هجوم مطعم ليدو :الدلالة والتوقيت

مطعم ليدو أحد المطاعم السياحية المطلة على شاطئ المحيط الهندي في حي عبد العزيز في العاصمة مقديشو،وكان معظم رواد هذا المطعم من طبقتي المتوسطة  والعليا،ويتزايد عدد رواد المطعم في الليالى الخميس والجمعة،وكان المطعم يقدم لرواده وزبائنه خدمة متميزة الأمر الذي جعل مفضلا  ومزدحما.

لم يكن الهجوم على مطعم ليدو ليلة الخميس الفائت21من شهر يناير الجارى والذي اؤدى بحياة ما لايقل عن 25وجرح ثلاثين آخرين من  المواطنين الأبرياء من بينهم اطفال ونساء جاو الى مكان الحادث للترويح عن النفس أو التنزه لم يكن خروجا عن القاعدة التي درجت عليها الشباب منذ ظهورها فى الساحة الصومالية مطلع عام2005فقد سبق للحركة ان استهدفت أماكن للتجمعات المدنين في أوقات متفرقة من الاعوام السابقة، منها على سبيل المثال لاالحصر انفجار “فندق شامو” في الثالث من كانون الثاني/ديسمبر2009 وانفجار مقر وكالة الجلود في الرابع من اكتوبرعام2011  والذي اؤدى بحياة 70 وجرح ما لايقل عن 50 آخرين كلهم مدنيون من المواطنين معظمهم كانوا طلابا جاءو الى المكان لمتابعة نتائج امتحانات المنحة،لايوجد في ادبيات الحركة مايمنع من استهداف المدنين ـأثناء تنفيذ العمليات الانتحارية أو الاقتحامية،فالهجوم الأخير يبرهن مما لايدع مجالا للشك ان الحركة لاتزال في نهجها القديم.

دلالات الهجوم الأخير على مطعم ليدو

هذا الهجوم يحمل في طياته مجموعة من الدلالات يمكن إجمالها فى الآتى:

  • اولى هذه الدلائل هي ان حركة الشباب أرادت ابلاغ رسالة الى الحكومة الفديرالية مفادها أنهم لايزالون يملكون وسائل المواجهة،وأنهم موجودون رغم تكثيف أجهزة الأمن الوطنية حملاتها ضدهم،وهذه الرسالة قد وصلت فعلا الى قادة الحكومة وأجهزتها الامنية ،والحركة من عادتها إرسال مثل هذه الرسائل التذكيرية لغرمائها بغض النظر عن الاساليب المستخدمة ومدى شرعيتها.
  • من دلالات هذا الهجوم ارتفاع معنويات الشباب بعد العمليات “النوعية الأخيرة “التي نفذتها الحركة ضد قاعدة قوات حفظ السلام الافريقية في عيل عدى ازدات معنوياتهم بقدر ما اضعفت هذه العملية معنويات القوات الصومالية والقوات الافريقية المساندة لها،وهو أمر طبيعي.
  • منها ان حركة الشباب لا تزال قوية ومتماسكة رغم ما تعرضت وتتعرض له من انقسامات داخلية بينها بسبب ظهور أصوات تنادى بضرورة المبايعة مع مع تنظيم الدوله.ويبدوا ان الحركة تجاوزت تلك المرحلة بسلام كما لم تتأثر بالضربات العسكرية التي توجه لها الحكومة وشركاؤها.
  • استمرارها في اسلوب فرض الإتاوات على التجار حتي بعد انسحابها وطردها من العاصمة وكثير من المدن الاخرى في الجنوب،هناك أنباء تتحدث حول تلقي صاحب المطعم مكالمات هاتفية من الشباب قبل وقوع الحادث بأيام،وطالبو بدفع مبلغ من المال كضريبة إجبارية عن فنادق ومحلات تجارية يملكها هذا التاجر في مدينة جوهر –حاضرة إقليم شبيلى الوسطى-الا ان الرجل رفض طلبهم بحجة ان حركة الشباب لم تعد تسيطر على الإقليم لذا،فلاداعي لأن يدفع لها ضريبة أو اتاوات،فلو كانت المدينة خاضهة لسيطرتها لدفع اليها ما تطالبه،حسب ما أفاد للمركز متابع من ذوى ذلك التاجر طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بأمنه وسلامته.

