دراسة: العوامل المؤثرة في صُنع القرار السياسي في الصومال

لتحميل الدراسة على صيغة PDF العوامل المؤثرة

مقدمة:

تعتبر عملية صنع القرار السياسي محل اهتمام عالمي في الدراسات العلمية الحديثة بمجالاتها المختلفة وفروعها المتباينة. ولم يعد تحليل عملية صنع القرار السياسي قاصرا على القرارات الداخلية في الدولة، بل امتد إلى القرارات التي تتخذها الدولة في الشأن الخارجي، كما أن دراسة عملية صنع القرار السياسي، تعد مدخلا مهما في فهم طبيعة النظم السياسية في جميع دول العالم بصفة عامة، ودول العالم الثالث بصفة خاصة.

وتحليل عملية صنع القرار تكشف مدى ديمقراطية الأنظمة الحاكمة في العالم الثالث، ودرجة تطورها، والتوجهات الأساسية للنخبة الحاكمة، ومن هم الأشخاص المسيطرون على العملية السياسية ؟ وكيف يديرون الدولة من خلال القرارات السياسية المختلفة ولصالح من ؟ وأساليب هولاء في صنع واتخاذ القرارات ؟ وقد خلصت الدراسات إلى نتيجة هامة تتركز  في أنه كلما اتسعت دائرة المشاركين في صنع القرار السياسي من حيث عدد الأفراد، ومن حيث أدوار المؤسسات الدستورية الفعلية، كلما كان ذلك يؤثر إيجابا في تطور أداء النظام السياسي نحو النجاح وبالتالي فإن احتمال النجاح تصبح أكثر من احتمالات الفشل في إصدار القرارات السياسية.

فالقرارات كما يعرفها ديفيد إيستون هي بمثابة مخرجات النظام السياسي أيا كان شكله والتي يتم من خلالها التوزيع السلطوي للقيم في المجتمع سواء كانت هذه القيم داخلية او خارجية، كما تعرف عملية صنع القرار بأنها عملية الاختيار الواعي بين بدائل متاحة وعديدة لا يخلو أي منها من عنصر الشك، ومن ثم فإن أساس عملية صنع القرار هي الخيار بين البدائل المتاحة.

لذا فقد برز الاهتمام من قبل جل دول العالم وحكوماتها بصناعة القرارات، انطلاقا من تلك الأهمية البالغة ، وتنقسم القرارات دائما إلى ماهو خاص بالسياسة الداخلية للدولة وما يخص بالشأن الخارجي.

والداخلي هو ذلك الجانب الذي يهتم بتنظيم حركة التنمية ومسيرتها العمرانية والإنسانية في الداخل وذلك من خلال القرارات التي تشكلها القوانين واللوائح المنظمة لها، كقوانين الأحوال الشخصية والجزائية والمرورية على سبيل المثال لا الحصر، وتقوم بصياغتها الجهات المعنية، والأشخاص المخولين من قبل الدولة

أما بالنسبة لصناعة القرار السياسي الخارجي وهو الأخطر لما يترتب عليه من ارتباط بالعالم الخارجي، وما تنعكس سلبياته من العملية التنموية في الداخل، فيقصد به تحويل الهدف العام للدولة إلى قرار محدد، وينبني انطلاقا من جهات تبدأ من رئيس الحكومة ووزير الخارجية، والأجهزة الحكومية الأخرى، وعلى رأسها الاستخبارات ومجالس الأمن القومي والسلطة التشريعية، وفي بعض الدول تساهم الأحزاب السياسية وجماعات الضغط السياسي، ووسائل الإعلام ورأي العام في ذلك.

وفي الحالة الصومالية هناك عدة عوامل تؤثر صانع القرار السياسي في الصومال، وهذه العوامل يمكن اختصارها في عاملين وهما عوامل داخلية وعوامل خارجية.

أولا : العوامل الداخلية:

هناك عوامل داخلية تؤثر صانع القرار السياسي الصومالي، وهذه العوامل لها دور كبير في رسم وتوجيه السياسة الصومالية،  ويمكن حصر هذه العوامل من خلال النقاط التالية :

1- حب البقاء في السلطة والتشبث بها:

أصبح البقاء في السلطة الشغل الشاغل للقيادة الصومالية الحالية منها والسابقة، فبعد الإقالة المهينة التي تعرض لها الرئيس الصومالي الأسبق عبد الله يوسف أحمد، قررت الإدارة الجديدة التي جاءت من بعده متمثلة بالرئيس الصومالي السابق شيخ شريف أحمد بتجنب نفس المصير، ولذلك بذل جهودا جبارة لإرضاء الأطراف المؤثرة في الساحة الصومالية والإقليمية والدولية، فقدم تنازلات لهذه الأطراف وأعطى امتيازات عديدة لجماعات الضغط المتنوعة، ووزع المناصب والرتب العسكرية لمن لا يستحق ، ووزع أراضي الدولة لتلك الجماعات أملا في التشبث والتمسك بالسلطة.

