دلالات انتقادات وزير داخلية أرض الصومال لتركيا

في المؤتمر الصحفي  الذي عقده يوم أمس في مدينة “عير غابو” شمال البلاد وجه وزير داخلية إدراة أرض الصومال علي محمد “ورنعدى” انتقادا لاذعا لتركيا ووصف دورها الوساطي بالتآمري الغادر والخائن، كما وجه انتقادات مماثلة إلى الصومال بوصفها شريكا مع الأتراك في محاولة التسلل عبر النوافذ بدل الأبواب – على حد تعبير الوزير المتذمر من تصرفات الدولتين -؟!،وأضاف: “نذكّر دولة تركيا أن حكومة أرض الصومال بوصفها حكومة منتخبة لم تأت عن طريق الانقلاب العسكري فهي الجهة الوحيدة  المسؤولة عن الشعب والممثلة له، ولذات السبب لايوجد من له حق التمثيل في مؤتمر حول مصلحة صوماللاند ومصيرها”.

 ولم يتوقف الوزير الحانق عند هذا الحد بل قال بنبرة حادة  يشوبها التوتر إن حكومته ستراجع علاقاتها مع تركيا،كما حذّر زعماء العشارئر في الإقليم من مغبة مشاركتهم بما أسماه بمؤتمرات “الموآمرة” في إشارة واضحة الي المؤتمرات التشاروية الجارية  بخصوص الانتخابات المزمع إجرئها في البلاد عام 2016م

 ويبدو من كلام الوزير أن الأمور في الإدارة المرهقة من الخلافات السياسية لم تعد تجري على مايرام، وأن شيئا ما أزعج السلطات المحلية هناك بدأ يطفو على السطح، والقيادة العليا في أرض الصومال شعرت بتهديد حقيقي يأتي ليس من داخل الأحزاب المعارضة ولا من السياسين الوحدويين الذين يصفهم الوزير بطلاب “الوظائف أوالمناصب”بل يأتي هذه المرة من القوى الفاعلة على الأرض مثل زعماء العشائر ومنظمات المجتمع المدني، وربما سياسين من العيار الثقيل.

وتأتي هذه التصريحات ردا علي الأنباء التي تتحدث عن إمكانية عقد لقاء بين زعماء العشائر الصومالية من الجنوب والشمال ترعاه تركيا، وقد انتبهت تركيا تأخر ذلك، وغيَّرت بوصلتها نحو الاتجاه الصحيح وقررت التعامل مع زعماء العشائر وشيوخ القبائل الفاعلين الحقيقين والمؤثرين الفاعلين في المشهد السياسي الصومالي، وهو الرقم الثابت في المعادلة بدل السياسين المتقلبين الذين لايمثلون في أغلب الأحيان إلا أنفسهم.

 والنقطة الأخرى الأكثر إثارة عند الحديث أو التعليق على تصريحات الوزير “ورنعدى”بخصوص المشاركة في المؤتمر التشاوري حول الانتخابات القادمة، وأنهم ليسوا جزا مما يجري في جمهورية الصومال يفسر لك وجود رغبة جامحة لدى قطاع عريض من الشعب الصومالي في الشمال إلى إنهاء حالة الانقسام وحلم الانفصال الذي لم يتحقق بعد عقدين ونصف من الزمان منذ إعلانه من طرف واحد بعد انهيار الحكومة المركزية في البلاد عام1991م.

وتأتي هذه التصريحات في سياق محاولة حكومة صومالاند لإسكات تلك الأصوات  المنادية بضرورة العودة إلى حضن الوطن، وأن أرض الصومال لا تسطيع ان تقوم بمفردها كما قال عبدالرحمن محمود علي”تور” أول رئيس لأرض الصومال غير المعترف بها دوليا عشية إعلان تراجعه عن فكرة الانفصال، ولا يمكن بكل الأحوال كسر إرادة الجماهيرة الحالمة الي وطن واسع.

السياسات المبنيَّة على ردود الأفعال والمواقف المتشنّجة لحكومة صومالاند تجاه المفاوضات الرامية الي تقريب وجهات النظر بين الحكومة الاتحادية وإدارتها الفيدرلية إنما تنم عن اعتقاد راسخ بأن طريق الانفصال يصير مسدودا كلما يقترب الموعد.

وكيفما يكن الأمر فإن أسلوب معادات الوحدة الذي تنتهجها القيادة الحالية في إدراة أرض الصومال لن يجدي نفعا ولا يعزز موقفها التفاوضي في الجولات القادمة،كما لا يساعدها في الحصول على اعتراف دولي، فالمسألة محسومة بالنسبة للمجتمع الدولي فهو لايريد اعتراف”اللاندات”الصومالية كدولة ولكن كإدرات فيدرالية تحت عبائة الدولة الصومالية.

زر الذهاب إلى الأعلى