القبيلة في كينيا…… التداعيات والنتائج وآفاق المستقبل

مقدمة

على الرغم من أن كينيا تعتبر واحدة من الدول الأكثر استقرارا  في منطقة شرق ووسط إفريقيا، إلا أن القبلية قد تهدد هذا الاستقرار النسبي الذي تميزت به كينيا منذ الاستقلال عام 1963م عن نظيراتها في المنطقة، وفي هذه الدراسة نحاول الاستعراض لجانب من هذه المشكلة وجذورها، والتي ربما هي مرتبطة بالدرجة الأولي  بتركة الاستعمار البريطاني ، كما سنلقي الضوء على دور النخب الحاكمة في ترسيخ القبلية، إضافة إلى التداعيات والنتائج التي ترتبت عليها، وكيف ارتبطت القبلية بالسياسة، وأخيرا الآفاق المستقبلية للبلاد، وفق المحاور أدناه:-

أولا: أزمة القبلية والنخبة الحاكمة

كان الشعب الكيني شعب متلاحم على الرغم من تعدد أجناسه وقبائله التي تجاوزت (41) قبيلة، وعاشت القبائل الكينية  بسلام دون أن تكون هناك حروب على أسس عرقية، باستثناء بعض الصراعات على الماء والكلأ في بعض المناطق. لكن مع مجيء  الاستعمار البريطاني في نهاية القرن التاسع عشر ظهرت الشحنات قبلية إلى السطح، و كانت نتيجة طبيعة لإفرازات الاستعمار حيث مثلت إحدى أبرز أدوات السياسة البريطانية الاستعمارية آنذاك في تقسيم المجتمع إلى عرقيات وقبائل بهدف التحكم على المستعمرة الجديدة (كينيا)، الأمر الذي أدى إلى حالة من الشك المتبادل بين القبائل.

لكن من سوء الحظ، لم تعالج النخب الحاكمة على هذه المشاكل بعد الاستقلال ،وبدلاً من ذلك سعت إلى ترسيخ تركة الاستعمار، وتأسست أحزاب سياسية تعتمد بالدرجة الأولى على العنصر القبلي في هياكلها، وتتمثل في حزبين كبيرين وهما: حزب الاتحاد الوطني الكيني الأفريقي(كانو)، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكيني الأفريقي (كادو)،  وكان الأول يسيطر عليه إلى حد كبير قبيلتا الكيكويو واللوو، بينما كان يسيطر على الأخير تحالف يضم جميع القبائل الكينية الصغيرة.

وفي هذه الفترة كان يسعى حزب “كانو” بزعامة حومو كينياتا أول رئيس بعد الاستقلال ونائبه جيراموغي أودينغا إلى الاعتماد على نظام مركزي بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، فيما أصر حزب “كادو”  الذي كان يمثل القبائل الأخرى إحداث نظام فيدرالي للحكم خوفا من هيمنة قبيلتي (الكيكويو واللوو) على الحكم(1).

وبما أن حزب “كانو”  كان هو الحاكم في ذلك الوقت فقد قام بتجاهل مطالب الفيدرالية معتمداً على نظام مركزي أسهم كثيراً في توسيع الفجوة السياسية والاجتماعية القبلية بين الكينيين.

لكن سرعان ما حدث خلاف عميق بين قادة حزب “كانو” بعد سنتين من الحكم ليستأثر الرئيس جومو كينياتا بالسلطة والمال، فيما قام باعتقال نائبه جيراموغي أودينغا، وقد أدار جومو كينياتا البلاد  لصالح قبيلته “الكيكويو” من خلال المحسوبية دون أن يلقى نظرة على التداعيات المؤلمة التي سترتب عليها، وقد  تجلت هذه المسحوبية والقبلية في إدارة الدولة من خلال الإنفاق الحكومي الكبير في البنية التحتية والاجتماعية في مناطق الكيكويو، مقابل تهميش واضخ للمناطق الأخرى، ولم يكتف جومو كينياتا إلى هذا الحد، بل قام بتصفيات واغتيالات واسعة النظاق ضد الأصوات الداعية إلى توزيع الثروة بشكلٍ أكثر عدلاً، بما في ذلك حليفته “اللوو” لدرجة تصفية رموز سياسية بارزة من “اللوو” بينهم الوزير توم مبويا، والذي كان يعتبر أحد أقطاب النظام،  لأن كينياتا كان يرى بأن “اللوو” تهدد عرشه إذا ما استمر التحالف معها باعتبار أنها من أكثر القبائل الكينية تعليماً.

