الشيخ  عبدي أبيكر غافلي : مسيرة حياته وكفاحه ضد الاستعمار الإيطالي(6)

العلاقة بين الشيخ غافلي والدراويش (1)

لم يكتب كثير عن العلاقة بين الشيخ عبدي أبيكر غافلي والدراويش، ويعتبر الكاتب الإيطالي كاروسيلي في كتابة (Ferro e fuoco in Somalia) واحد من أكثر الذين كتبوا عن هذه العلاقة  لكنه لم يكشف تفاصيل دقيقة وكثيرة عن حجمها، وانما أكد حقيقة واحدة وهي أن الشيخ عبدي أبيكر غافلي ارتبط بعلاقات مع  السيد عبد الله حسن قائد ثورة الدراويش في شمال الصومال وجرى  تعاون وتبادل خبرات  بين الطرفين، وأن هذه العلاقة هي التي لعبت دورا هاما في استمرار النضال ضد الاستعمار الإيطالي في جنوب الصومال وتلقيه كثيرا من الخسائر.

 لقد أمدت الدراويش المقاتلين في الجنوب أسلحة، وخبرات غيرت مجرى المعارك ضد الاستعمار، وفاجأت العدو وأجبرته على تغيير تكتيكاته وعدد الجنود التي كان يرسلها إلى ميادين القتال ونوعية الأسلحة التي يستخدمها، بالإضافة إلى ذلك بدأ الاستعمار الإيطالي بالإهتمام أكثر إلى  ملف العلاقة بين الشيخ غافلي والدراويش ونشر العيون في القرى والأرياف، وكان أكثر ما يقض مضجعه أن تنتقل ثورة الدراويش إلى جنوب الصومال ويتلقى الضربات التي كان يتلقها الاستعمار البريطاني في الشمال..

كان لدى الاستعمار الايطالي هواجس ومخاوف من أن يحصل زعيم حركة  الدراويش السيد محمد عبد الله حسن على مؤطئ قدم له في مناطق بنادر الممتدة من ورشيخ إلى مدينة كسمايو، ويتمكن من تأثير شعوبهم في حربها ضده وخاصة زعماء وشيوخ قبائل بيمال الذين يخوضون معارك شرسة ضد الاستعمار الايطالي، وكان يعتقد أن نقل الخبرات إلى ثورا بنادر سيصعب أهدافه الرامية إلى احتلال المناطق الخصبة في جنوب الصومال. وضع  حاكم بنادر الايطالي كل ثقله على متابعة حركات القوافل المتنقلة بين بنادر ونغال ،  ونشر عيونه على طول الطريق الرابط  بينهما، رغم صعوبة وتعقيدات حركة التنقل ما بين تلك المنطقتين بسبب  وجود الحبشة في المنطقة والاقتتال   بين  السلطان يوسف علي كيناديد وعشيرة هبرجذر، بالإضافة إلى انتشار قطاع الطرق.

ذكر حاكم ايطاليا في 24  أغسطس 1906  في تقرير شهري أنه قلق من الأخبار المقلقة التي تصل إليه ، تتحدث أن السيد محمد عبد الله حسن أرسل ثلاثة أشخاص من الدراويش وأمر بهم أن يحرضوا البيماليين  على القتال ضد الاستعمار.  وقال إن مخبرنا الذي نثق به ذكر أنه  التقى 2 من الدرويش في (أبروا) بمنطقة قبيلة شيدلي رجعوا من مناطق بيمال  وذكروا له بأنهم كانو 3 أشخاص وواحد منهم  لا يزال في مناطق بيمال وكان لديهم رسالة شفهية إلى شيوخ هؤلاء القبائل وأنهم بقوا في مناطق بيمال  8  أيام وكان عندهم أمر بأن لا يذهبوا إلى أي منطقة ساحلية أخرى. ولكن أضاف  المخبر: أن هؤلاء الثلاثة لم يبقوا في مناطق بيمال فحسب وانما وصلوا إلى منطقة غوبوين قرب كسمايو.  وكان أصل المشروع والهدف منه الوصول إلى شريط أوسع من نطاق مناطق بيمال، وكانت الرسالة موجهة خصيصا لعشيرة بيمال لأنها من القبائل المعادية للإستعمار وكان في الرسالة المديح والتشجيع في مواصلة المقاومة ضد الاستعمار وتعهد بالدعم.

وذكر ضابط إنجليزي للممثل الإيطالي في منطة غوبوين أن السيد محمد عبد الله على علم بما يجري في الجنوب، ويحصل على معلومات عن أوضاع مقديشو والمناطق الأخرى الثائرة ضد الإستعمار الايطالي وأنه مستعد للقتال ضد ايطاليا في بنادر واخراجها، وبعد هذا الخبر بدأ الاستعمار الايطالي بإصدار تحذيرات من نشر آراء السيد محمد عبد الله حسن في منطقة بنادر.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى