حوار حصري مع وزير الثروة الحيوانية والمراعي ( الجزء الثاني)

أجرى المقابلة : محمد سعيد مري

(مركز مقديشو): كتبت وسائل الإعلام المصرية  عن احتجاج رجال الأعمال المصريين على تباطؤ دولتهم في تفعيل بروتوكول التعاون بين البلدين، فلماذا لا نسمع صوتكم كوزارة أو كحكومة ؟

معالي الوزير: كما احتج رجال الأعمال المصرين لدى دولتهم فنحن من جانبنا قدمنا احتجاجا رسميًّا الي مصر لتفعيل الإتفاقية التى تضم 500 رأس من العجول الحية في كل سنة، وقد تأخر الوفد الرسمي الذي كان من المفروض ان ينزل في العاصمة مقديشو لأسباب وصفت بـ” الأمنية ” اكثر من مرة، ولكن الوزارة استكملت ما يتعلق بجانبها من الإجراءات بهذا الخصوص، حيث بعثنا بالأوراق الرسمية من الوزراة وقد أخبرونا أنهم مستعدون للقدوم الي هنا في أقرب وقت، وقد أعلنت مصر بصورة رسمية عن استقدامها العجول من الصومال، وبقي الآن ارسال خبراء في الطب البيطري ليقيموا المحجر في مقديشو تمهيداً لبدء عملية تصدير المواشي.

(مركز مقديشو): بعد الحروب الأهلية وقع اقصاد البلاد في أيدي تجّار من القطاع الخاص بما فيه تصدير المواشي إلى الخارج. مما يتسبب في توقف تصدير المواشي بصورة متكررة ولأسباب واهية من قبل الدول المستقبلة للمواشي الصومالية، فكيف يمكن ان نتجاوز هذه العشوائية؟

معالي الوزير: نحن نؤمن بحرية الاقتصاد ولا نخطط حاليا للحدّ من حرية الاقتصاد في بلدنا،  أما تنظيم الأنشطة الاقتصادية فيما يخص جانب المواشي فقد بدأنا في إخضاعها لمجموعة نظم وقوانين تنظيمية، وتشجع التّجار على استثمار قطاع المواشي في بلدهم. علماً بأن الطرق التقليدية في تربية المواشي لا تستجيب لمتطلبات الأسواق الإقليمية، فطريقة تربية المواشي عن طريق الانتقال والنتجاع وراء الأعشاب والأمطار ينبغي التحول عنها إلى الاستقرار بالمواشي في حقول دائمة غير متنقلة يتم فيها توفير حاجتها من الماء والأعلاف. لأنّ هذه الطريقة الحديثة من شأنها أن تلبي متطلبات السوق، ومن ثمّ ترفع مستوى الدخل الفردي وتعزز القوة الإقتصادية في البلاد. مما يعني أننا نستطيع ان ننهض من جديد.

سنتجاوز هذه العشوائية واعتقد انها ليست تحديا يواجهنا في الفترة القادمة، فقد تباحثنا مع وزارة الاقتصاد واتفقنا على أن نشجع المستمثمرين الصوماليين في قطاع الثروة الحيوانية وأن نقدم لهم التسهيلات التي تدفعهم للمشاركة في نمو اقتصاد البلد، فإن من المشاكل الموجودة حاليا أن مالك المواشي يقطع مسافات طويلة لكى يجد العلف لمواشيه وتتكاثر عليه التكاليف كلما طال بقاؤه في السوق ومن ثم يضطرّ إلى بيع ماشيته بثمن بخس غير مجز بالنسبة للمال الذي صرفه في علفها وحراستها، فضلا عن جهده ووقته في جلبها وتعهّدها ورعايتها. لأجل ذلك نعطي المستثمرين نصائح تتعلق باحتساب العائدات بصورة اقتصادية، وأن يقوموا بالموازاة بين السوق المحلي والسوق الخارجي. ومن الخلل القائم حاليا أن السوق المحليّ أغلي من السوق الخارجي ومع ذلك لا يتوقف تصدير المواشي، ومن الضروروي أن يكون السوق المحلي ارخص من السوق الخارجي كما يقتضي المنطق. لأنّ أسعار السوق الخارجي عبارة عن أسعار بيع المواشي مضافا إليها رسوم الضرائب والجمارك و تكلفة التوصيل الإضافية.

ومن التحديات الموجودة في سوق تصدير المواشي تباعد المسافات بين مناطق جلب الماشية وموانئ تصديرها الصُومالية وارتفاع الضرائب. وكل تلك التحديات تساهم في تدنّي مستوى التصدير  إلى الخارج. ونحن من جانبنا نعمل على تشجيع الإستثمار وتذليل تلك العقبات. وقد عقدنا مؤتمرات وأجرينا مباحثات لتسهيل تلك التحديات لعلمنا بأن تصدير المواشي احد أهم موارد الوطن للحصول على العملات الصعبة.

(مركز مقديشو): الإحصائيات المتوفرة عن أعداد الثروة الحيوانية حاليا ترجع في أصلها إلي منظمات دولية هي التي أعدّتها، لماذا لا توجد إحصائيات رسمية من قبل وزارتكم بشأن الثروة الحيوانية الموجودة في البلاد؟

معالي الوزير: هناك إحصائية رسمية ترجع لثمانينات القرن الماضي، وهذه فترة بعيدة، وبعدها قامت بعض الهئيات بإجراء إحصاءات حول أعداد المواشي في البلاد، لكنها غير رسمية. ومن المتفق عليه رسميا أن الصومال يحتل المرتبة الأولى فيما يتعلق بالإبل التي يملك منها مايقارب 6-7 ملايين رأس. بينما مجمل الإبل الموجودة في العالم تقدّر بــ 10ملايين رأس، ويأتي السودان في المرتبة الثانية، وكذالك الأغنام فالصومال من البلدان العشرة الأولى الأكثر  من حيث عدد الأغنام في افريقيا.

