جيبوتي: كيف تدعم واشنطن الإرهاب لمكافحة الإرهاب

التوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية قد يكون هو أفضل ما يمكن لـلرئيس أوباما القيام به من أجل جيبوتي.

التاريخ لن يرحم لـأولئك (الحكام) الذين يستخدمون الانقلابات العسكرية أو تغيير الدستور للبقاء في السلطة، وأن إفريقيا لا تحتاج إلى حكام أقوياء بقدرما تحتاج إلى مؤسسات قوية ومتينة هذا ما عبر عنه الرئيس أوباما خلال زيارته لـغانا في 2009م.

وعلى الرغم من تلك التصريحات القوية لتعزيز الديمقراطية في إفريقيا إلا أن الرئيس أوباما قد فشل حقاً لترجمة هذه الكلمات إلى أفعال ملموسة في واحدة من أصغر الدول الإفريقية وأهمها استراتيجيا (جيبوتي).

وتقع جيبوتي بين إثيوبيا (الحبيسة) غير الساحلية وإريتريا التي أصبحت مصنعا للاجئين.

وهي ليست مجرد واحة للاستقرار في منطقة مضطربة، بل تعد أيضاً حليفاً استراتيجيا حيويا لـلولايات المتحدة الأمريكية وشريكا مهماً في حربها لمكافحة الإرهاب في المنطقة.

ومن أجل إستغلال القيمة الإستراتيجية لـموقع جيبوتي، أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية فيها بـواحدة من أهم قاعدها العسكرية في الخارج (معسكر ليمونير) الذي يعتبر الوحيد من نوعه في عموم إفريقيا.

و شجع الرئيس أوباما ـ بشكل أو بآخر ـ لـإستبداد الرئيس جيله (السيئ السمعة) وانتهاكاته لـحقوق الإنسان في البلاد.   

وقد حكم الرئيس جيله على البلاد بقبضة أمنية لـمدة (16) عاماً وذلك منذ توليه للسلطة في عام 1999م، خلفاً لـ(عمه) الراحل حسن جوليد أبتدون الذي حكم البلاد منذ استقلالها في عام 1977م.

وعقب إنتهاء ولايته الرئاسية الثانية في 2010م، قام الرئيس جيله بـإجراء تعديلات في الدستور تسمح له بـالترشح إلى لولاية ثالثة (غير شرعية).

مما أدى إلى انذلاع احتجاجات شعبية واسعة في البلاد ومع أن الاحتجاجات ظلت سلمية إلا أن الأجهزة الأمنية استخدمت ضدها كل وسائل القمع.

وناهيك عن الدعاية الزائفة لـإشادة على ما يطلق بـ(هالة الاستقرار) في جيبوتي، فإن الرئيس جيله استخدم لـكافة وسائل القمع والاستبداد لسحق أي معارضة داخلية ضد نظامه من خلال حظر المظاهرات وسجن المعارضين وتقييد حرية الصحافة وانتهاك حقوق الإنسان.     

وفي مايو 2015م، كشف بيان لـمنظمة مراسلون بلا حدود كيف أن السيد/ ميدنه عوكيه المحرر الصحفي لـموقع (صوت جيوتي) يواجه عقوبة السجن وذلك لنشره على الفيس بوك صوراً لـلشرطة وهي تقمع على المظاهرات السلمية.

فقد وجه له القضاءالذي يسيطر عليه الرئيس جيله بشكل كامل، بتهمة (التشهير للشرطة) وحكم عليه بدفع غرامة مالية قدرها (12.000) دولار لتجنب من عقوبة السجن.

وإذا كان من الصعب أن تغير تلك التقارير بقناعات الرئيس أوباما فإن تقارير وزارة الخارخية الأمريكية في عام 2013 ـ 2014م التي تكشف عن القمع والإعتداء والاعتقال التعسفي إضافة إلى استخدام القوة المفرطة التي يمارسها النظام.

لم تزعج لـلرئيس ولا لوزير الخارجية جون كيري الذي زار لجيبوتي في مايو 2015م، ضمن جولته الإفريقية والذي بدل التعليق لـتقارير انتهاكات الرئيس وحكومته لحريات وحقوق الإنسان، اختار التركيز على تعزيز التعاون مع جيبوتي بإعتبارها حليف موثوق واستراتيجي لـأمريكا، مما يجعل الإدارة الأمريكية مسؤولة عن معانات الشعب والمأساة التي تتكشف في البلاد.

وفي حين يعد تغيير الدستور بحد ذاته انتهاك صارخ للتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، فإن دعوى قضائية ضد السيد/ عبد الرحمن بوره تسلط الضوء على الاستراتيجية المتعددة الأوجه التي ينتهجها الرئيس جيله لخنق الحريات السياسية.

   بقلم/ ريتشارد زبير ـ مجلة السياسة الخارجية

ترجمة/ عبد الله الفاتح ـ مركز مقديشو للبحوث والدراسات.

 

  

عبد الله الفاتح

باحث وكاتب صحفي. ماجستير في الإعلام بجامعة السودان للعلوم في الخرطوم (قيد الدراسة). حاصل على دبلوم عالي في الترجمة الصحفية في أكاديمية موزايك سنتر ـ أديس وبكالورياس في الإعلام بكلية الآداب في جامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم. يعمل محرر ومترجم في الوكالة الجيبوتية للأخبار.
زر الذهاب إلى الأعلى