداخلية الى قضايا اللاجئن والنازحين.وهي قضية مسيسية من البداية الى النهاية.

السناريوهات المستقبلية:

ومن خلال متابعتنا للأحداث الراهنة والتي تطورت لاحقا الى حرب كلامية شعواء بين الحكومة الفدرالية وادارة صومللاند التي أعلنت الانفصال عن باقى الوطن من طرف واحد، وما تبعها من تراشقات وردود وتصريحات غير منضبطة عبر وسائل الإعلام المحلية و والعالمية،وخاصة تلك التي دارت بين وزير داخلية الإدارة  علي محمد “ورنعدى” وبين مدير ادارة الجوازات والجنسية والهجرة الجنرال المشاغب عبد الله غافو محمد على خلفية تلك الأحداث،واعلان الجنرال عن وقف الراحلات اليومية بين مقديشو وهرغيسا ابتداء من21 شباط/فبراير الجاري،ولكن بعد انفجار  طائرة الركاب التابعة لشركة داللو للطيران اتضح ان المتضرر هم سكان الجنوب ،وليس الشمال الذي يتمتع باستقرار نسبي منذ تسعينيات القرن الماضي،يبدوا من تلك المتابعة ان الأمور تأخذ عبر المسارات الآمنة.

ومن السناريوهات المستقبلية:

الجنوح نحو التهدئة هو السناريو الأقرب،وخاصة كل المؤشرات تشير الى امكانية بعد ان صرح وزير  النقل والطيران لوسائل المحلية بان الحكومة لا علاقة لها بقرار جنرال غافو،وان القرار اتخذه مدير ادارة الجوازات والجنسية والهجرة بشكل أوحادى،وهذا التصريح التصالحي المسؤول من وزير النقل والطيران بمثابة الاعلان عن الموقف الرسمي للحكومة الفدرالية،وقد يتجاوب مسؤولو ادارةأرض الصومال مع هذا الطرح الذي يصب في خانة المصلحة الهليا للشعب الصومالي في الإقليمين معا. وهذا السناريو الحتمي هو الحل الأمثل للوضع السياسي المتأزم،وربما يكون مفتاحا للاستئناف المفاوضات المتجمدة منذ فشل لقاء استنبول في العام المنصرم.

الانسياق وراء الأصوات التصعيدية،وهذا السناريو غير وارد خاصة في هذا الظرف العصيب،فالاحتكام الى صوت العقل وتقديم المصالح العامة على الخاصة المبنية بنزوات شخصية هي ماتحتم  به الطرق الحكيمة للسياسة الراهنة،وهونلمس من القيادة العليا في البلاد في تصريحاتهم الأخيرة.

مركز مقديشو للبحوث والدراسات

صدى الأسبوع- الإصدار العاشر

www.mogadishucenter.com

Email: info@mogadishucenter.com

زر الذهاب إلى الأعلى