كيف تنجح في حياتك( الحلقة الثانية والأخيرة)

نجاحتحدثنا فى حلقة سابقة عن برنامج النجاح وقلنا أن النجاح أمل كل انسان وان الانسان قادر على تحقيقه طالما يستطيع الحلم به، وان لا احد  يستطيع ان يسلب منه النجاح الا نفسه وذكرنا فى تلك الحلقه أن أولى خطوات النجاح هى تحديد الهدف والتخطيط للمستقبل وهذه الحلقة نتحدث الخطوة الثانية للنجاح وهى التغيير ومراحله وأهم العوامل التى تساعد على التغيير.

مفهوم التغيير الايجابى

التغيير هو التحكم والسيطرة على الذات والقدرة على توجيهها نحو الأفضل، ويعتبر مرحلة التغيير من أصعب المراحل التى يمر بها الانسان لانها تعنى ضبط سلوكياتك وسيطرة انفعالاتك وعواطفك ،ومراجعة اسلوب عيشك ، وتحديد نمط جديد فى اسلوب عملك وحياتك معا.وهذا لن يكون سهلا بأى حال من الاحوال لانه يتطلب عزيمة ورغبة حادتين مع استغلاالوقت على احسن الاستغلال .

يقول ابراهيم الفقى احد ابرز علماء التنمية فى العالم : 

“لما كنت شابا طليقا حرا لم يكن فى مخيلتى حدود فكنت أفكر فى تغيير العالم ، ولما تقدمت فى السن أدركت أن العالم لن يتغير فقللت طموحى وقررت فقط تغيير بلدى ، الا ان بلدى بدا وكانه باق على ما هو عليه .

ولما بلغت مرحلة الشيخوخة فكرت فى محاولة بائسة فى تغيير عائلتى واقرب الناس  الى ، ولكن محاولتى باءت بالفشل .

والان وأنا على فراش الموت ادركت وفجأة أن كل ما هو فى الأمر تغيير نفسى اولا، ثم تغيير عائلتى، ثم اتجه الى تغيير بلدى وربما أنحج فى تغيير العالم من يدرى .

نستنتج من هذا الكلام أن التحديات والصعوبات التى تواجه فى حياتنا مصدرها هو رغبتنا فى تغيير الاخرين بدل أنفسنا

فنحن نريد أن يكون الاخرون مثلنا ويشاركون معنا فى الرأى وفى التصور فاذا لم يروا الأمور كما نرى نحن فسوف نصاب بنا مشاعر سلبية تجاههم وهذا هو جوهر المشكله.

 هل سبق لك ان تساءلت بعد مجادله حادة مع شخص ما لماذا لا يرى الأشياء من جهة نظرى ، انه لا يأبى لتغيير حاله إننى على صح وهو على خطأ. ولكن التحدى الحقيقى الذى يواجه فى حياتنا لا يكمن فى تغيير الاخرين بقدر ما يكمن فى تغيير أنفسنا .

فالتحدى الكبير هو كيف تغير نفسك نحو الافضل وتستخدم الطاقات الكامنة فيك وتكون الشخص الذى تريد أن تكون ، وتستمتع بحياة خالية من القيود والمشاعر السلبية .

  

عندما تغضب وتركز انتباهك فى القاء اللوم على الآخرين فانك تبدد طاقتك وقدرتك ، وتضيع وقتك ، وتجلب لنفسك مشاكل أنت غنى عنها كما قال النبى صلى الله على وسلم:  (اياكم والغضب فانه جمرة تتوقد في فؤاد ابن ادم،الم تر  الى احدكم اذا غضب كيف تحمر عيناه ، وتنتفخ أوداجه ، فاذا أحس احدكم بشئ من ذلك فليضطجع او ليلصق بالارض   )رواه عبد الرازاق  ( 11/ 346  – 347 )

وبدلا من ذلك وجه انتباهك الى ضبط انفعالاتك وعواطفك ، واصنع نمطا جديدا لحياتك اكثر سعاده واكثر توافقا مع ذالك والاخرين .

