الاحتفال بعيد الحب تقليد أعمى

ظهر في الأزمنة الأخيرة احتفالات لأعياد كثيرة لا تعد ولا تحصى خصوصا في عالم الغرب  إحياء لتراث تاريخية غابرة , من هذه الأعياد  عيد الحب أو عيد العشاق , يقيمون احتفال هذا العيد في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام , وهذه الاحتفالات لم تقتصر في الغرب وإنما تسربت إلى العالم الإسلامي .

مثلا عيد الحب كثير من شباب المسلمين  يشاركون احتفالها بصورة او بأخرى , وخاصة عبر قنوات التواصل الاجتماعي ,تراهم يتداولون شعارات تعبر عن الحب والعشق يرسل بعضهم البعض  ورودا حمراء , وبطاقات تهنئة, ورسائل تحتوي كلمات حب وعشق , يفعلون ذلك  تقليدا لغيرهم .

وللعلم  أن يوم الأحد  هو يوم الرابع عشر من فبراير , لأجل هذه المناسبة أحاول أنأتتبع عن قصة عيد الحب , متي  وكيف بدأت  , وكيف تسربت إلينا ,  وما هو موقف الإسلام منها .

أصل قصة عيد الحب :

تروي المصادر أساطير وقصص كثيرة عن أصل قصة عيد الحب  , وأذكر هنا أشهر هذه الاساطير مادام  سرد جميعها لا يرفع جهلا.

كانت الوثنية سائدة في الرومان في العصور القديمة  , وكان الرومانيون الوثنيون  يحتفلون في منتصف شهر فبراير  عيدا يسمي بعيد حب الآلهة , ويدعي أيضا بعيد ( لو بر كليا) , فلما اعتنقوا النصرانية  حولوها من عيد لاحتفال حب الآلهة  إلى  احتفال لذكري شهيد الحب , ويقصدون بشهيد الحب(القديس فالنتين ).

القديس فالنتين كما يقال كان داعية للحب والسلام  وناضل من أجل ذلك حتي استشهد , ويروى أنه  تصدي لقرار الإمبراطور الروماني (كلود يوس الثاني ) في منع الزواج من الجنود  بذريعة أنه يشغلهم عن الحروب , فكان القديس فالنتين يجري عقود الزواج للجنود سرا , ويذكر  أيضا أن الإمبراطور (كلود يوس الثاني ) كان وثنيا والقديس فالنتين يدعوا إلى النصرانية , فعلم ذلك الإمبراطور  وحكمه بالإعدام , وكان يوم إعدامه يوم 14فبراير ليلة احتفال العيد الوثني الروماني لحب الآلهة .

وهذا الاحتفال لذكرى استشهاد قديس فالنتين بدأ في القرن الخامس عشر في انكلترا , والشعارات التي كانت  تستخدم لإحياء هذه المناسبة كانت تتجدد وتأخذ أشكال مختلفة عبر الزمان,ففي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر انتشر كتابا كان يباع في المحلات, وكان يسمى بكتاب فالنتين وهو عبارة عن أشعار غرامية جمعت في كتاب وسميت ب فالنتين تشريفا لقديس فالنتين ,  واليوم تأخذ هذه الشعارات علي شكل ورود حمراء وبطاقات تهنئة بعضها فيها صور لطفل يحمل قوسا ونشابا وهو إله الحب عند الرومانيين الوثنيين حسب زعمهم , ورسائل تحتوي كلمات حب يرسل كل محبوب لمحبه وكل عشيق لعشيقه .

كيف تسربت إلى عالمنا الإسلامي :

من مقتضيات عصرنا الذي نعيشه انفتاح العالم بعضه ببعض سببه التطور الهائل في المجال التكنولوجي , ولذا بات من البديهي في عصر العولمة  ان يحدث مثل هذا الأمر , فالعالم يتأثر بعضه ببعض, ودائما الأمم المغلوبة مولعة باتباع الغالب ,  يقول ابن خلدون في مقدمته  الشهيرة : (( المغلوب مولع ابدا بالاقتداء بالغالب , في شعاره , وزيه , ونحلته , وعوائده )) .

ولذا من ينظر واقع أمتنا اليوم يرى هذا الأمر عيانا , وهذا مصداق قول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال  :

(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى، قال: فمن؟! ) .

موقف الإسلام من مشاركة هذه الأعياد :

الأعياد لها ارتباط بالعقائد , ما من عيد من هذه الأعياد  إلا ولها جذور عقدية وخير مثال على ذلك عيد الحب لها جذر عقدي ذكرناه آنفا , والعقائد هي من خصوصيات كل أمة لا يشاركها غيرها , ولذا جاء الإسلام وميزنا بعيدين ونهانا عن أعياد الامم الأخرى ومشاركتها وورد في ذلك نصوص صريحة  عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال : ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود وصححه الألباني, ومن حديث عائشة رضي الله عنها – كما في الصحيحين – قال صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل قوم عيداً ، وإن عيدنا هذا اليوم ) .وغير ذلك من النصوص الواردة في هذا الباب كلها تؤكد على عدم مشاركة المسلم بأعياد غير إسلامية  لأنها من الأمور التي تتميز كل أمة عن غيرها من الأمم  , طبعا هناك أمور نشارك معالأمم مادام ليست لها صلة بأمور عقدية وشعارات دينية ولم يرد نص في تحريمها , كالأمور الدنيوية البحتة , فالإسلام يحثنا من استفادة حضارات وتجارب الأمم الأخرى .

زر الذهاب إلى الأعلى