يذكر ان مالك مطعم ليدو الذي تعرض للهجوم يملك فنادق في مدينة جوهر التي تستضيف حاليا مؤتمر تشكيل الادارة الإقليمية لمحافظتي هيران وشبيلى الوسطي،وان معظم المرشحين لرئاسة تلك الادارة ينزلون في فنادقه،وهذا من الذرائع التي ربما تستخدم حركة الشباب للهجوم على مطعم ليدو للماكولات البحرية.

توقيت الهجوم

مابين المغرب والعشاء وفي الساعة7:15مساء بتوقيت المحلي في مدينة مقديشو،في وقت تعج المنطقة بحركة نابضة، هاجمت مجموعة انتحارية مكونة من خمسة افراد على مطعم ليدو للمأكولات البحرية،وهذا التوقيت بذات بالضافة الى وقت الفجر هو التوقيت الذي تفضله حركة الشباب في تنفيذ هجماتها الانتحارية والاقتحامية ضد الأهداف العسكرية والمدنية،والأسباب التي تجعل حركة الشباب تفضل هذا التوقيت في نظري كثيرة من أهمها:

أ)معظم افراد الجنود والقوات التابعة للحكومة تخززّن القات ومواعديد استهلاكه واستخدامه غالبا تكون في الفترة مابين1:30ظهرا الى 10:30ليلا،وفترة مابين المغرب والعشاء هو فترة الأوج التي يصل تأثير القات الى أعلى درجاته.

ب)أما فترة الصباح الباكر هي فترة النوم وخاصة لمن يستخم القات لايمكن له ان صاحيا ونشيطا في مثل تلك الفترة المبكرو من الصباح،والشباب قبل غيرهم يعلمون ذلك جيدا.

يأتى هذا الهجوم بعد اسبوع واحد فقط من تمكن الشباب إقتحام قاعدة القوات الكينية التابعة “لاميصوم” في عيل عدى في إقليم جدو ومقتل ما لايقل عن 80جنديا وجرح آخرين بينما لايزال عدد أخر من المفقودين ربما وقعوا اسرى في يد الحركة،وان لم تعلن الحكومة الكينية رسميا عن حجم الخسائر الناجمة عن ذلك الهجوم،فمعنويات قوات الشباب مرتفعة جدا لهذا لا مانع لديها من مواصلة هجوومها على الأهداف داخل العاصمة مهما كانت أهميتها،وهو في النهاية بالنسبة للحركة مؤشر لعودة مايسمى “العمليات النوعية”وربما يكون التوقيت الزماني والمكاني مجرد إختبار لأجهزة المن والمخابرات الحكومية

كما يأتى هذا الهجوم قبل أيام فقط من استئناف أعمال المنتدى التشاولري في مقديشو بعد فشله في التوصل الي صيغة مشتركة حول كيفية الإنتخابات المقبلة في كسمايو الأسبوع الماضي.

أخيرا يأتى هذا الهجوم في حين تتحدث أجهزة الأمن عن انجازات ححقتها في إفشال عددغير قليل من العمليات الانتحارية داخل العاصمة،وتفكيك ععد آخر من شبكات مايسمى”الأمنيات”الذراع الامني لحركة الشباب.

الجدير بالذكر هنا ان أجهزة الأمن والمخابرات الدولة يعمل جاهدا ليلا ونهارا لكنه لايزال بحاجة الى تطوير ليواكب حجم التحدايات الماثلة أمامه،ودن هذا عقبات يعلمها صناع القرار السياسي في البلاد .

 

زر الذهاب إلى الأعلى