مراحل التغيير

 هناك مراحل للتغيير  وهى ست مراحل اساسية حتى يتحقق التغيير المنشود الذى يطمح اليه كل انسان :

1- مرحلة الاسقاطات :

فى هذه المرحلة فان الانسان لا يرى أنه سبب فى مشاكله ومعاناته فهو يسقط كل المشاكل والمعاناه التى يتعرض لها على غيره ، مرة على أمه لانها لم تربيه تربية صحيحة ، و مرة على أبيه لانه لم يهتم بتكون شخصيته ، ومرة على المجتمع لانه لم يتفهم معاناته وهكذا والقائمة طويلة .

معظم الناس يعيشون فى هذه الحالة وخاصة المسلمون ولا سبيل للخروج الا اذا اراد الانسان تغيير نفسه نحو الافضل والبدء فى مسيرة شاقة تقوده الى بر الامان .

2- مرحلة الاعتراف :

مرحلة الاعتراف هى أولى مراحل التغيير. علماء الاجتماع يقولون أن الاعتراف هو أولى مراحل حل أى مشكلة وهذا أمر طبيعى ومنطقى لأن من لم يعترف بوجود مشكلة لا يسعى الى حلها ، والمعترف دائما يصحح أخطاءه ويبحث الحلول الممكنة ، أما الناكر فكانه يقول لا أريد تصحيح أخطائى ومن هنا أتت أهمية الاعتراف ومن أعترف بخطأه فقد خطى الخطوة الاولى نحو التغيير .

3 – مرحلة الاستعداد :

وهى مرحلة الاستشارة للخبراء والمتخصصين والسؤال عنهم كيف يمكن حل المشكلة والتخطيط للوصول الى أفضل طريقة لمواجهة المشكلة .

 4 – مرحلة التطبيق :

وهى المرحلة التى يرى فيها الانسان النتائج الاولية لجهده، وان كانت بعض النتائج لا تظهر الا فيما بعد وهى مرحلة الفصل بين الجاديين واصحاب الهمم العليا وبين الخائبين والفاشلين ويمكن ان اقول بانها مرحلة الامتحان فمن رسب فيها فمصيره الاسقاطات على الظروف والمجتمع والأب والأم ومن نجح فيها فمصيره التفوق والتمتع بحياة أكثر سعاده واستقرار  .

5 –  مرحلة الانجاز :

وهى المرحلة التى أنجزت فيها المهمة ، وتحققت من أنك قد حصلت ما كنت تريد ولم يبقى لك الا المرحلة الاخيره .

6 – مرحلة الصيانة والمحافظة :

وهى المرحلة التى يحرص فيها الانسان المحافظه على النتائج التى حققه حتى لا تعود الامور الى نقطه الصفر . وأهم ما فى هذا الامر أنه يوفر لك أقصى نسبة نجاح فى هدفك المنتهى ويجنبك مخاطر النكوص بعد تحقيق الهدف، وكم من الأشخاص نرى عادو الى نقطة الصفر بعد تحقيق اهدافهم .

ولتقريب الكلام هذا نضرب مثالا من واقعنا الصومالى ، نفترض ان شخصا ما فاته القطار التعليمى فى صغره فبدأ يوزع الاتهام يمينا وشمالا، فمرة يلقى اللوم على أبيه لانه لم يقيده بالمدرسة، ومرة على أمه لانها لم تشجعه على التعليم ولم تربيه تربية صحيحة ، ومرة على الحروب الاهلية التى  حدثت فى الصومال لانها سبب وراء كل المعاناه التى يعيش فيها وهكذا ففى هذه المرحلة نسميها مرحلة الاسقاطات او قل ان شئت مرحلة توزيع التهامات، ثم قرر وفجاه الخروج من هذه الحالة البائسة فبدا يعترف بان المعاناه والمشاكل التى يعيش فيها سببها الجهل وبامكانه ان يتعلم فقرر تعلم اللغة ولتكن العربية لكى يستطيع الاتصال بالعالم الخارجى والاطلاع والقراءة فهذه المرحلة  هى مرحلةالاعتراف تليها مرحلة الاستعداد التى يقوم بها هذا الانسان بالاستشارة الى الخبراء والمتخصصين فى التعليم ويسئل عنهم ما هى افضل مدرسة لتعليم اللغه العربية وما هى قيمة الرسوم .

