الصومال في القرن العشرين ( حلقة 19  )

الصومال فى عهد الوصاية

  1. الحكومة الداخلية.
  • المجلس الإقليمي:

عند انتقال السلطة إلى الإيطاليين لم يكن هناك فى الإقليم أية قوة أو هيئة منظمة من الصوماليين تستطيع أن تتكفل بتولى مناصب إدارية كبيرة. لذلك يعتبر إنشاء المجلس  الإقلمي من أهم الإنجازات الملحوظة للإدارة الإيطالية ، حيث قدمت الإدارة الإيطالية فى الرابع من مايو 1950 إلى المجلس الاستشاري طلبا تستشيره فى موضع تكوين المجلس الإقليمي الذى يطابق المادة الرابعة من إعلان المبادئ الدستورية لمعاهدة الوصاية التى تنص” يعين الحاكم الإداري مجلسا إقليميا يكون مؤلفا من الشعب وممثلا له، وعلى الحاكم أن يستشيره في جميع الأمور باستثناء ما يختص بالدفاع والشؤون الخارجية، ويمارس الحاكم الإداري السلطة التشريعية بالتشاور مع المجلس الإقليمي غلى أن يتم تأليف مجلس تشريعي عن طريق الإنتخاب ” وقد وافق المجلس الإستشاري على تكوين المجلس فى 17 مايو 1950م[1]

وأفتتح الحاكم الإداري لصوماليا فى أول يناير 1951 ولأول مرة فى تاريخ البلاد الساسي المجلس الإقليمي الأول ، وقد اشترك فى هذا المجلس الذى يعتبر أول جمعية سياسية يشترك فيها أبناء الصومال اشتراكا فعليا فى حكم البلاد لتحقيق المصالح العامة.[2] كما يعتبر أيضا أول اختبار للسياسيين الصوماليين لإدارة البلاد باشتراكهم الرسمي. [3]

وعلى الرغم من أن المجلس ليس له الحق فى وضع التشريعات إلا أنه ذو أثر كبير  فى إعداد الشعب الصومالي لتولى  مسؤولية الحكم الذاتى واستقلاله وفقا لروح ونصوص معاهدة الوصاية. [4]

ومن اختصاصات المجلس:

  1. يتشاور رئيس مجلس الإدارة الوصية مع المجلس الإقليمي الصومالي فى المسائل التى تتعلق بالقطر ما عدا المسائل التى تخص السياسية الخارجية والدفاع.
  2. يتكون المجلس من 35 عضوا منهم 28 عضوا صوماليا، 7 مقاعد للأحزاب السياسية ذات النزاعات التقدمية و 21 مقعدا لأهم الأعراق المختلفة ذات النزاعات التقليدية. (بمعنى القبلية).
  3. للحاكم الإداري أن يعين أعضاء الجنسيات ذات النزاعات الصوماليين منهم: اثنان يمثلان المصالح الإقتصادية، واثنان إيطاليان، واثنان من العرب، وواحد من الباكستانيين على أن يتولى العضو منصبه لمدة عام واحد.
  4. عقد الدورات العامة مرتين فى العام، وتقوم لجنة دائمة تسمى “لجنة الإتصال” منبثقة من المجلس باتصال الأعضاء عند الحاجة، بواسطة السكرتارية التى تنشر نتائج الأعمال.
  5. يترأس الاحتماعات الحاكم العام أو السكرتير العام لمجلس الإدارة الوصية.
  6. لموظفى الإدارة الإيطالية حق حضور المجالس دون حق التصويت، ولهم حق إبداء الإيضاحات فى الموضوعات.
  7. من أجل الاستفادة من خبرات سياسية وإدارية لأكبر عدد ممكن من الزعماء الصوماليين وكبار الشخصيات جعلت فترة العضوية مدة عام فى المجلس الإقليمي.[5]

يلاحظ فى هذه البنود:

  • أن أكثر المقاعد وزعت على أساس نزعات قبلية مما يدل على نيات الإدارة من تسهيل إثارة وإحياء هذه النرعات.
  • تعيين الحاكم لأعضاء المجلس معناه أن يختار هذا الحاكم من يريد ويبعد من يريد، مما يؤدى –وقد حدث – إلى سير السياسةالإيطالية دون عقبة تذكر من هذا المجلس.
  • حضور موظفى الإدارة الإيطاليين يعنى زيادة نفوذ إيطاليا فى المجلس، حتى وإن لم تكن لها حق التصويت إلا أنها تؤثر فى سير العمل فى المجلس.

وقد بدأت الدورة الأولى للمجلس الإقليمي فى 30 يناير 1951م، ويبدو أنه كانت هناك عناصر صومالية ناضجة مثل المستشار الإقليمي، آذن عبدالله عثمان الذى اقترح دعوة الجمعية للانعقاد فى أي وقت حسب طلب أغلية المستشارين.[6]

وقد عبر الدكتور طلعت محمد راغب مندوب مصر فى المجلس الاستشاري فى هذا الوقت عن إعجابه بالسيد آدن حيث قال: إنه لجدير بوضع التخطيط السياسي وقيادة دولة صوماليا الكبرى.[7]

وقد تناول المجلس مسائل مهمة لمستقبل الأمة الصومالية مثل تأسيس مجالس البلدية ونظام البلدية وتأسيس المجلس الاستشاري الإقتصادي، وإصلاح دستور المجلس الإقليمي نفسه ومسألة اللغة [8] والتى ماطلت الإارة الإيطالية الوصية بحسمها، حيث طلب معظم المستشارين بجعل اللغة العربية لغة رسمية، كما تأسست فى المجلس لجنة سميت لجنة الاتصال والتى تتكون من 18 أعضاء صوماليين وعضو يمثل إيطاليا وعضو يمثل المستشارين العرب والهنود والباكستانيين، ومن جانب الحدود كان موقف الإدارة الوصية مشابها تماما مع موقفها من مشكلة اللغة، حيث ترى تجميد الموقف حاليا حتى تبحث أمام الجعمعية التشريعية الممز مع إنشاؤها بعد خمس أو ست سنوات. [9] وقد انتهت أعمال المجلس الإقليمي الأول فى 31 أكتنبر عام 1951م.

ثم بدأ فى بداية عام 1952 المجلس الإقليمي الثانى والذى يتالف من أربع وأريعين عضوا كانت موزعة كالآتى:

واحد وعشرون للقبائل الصومالية، خمسة لحزب وحدة الشباب الصومالي، ثلاثة لحزب ديغل ومرفة، وثلاثة لحزب المؤتمر الصومالي، وواحد لكل من حزب الاتحاد الوطني، والاتحاد الإفريقي الصومالي، والرابطة التقدمية الصومالية والباقى : 8 للهيئات اٌقتصادية، وواحد للهيئات الثقافية، وممثلان للجاليات الأجنبية،  ورغم ان جزب وحدة الشباب الصنومالي عارض ها التقسيم إلا أن سياسة إيطاليا استمرت فى المجلس دون الإلتفات إلى معارضة الحزب.[10]

وأهم ما نوفش فى جلسات هذا المجلس نظام الشرطة حيث أدخل بعض التطوير مثل تحديد مهام سلطات الأخيرة، وهذا يعنى تقليص السلطات والتى كثيرا ما استخدمت فى الاعتداء على حق الشعب. ومن حيث التعليم جعل أساس العلوم التى تدرس فى المدارس الشريعة الإسلامية، وعلى الرغم من هذه المظاهر التى تدل على أن الإدارة الإيطالية تقوم ببعض الأعمال الإيجابية، إلا أن الوضع كان مزريا وسيئا، حيث كانت الإدارة تمارس الأعمال الوحشية ضد الشعب وتسعى وراء تحقيق مصالحا الإقتصادية البحتة، مما أدى إلى قيام أزمة بين الإدارة الوصية والمجلس الاستشاري المبعوث من قبل الأمم المتحدة، ففى يونيو 1952م فدم ممثل الفلبين كاريبو تقريرا إلى هيئة الأمم المتحدة عن سوء الحالة فى صوماليا بسبب الإدارة الإيطالية  الوصية على صوماليا، وعدم سيرها وفق نصوص قرار الوصاية وأنه لا يعترف بالأعمال الصورية التى تزاولها فى البلاد دون نتائج إيجابية. [11]

وقد وصف مندوب الفلبين فى المجلس الإستشاري بأن نظام إدارة إيطاليا فى الصومال نظام فاشل يجب استبداله. [12]

وبعد هذا التقرير مباشرة بعث رئيس الإدارة الوصية بمذكرة إلى هيئة الأمم المتحدة يطلب فيها إبعاد ممثل الفلبين عن المجلس الإستشاري لصوماليا. [13]

وفعلا حدث ذلك عندما اجتمع مجلس الوصاية للنظر فى أزمة المجلس الاستشاري حيث اتضح أن أكثر أعضاء مجلس الوصاية التابعة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة يؤيدون إيطاليا وسياستها، ولذلك يقول المندوب الأنجليزي “ألان بوريس” عن مهمة المجلس الإستشاري “أنها محصورة فقط فى التشاور مع الإدارة الوصية ومساعدتها، وليس هو كما يعتقده الكثيرون”ويقصد بذلك الصوماليون وبعض الدول كمصر والفلبين، وقد عرض مندوب الاتحاد السوفييتي فى مجلس الوصاية على المجلس: الحالات المحزنة التى وصلت إليها صوماليا فى عهد الإدارة الوصية من جراء الاضطهاد السياسي والاعتقال بدون مبرر.  وكان رد السفير الإيطالي: أن أي شخص أعتقل أو حوكم فى صوماليا هو يستحق ذلك![14]

لقد نفذت إيطاليا سياستها تلك، قبل ذلك وبعده، ففى أغسطس سنة 1952م كانت هناك حادثة كسمايو عندما قام بعض الوطنيين يطالبون بتنفيذ المطالب المشروعة، فتصدت لهم الشرطة، وأشبعوهم ضربا بالسياط، واعتقل كثير منهم، قد بلغ عدد المعتقلين أكثر من ألف شخص. [15] منهم نساء، وكان أكثرهم من زعماء حزب وحدة الشباب الوصمالي مثل “بشير قسلايي” رئيس الحزب فى كسمايو. [16]

وبالنسبة للأزمة التى كانت بين أيطاليا والمجلس الإستشاري انتهت باتخاذ الحكومة الإيطالية موقفا حازما من المجلس الإستشاري ومن الشعب الصومالي، فأصدر رئيس الجمهورية الإيطالية مرسوما فى 9 ديسمبر 1952م رقم (3157) حدد فيه اختصاصات الحاكم الإداري ورؤساء الهيئات الأساسية التابعة لإدارة الوصاية فى صوماليا، وذلك لتحديد موقف إيطاليا فى صوماليا وموقف المجلس الاستشاري ورؤساء الأحزاب وزعماء الشعب من معارضتهم لأعمال الحاكم الإداري العام، وعدم السماح للمجلس الاستشاري بالقيام بأي عمل يتعارض مع اختصاصاته. [17]

                        وأهم ماجاء فى نص المرسوم الجمهوري الإيطالي:

أن حكومة الجمهورية الإيطالية بوصفها السلطة القائمة بإدارة إقليم الوصاية يمثلها فى الإقليم الحاكم الإداري.

أن الحاكم الإداري هوالذى يتولي شؤون العلاقات الدولية،  يباشر السلطات المنصوصة فى اتفاقية الوصاية، وأنه يتولى شئون العلاقات بالمجلس الاستشاري للأمم المتحدة فى صوماليا، وأنه أيضا يباشر السلطة التشريعية فى الإقليم، وفى ظروف استثنائية يجوز له أ ن يصدر القرارات واللوائح الخاصة.

كما أن القوانين التى تصدر فى أيطاليا لإقليم صوماليا يجب العمل بها.