وفي نفس الوقت لجأجومو كينيا إلى نوع آخر من الذكاء السياسي لترسيخ حكمه حيث استقطب أبرز الوجوه السياسية من حزب “كادو” المعارض بينهم “دانيال أراب موي” والذي أصبح لاحقاً نائبا له ، وينتمي موي إلى قبيلة كالنجين إحدى القبائل الكبيرة – بعد الكيكويو واللوو -لتتحول الأخيرة منذ ذلك الوقت حتى اليوم إلى عدو سياسي لذوذ ضد الكيكويو.

وبعد وفاة جومو كينياتا 1978م ، تسلم موي حكم البلاد ، واستمر على نفس النمط في إدارة الدولة،كما عمد هو الآخر إلى إقصاء الكيكويو  ورفع شأن قبيلته إلى جانب استقطاب أقليات أخرى، غير أنه لم يستطع اجتثاث الكيكويو كلياً كما فعل سلفه “كينياتا” ضد القبائل الأخرى، فمن جهة كانت تمتلك الكيكويو ثروة هائلة مكنتها في وقت من الأوقات (1982م) من زعزة حكمه عن طريق إنقلاب فاشل قام به السلاح الجوي الكيني، ومن جهة ثانية تمثل الكيكويو أكبر عرقية سكانية(22%) في البلاد، إضافة إلى ارتباطها العميق بالحكم في عهد جومو كينياتا.

مع ظهور التعددية الحزبية في 1992م ، تزايدت القبلية وبدأت تؤثر على المشهد السياسي بشكل ملحوظ، كما نشأت أحزاب سياسية كثيرة،كل يعتمد على قبليته في تثيبت أركانه، ومن بين الأحزاب التي تأسست حزب (Ford Kenya)من قبيلة اللهيا، وحزب( DP)  الكيكويو، (FORD PEOPLE من قبلة كيسي، SPK) ) من قبائل ماجيكيندا الساحلية، الحزب الوطني الديمقراطي / الحزب الليبرالي الديمقراطي من قبيلة اللوو ، (SDP) – من قبيلة كامبا، وهلم جرا.

ثانيا: تداعيات القبلية ونتائجها

أدت القبيلة المترسخة في المجتمع الكيني – بفضل الاستعمار والنخب الحاكمة!! – إلى عدد من المشاكل في كينيا تجلت تداعياتها في أكثر من جانب تتمثل في الآتي:-

انقسام سياسي على أسس عرقية: مع أن الانقسام السياسي  على العرق كان حاضرا في المشهد السياسي الكيني منذ الاستقلال ومروراً بالتعددية الحزبية، والتي بدأت في عام 1992، إلا أن انتخابات في عام 2007 كانت علاقة فارقة في تاريخ الكينيين،  وذلك عندما انقسم الكينيون على نتائج الانتخابات بعد ما قام حزب الوحدة الوطنية بزعامة الرئيس كيباكي بتزوير الانتخابات،  لتنطلق شرارة العنف في أنحاء متفرقة من البلاد، وتم استهداف قبيلة الكيكويو  في منطقة الوادي المتصدع ،  مما أدى إلى مقتل أكثر من ألف وثلاثمائة شخص خلال ثلاثة أيام، وتشريد  الآلاف من ديارهم ومزارعهم.

فمنذ ذلك الوقت، أصبحت الولاءات العرقية هي السائدة لدى التنظيمات السياسية، باعتبار أن أي تظيم سياسي يمثل جماعة عرقية معينة لتعزيز مصالحه الخاصة دون أن تكون هناك أدى مراعاة للمصالح الوطنية، كما تستخدام هذه التنظيمات الشعارات الثقافية لإثارة العواطف العرقية بهدف تحقيق مكاسبها السياسية.

فعلى الرغم من أن نتائج الانتخابات المثيرة للجدل هي التي أسهمت في العنف العرقي في البلاد، إلا أن الاستقطاب الجهوي لدى النخبة السياسية قبل الانتخابات كان عاملا محوريا حول الانقسام العرقي بحيث كان واضحا مدى حضور العامل العرقي في المعادلات السياسية.

لكن الانقسام السياسي على الأسس العرقية لا يعزي إلى الشعب الكيني، والذي أثبتت التجارب بمدى التلاحم الثقافي والعرقي السائد بين مكوناته، بقدر ما  ما يعزى إلى النحبة السياسية والتي دائما ما تحاول استغلال العرق من أجل  مصالحها الخاصة،  وبالتالي فإن  العملية الانتخابية في كينيا منذ انتخابات 2007م   لم تعد سوى إحصائية مبطنة  للكشف عن التوازن القبلي، ما يجعل الولاءات القبلية هي العامل الأكثر حسماً في تحديد سلوك الناخبين في بلد غير متجانس عرقيا وثقافيا(2).

انتشار الفساد: مشكلة الفساد يعتبر قضية مستعصية في كينيا بحيث يتحدث الكل عن مضاعفاتها على التنمية، كما أن كينيا تعتبر واحدة من الدول الإفريقية الأكثر فسادا حيث اشتشرى في مفاصل الدولة، مما أدى إلى شلل شبه كامل في الأداء الحكومي والذي بدوره أثر على حياة المواطنيين، وتمثل جرائم الفسادفي كينيا من الرشوة والإغراءات السرية وإساءة استخدام السلطة، واختلاس الأموال العامة، والحيازة غير القانونية لأراضي عامة، لتحتل كينيا الرقم145  في عام 2014م  بشأن معدل جرائم الفساد من أصل 175 دولة وفقا لمؤشرات منظمة الشفافية الدولية.(3)

ومع ذلك كله لا يوجد إرادة سياسية لدى النخب الحاكمة في محاربة الفساد، وأن كل ما تفعله هو إطلاق تصريحات من هنا وهناك بأنها ستقوم باللازم، وعليه فإنه من الصعب جداً الحد من الفساد بسبب أن الفاسيدين يتمتعون بحماية من المسؤولين في أعلى هرم السلطة بسبب القبيلية،مما جعل الفساد يتوسع بشكل مذهل، لا سيما في ظل إدارة “اليوبيل” الحاكمة حاليا، مما جعل الدول المانحة تدق ناقوس الخطر ، وتهدد باتخاذ إجراءت صارمة ضد النظام الحاكم،وذلك بعدما أصدر سفراء 11 دولة من الدول المانحة في 11 نوفمبر الماضي بيانا مغتضبا عن الفساد المستشري في كينيا بعيد اجتماعهم مع لجنة مكافحةالفساد، كما أعلن السفراء في وقت لاحق من البيان بحظر مسؤولين كينيين كبار متهمين بالفساد من السفر إلى بلادهم، وفي نفس الوقت أكدوا استعدادهم لاتخاذ المزيد من الخطوات ليس فقط على محاربة الفساد ، وإنما أيضا إعادة الأموال المسروقة إلى الشعب الكيني.

المحسوبية:  تعد المحسوبية واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه كينيا، ويتم توظيفها على الأسس العرقية دون مراعاة للمؤهلات في بعض الأحيان، ويتجلى ذلك من خلال تقارير رسمية حيث أظهر تقرير  صادر عن لجنة الخدمات  العامة ( 2014م): أن ثلاثة قبائل فقط من أصل 41 قبيلة في كينيا تستحوذ على ما يقرب من 50% من الوظائف الحكومية، بحيث جاءت قبيلة “الكيكويو” الأولى بما يمثل 22.3 % من مجموع القوى العاملة في مؤسسات الدولة. وحازت قبيلة “الكالينجين” في المركز الثاني 15.3 %، فيما أصبحت قبيلة “اللهيا” المركز الثالث بنسبة 11.3% وكان هذا التقرير نتاج دراسة استقصائية شملت (168) مؤسسة حكومية يعمل فيها(92) ألف موظف(4).