وهكذا ثم تاتى مرحلة التطبيق وهى المرحله التى يتعلم فيها اللغه العربية وهى أصعب المراحل لانه بالتاكيد سوف تواجه هذا الانسان صعوبات فى سبيل استكمال لغته تليها مرحلة الانجاز وهى التى يرى فيها النتائج الان يعرف اللغه العربية ويستطيع استخدامها ولم يبقى امامه الا المرحلة السادسة والاخيرة وهى مرحلة الصيانة والمحافظه التى تعنى التحدث باللغه باستمرار والكتابة بها وتدريسها للاخرين وما شابه ذلك .

أهم العوامل التى تساعد على التغيير

التغيير ليس امر سهلا لانه يحتاج الى ضبط النفس والسيطرة على الانفعالات والعواطف وبذل المزيد من الجهد ومن هنا أتت أهمية العوامل لتكون حافز ودافعا على التغيير ومن أهم هذه العوامل مايلى :

1 – التوكل على الله أولا ثم الرغبة المشتعله :

ويعتبر الرغبة الحادة بمثابة الاوكسجين الذى يتنفسه التغيير وبدون رغبة حادة فلا تنتظر التغيير الايجابى .

ولو نظرنا الى سيرة الناجحين والعظماء الذين استطاعو تغيير انفسهم ثم الأمم لوجدنا أنهم اصحاب الهمم العالية والارادة القوية وفى مقدمتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  الذى قال مقالته المشهوره فى عرض رده على كفار قريش الذين طالبوه بالعدول عن  الدعوة الاسلامية والكف عن سب الهتهم وقال فى عزم وتصميم ما وعاه سمع التاريخ وصار علامة من علامات اليقين والعزم 🙁 والله ياعم لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى يظهر الله او اهلك دونه ) .

2 – العمل الجاد

التغيير المنشود يحتاج الى أناس جادين فى الوصول لغاياتهم مهما كلفهم ذلك فى من مهام و اجتهاد ، ويحتاج ايضا الى الباحثين الذين لديهم الاستعداد للتطبيق والتضحية والجد ونبدا لشكوى اما أولئك المسقطون غير الجادين المنتظرون للسماء أن تمدهم بالحلول ، والحظ أن يزودهم بالتغيير فنقول لهم فلا تنتظرو التغيير حتى تغيرو أنتم وذلك تماشيا مع السنن الكونية وتصديقا لقول الله جل جلاله ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بانفسهم )

3 – القراءة والاطلاع

من أهم عوامل التغيير الركوب فى بحر العلوم والغوص فى أعماقها كما قال الشاعر 

من لم يذق طعم التعلم ساعة ….تجرع كاس الجهل طول حياته

ويعتبر القراءة أنجع غذاء للعقول وتنمى العقل وتجود الذهن وتصفى الخاطر .

ومن أهم أسباب تخلف المسلمين والعرب هو عدم قراءتهم وعدم رغبتهم للابداع والاكتشاف هل تصدق ان الاسرائيلى يقرء خلال السنة الواحده اكثر من 48 كتابا بينما لا يقرء العربى اكثر من 3 كتب فهل يستويان ؟

أننى أحث جميع شباب المسلمين وخاصة الصوماليين الاكثار من القراءة لان هذا هو الذى يخلق فى النهاية مجتمعا مثقفا واعيا بما يدور حوله مستفيدا من تجاربه السابقة وعارفا بوضعه الحالى ومستفيدا لمستقبله القريب والبعيد والله هو الموفق.

فى حلقتنا القادمة سنتحدث -إن شاء الله -عن عنصر الالتزام الذى قال عنه أحد الخبراء كثير منا يفشل فى حياته ليس بسبب نقص فى القدرات والامكانيات وانما نقص فى الالتزام ،وارجو ان تكون ضيفى فى جميع الحلقات حتى ننجح فى الحياة جميعا ونفوز فى الدارين الدنيا والاخرة . 

زر الذهاب إلى الأعلى