والأبقار وإن كانت اقل إلا أن هناك أعدادا معقولة منها. وهذه كلها قياسات وليست إحصاءات رسمية، وإن إجراء إحصاءات للمواشي ليس بالأمر السهل،فمثلا السوادن الذي زرناه قبل أيام كان آخر إحصاء للمواشي أجراه في عام1975، أي قبل آخر إحصاء عندنا بسنوات. وتعتزم الوزارة إجراء إحصاءات بأعداد المواشي، كما تعتزم إجراء فحوصات جينية للأنواع الموجودة في البلاد، مما يتطلب رصد ميزاينة خاصة به.

(مركز مقديشو): نرى بعض الدول توقف استيراد المواشي الصومالية دون إنذار سابق ألا يوجد هناك اتفاقات وبرتوكولات تنظم تجارة المواشي بين الصومال وهذه الدول؟ وهل هناك أرقام للمواشي التي تم تصديرها هذا العام؟

معالي الوزير: فيما يخص الشطر الأول من سؤالك فان للدول حق المتابعة والمنع فهم احرار في ذلك، ونحن نركز على حل بعض الشكاوى المتعلقة بالجودة، ونجري مفاوضات لحلها، ولا يوجد حاليا حظر للمواشي الصومالية من قبل الدول المصدّر إليها، والأخطاء تأتي من التجار الصوماليين، فتصدير مواشي دون وجود حاجة في السوق مشكلة كبيرة. وهناك ترتيبات لتحسين الأداء على جميع الأصعدة، وإن هذه الدول  بذلت كل ما في وسعها في التعامل مع الصومال واستيراد مواشيه في ظروف بالغة التعقيد، كما أشيد بدور المنظمات الدولية العاملة في مجال صحة المواشي وخاصة تلك التي بذلت جهودا جبارا في مساعدة الصومال بهذا الخصوص.

وفيما يخص أعداد المواشي المصدرة لهذا العام فتقدر بـ 5 ملايين رأس، والموسم لم ينته بعد وسنتعرف على المزيد حول هذا الموضوع بعد انتهاء الموسم رسميا، كما أن محجر  مقديشو لم يبدأ أعماله بعد.

(مركز مقديشو): هناك مواشي يتم ارجاعاها من الاسواق العالمية لعدم تطابقها مع مواصفات الجودة ويتم استهلاكها محليا، وحتى تلك التي تذبح في الأسواق لا تخضع لفحوص وقواعد صحية ولا يتم التأكد من خلوها من الأمراض. وهذا يسبب مشاكل صحية للمستهلك المحلي، ماسياسة الوزارة تجاه هذا الأمر؟

معالي الوزير: وضع المحاجر عموما جيد فادارة المحاجر فيما اعلم لا تقصر مع احتمال وجود ما يسبب مشكلة صحيّة، وفيما يخص المسالخ المحلية فهناك تدريب لـ 150 عاملا من عمال المسالخ والملاحم، كما تم تدريب عشرين كادر من الكوادر البحثية المتخصصة في هذا المجال، وهذا البرنامج يأتي في إطار التعاون بين الوزارة ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو). وهناك خبراء من جامعة مكريري الأوغندية يشاركون في التدريب الجاري وسيقام حفلة لاختتام الدورة قريبا ويتم توزيع معدات مخصصة على المتدربين

(مركز مقديشو): على ضوء مشروع القرار الذي تقدمتم به الى مجلس النواب ماهي الشروط التي يجب توفرها في المستثمرين الأجانب في مجال الثرة الحيونية؟

معالي الوزير: ليست هناك شروط إضافية. طبعا من الممنوع عندنا تصدير أنثى المواشي، كما لا بد وأن يكون عند المستثمر الأجنبي شريك تجاري محلّي، وأن لايذهب هو بنفسه الي القرى والأرياف لشراء المواشي وأن يترك المجال لصغار التجار. والذي يخصنا في هذا المقام هو صحّة المواشي. أمّا ما يخص الشروط المطلوبة من المستثمر الأجنبي وما هي الإجراءت المتبعة فانه من مهام  وزارتي التجارة والاستثمار ، ويخضع لقوانين الاستثمار الأجنبي.

(مركز مقديشو): أخيرا، فيما يتعلق بقطع الأشجار لصناعة الفحم، معالى الوزير، نعلم أنه تم وقف تصدير الفحم النباتي إلي الخارج؟ ماذا عن الكميات المستهلكة محليا؟

معالي الوزير: هناك دراسة توضح أن 60%من الأشجار المقطوعة تتم لغرض التصدير لا للاستهلاك المحلي، والكميات المستخدمة من الفحم للاستهلاك المحلي لا تتجاوز 40% . والتي تسبب التصحر هي تلك الكميات الكبيرة والتي تقطع لأغراض التصدير، ومقابل حظر قطع الأشجار لأغراض الفحم يتم التشجيع على توفير البدائل من الغاز المستخدم لأغراض الطهي، وهناك بدائل أخرى مقترحة لكنها تحتاج إلى دراسة قبل تطبيقها، ومنها المواقد العاملة بالروث بدل الفحم وهي رخيصة نسبيا وتم تطبيقها في كثير من البلدان الإفريقية.

وأشكر هنا حكومة المملكة العربية السعودية على منعها تصدير الفحم النباتي إليها، وكانت أكبر دولة تستورد الفحم النباتي الصومالي.

زر الذهاب إلى الأعلى