أما القيادة الجديدة المتمثلة بالرئيس الحالي حسن شيخ محمود فرغم أنها كانت تهاجم شيخ شريف وتصف بأنه باع البلاد والعباد بسبب تقديمه تنازلات  عديدة للأطراف الفاعلة على حساب البسطاء من الشعب الصومالي، إلا أن هذه الإدارة وقعت في الفخ ذاته وبدأت تبحث عن أسباب البقاء في السلطة مهما كان ذلك، فقد حاولت إدارة حسن شيخ محمود  أن تنأى بنفسها عن ممارسة تصرفات الإدارة التي سبقتها وخاصة السنة الأولى من عمرها، ولكن عادت وبدأت بإعطاء الامتيازات للمقربين من الرئيس ومن المحيطين به ومن رجال الأعمال الفاسدين ومن زعماء العشائر البارزين الذين لهم نفوذ في الساحة الصومالية، كما بذل الرئيس جهودا كبيرة لإرضاء الأطراف الإقليمية والدولية من أجل البقاء في السلطة، وأصبح الهاجس الوحيد للقيادة الصومالية كيفية التمسك بالسلطة وتفادي كل الأسباب التي تؤدي إلى ذلك.

ولهذا أصبحت القرارات التي تتخذها الإدارة مرتبطة بمصالحها الشخصية الضيقة، وليست بمصالح الشعب،ومن الأمور الملفتة للنظر في الدولة الصومالية سواء فيما يتعلق باختيار الوزراء ، والمدراء العاملين، والسفراء ، وحتى الموظفين ، فالدولة تعين الوظائف الحساسة للجهلة والشخصيات الضعيفة غير الكفوءة ، والفاسدين، وذلك خوفا من الشخصيات الكفوءة والمستقلة التي قد تكون عقبة في القرارات الخاطئة التي تتخذها الحكومة ، وذلك من أجل البقاء في السلطة .

وأصبح الشعب الصومالي مندهشا من القرارات الطائشة والارتجالية والصبيانية التي تتحذها الحكومة ، لا أدري مدى صحة القصة التي تقول بأن الولايات المتحدة زرعت عميلا في أعلى هيئة لاتخاذ القرار في الاتحاد السوفيتي سابقا كانت مهمته الوحيدة أن يعرقل القرارات الجيدة ويفسد كل القرارات الصائبة المقترحة ويسهم في اختيار الشخصيات الضعيفة غير الكفؤة في الوظائف الهامة أو الحساسة… إلا أن العبرة من هذه المروية سواء كانت حقيقية أو وهمية تبين أهمية العوامل المؤثرة في صنع القرارات التي من شأنها خلخلة أي نظام سياسي لدرجة استخدامها كسلاح سري أو معلن على مدى قريب أو بعيد في إسقاط نظام حكم أو أيدلوجية ما.

ليس بالضرورة أن يكون هناك عميلا لدولة أخرى لكي يؤثر سلبا على القرار السياسي بل الأحرى أن تكون العمالة للجهل وموروث التخلف وللعصبية والتطرف والغلو وللمصالح الضيقة ومراكز القوى على حساب المصالح العامة والوطنية خاصة في ظل غياب الحقائق والمعلومات الصحيحة الوافية، وهي الأشد خطرا من حيث التأثير على صناعة القرار خاصة في الدول التي تمر بمرحلة تغيير وما يصاحبها من ارتباك وهي الناخرة في صلب الدولة الحديثة في طور البنيان.

2- المنفعة الشخصية:

أصبحت المنفعة الشخصية والمصالح الفئوية الضيقة فوق كل الاعتبار لدى متخذي القرار في الصومال وهو ما أدى إلى عدم الثقة بين المواطن الصومالي والقيادة السياسية، فالمواطن ينظر القرارات التي تتخذها الحكومة ورئاسة الجمهورية بعين الريبة وعدم الاكتراث، فالشواهد تؤكد بوضوح وبما لا يدع مجالا للشك على  أن الساسة الصوماليين يعملون لمصالحهم الخاصة من خلال تعيين الوظائف العليا  للأقارب والمقربين والمريدين .

3- جماعات الضغط :

تُعد جماعات الضغط أو اللوبيات من أهم وأكثر التكتلات البشرية التي تؤثر على سياسات المؤسسات والشركات بل وسياسات عامة لدول بأكملها؛ فبقوَّتها وانتشارها وتحكمها في الكثير من وسائل الضغط وعلاقاتها الوثيقة بالأشخاص البارزين في كل مجتمع وكبار رجال الدولة تعمل تلك المجموعات على الحفاظ على مصالحها الخاصة.

فاللوبي عبارة عن جماعة قانونية منظمة تدافع عن قضايا ومواقف ومصالح معينة ومحددة لدى السلطات العامة  في الدولة، يجمع بين أفرادها مصالح مشتركة وتنشط في سبيل تحقيق هذه المصالح عن طريق الاتصال بمسؤولى الدولة ومؤسساتها ومحاولة إسماع صوتها مستخدمة كل ما تملك من وسائل متاحة وفى مقدمتها أسلوب الضغط، وتلعب اللوبيات دورًا محوريًا وهامًا في الحياة السياسية، حتى بات معروفًا بأن لوبيات الضغط القوية هي المُتخذ الحقيقي للقرارات وهي التي تصنع السياسة المُتبعة داخل الدولة وفي حالة وجود لوبي قوي من لوبيات الضغط في دولة معينة ينحصر دور سلطات تلك الدولة في إضفاء الصفة الرسمية على تلك السياسات والقرارات.

