لماذا تخلّي الرئيس فرماجو عن جنسيته الأمريكية؟

في بيان صحفي أصدره مدير الإعلام في القصر الرئاسي عبدالنور محمد أحمد، ذكر فيه أن الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو تنازل اليوم المؤرخ بـ 1/أغسطس- آب/2019م طواعية عن جنسيته الأمريكية، رغم أنّ الدّستور الصومالي المؤقت يسمح للمواطن الصومالي بازدواجية الجنسية، كما جاء في بيان القصر الرئاسي.
وذكر البيان أن عملية تنازل الرئيس الصومالي عن جنسيته الأمريكية استمرّت لمدة طويلة كان قانونيون ومشرّعون في كلّ من مكتبي الجنسية في الصومال والولايات المتّحدة يعملون خلالها للوصول إلى هذه النتيجة التي تمت اليوم بتنازل الرّئيس محمد عبدالله محمد فرماجو عن جنسيته الأمريكية.
يذكر أن الرئيس الصومالي الحالي محمد عبدالله محمد فرماجو قد أمضى وقتا كثيرا من عمره في الولايات المتّحدة، حيث درس في بعض الجامعات الأمريكية واكتسب خبرات عملية أهّلته لأن يكون عام 2010م، رئيسا للوزراء في الصومال، ورئيسا للصومال في 2017م.

تتباين آراء الشارع الصومالي حول أسباب تنازل الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو عن جنسيته الأمريكية، وعلى الرّغم من أن البيان لم يتناول الأسباب التي جعلت الرئيس يتنازل عن جنسيته الأمريكية إلاّ أنّ المحللين يرون أنّ هناك أسبابا من بينها:
الاستعداد لإعداد قانون يحظر حاملي جنسيات دول أخرى من تقلّد مناصب عليا في البلاد: يرى بعض المحللين أن الرئيس الصومالي يسعى في خطوته هذه إلى زرع فكر يؤمن بأهمية حظر مزدوحي الجنسية من تقلّد المناصب العليا في البلاد، وذلك تمهيدا لمحاربة مزدوجي الجنسية المتمكين في مفاصل الدولة الصومالية والّذين تسببوا في جعل المواطن الصومالي ضيفا على البلاد، وذلك لانتشار مزدوجي الجنسية في كلّ مجالات الحياة من سياسة واقتصاد، مما سبّب المقيمين في البلاد الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية والتي حمّلت كثيرا من الفئة الشبابية المخاطرة بحياتهم عبر الهجرة غير الشرعية، لعلّهم يحصلون على جنسيات دول أخرى حتّى تتم لهم على الأقل منافسة من سبقوهم في هذا المجال مما يجعل البلد يضيع بين رغبات حفنة من مزدوجي الجنسية الذين يهتمون بجنسيتهم أكثر من اهتمامهم للبلاد، ولحلّ هذه المشكلة ارتأى فرماجو حسب تفسيرات بعض المحللين التنازل عن جنسيته الأمريكية ليكون بذلك ممهّدا لإصدار قانون يحظر مزدوجي الجنسية من تقلّد مناصب عليا في هرم سلطة البلاد، خاصة، وأن البلاد مقبلة على موسم انتخابي هو الأول من نوعه منذ أكثر من نصف قرن تقريبا.
جعل عنوان حملته الانتخابية “تثبيت الولاء للوطن” وإعطائه دروسا لمزدوجي الجنسية: يعتقد بعض المتابعين أن تنازل الرئيس عن جنسيته الأمريكية تأتي في إطار استعداداته لبرنامجه الانتخابي في 2020م، إذ إنّه يريد في هذه الخطوة أن يدلّ الناس على مدى حبّه وولائه لبلاده، حيث إنّه تخلّى عن جنسيته الأمريكية من أجل العمل لبلاده، وفي ذلك إعطاء دروس ضمنية لمن سينافسونه على الرئاسة والذين سيكون من بينهم إن لم يكن جلّهم من مزدوجي الجنسية.
التخلّي عن ولاء الدّولة الأخرى: يسمح قانون الولايات المتّحدة الأمريكية لمواطن حصل على الجنسية الأمريكية أن يحتفظ بجنسيته السابقة بشرط أن يتنازل عن ولائه للبلد الآخر، وهذا أمر في غاية التعقيد، حيث إنّه من الصعب جدّا أن يتنازل رئيس بلد عن ولائه للبلد الّذي يحكمه، وربما فرارا من هذه النقطة، أقدم الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد فرماجو على التنازل عن جنسيته الأمريكية.
دفع الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية: يرى بعض المحللين أن من بين الأسباب التي دفعت بالرئيس الصومالي إلى التنازل عن جنسيته الأمريكية فراره من دفع ضرائب في الولايات المتحدة، إذ إن القانون الأمريكي يجبر كلّ مواطنيه حتّى أولئك المقيمين في الخارج على التصريح عن مداخيلهم لدائرة الضرائب الأمريكية، فربما تفاديا من هذا أقدم على التنازل عن جنسيته الأمريكية.
رغبتة في القيام بزيارة إلى الولايات المتّحدة الأمريكية: لم يزر الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو الولايات المتّحدة منذ توليه منصب رئاسة الصومال في 2017م، وذلك لأسباب تتعلّق بجنسيته الأمريكية، حيث إنه لم يكن سيحظى باستقبال رسمي من قبل السلطات في الولايات المتّحدة الأمريكية لكونه يحمل جوازا أمريكيا يجعله مواطنا أمريكيا، مما يعني أنّه ربما قد يتعرّض لإقامة دعوى قضائية ضدّه فتتم ملاحقته من قبل القضاء الأمريكي، وهذا مما أدّى إلى عدم مشاركته في القمتين الدوليتين السابقتين، ولحلّ هذه المشكلة تمّ تنازله عن جنسيته الأمريكية حتّى يمكن له المشاركة في القمة الدولية القادمة التي ستعقد الشهر القادم في مدينة نيويورك الأمريكية مقرّ الأمم المتّحدة.
ومهما يكن من أمر فليس الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد فرماجو أول مجنّس أمريكي يتنازل عن جنسيته الأمريكية طواعية، حيث سبقه في ذلك رئيس الوزراء البريطاني الحالي بوريس جونسون الذي انتهت إجراءات تخلّيه عن جنسيته الأمريكية في 2017م، يوم أن كان وزيرا للخارجية البريطانية، ووصف جونسون جنسيته الأمريكية “بحادث ولادة” لأنه ولد في الولايات المتّحدة الأمريكية، حيث إن الولادة في الولايات المتحدة تكوّن مع إجراءات طلب الحصول على الجنسية الأمريكية، المصدران الأساسية للحصول على الجنسية الأمريكية.
وختاما، تعدّ خطوة الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو المتمثلة في التنازل عن جنسيته الأمريكية، فريدة من نوعها، وستفتح بابا واسعا ومختلفا للنقاشات الدائرة حول إمكانية مخاطرة مزدوجي الجنسية من السياسيين الصوماليين بجنسياتهم الأخرى لإثبات مدى صدق وطنيتهم وولائهم لوطنهم الصومالي، إذ إن كثيرا من أوساط الشعب الصومالي كان لديه تفكير بأن السياسي الصومالي لن يخاطر بجنسيته الأخرى لأجل الصومال، لكنّ ما قام به الرئيس الصومالي سيكون له تأثير واضح في تفكير ذلك القطاع العريض من الشعب الصومالي.

زر الذهاب إلى الأعلى