ذوبالنسبة للإدارة فإن الحاكم هو رئيس الإدارة يساعده سكرتير عام يعين بمرسوم صادر من رئيس الجمهورية.  كما يتولى الحاكم قيادة القوات المسلحة، وله أن ينشئ لجنة إدارية استشارية تبدى رأيها فى المشروعات التنظيمية الرامية إلى تقدم صوماليا السياسي والاجتماعي والاقتصادي فى اللوائح.

وبقرار من الحاكم الإداري بما يتفق مع اتفاقية الوصاية تنشأ محكمة للعدل بقصد مراعاة القانون فى الوجه الصحيح. [18]

وفى 25 أغسطس 1952 أرسلت إيطاليا أول بعثة صومالية للتدريب فى إيطاليا، مما يعنى أن إيطاليا خطت خطوة نحو مشاركة الصوماليين فى إثبات الأمن فى الإقليم وخاصة بعد الاضطرابات الأخيرة. [19]

وفى أوائل عام 1953م بدأ نشاط المجلس الإقليمي الثالث وتضمنت أعماله مؤضوعات واسعة التعاون بين المجالات السياسية الاجتماعية والاقتصادية، وذلك بتأسيس لجنة سياسية اجتمعاعية، ولجنة اقتصادية مالية، وإنشاء منصب قاضى مدنى لكل مقاطعة من مقاطعات القطر.[20]

فبالنسبة للجنة السياسية الاجتماعية أصبح المستشار “آدم عبدالله عثمان” رئيسا لها، وعشرة أعضاء آخرين منهم عضوان يمثلان الأقليات، ومن أهم ما قامت به هو: تأسيس لجنة الخدمات لتعداد النفوس، وإيجاد مناصب قضاة للمقاطعات مع استقلال  القضاء وانفصاله عن الوظيفة السياسية الإدارية، كما وضعت شرط الحصول على شهادة الدكتوراه فى القانون كأساس للتعيين فى هذه الوظائف مما جعلها ابتداء من هذا العام حتى بعد الاستقلال عام 1965م حكرا على الإيطاليين.  أما اللجنة الاقتصادية المالية فقد انتخب المستشار “عبدى نور محمد حسين” رئسالها، إضافة إلى عشرة أعضاء آخرين منهم عضوان يمثلان الأقليات، وقد قامت بدراسة بعض الموضوعات التى تهم القطر منها موضوع حلج القطن فى صوماليا ونظام مراقبة الأسعاز. [21]

ومن أهم التطورات فى هذا المجلس أن بدأت فى عهده صوملة الوظائف وإشتراك الصوماليين فى الأعمال الإرادارية، لوطنهم وذلك حينما أشعل فتيلة هذا الأمر “السيد/ على شيدو عبدى” *أحد المستشارين فى المجدلس الإقليمي قائلا: “أريد أن أعرف برامج الإدارة لصوملة المكاتب والنظام القانوني والإقتصادي للمستخدمين الصوماليين”.[22]

وكان رد ممثل الإدارة الدكتور/ غاستاري قوله: “إن الإدارة تعمل تدريجيا فى صوملة الوظائف” وقد ثار الرأي العام الصومالي لهذه المسألة مما اضطر الحكومة الإيطالية إلى صوملة بعض الوظائف وخاصة لهؤلاء الذين تثق بهم حتى تهدئ ثورة الشعب.  ومن أهم المنتصب التى تقلدها الصوماليون: أنه فى مايو 1953 أصبح للمجلس الإقليمي نائبان صوماليان للرئيس وأعضاء صوماليون على رأس لجان داخلية للمجلس الإقليمي وصومالي فى إدارة مكاتب البريد والتلغراف والجمرك ورئاسة مركز الشرطة والمكاتب المركزية للإدارة، كما قامت الإدارة بتزويد كل مكتب حكومي بسكرتيرين ومساعدين من الصوماليين، وفى 24 مايو تم تعيين “الشيخ منية قاسم” فى بلدة دنسوور*  حاكما مقيما، وكان أعظم منصب تولاه صومالي فى عام 1953م. كما يعتبر قرار عام 1954م بشأن تعيين “محمد شيخ قبيو” موظفا بديوان الحاكم الإداري منصباله اعتباره نحو صوملة الوظائف.  وبمناسبة الاحتفال بإنتهاء أعمال المجلس الإقليمي الثالث فى 5 يناير 1954م أشاد الدكتور محمد حمدى الوزير المفوض ومندوب مصر فى المجلس الإستشاري بمقدرة الصوماليين على تحمل المسؤوليات وضرورة صوملة الوظائف لقوله: “إننى دهشت حينما سمعت بأذنى مناقشات المستشارين الصوماليين فهي معيار صادق لتفهم الصومالي للشئون السياسية لدولتهم” .[23]

وعندما جاء المجلس الإقليمي الرابع مع حلول عام 1954م حدثت فى البلاد تطورات سياسة إيجابية هامة، فقد أجريت فى 28 مارس أول انتخابات شعبية لمجالس البلديات فى جميع بلديات القطر البالغ عددها 35 دائرة وذلك طبقا للمرسوم الإداري رقم 168 بتاريخ 26 ديسمبر 1953م. وروعي فى توزيع المقاعد كثافة السكان فى كل محافظة، وتنافست الأحزاب على 218 مقعدا لمستشاري بلديات القطر.[24]

وقد قامت مجدالس البلديات بتوزيع البطاقات الإنتخابية إلى الأهالى فى منازلهم كما قامت الصحافة والإذاعة وجماعة من المستشارين لتفسير حق الإنتخابات لمواطنين. [25]  وقد أسفرت الإنتخابات عن فوزا لأحزاب السياسية بالمقاعد كالآتى:-

الا حزاب ومقاعدهم                                                                                   

  1. حزب وحدة الشباب الصومال 141
  2. 41 حزبية ديغل مرفلة 57
  3. الإتحاد الإفريقي الصومالي 28
  4. وحدة التقدم الصومالي 22
  5. الإتحاد القومي الصومالي 9
  6. إتحاد شباب بنادر 5
  7. مجموعة شيدلى 8
  8. الإتحاد الوطني الصومالي 4
  9. النخلة 3
  10. الإيجالية 3
  11. المرسا 1[26]

وقد خصص للأقليات الأجنبية فى القطر 37 مقعدا فى مجالس البلديات يجري تعيينهم بمقتضى مرسوم من الحاكم الإداري، فحصلت الجالية العربية على 22 مقعدا لكثافتها وانتشارها فى معظم دوائر القطر، وحصلت الجالية الباكستانية على ثلاث مقاعد، بينما حصلت الجالية الهندية على مقعد واحد فقط، وحصلت الجالية الإيطالية على 11 مقعدا.[27]

ومن التطورات الإيجابية التى حدثت فى هذه الفترة وضع العلم الصومالي ذي اللون الأزرق، المستطيل الشكل والذي فى وسطه نجمة خماسية بيضاء تشير إلى الأقسام الخمسة الصومالية*  وقد صدر مرسوم من المجلس الإقليمي بإنشاء العلم الصومالي فى 06/09/1954م ووقع الحاكم هذا المرسوم التاريخي.  وقد جاء فيه:

“إن إنشاء العلم الصومالي جاء تحقيقا لرغبة الشعب الصومالي وموافقة المجلس الإقليمي الرابع الذى له فضل  الاقتراح والموافقة فى جلسة يوليو 1954م بصوت موحد على العلم الصومالي الأزرق مستطيل الشكل الذى يشبه علم الأمم المتحدة ولون السماء الصافية وفي وسطه نجمة بيضاء ذات خمسة رؤوس ترمز للأقاليم الخمسة التي تؤمن بضرورة اتحادها، وترمز إلى الرفعة وطول العمر والسلم والخير والوحدة.”[28]

وفي 12 أكتوبر 1954 وفي التاسعة صباحا رفع العلم الصومالي على  قصر الإدارة من جهة اليسار، حيث كان العلم الإيطالي جهة اليمين، وعلم الأمم المتحدة في الوسط، وكان يقود فرقة الشرطة التي تشرفت برفع هذا العلم السيد/ محمد إبراهيم ليقلقتو.* [29]

وقد احتشدت جموع الجماهير في مقديشو والأقاليم أمام دور الحكومة، وارتدى كل أحسن مالديه من الثياب والملابس الوطنية في أنحاء البلاد، وأنشدت القصائد، وأطلقت المدافع والعلم يرتفع ويرفرف، كما نثرت بعض الطائرات صورة العلم الوطني، وفي هذه المناسبة قال السيد/آذن عبدالله عثمان: ” إن هذا العلم علم الصوماليين هو ضمان مستقبل سعيد يسوده الاتحاد والتآخي”[30]

تواصلت التطورات في الإقليم بعد ماجاء المجلس الإقليمي الخامس عام 1955م، ومن أهم ماحدث في فترته صدور بعض القوانين ذات الأهمية، مثل: الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وتأسيس الجمعات والمعاهد، وقانون التسليف الصومالي لتشجيع النمو الاقتصادي للقطر.[31]

ومنها أيضا مواصلة صوملة الوظائف، حيث تكونت لجنة إدارية من أبناء الصومال مكونة من خمسة أفراد تم اختيارهم من موظفي الحكومة بواسطة الحاكم الإداري الإيطالي هم: السادة: محمد فينو، عبدالرشيد على شرمأركى،*  عبده آذن، على عمر شيخو، محمد حسن، وقد استقال أيضا الحاكم الإدارة: مارتينو فى 03/03/1955م وحل محله أنزلوتى، والتى بدأت فى عهده أيطاليا محاولة كسب صداقة الصوماليين.[32]

وقد طلبت إيطاليا من أنزلوتى أن يعمل قدر جهده على تحقيق رغبات الشعب فى صوملة الوظائف، وعلى الفور أوضح أنزلوتى سياسته أمام المجلس الإقليمي فى يونيو 1955م كما يأتى:-

  • تعيين الصوماليين فى المناصب الإدارية ذات المسؤولية.
  • تكوين لجنة من ممثلى أهم الأحزاب الصومالية تقدم آراءها عن أعمال السلطة التنفيذية للحاكم الإداري.
  • الإسراع فى تحقيق المشروعات الاقتصادية وتنمية التبادل التجاري الداخلي والخارجي.[33]

وفى عهد أنزلوتى أيضا واصلت إيطاليا صوملة الوظائف حيث تم تعيين عناصر صومالية مثقفة لبعض المناصب الإدارية المهمة مثل إدارة الشرطة وقيادتها، وحكام النواحى والمحافظات إضافة إلى إرسال بعثات صومالية أخرى للتدريب الإداري والعسكري فى الخارج. [34]

وعند اقتراب معركة الانتخابات فى عام 1956م بدأت الأحزاب تستعد وترسم خططا جديدة مما أدى إلى ظهور تكتلات حزبية، مثل: الحزب الديمقراطي الصومالي، والذى ظهر فى 5 أغسطس 1955م وكان يتكون من (الاتحاد الصومالي الإفريقي، والاتحاد الوطني الصومالي، وعصبة التقدم الصومالي، وجمعية شباب أبجال، وهداية الإسلام، وحزب شيدلى وموبلين) وكذلك ظهر حزب شباب قبيلة الهوية، فى ديسمبر 1955م والذى عين أهدافه بأنه هي: “تآخى جميع الشباب الصومالي عامة من غير تفريق فى الأجناس، وتدريب الشباب على الجو  الديمقراطي الجديد، وكذلك حماية مهمة جمع الصوماليين. [35]

المراجع

[1] . محمدحاج مختار حسن، المرجع السابق، ص: 209 – 110.

[2] . د. تمام همام تمام، المرجع السابقن ص: 123.

[3] . أحمد برخت ماح، المرجع السابق ،ص:270.

[4] . حمدى السيد سالم، المرجع السابق، ص: 287.

[5] . نفس المصدر، ص: 287 – 289.

[6] . أحمد برخت ماح، المرجع السابق، ص: 180.

[7] . حمدى السيد سالم، المرجع السالم ، ص: 190.

[8] . تمام همام تمام، المرجع الساببق، ص: 133.

[9] . نفس المرجع ، ص: 29.

[10] . على حسن محمد، المرجع السابق، ص: 159 – 190.

[11] . حمدى السيد سالم، المرجع السابق، ص: 299-202

[12] . أحمد برخت ماح، المرجع السابق، ص: 299- 203.

[13] . حدى السيد سالم، المرجع السابق، ص: 203

[14] . أحمد برخت ماح، المرجع السابق، ص: 271 – 272.

[15] . تمام هما م  تمام، المرجع السابق، ص: 134.

[16] . محمد إبراهيم محمد “ليقليقتو”، المردجع السابق، ص:127.

[17] . تامام همام تمام، المرحع السابق، ص: 135.

[18] . حمدى السيد سالم، المرجع اسابق، ص: 307 – 308.

[19] . محمد إبراهيم محمد “ليقليقتو”، المرجع السابق، ص: 127.

[20] . على حسن محمد، المرجع السابق، ص: 160

[21] . محمد إبراهيم محمد “ليقليقتو” المرجع السابق، ص 127.

* السيد علي شيدو عبدي، قابله الباحث في بيته في مقديشو، بتاريخ 3/3/2006، وعندماسأله الباحث عن موقفه هذا، وهل يتذكر هذا الموقف؟ أجاب: نعم، أتذكر، وطلبت من الإدارة أيضاف إيقاف نظام التعيين، لينتخب الصوماليون بعضهم بعضا.

[22] . أحمد برخت ماح، المرجع السابق، ص 72.

*  تقع في جنوب الصومال، قرب بيدوا.

[23] . حمدى السيد سالم، المرحع السابق، ص: 312.

[24] . محمد حاج مختار حسن ، المرجع السابق، ص: 217.

[25] . حمدى السيد سالم، المرجع السابق، ص: 315.

[26] . محمد حاج مختار حسن، المرجع السابق، ص: 218.

[27] . أحمد برخت ماح، المرجع السابق، 483

*  الأقسام هي: الصومال الإيطالي، والصومال البريطاني، والصومال الفرنسي(جيبوتي)، والصومال الكيني( أنفدي) والصومال الغربي.

[28]  علي حسن محمد، المرجع السابق، ص:163

*  هو مؤلف الكتاب” تاريخ الصومال” باللغة الصومالية، وهو من المراجع التي اعتمد عليها الباحث.

[29]  محمد إبراهيم محمد ” ليقليقتو”، المرجع السابق، ص:128

[30] أحمدبرخت ماح، المرجع السابق، ص:276

[31]  محمد حاج مختار حسن، المرجع السابق، ص: 321

*  السيد عبد الرشيدعلي شرمأركي، ولد في مارديرا على بعد ثلاثين ميلا شرقي مقديشو، درس في المدارس القرانية، وجاء لمقديشو عام 1932، حيث درس بها المرحلة الأولية، ثم عمل في جهاز الخدمة المدنية الإيطالي، ثم الانجليزي، ثم ذهب إلى جامعة روما، حيث تخصص في العلوم السياسية، أصبح عضوا في اللجنة المركزية في حزب وحدة السباب عام 1950، وانتخب عضوا في الجمعية التشريعية عام 1959م،وفي عام 1960أصبح رئيسا للوزراء حتى عام 1964م، ثم ر ئيسا للجمهورية عام 1967-1969 اغتاله أحد أفراد حسه في مؤامرة غامضة جاء بعدها انقلاب الرئيس محمد سيادبري.

[32] . أحمد برخت ماح، المرجع السابق، ص: 274.

[33] . تمام همام تمام ، المرجع السابق، ص: 137 -138.

[34] . Mohamed Farah Aidid, Dr. Satya Pal Ruhela, Ibid p: 88

[35] . حمدى السيد سالم، المرجع السابق،ص: 326.

الدكتور حسن البصري

رئيس جامعة إمام، حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة بحر الغزال - الخرطوم ، عام 2011م، ودرحة الماجستير في التاريخ الحديث من جامعة النيلين - الخرطوم، السودان عام 2006م، وحصل البكالوريوس من جامعة مقديشو كلية الآداب، قسم التاريخ. عام 2001م
زر الذهاب إلى الأعلى