وجماعات الضغط في الصومال تختلف اختلافا جوهريا عن جماعات الضغط المنتشرة في الولايات المتحدة والدول المتقدمة، فهي عبارة عن جماعات غالبا ما تكون  غير منظمة و تعبر عن مصالحها الشخصية، وتسعى معظمها للحصول على الربح المادي والامتيازات السياسية والاقتصادية   .وتشمل هذه الجماعات مايلي:

أ- جماعة الدم الجديد :

وهو مسمى حركي فكري ظهر في داخل تنظيم حركة الإصلاح الصومالية حيث برزت مجموعة من الكوادر تطالب بالإصلاح وإعطاء الشباب لدور أكبر في قيادة الحركة، وعندما لم تستجب إدارة الحركة لمطالبهم المشروعة، أعلنوا انشقاقهم وكونوا حركة جديدة سميت بالدم الجديد، ووقفت هذه الجماعة إلى جانب المحاكم الإسلامية وبعد انهيار المحاكم خاضت حربا شرسة مع القوات الإثيوبية التي احتلت الصومال عام 2006م، وبعد تحرير الصومال من القوات الإثيوبية أنشأت بعض كوادر الحركة حزبا سياسيا سمي بحزب السلام والتنمية وأصبح حسن شيخ رئيسا لهذا الحزب، وخاض انتخابات 2012م باسم هذا الحزب ، ورغم أن حسن شيخ ليس عضوا في جماعة الدم الجديد إلا أنه يعدُّ من المعجبين والمؤيدين لهذه الحركة .

وكان لجماعة الدم الجديد فضل كبير في وصول حسن شيخ إلى سدة الحكم، ولهذا فإن القيادة الصومالية تستمع   إلى نصائحهم وتوجيهاتهم، وهناك  تنسيق عالي المستوى بين رئاسة الجمهورية وقيادة الحركة، وتساهم الحركة بشكل كبير في إفشال المخططات التي تستهدف السيد الرئيس من خلال شبكة من العلاقات التي تمتلكها الحركة، ومن خلال أعضائها في البرلمان، ولها ثلاث وزارء في التشكليلةالوزراية الحالية ،وهي وزارة الداخلية والشؤون الفيدرالية ، ووزارة الشؤون الرئاسة ، ووزارة الشباب والرياضة ،  إضافة إلى منصب مدير جهاز الأمن القومي والاستخبارات، ومحافظ وعمدة مقديشو.

ب- جماعة الاعتصام

جماعة الاعتصام (الاتحاد الإسلامي سابقاً) هي جماعة ظهرت في عام 1996م إثر اتحاد جماعتين إسلاميتين كانتا امتدادًا للدعوة السلفية في الصومال، بعد انشقاقات شهدتها حركة الاتحاد الإسلامي، ويرأسها الشيخ بشير صلاد وعدد من دعاة الصومال، وكان لها دور ملحوظ في مجال الدعوة والإغاثة، وساهمت كذلك في محاربة القوات الإثيوبية أواسط التسعينات في مناطق جنوب غرب الصومال،  وذلك  بعد  توغل تلك القوات على الأراضي الصومالية في حينها ، وهي من الجماعات التي شاركت في تأسيس القوة العسكرية للمحاكم الإسلامية، وينتمي إليها  فكرياً بعض القيادات البارزة للمحاكم مثل الشيخ حسن طاهر أويس رئيس مجلس الشورى للمحاكم وتحالف إعادة تحرير الصومال جناح أسمرة سابقا [لكنه انشق عن جماعة الاعتصام]، ويقوم المنهج الدعوي للجماعة  على تصحيح المفاهيم العقائدية للمسلمين، ونشر المنهج السلفي.

وهذه الجماعة لها تأثير كبير في عملية اتخاذ القرار في الصومال، فالجماعة تتمتع بنفوذ كبير في النظام السياسي القائم ولها أربع وزراء في التشكيلة الوزارية الحالية كوزارة الزراعة، ووزارة الثروة الحيوانية ، ووزارة التجارة ،  وزارة الدولة لشئون مجلس الوزراء، وقد استخدم رئيس الجمهورية هذه الجماعة لضرب جماعة آل الشيخ التي كان ينتمي إليها الرئيس السابق شيخ شريف، وهي الخصم الرئيسي لقادة النظام الحالي في الوقت الراهن ، وتشكل محورا مهما في بنية المعارضة المتشكلة مؤخرا  .

ج- رجال الأعمال:

وهي قوة مؤثرة تأثيرا مباشرا سلبا أو إيجابا على الواقع والمشهد السياسي الصومالي، وليسوا على مستوى واحد. فهناك المستفيدون من حالة الفوضى وانعدام القانون، وهؤلاء يمارسون تجارة الحرب أو ما يعرف بـ “اقتصاد الظل” وأكثرهم طرف في الصراع بصورة مباشرة، وهم المتاجرون في السلاح والمخدرات والتهريب والمواد المنتهية الصلاحية. ولذلك يفضلون بقاء الأمور على وضعها الراهن.

وغالبا ما نجد أن قوتهم تكمن في قدرتهم على تمويل مشاريع الحرب أو السلام حسبما تقتضي مصلحتهم، وإمكانية أن يشكلوا عقبة أمام السلام أو داعما له، لذا فإن دورهم حاسم في ترجيح كفة الحرب أو السلام، و أن لهم تأثيرا  كبيرا في صنع القرار السياسي ودخل  عدد كبير منهم في البرلمان عام 2012م  مؤكدين بذلك  تزاوج عالم المال والسلطة في دولة عانت الحرب الأهلية قرابة ربع قرن من الزمن.

وهناك رجال أعمال يتاجرون في تجارة مشروعة، وهؤلاء يحبذون وجود القانون وحمايته لهم مقابل دفع الضرائب والجمارك بدل دفع المبالغ الطائلة لتوفير الحماية الذاتية لأنفسهم ولتجارتهم، وهؤلاء مستعدون لعودة النظام والقانون وهم في الغالب سيدعمون أية حكومة  عازمة على إخراج البلاد من حالة الفوضى وانعدام النظام.

وربما يمكن القول بان القاسم المشترك بينهم هو السيطرة على المفاصل الاقتصادية للدولة، ووضع اليد على الاستثمارات والحصول على المشاريع والمقاولات، والحصول على الإعفاء الضريبي، وتحديد التعريفة الجمركية لمصالحهم الشخصية.

وقد بدا نفوذ رجال الاعمال يتنامى في عهد الرئيس حسن شيخ، وبات الرئيس يستشيرهم ويستمع إليهم، وأكدت مصادر موثوقة أن عددا من رجال الاعمال متورطون في قضايا فساد  في الدولة الصومالية وأنهم قدموا الرشاوى لجهات سيادية من أجل السيطرة على ممتلكات الدولة ومرافق حيوية .

ثانيا: العوامل الخارجية:

إن العوامل الخارجية سواءا الإقليمية أو الدولية كانت ومازالت لها دور قوي ومؤثر أو فاعل في الأزمة الصومالية، إلا أن نجاح هذه العوامل الخارجية لم يكن ليتم لولا وجود العوامل الداخلية؛ فالأصل هو قابلية البيئة الداخلية للتفاعل السلبي مع المؤثرات الخارجية. ويمكن تلخيص أهم العوامل وأهم الدول المؤثرة في صنع القرار السياسي الصومالي من خلال النقاط التالية:

أولا: الدول الإقليمية :

ويقصد بالدول الإقليمية دول الجوار التي لها تأثير كبير في الساحة السياسية الصومالية و لها قوات عسكرية في الأراضي الصومالية ومتورطة في خلق ألازمة الصومالية ولها مصلحة في استمرارها ومن هذه الدول، إثيوبيا، كينيا

1- إثيوبيا

يتعدى دورها من التأثير السياسي إلى التدخل العسكري في كثير من الأحيان كما حدث مؤخرا، ولها علاقات مميزة  مع أمراء الحرب وقيادات الإدارات الإقليمية وتتعامل رأسا مع القبائل بشكل مستقل عن الدولة المركزية والإدارات الإقليمية معا، وأصبحت إثيوبيا شرطي أمريكا في القرن الإفريقي ،حيث حشدت آلاف من جنودها داخل الأراضي الصومالية وبدأت بإقالة محافظِي بعض الأقاليم وتنصيب الآخرين الموالين لها، كما حدث في إقليم جدو حيث أقالت محافظ الإقليم المعين من قبل الحكومة الفيدرالية الصومالية ورحلته إلى مقديشو مكبل الأيدي ومعصوب العينين، كما هددت محافظ إقليم هيران حينما حاول إقامة علاقات تجارية، وزراعية ،وبيطرية مع الدولة المصرية آوبالتالي تم استدعاؤه من قبل القائد العسكري الإثيوبي وأبلغ عدم رضي إثيوبيا بالخطوة التي أقدم عليها.،  كما تتدخل إثيوبيا   في القرارات التي تتخذها الدولة الصومالية حيث ترفض تعيين بعض الوزراء وتطلب إقالة الآخرين.

وهكذا فإن لإثيوبيا دورا كبيرا في الصومال وهو دور تدميري لأنها  لاتريدصومالا قوياً بل ضعيفاً مفككاً؛ لأن قوة الصومال ستكون دعماً لحركات المعارضة العرقية والدينية داخل إثيوبيا ذاتها.

2- كينيا:

تعتبر كينيا الدولة الثانية التي لها نفوذ في الساحة الصومالية خاصة بعد تدخلها عسكريا في الصومال، فقد اجتاحت القوات الكينية أجزاءا  واسعا من أرض الصومال عام 2011 م وذلك بذريعة محاربتها لحركة الشباب المجاهدين  وقد كان هذا الغزو مفاجئا للجميع، وظن كثيرون أن المسئولين الكينيين سوف يطلبون إذنًا وترخيصًا من الأمم المتحدة أو من الاتحاد الإفريقي إلا أن ذلك لم يحدث،  ولكن يبدو ولأكثر من سبب من بينها الحصول على شرعية للهجوم وللحصول أيضًا على دعم مالي من المجتمع الدولي انضمت كينيا لقوات الاتحاد الإفريقي لاحقا ولهذا وجدت الشرعية القانونية والدعم المالي ، وبدأت تتدخل في الشأن الداخلي الصومالي خصوصا في ولاية جوبا لاند ، كما امتد دورها للسيطرة على الحدود البحرية المتنازع عليها ، و يمكن حصر أهداف التدخل الكيني للصومال على مايلي

1- السيطرة على الحدود البحرية المتنازع عليها: يهدف التدخل العسكري الكيني السيطرة على الحدود البحرية الغنية بالنفط والغاز الطبيعي خصوصا بعد رفض البرلمان الصومالي مذكرة التفاهم التي وقعت الحكومة الصومالية مع كينيا والتي اثارت ضجة كبيرة في الأوساط الصومالية، وبعد فشل هذه المحاولة لجأت كينيا إلى القوة العسكرية لتركيع الدولة الصومالية لكي تقبل مطالبها غير المشروعة، والآن وبعد أن انكشف أمرها وقدمت الدولة الصومالية ملف القضية إلى محكمة العدل الدولية تحاول كينيا جاهدة اللجوء إلى حيلة جديدة قذرة وهي أن تكون الإدارات الإقلمية الصومالية هي المسئوولة عن ثرواتها الطبيعية وسواحلها الممتدة، وقد أقنعت كينيا هذه القضية كل من ولاية جوبالاند وولاية بونت لاند، وفي اللقاءات التشاورية الأخيرة التي جرت في الشهر الماضي طالبت جوبالاندوبونت لاند إدراج هذه المسالة في جدول المناقشات، مما أدهش المراقبين لهذه الدرجة من السفافة والسذاجة، وا‘ن البلاد في خطر وأن الإدارات الإقليمية أصبحت العوبة بيد كينيا وإثيوبيا.

