تحليل: دلالات تمرد أفراد من الجيش الوطني

على الرغم من تسليم دولة الإمارات العربية المتحدة الدفعة الأولى والثانية من رواتب 10000فرد من افراد الجيش الصومالي الشهر الماضي  للحكومة، فان أزمة رواتب القوات المسلحة لا تزال تشكل واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الصومالية في الوقت الراهن .

أمس السبت 05-12-2015  تمردت عناصر من القوات المسلحة ، وأغلقت الشارع الرئيسي الذي يربط العاصمة مقديشو بمنطقة جزيرة في محافظة شبيلى السفلى “،  احتجاجا على عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية.

خرجت العناصر من ثكناتهم  في عدد من المناطق بالعاصمة مقديشو، ومعهم معداتهم القتاليّة سواء أكانت بأسلحة الكلاشنكوف وعربات مصفحة مما أدى إلى توقف حركة السير في الطريق لنحو ساعات  بسبب الرصاص  التي تطلقها القوات المحتجة على كل من لا ينصاع لأوامرهم.

رسائل تلك القوات واضحة ومحقة، لكن قد تتطور الي أمور  لا يحمد عقباها. تقتصر مطالبها في الوقت الحالي بدفع رواتبهم التى تأخرت منذ شهور وتحسين ظروف عملهم. لكن إذا لم تستجب الحكومة فورا  لا نبالغ إذا قلنا فأنها تؤدي الي أحد الأمرين  الأولى، إنهيار ما تم بناؤه خلال السنوات الماضية وعودة أفراد الجيش الي عشائرهم  وزعمائهم  . والثاني، الإنضمام إلى النظام المعادي أو حمل السلاح ضد نظام الحكم.

لم تحصل القوات المسلحة على حقوقهم “المالية” لمدة شهور، وأن التمرد كان بهدف توصيل رسالة إلى الحكومة الفيدرالية تعبرعن مدي يأسهم  من الوعود المتكررة ، وفقدانهم لحقوقهم الأساسية  والحوافز الماليّة التى تعهدت بها الحكومة .

كان تعامل الحكومة مع الحدث أقل من المستوى المطلوب ولم يعلق حتى الآن  أي مسؤول كبير من الحكومة مطالب الجيش واحتجاجاتهم.  فيما يبدوا تنظر الحكومة الي مطالب الجيش بأنها قضية  روتينية وجزء من مشكلة عدم صرف الرواتب التي يعاني منها العُمال المدنيون والشرطة  الذين هم حصلوا على حقوقهم المالية بعد شهورٍ من الغياب في الشهر الجاري، وكذلك موظفو الدوائر الحكومية والوزرات لم يحصلوا على حقوقهم الماليّة، في ظل غياب أي بوادر أمل لنيل حقوقهم، بسبب الفساد الذي يعشعش في  دوائر الدول حسب إعتقاد البعض.

ولو  تسألنا مثلا أين تذهب الأموال التى تُأخذ من الدول المانحة والبنك الدولي والعائدات المالية من الميناء والمطار في مقديشو التي تصل عائداته إلى أكثر من مليونَي دولار شهريا وكذلك الضرائب التى يدفعها المواطنون، بينها أموال كثيرة تذهب سدى ولا أحد يعرف أين مصيرُها !، لأجل ذلك تحصد الصومال في كل عام لقب أفسد دولة في العالم، ولا يتجاوز إجراء  الحكومة تجاه تجفيف منابع الفساد في الصومال مجرد كلام وينطبق عليها المثل العربي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا ، بل كل من يأتي إلى السلطة يأخذ دوره في اختلاس أموال الشعب كأنهم تواصوا به واتفقوا على ذلك.

ومن المسلّم أن غياب الرواتب بصورة عامة تؤثر على معنويات الجيوش والموظفين وتجعلهم لا يؤدون واجباتهم بشكل طبيعيّ وسَلس، وكيف يكون الحال لشرطيّ يأخذ أغلب وقته في شوارع المدينة وأزقتها ويقف في حرارة الشمس الملتهبة ولا يجد  مبلغا من المال تكفي في إعالة أسرته وأهله، وعلاوة على ذلك فإن حياته مهددة ” بالقتل” في أي اللحظة، وإن مما يساهم في الفلتان الأمني في العاصمة هي ضياع حقوقهم المالية، وفي المقابل يكون الشرطي أو الضابط عرضة للإغراءات الماليّة من جهات معارضة للحكومة وأيُّ جهة لا ترغب في تعافي الصومال من كبوتها.

لا يمكن أن تعود هيبة الجيش الصومالي وتاريخه النضاليّ العريق إلا عندما توفّر له احتياجاته الأساسية. وأول ما يجب على الحكومة أن تغطي رواتبهم بدون تأخر و لا دوران، ومن الضروري أن تعطيهم حوافزا معنوية ومالية لكى تستطيع القوات المسلّحة التضحية بحياتهم لأجل الوطن.

إن مما يسبب في ضعف الحكومة الصومالية ، ضبابيّة موقفها الاستراتيجية تجاه القوات الأمنية المختلفة، علما بأن القوات الأفريقية (أميصوم) يتقاضون رواتبا عاليا في داخل الوطن،والذي  سيبقى على أرض الواقع هم القوات الصُومالية، فعلي الحكومة إذن أن تتحمَّل كافة مسئولياتها تجاه القوات الأمنية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى