لمن ينصر القدس يا خبير ؟!

مازال الوعي العربي والإسلامي متشنج من الخطوة الأمريكية الغير المفاجئة والمتمثلة في نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس ، فأثار نقل السفارة لم تتجلى بعد ، و تفريعاتها المحلية مازالت تزداد بازدياد وجود آخر بعيد يستنكر أو يؤيد ، فيتأثر الوعي العربي والإسلامي بذلك  ويتشكل بعدها بصورة الجمهور الفاعل ، الذي يستند على دوره التاريخي كشاهد قادر على إصدار الحكم الرشيد ، والتصرف وفق ما يملي عليه عقله، فيحشد الجماهير المتخيلة والافتراضية حتى تعلن عن آرائها الحاسمة ، و إرسال رسائلها الغاضبة للخبراء الذين يتولون الأمر نيابة عنها ، فيبدا الخبير بتحليل الواقع ، والتصنيف القوى ، وتزكية أطراف ، وإدانة آخرين ، وشرح المؤامرات ، وكشف المستور ، ورسم الخرائط ، وقراءة المستقبل ، وتوبيخ المشاهد المتقاعس عن دوره المحوري ، وتذكيره المستمر بمركزية قضية القدس في حياة كل عربي ومسلم .

    مركزية القدس هو المصطلح الوحيد الذي يجمع كل خبراء الأمة على اختلاف مشاربهم الفكرية، وتوجهاتهم العقائدية ، على ترديده كل ما سنحت الفرص بذلك ، ناسين او متناسين بأن لا وجود حقيقي او فعلي  لهذه المركزية في حياتنا ، فلدينا من المركزيات ما الله به عليم ، كصومالية مركزيتي الأمن ، وضمان السيادة الدولة ، والخدمات الأساسية ، و متابعة أخبار الجفاف وهطول الأمطار ، والكفاح المستميت لوقف الهجرة والغرق في البحار، ويشاركني في ذلك الليبي ، والعراقي والسوري، واليمني ، أما كعربية فمركزيتي رسم الحدود ، وتشيد البنية التحتية ، وتناقل السلمي للسلطة، واحترام الحريات ، وتقليل نسبة الفقر والأمية ، ومحاربة الجماعات المتطرفة ، و تنفيذ مشاريع النهضة الشاملة ، ويشاركني في ذلك الهم الفارسي ، والأوردي ، والبنغالي والأمازيغي  ، أما كمسلمة فيكفيني هم تصحيح صورتي المخترقة ، ونجدة الشعوب المنكوبة ، ودعاء للقدس في شهر رمضان فقط .

إذاً على أي شعوب يعول الخبراء، ومن هي المدعوة لهذه النصرة العظيمة ، والتي لديها القدرة  بالوقوف الحر بوجه العداء والتصدي بكبرياء و آنفة لمؤامرات اليهود ، ولمن يُنصر القدس من الأساس ؟. لقرار فلسطيني منقسم ، أم لموقف عربي متأزم ، أم لردة فعل مسلم يكتفي بعقد الجلسات وإصدار الشجب والإنذارات  ، أم لآخر لا نراه إلا في جلسات الطارئة للأمم المتحدة ؟ ولماذا يُنصر الآن، وفي هذا الوقت بالتحديد ؟ ما الذي تغير ؟ لم يتغير شيء.

منذ عشرين سنة ونحن نشاهد الحفريات تحت الأقصى الشريف حتى آل إلى سقوط ، وبعمليات تهويد المتسارعة ، والتغيير الديمغرافي للمدينة ، ونسمع منذ عقود على لسان مرشحي الرئاسة الأميركية بتعهداتهم بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس ، وتنافسهم بذلك من أجل حصد أصوات الناخبين ، وإرضاء اليهود على حسابنا  ، فا ترامب إذا لم يأتي ببدعة نكراء، فهو لم يقل يوماً بأنه نصير قضايانا ، لكن البدعة التي يسجلها التاريخ ولا تنساها الذاكرة من يصنع من نصرة القدس مجده الشخصي ، وتسجيل موقف سياسي ، واستغلال نصرة القدس لنصرة برنامجه الانتخابي .

              

  

 

فاطمة شيخ محمد حوش

كاتبة صومالية
زر الذهاب إلى الأعلى