2– المحافظة على مكانة ميناء ممباسا:

يُعد ميناء ممباسا أهم ميناء بحري لدول شرق ووسط إفريقيا. وهذا الميناء يخدم – إضافة إلى كينيا – أوغندا ورواندا وبوروندي وجنوب السودان والأجزاء الشرقية لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وهذا الميناء عانى من سيطرة حركة الشباب في جوبا لاند (كسمايو)، وبسيطرة “حركة الشباب” على كسمايو، غيرت سفن كثيرة وجهتها تفاديًا للمخاطر ومن ثم ارتفاع التأمين. وصرّح وزير التجارة الكيني في مؤتمر للملاحة الدولية، والذي عُقد في ممباسا في الخامس من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2012م وشارك فيه ممثلون من ثلاثين دولة، بأن إخراج “حركة الشباب” من ميناء كسمايو سيعزز فرص ميناء ممباسا؛ إذ سترسو سفن كثيرة فيها لقلة خطر القرصنة، وأشار الوزير إلى أن بعض شركات الشحن كانت تختار لسفنها البحر الأبيض المتوسط مما كان يكلف على الأقل 10 آلاف دولار أمير كي لكل طن مما أضرّ بالتجارة مع إفريقيا. وذكر أنه حدثت لميناء ممباسا زيادة للحاويات المارة في الربع الأول من هذه السنة تصل إلى 24 بالمائة. ويتوقع الكينيون انخفاض أسعار السلع والبضائع تبعًا لانخفاض التأمين على السفن . ورصدت البحرية الكينية بين 2010-2012 سبع حالات قرصنة في المياه الكينية بينما لم تُسجّل حتى حالة واحدة في 2012.

3 – تقليل وتحجيم دور ميناء كسمايو:

ميناء كسمايو قريب نسبيًا من الحدود الكينية، والبضائع في ذلك الميناء يسهل وصولها إلى مدن الحدود الكينية  ومن ثم إلى كل المدن الكينية. ولم يخْفِ المسئولون الكينيون ومعهم الإعلام تخوفهم من البضائع التي تتسرب من كسمايو والتي يقول المسئولون: إنها تُهرَّب إلى كينيا. ويدعي المسئولون الكينيون أن بعض هذه البضائع لم تخضع لمعايير الجودة المطبقة في كينيا. وأمر آخر وهو أن هذه البضائع والسلع التي تدخل من ميناء كسمايو مثل السكر تشكل منافسة خطيرة للسكر والسلع الأخرى المصنعة محليًا. لأن هذه البضائع الصومالية تدخل دون ان يؤخذ منها أية ضرائب محددة .

ويعتقد المسؤولون الكينيون أن السكر الذي يأتي من البرازيل ومن باكستان عن طريق دبي يصل إلى كسمايو، ومن ثم يتحرك إلى المدن الكينية والصومالية على الحدود، مثل: منديراووجيروقاريساوطاطاب في شمال شرق كينيا،    ومن ثم تُنقل إلى نيروبي العاصمة وإلى ممباسا في الساحل وإلى إسيولو في شرق كينيا. فكينيا التي لم تستطع ضبط بضائع ميناء كسمايو ها هي وصلت إليه، ويسهل عليها الآن فرض ضرائب على تلك البضائع من ميناء كسمايو.

ويدعي المسئولون الكينيون أن عوائد هذه البضائع تستخدم للإرهاب ولغسيل الأموال مما يضر بالأمن الكيني سلبا  وأمن المنطقة بالكامل ، بل إن هيئة الضرائب الكينية تدعي أن ميناء كسمايو يُستخدم لتهريب المخدرات إلى كينيا.

ثانيا : القوى الدولية:

أ- الولايات المتحدة الأمريكية:

 الولايات المتحدة الأمريكية دورها في الصومال  أقوى من الآخرين لكونها أكبر قوة عالمية، واعتقادها بأن الصومال ممر  ومأوى للإرهابيين ولا سيما أولئك الذين خططوا لهجمات سفارتي نيروبي ودار السلام وفندق ممباسا. ولها قاعدة عسكرية خاصة لمكافحة الإرهاب في المنطقة مقرها جيبوتي .

وقد تورطت عسكريا مرتين: في 1992م حيث هزمت، ثم حاولت التدخل مرة أخرى عن طريق تحالف مكافحة الإرهاب المنهزم في 2006م، ولهذا يعتبر دورها في الصومال على المستوى الدولي بمثابة الدور الإثيوبي على المستوى الإقليمي.

