ريادة الأعمال في الصومال(1)

بدأت ريادة الأعمال في منتصف القرن الماضي واعتمدت كمادة تدرس فى الجامعات مؤخرا وذلك لأهميتها الحيوية فى الحياة البشرية، وكونها تساعد باطلاق عنان المشاريع الابتكارية ” الحالمة” للشباب. فقد اندمجت ريادة الأعمال فى أسلوب حياة الدول الغربية و حتّى انتقلت فيما بعد إلى الدول العربية ، وقد سجلت شركات صغيرة بنجاحات باهرة و عائد ماليّ ضخم، و فى المقابل ننظر– في هذا المقال –  إلى وضع الشركات الناشئة فى الصومال ، ذلك البلد الذيبدأ يتعافى منأثار الحروبالطويلة ، و نعرض لكم المجالات التى بإمكانها أن يستفيد منها أصحاب الأفكار  التجارية ” الخلابة” في داخل الوطن.

فمفردة ريادة الأعمال يقابلها في الإنجليزية” Entrepreneurship”ويقال إنها ترجمة تقاربية وليست دقيقة، لأن بعضا من الكتاب في شأن موضوع ريادة الأعمال يستخدمون بمفردات أخرى مرادفة للمعنى ريادة الأعمال كمثل ” المبادرة” ” العمل الحرّ” ” الريادة ” و غيرها من الكلمات، ولو ميّلنا نحو اللغة الصومالية قليلا،فنجد أن أقرب مفردة بالمفهوم العام لريادة الأعمال هى Hal-abuurGanacsi”” أو ” Ganacsigayar-yar” فلا يوجد حاليا فى الوطن مركزا يهتم في الصياغات اللغوية نستطيع من خلاله أن نعتمد عليه لأجل ذلك نأخذ هذه الترجمة كاجتهاد شخصيّ للكاتب.

فقد عرّف العالم الإنجليزي جوزيف شومبيتر ( 1883- 1950 )لرائد الأعمال “هو ذلك الشخص الذي لديه الإرادة والقُدرة لتحويل فكرة جديدة أو اختراع جديد إلى ابتكار ناجح” فمن خلال هذا التعريف نجد أن الأعمال الإبداعية التى حولت العالم إلى قرية كونية صغيرة بدأت بأفكار  صغيرة و إرادة قوية حتّى تطورت بمرور الأيام إلى أن أصبحت شركات عملاقة ساهمت برقي العالم إلى الأحسن، ومن  ضمن هذه المؤسسات “شركة مايكروسوفت – Microsoft Corporation  ” و “شركة أبل – Apple Inc ” و ” شركة فيس بوك – Facebook ” وغيرها من الشركات العالمية الناجحة التى بدأت رحلتها الى النجاح بمجرد فكرة بسيطة ومن ثم انتقلت إلى واقع حياتنا.

وفى الصومال تمثل ريادة الأعمال مجالا خصبا لم يستفذ منهبعد، ولم تكتشف الموارد الطبيعية التى تتمتع بها بسبب الوضع الأمنيّ، وفي ظل تلك الظروف الحالكة نشأت شركات محلية وقدمت للمجتمع الصومالي خدمات ومنتجات مبتكره ،وسنتناول في المجالات التى نشطت فيها تلك الشركات
، لكى نعرف عن الواقع الحاليّ لتلك الشركات.

أولا: شركات تحويل الأموال

فيمثل نظام تحويل الأموال واحد من القصص الناجحة لروّاد الأعمال الصوماليين، وقد قدموا للعالم نموذجا ماليا جديدا يتسم بالسرعة والدقة في تحويل الأموال ، وتطور هذا النظام بعد التسعينيات خاصة لما دخلت الصومال في أتون الحروب الأهلية وهجر آلاف من المجتمع إلى الخارج الوطن، واستفادت شركات تحويل الأموال في ردم احتياجات الشعب الصومالي المتنافر فى الخارج، واسست شركات معروفة فى أوساط المجتمع الصوماليّ بـ ” الحوالة ” بأعداد كثيرة  في داخل الوطن، ومن بين تلك الشركات:

  • شركة دهب شيل للحوالةDahabshiil

يعتبر شركة ” دهب شيل ” لتحويل الأموال من أنجح  الشركات الصوماليّة لتحويل الأموال، أسست في عام 1970م  وبدأت عملها فى تحويل الأموال علىنظام التحويل الذي يعرف باسم “Franco Valuta (FV)” والذي تضمن استيراد البضائع وإرسال العائدات من بيعها إلى عائلات المهاجرينوذلك بسبب الرقابة المالية التى فرضته آنذاك حكومة محمد سياد برى.