والجدول أدناه يوضح نسبة كل قبيلة من هذه القبائل الثلاثة من مجموع سكان كينيا، وحصة كل منها في الوظائف الحكومية.

م

القبيلة

نسبة القبيلة من مجموع سكان كينيا

نسبة القبيلة في الوظائف الحكومية

1

الكيكويو

17%

22.3%

2

اللهيا

14%

11.3%

3

الكالنجين

13%

15.3%

4

المجموع الكلي للقبائل الثلاثة

45%

49%

يمكن ملاحظة الجدول أعلاه، بأن  القبائل الثلاثة وحدها حصلت على 50% تقريبا من مجموع الوظائف الحكومية، فيما لا يتجاوز نسبة تعدادها 45% من مجموع سكان البلاد.، وهذا لمؤشر حقيقي بمدى الصورة القاتمة لهذا البلد ودور القبلية في تقسيم الشعب.

وعلى مستوى الموظفين في القصر الرئاسي، فإن 297 من أصل 654 موظف يعملون فيه ينتمون إلى قبيلة الرئيس أهورو (الكيكويو)  وهي نسبة تصل إلى 45.4% ، بينما 96 موظفا ينتمون إلى قبيلة نائب الرئيس (الكلنجين) وفقا لتقرير  أصدرته لجنة الخدمة العامة (PSC) .نهاية العام 2015م(

ضعف الاتنتماء الوطني: على الرغم من أن الكينيين يفتخرون بهويتهم الوطنية إلا أن القبيلة السائدة على نظام الحكم في كينيا ولدت لدى بعض المواطنيين ضعف الانتماء الوطني، بحيث إن هناك مجموعة كبيرة من الكينين يرون أنهم مواطنون بالدرجة الثانية لما لحق بهم من تهميش سياسي واجتماعتي وتنموي منذ الاستقلال حتى اليوم، لأن التمهيش واستأثار  بعض القبائل على السلطة والثروة قللّ لدى هؤلاء الاعتزاز بهويتهم الوطنية، وبالتالي أصبح الولاء للقبيلة أقوى من الولاء للوطن،.وأن معظم الكينيين يعرّفون أنفسهم بأنهم ينتمون إلى هذا المجتمع العرقي أو ذلك” ليس في المناطق الريفية فقط وإنما حتى في المناطق الحضرية، ما يعني أن الهوية الوطنية في تراجع كبير مقابل تنامي الهوية العرقية، وهو أمر بلاشك سيشكل تحدياً كبيراً أمام هذا البلد الذي يعتبر ملهماً للديمقراطية الإفريقية منذ عقود.

ثالثا: آفاق المستقبل.

في واقع الأمر القبيلة سرطان يهدد استقرار كينيا ، وليس هناك ما يوحي بتراجعها حتى الآن، بل يتصاعد شأنها منذ انتخابات2007 ، والتي مازالت تداعياتها ومضاعفاتها مستمرة حتى اليوم . وتعود أزمة القبلية في كينيا إلى عاملين أساسيين وهما: المساواة (توزيع الثروة بشكل أكثر عدلا) والذي يبدوا أنه تحسن في الآونة الأخيرة، أما الثاني، فهو المشاركة السياسية والتي باتت حكرا لبعض العرقيات، ويشكل العاملان(السلطة والثورة) محورا أساسيا في أي اندماج اجتماعي  يتم بين القبائل، وبدون معالجتمها لن تحقق كينيا أي استقرار سياسي في المستقبل حسب تقديري.

ففي ما يتعلق بالمساواة في توزيع الثروة، فيبدو أن الجدل الذي كان يدور حولها في طريقه نحو التتراجع بشكل أو بآخر بسبب اعتمام النظام اللامركزي في إدارة حكم البلاد منذ عام 2013م، وذلك عقب استفتاء على دستور جديد صوت عليه المواطنون في عام 2010م. وهو دستور بلاشك أسهم كثيرا في حل بعض القضايا ذات الصلة بتقسيم الثروة خلال الثلاث السنوات الماضية، كما ينص الدستور على توزيع كينيا إلى 47 محافظة تتمتع كل محافظة بهيكل حكومي محلي منتخب تتلقى ميزانياتها من الحكومة المركزية وتحت تصرف المسؤولين المحليين في كيفية صرف الانفاق عبر مجالسهم المحلية.

وعلى الرغم من أن مجموع الموازنات التي تتلقاها المحافظات من الحكومة المركزية لا تتجاوز 15% من الميزانية الكلية الوطنية،إلا أن أنها قللت من الصراع القبلي على الثروة إلى حد ما، وبالتالي فإن التنازع القبلي على الثروة قد يتراجع في المستقبل القريب على الرغم من  وجود  أصوات داعية برفع موازنات المحافظات إلى 40% من الميزانية الكلية بدلا من 15% المعتمدة حليا، وإذا ما تم الاتفاق على الخيار الأخير فإن كينيا تكون قد طوت صحفة الجدل حول  الثروة  المتنازع عليها بين القبائل والمناطق، الأمر الذي سيؤدي إلى مرحلة جديدة من التعانق القبلي والانسجام الاجتماعي في بلد متعدد الأعراق.

أما المشاركة السياسية فقد أصبحت حكراً لقبليتين حكمتا البلاد منذ الاستقلال وهما: قبيلة الكيكويو التي ينتمي إليها ثلاث رؤساء من أصل أربعة رؤساء في تاريخ البلاد منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1963م حيث تولى جومو كينياتا (1963-1978م) وكيباكي (2002-2012م) وكينياتا الابن (2013 ) وهو الرئيس الحالي، أما القبيلة الثانية وهي قبيلة كالنجين التي ينحدر منها الرئيس الأسبق دانيال أراب موي(1978-2002م) كما أن نائب الرئيس الحالي يأتي من نفس القبيلة.

وهذا الأمر يراه الكثير من المراقبين بأن هناك تحالف برجوازي بين الطقبة الحاكمة على الرغم من التباعد العرقي بين القبيلتين بحيث أن الكيكويو من عرقية “بانتو “بينما الأخرى تنتمي إلى العرقية “النيلينة”. وإن كان هذا التحالف طبقي بامتياز  إلا أنه يمثل استأثارا حقيقيا بالسلطة من قبل القبيلتين.

وبما أن الحكم ارتبط بقبيلتين فقط منذ الاستقلال فإن المشاركة السياسية ظلت مغلقة أمام القبائل الأخرى، ما يعني أن الكينين ما زالوا منقسمين حول المشاركة السياسية التي حجبها أبناء القبيلتين عن الأغلبية الأخرى، ولعل اصطفاف القبائل التي تشعر بالتهميش حول  المعارضة في الانتخابات الأخيرة 2013م كان نتاجا طبيعبا من هذا الشعور ، كما أن الكثير من الكيكويو يرون بأحقيتهم لرئاسة البلاد وأنهم بدرجة أعلى من القبائل الأخرى.

لكن الأدهى من ذلك هو استمرار التحالف بين القبيلتين إلى ما بعد سنوات قادمة، حيث أتفق الرئيس “أوهورو” ونائبه “روتو” على إعادة انتخاب أهورو في الانتخابات القادمة 2017م، وبعد انتهاء الدورة الثانية في 2022م من حكمه سيتم انتخاب نائبه “روتو” لرئاسة البلاد، وبدعم من الأول وقبيلته، ما يعني أن القيادة الحالية ما زالت تمارس أشكالا من التمييز العرقي، وحشر ما عدا قبائلهم في هامش المياه، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى مرحلة جديدة من الاحتقان القبلي والذي سيتطور إلى مواجهة عرقية في المستقبل ما لم تغير القيادة استراتيجتها القائمة على العرق في الوصول إلى السلطة.

رايعا: الخلاصة والتوصيات

في واقع الحال، القبلية هي ممارسة رجعية ظلت عقبة كبيرة أمام الديمقراطية المحرزة في هذا البلد،  وكذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت هي المسؤولة عن الكثير من الأمراض المستعصية مثل التخلف والفساد وتزوير الانتخابات والعنف العرقي والفرص غير المتكافأة في مؤسسات الدولة،ولا يوجد لها معالجة حقيقة لطالما تتجاهل النخبة الحاكمة الأسباب الحقيقية وراء تصاعدها، لأن السبب الرئيسي للقبلية في كينيا اليوم هو المنافسة على السلطة والموارد بدل أن تكون هناك صيغة واضحة لتقاسم السلطة والموارد وفق الأطر الدستورية.

ونظرا لهذا، فإننا نقدم عددا من التوصيات لتجنب الممزيد من الاحتقان القبلي وإخراج البلاد إلى بر الآمان :-

إصدار قوانين تمنع الأشخاص والمؤسسات والأحزاب السياسية والجمعيات من الدعوة أو الترويج للتمييز العرقي أو الممارسات التمييزية على أساس العرق، وتشجيع التسامح والتفاهم وقبول التنوع في جميع جوانب الحياة الوطنية.

تشجيع المشاركة الكاملة لجميع العرقيات والقبائل في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكذلك التجنب من تزوير الانتخاباب. والسعي إلى مراعاة التوازن العرقي والقبلي عند التوظيف في مؤسسات الدولة.

على الحكومة أن تضع خطة لتعزيز البرامج التعليمية والتدريبية لتوعية الجمهور ودعم وتعزيز السلام والوئام بين الكينيين، واحترام أشكال التنوع الديني والثقافي واللغوي.

التحقيق في شكاوى التمييز العرقي أو العنصري، وتقديم توصيات إلى النائب العام، ولجنة حقوق الإنسان أو أي سلطة أخرى ذات الصلة بشأن اتخاذ التدابير اللازمة.

تحديد وتحليل العوامل التي تحول دون تحقيق علاقات متناغمة بين الطوائف العرقية، وخاصة الحواجز التي تحول دون مشاركة أي جماعة عرقية في المساعي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتقديم التوصيات للحكومة وأي هيئة ذات صلة بالموضوع.

مراقبة ومراجعة جميع التشريعات وجميع الإجراءات الإدارية التي من شأنها أن تؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص، وتقديم مقترحات لإعادة النظر في هذه التشريعات والإجراءات الإدارية.

على  الوكالات الدولية والجهات المانحة مثل البنك الدولي، والإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي أن يربطوا المساعدات التنموية التي يقدمونها للحكومة في تطبيق الدستور واتخاذ اللازم لمنع  العنف ضد القبائل الأخرى. وهذا أمر حيوي لأنه يؤدي إلى  القضاء على المسألة القبلية.

المراجع

(1) Stephen Orvis” Moral Ethnicity and Political Tribalism in Kenya’s “Virtual Democracy”,

2001, Camridge University, Pape (8)

http://www.jstor.org/stable/1167103?seq=1#page_scan_tab_contents

(2) Felicia A. Yieke “Ethnicity and Development in Kenya: Lessons from the 2007 General

Elections” ـJune 2014http://2m1wji4fi7mw252rpnmo25u6.wpengine.netdna-

cdn.com/files/2014/07/dissertation-on-Ethnicity-in-East-Africa-for-publishing-as-a-CERS-

working-paper-Laura-Althoff.pdf

(4) “Three tribes take up half of all public sector jobs”, 22 Feb 2014, Daily, Nation

newspaper. http://www.nation.co.ke/news/Public-Service-Commission-Report-

Tribes-Jobs/-/1056/2218064/-/ycnxdqz//index.html\

(5) http://tuko.co.ke/77133-kikuyu-how-uhuru-and-rutos-tribes-dominate-state-house-jobs.html

علي جبريل الكتبي

من مواليد عام 1982 بمدينة منديرا في شمال شرق كينيا، أنهى المرحلة الثانوية في معهد نور الإسلام عام ٢٠٠١م ثم حصل على بكالوريوس في التربية و التاريخ من جامعة إفريقيا العالمية بالسودان أكتوبر ٢٠٠٦م والماجستير من معهد الخرطوم الدولي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها أغسطس ٢٠٠٩م. عمل مع الجزيرة والبي بي سي كصحفي مستقل في فترات مختلفة، باحث في قضايا إفريقيا الشرقية ومنطقة البحيرات. يكتب في عدد من المواقع العربية والمجلات العلمية، وله مجموعة من البحوث والدراسات حول المنطقة
زر الذهاب إلى الأعلى