في الآونة الاخيرة برز دور الولايات المتحدة في الصومال وبات واضحا للعيان ، وقد أكدت  بعض المصادر ان قرابة ألفي جندي أمريكي متمركزين في الصومال ، وان الولايات المتحدة أنشأت قواعد عسكرية في  محافظة شبيلى السفلى وخاصة في بليدوجلى”مطار عسكري”  ومعسكر حلنى وقاعدة عسكرية قرب كسمايو، وكل هذه الشواهد تؤكد بوضوح ان نفوذها تضاعف  وأن وجودها أصبح باديا للعيان ، وقد تعزز هذا الدور بعد تعيين الولايات المتحدة سفيرا لها في الصومال وفتح بعثتها الدبلوماسية الى الصومال التي كانت قد اغلقت عام 1991، وذلك في أحدث خطوة على طريق اعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين.

ولكن البعثة ستتخذ من السفارة الأمريكية في العاصمة الكينية نيروبي مقرا لها، إذ قالت وزارة الخارجية في واشنطن إن الدبلوماسيين الأمريكيين سيقصدون مقديشو من نيروبي.

ب-بريطانيا العظمى:

بدأ الاهتمام البريطاني للصومال يطفو للسطح ، وقد ظهر هذا الاهتمام من خلال المؤتمر الدولي حول الصومال الذي عقدته بريطانيا في 23 فبراير 2012م وحشدت جميع طاقاتها الدبلوماسية دوليا وإقليميا لإقناع دول العالم المهتمة بالصومال للمشاركة الفعالة في المؤتمر، الذي قالت إنه يهدف إلى توحيد الجهود لمواجهة الخطر الذي تشكله قضية الصومال وتداعياتها الأمنية والسياسية على القرن الإفريقي والعالم وبريطانيا بالتحديد على حد سواء.

ويتساءل المراقبون والمتابعون للشأن الصومالي عن السبب وراء هذا الاهتمام المفاجئ بالقضية المنسية، والتي كانت لا تبرح الأدراج المهملة عدا المتابعة عن بعد والدعم الإغاثي الخجول عبر المنظمات الدولية، رغم أن في بريطانيا نفسها توجد أكبر جالية صومالية في القارة الأوروبية؟؟.ومنذ ذلك الحين بدأت بريطانيا تولي اهتماما كبيرا للصومال ، حيث فتحت سفارتها التي كانت مغفلة قرابة عقدين من الزمن ، وأصبح المسئولون البريطانيون يأتون إلى الصومال وفي مقدمتهم وزير الخارجية ، وأعادت بريطانيا نفوذها في الصومال من خلال سفيرتها النشطة التي كثفت لقاءاها واجتماعاتها مع المسئولين الصوماليين ومع المجتمع المدني والإدارات الإقليمية .

وتوجت الخطوة البريطانية بإعلان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأن بلاده سترسل عشرات الجنود إلى الصومال، وربما إلى جنوب السودان، للمساعدة في تعزيز الأمن في المنطقة. وسيتوجه نحو 70 جندياً إلى الصومال لدعم القوات الإفريقية، حيث يشن مقاتلو حركة الشباب المجاهدين هجمات على حكومة مقديشو التي تدعمها قوة عسكرية من الاتحاد الإفريقي تضم 22 ألف جندي من أوغندا وبوروندي وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا.

وأوضح المتحدث باسم كاميرون “لن يتم إرسال قوات قتالية”، مشيراً إلى أن الجنود البريطانيين سيقدمون الدعم اللوجستي والتدريب. وأضاف “إنها قضية مسؤولية لكنها أيضاً مفيدة سواء بالنسبة لأمن المنطقة أو أمننا”.

ولم يتسن لمكتب رئيس الوزراء البريطاني تحديد موعد نشر القوة أو مدة بقاء الجنود هناك. ومن المفترض أن يعلن كاميرون ذلك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ومن خلال ماسبق يتبين لنا أهداف بريطانيا للصومال في الوقت الراهن من خلال ما يلي:

1-احتمال وجود كميات كبيرة من الغاز والبترول في الصومال

2- خطرالبريطانيين الجهاد يين من أصول صومالية على الأمن القومي البريطاني

3-خطر القراصنة على السفن البريطانية المتجهة إلى الخليج العربي.

ج- تركيا:
شهدت الصومال في عام 2011م أكبر مجاعة خلال الـ ـ60 عامًا الأخيرة هرعت لها الدول والمنظمات الإسلامية التي لعبت دورا بارزا في مواجهة المجاعة؛ ولولاها لكانت الكارثة أكبر بكثير مما كانت عليه. وقامت الحكومة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان بنصيب الأسد في ذلك.

ولم يكتف أردوغان بتقديم المساعدة الإغاثية فقط بل قاد حملة دولية وإسلامية لإنقاذ الصومال. كما فتح أردوغان موسم الزيارات الرفيعة المستوى إلى الصومال، فما إن أعلن نيته زيارة الصومال حتى استبقه إليها الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي في 17 أغسطس/ آب 2011 التي لم تلق الكثير من الاهتمام والتي قال إنها تهدف إلى لفت أنظار العالم إلى المجاعة في الصومال. وبعد يومين جازف أردوغان بزيارة العاصمة التي تشهد قتالا دائما بين “الشباب” وقوات الاتحاد الإفريقي المعززة للقوات الحكومية الضعيفة، وكان ذلك في 19 أغسطس/ آب 2011 وبرفقته زوجته وأولاده. كما جاء معه بوفد كبير من الوزراء ونواب من البرلمان وكبار رجالات الدولة التركية، للفت أنظار العالم إلى حجم الكارثة ولإظهار التضامن والتعاطف مع الشعب الصومالي، وكان أول وفد رفيع المستوى من نوعه وأول رئيس وزراء يزور الصومال منذ 20 عاما.

كانت زيارة اردوغان للصومال فاتحة خير حيث تهافتت دول كثيرة في الصومال، وفتحت الخطوط الجوية التركية خط طيران بين مقديشو واسطنبول ، كما قامت الدولة التركية بتعبيد الطرق في مقديشو وبناء مطار مقديشو ، وقامت بإعادة تاهيل ميناء مقديشو حتى تتواكب مع تطورات العصر.

إن للدولة التركية لها نفوذ كبير في الصومال وهذا الدور جاء من خلال الإنجازات التي قامت بها خلال السنوات الماضية .

د- الأمم المتحدة:

بعد مضي عام ونصف على اندلاع الحرب الأهلية في الصومال وفي ظل هول الكارثة الإنسانية وتعقيداتها ، وبعد فشل جميع الجهود الدولية والإقليمية للوساطة والتوفيق والمصالحة بين المتقاتلين وأطراف الحرب القبلية والمنازعات الدموية ، قررت الدول المانحة التدخل المباشر في الصومال تحت شعار” التدخل الإنساني” وسمَّته أمريكا بعملية “إعادة الأمل”  وهو مبدأ جديد لا يأخذ في اعتباره ما سبقت أن استقرت عليه قواعد القانون الدولي من عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، وإنما له صلة بصياغات القرارات الصادرة من مجلس الأمن والتي بموجبها  نفذت عمليتا الأمم المتحدة في الصومال ( يونوصوم 1 و يونوصوم 2)  بين عامي 1992م و1993م .

وبعد إخفاق عمليتى الأمم المتحدة أصبح دور الأمم المتحدة في الصومال دورا باهتا وغير مؤثر نتيجة للفشل الذريع الذي أصاب جهود المنظمة الدولية ، ولكن سرعان ما ستعادت الامم المتحدة دورها عقب دخول القوات الإثيوبية إلى الصومال في نهاية عام 2006 ، وصدر قرار  رقم 1725 الذي يقضي بإجراء حوار شامل بين الحكومة الانتقالية والمحاكم الإسلامية والسماح لمنظنة إيجاد والاتحاد الأفريقي بإنشاء بعثة حماية وتدريب في الصومال ودعم مواقفهما في هذا الشأن ، وكان مجلس الأمن الدولي قد حث يوم 2فبراير 2007 الاتحاد الأفريقي لإرسال قوات حفظ سلام إلى الصومال بسرعة حتى يتسنى لإثيوبيا سحب قواتها،كما أنه أيد نشر قوات من بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة التقنية إلى الصومال لتقديم توصيات بشان الاحتياجات الأمنية .

وقد تعاظم دور  وتأثير الأمم المتحدة في الصومال إثر تعيين أوغسطينماهيجو الذي كان نشطا في الساحة السياسية الصومالية ، ولعب دورا كبيرا في لفت انتباه دول العالم للأزمة الصومالية ومن ثم إيجاد حل لهذه المعضلة ، ولهذا كان ماهيحو مهندس خريطة الطريق التي وضعت في عام 2011م للخروج من المرحلة الاتنقاليةوالاتنقال إلى مرحلة دائمة تتمتع بموجبها المؤسسات الدستورية بقدر من الاستقلالية

وأعلن مجلس الأمن الدولي أنه سيُعقد اجتماع خلال الفترة من 4 إلى 6 سبتمبر/أيلول 2011م في الصومال لوضع خطة لتعزيز دور الحكومة خلال العام المقبل في هذا البلد الذي تمزقه الحرب. وقال بيان صادر   من مجلس الأمن إن هذا الاجتماع سينظم تحت إشراف الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصومال أوغسطينماهيجو.

وأوضح البيان أن هدف الاجتماع هو “الاتفاق على خريطة طريق للمهام الرئيسية والأولويات التي ينبغي القيام بها في الصومال خلال الشهور الـ12 المقبلة، في ظل إطار زمني واضح ومعايير ينبغي تطبيقها” من قبل الحكومة الانتقالية في الصومال المدعومة من الأمم المتحدة.

وقالت المنظمة الأممية إن “أعضاء مجلس الأمن أكدوا ضرورة وجود مشاركة واسعة من قبل الجماعات الصومالية في هذا الاجتماع، من بينها المؤسسات الاتحادية الانتقالية والإدارات المحلية والإقليمية وغيرهم من أصحاب المصلحة في الصومال”.”

وأشار مجلس الأمن إلى أن الدعم المستقبلي للحكومة الانتقالية “سيتوقف على إنجاز المهام التي تنص عليها خريطة الطريق”.

وتطبيقا لقرار مجلس الأمن أعلن الرئيس الصومالي شريف شيخ احمد أن مسؤولين صوماليين تبنوا في مقديشو «خارطة طريق» للخروج من المأزق السياسي ورسم نهاية الحكومة الانتقالية التي عجزت خلال سبع سنوات عن إعادة توحيد بلد دمرته عشرون سنة من الحرب الأهلية. وقال الرئيس الصومالي “تعهدنا صراحة تطبيق خريطة الطريق هذه، والشعب الصومالي عانى الكثير”.

وقد وقع الوثيقة ممثلو الحكومة الانتقالية وبونت لاند وإدارة جلمذج  التي تسيطر وسط البلاد وميليشيا أهل السنة والجماعة  الموالية للحكومة. كما وقع النص ممثلو الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة  (ايجاد) التي تضم ست دول من شرق افريقيا والأمم المتحدة.

وبموجب «خارطة الطريق» سينفذ الزعماء السياسيون في الصومال سلسلة إصلاحات تتعلق بالأمن والدستور والمصالحة السياسية والحكم الرشيد، وإجراء انتخابات في غضون 12 شهرا لإنهاء سلسلة من الحكومات الانتقالية. وكانت لجنة صومالية تحضيرية قد أوصت بإجراء هذه الإصلاحات في 23 أغسطس ومن المتوقع إجراء الانتخابات بحلول 20 أغسطس العام القادم لاختيار أعضاء برلمان اتحادي جديد وإدارات محلية ورئيس.

وقد لعب مبعوث الامين العام للأمم المتجدة دورا كبيرا في تنفيذ خريطة الطريق وأصبح صانع القرار السياسي قي الصومال ، و كان له نقوذ كبير وظل الآمر والناهي في الصومال ، وكان له مؤاخذات كبيرة يمكن إيجازها ما يلي :

1- فرض القرارات:

كان أوغسطين ماهيجا يفرض القرارات السياسية على الصوماليين ، وكان يتعامل مع الصوماليين كشرطي أبيض في بلد أسود ، وكانت أحاديثه للإعلام مزعجة للغاية ، وكان الصوماليون يسمونه الرئيس الصومالي الفعلي .

2- الاستخفاف بالصوماليين:

كان ماهيجا يستخف بالصوماليين ولا يسمع آراءهم و أفكارهم وكان يهاجم بعض السياسيين الصوماليين وعلى رأسهم الرئيس الصومالي السابق شريف شيخ أحمد،  وقال: في إحدى حواراته ” إن القصر الرئاسي تحكمه جماعة آل الشيخ المتنفذة، والتي تسعى إلى مصالحها الخاصة وهدفها الأساسي السيطرة على الصومال وفق أيديولجيتها الخاصة “، وقد اثار هذا التصريح حفيظة الرئيس الصومالي ، حيث أوضح أن هذا التصريح عار عن الصحة وأن ما هيجا يتدخل في الشأن الداخلي الصومالي وعليه أن يحافظ على التقاليد الدبلوماسية .

3- الانحياز:

تميز عهد أوغسطين ماهيجا بالانحياز لبعض الفرقاء السياسيين وبعض القبائل الصومالية على حساب الاطراف الأخرى ، وقد كان هذا واضحا أثناء انتخاب  البرلمان الصومالي ، حيث تم استبعاد بعض المرشحين لأسباب أيديولوجية أو قبلية ، او عدم ولائهم للاطراف التي ينحاز إليها المبعوث .

أما المبعوث السيد نيكولاسكاي،  فهو بريطاني الجنسية وله سجل دبلوماسي حافل بالانجازات، وكان مدير دائرة الشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية البريطانية ، عين نيكولاس كاي مؤخرا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصومال ، وفور تعيينه باشر مهامه الصعبة في الصومال بتفان ، حيث قام بجولة مكوكية إلى الإدارات الإقليمية ،وعلى عكس سابقه فإن كاي يحاول قدر الإمكان أن تكون القرارات التي تتخذها الدولة الصومالية  نابعة من القيادة الصومالية ، وأ يكون دوره محصورا بمساعدة الصوماليين للوصول إلى حل توافقي بجميع المسائل العالقة .

ففي الأزمة الأخيرة التي نشبت بين البرلمان وبين الرئيس الصومالي عندما قدم أكثر من تسعين نائبا مذكرة لسحب الثفة من الرئيس ، كان لنيكولاس كاي دور كبير في حل هذه الازمة، حيث أكد أن العملية السياسية في الصومال لا تتحمل مزيدا من الاضطرابات وعلى الداعين تنحي الرئيس عليهم ان يراجغوا أنفسهم وأن يقدروا الظرف الراهن التي تمر بها الصومال.

ولهذا فإن دور المبعوث إيجابي حتى الآن ويسعى إلى لم شمل وتوفيق بين الفرقاء الصوماليين.

خلاصة عامة :

من خلال هذه الدراسة المتواضعة يتبين لنا ما يلي:

1-أن صنع القرار السياسي في الوقت الراهن ليس بيد الصوماليين .

2- أن التدخلات الإقليمية في صنع القرار السياسي الصومالية بادية للعيان ، وقد  أضرت بالمصلحة الوطنية الصومالية ، ووضعت مستقبل البلاد في مهب الريح.

3- إن إصرار القيادة الصومالية في التشبث بالسلطة وعدم الاهتمام بمصالح البلاد يؤدي إلى ضياع الوطن .

4- أصبح الإقصاء واستبعاد الشخصيات الوطنية السمة الباروزة للنظام السياسي الصومالي .

5-إن الفيدرالية وما يسمى بالإدارات الإقليمية – هي مقدمة لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ- ، تتم برعاية وإشراف دولي ، وليست شأنا داخليا يخص الأطراف الصومالية وحدها .

6- إن القرار الصومالي ليس مستقلا فالعوامل المذكورة أعلاه هي المحددات الرئيسية التي ينظر إليها صانع القرار السياسى الصومالي على الاقل في الظرف الراهن.

عبدالله آدم موسى

محاضرفي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مقديشو ، حاصل على درجة الماجستير في التاريخ الحدديث والمعاصر من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة ، وحصل الليسانس من جامعة عين شمس عام 2007 م
زر الذهاب إلى الأعلى