وفي التسعينات ، سجلت الشركة ظفرت كبيرة وحققت أرباحا هائلة بذلك لأنها اكتسبت ثقة الشعب الصومالي، ووصلت إلى أغلب المدن الصومالية،  ويصل فروعها 126 فرعا في العالم أربعين منها في أفريقيا ،وتقدم الشركة خدمات متنوعة، ومن أهم تلك الخدمات تحويل الأموال و الخدمة المصرفية.شركة دهب شيل التي وجدت قبولا كبيرا في أوساط المجتمع، ويوجد مكتبها الرئيسي في مدينة هرجيسا شمال الصومال (ارض الصومال) ، وقداعترفت المنظمات الدولية بأن شركة “دهبشيل” تمثل هي  أكثر أمانا لتحويل الأموال فى العالم.

  • شركة أمل اكسبريسAmal Express

أمل اكسبرس هو جزء من”مجموعة أمل “وقدأنشئت الشركة الأم في أواخر 1990م من قبل سبعة من رجال الأعمال الصوماليين،وذلك من خلال اندماج  بين عدد من شركات تحويل الأموال.

وفي عام1997 أسس شركة أمل اكسبريس في إمارة رأس الخيمة في دولة  الإمارات العربية المتحدة، وهى مسجلة  فى منطقة التجارة الحرة بالإمارات العربيةالمتحدة وفرعها الرئيسي في دبي، ولديها أكثر من 300 موقع ووكيل في أنحاء مختلفة من أفريقيا والشرق الأوسط وشرق آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، ودشنت الشركة أخيرا مصرفا جديدا في الصومال.

  • شركة توكل اكسبريسTawakal Express

أسست شركة توكل اكسبريس قبل 20عاما، وتقدم خدمات تحويل الأموال من خلال نحو 600 وكلاء ومكاتب في جميع أنحاءالعالم،ولديهاالقدرةعلى عمل تحويل 20 مليون دولار شهرياالى الصومال،و 50 مليون دولار شهريا إلى جميع أنحاء العالم من الجاليات الصومالية في الخارج إلى أسرهم.

  • شركة جوبا اكسبريسJubba Express

أسست شركة جوبا أكسبريس فى فبرايو 2009م وهى شركة مملوكة للقطاع الخاص، ويقع مكتبها الرئيسي فى المملكة المتحدة ويعتبر جوبا اكسبريس من أسرع شركات الحوالات نموا إذ لديها حاليا أكثر من 50 مكتبا فى العالم.

وهي واحدة من شركات تحويل الأموال في الصومال التى يوصف بها بالبنان لتحقيقهم نجاحا منقطع النظير  في نظام التحويل الأموال العالمي، ويوجد كذلك عشرات من شركات تحويل الأموال فى الصومال وكلهم يقدمون خدمات تحويل الأموال العصرية لوكلائهم، واشتهر الصوماليون بهذا المجال وذلك لكثرة المغتربين الموجودين في الخارج، وتقدر احصائيات دولية فى شؤون الهجرة بأن خمسة ملايين صوماليين هاجروا من بلدهم نتيجة الحروب الأهليةالتى وقعت فى أواخر القرن الماضي مما فتح نظام ” الحوالة” مصرعيه للصوماليين ، وأن صوماليين معروفون بالتكافل الاجتماعي، فاحتاجوا لتدشين شركات تحويل الأموال،  وبمرور الزمن امتلك رواد الأعمال الصوماليين خبرة كبيرة في قطاع تحويل الأموال مما جعل الشركات الصومالية تنال التقدير لدى المنظمات الدولية.

 

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى