تحليل: جولة شرمأركي وتوقُّعات الاتّفاق بين بونت لاند وجلمدغ

قام رئيس الوزراء عمر عبدالرشيد شرمأركي بزيارة إلى مدينة جرووي عاصمة إدارة بونت لاند مع وفد مرافق له لرأب الصدع بين بونت لاند وجلمدغ ، غير أنه في البداية بدأ زيارته بمدينة عذاذو العاصمة الانتقالية لغلمدغ، وأجرى مع رئيس إدارة جلمدغ عبد الكريم غوليد محادثات حول إنهاء الأزمة الحالية في مدينة جالكعيو وقدم لهم اقتراحه لضرورة وقف القتال و تهدئة الأجواء بين الإدارتين.

وبعد ساعات توجه الى جرووي والتقى مع رئيس بونت لاند عبد الولي غاس، وتحدث شرمأركي عن هدف زيارته الذي تأتي في إطار مصالحة فى الحروب المتكررة التى وقعت في جالكعيو، وأكد السيد شرمأركي حتمية توصل إلى اتفاق فى جالكعيو وكذلك عبّر الرئيس عبدالولى محمد على عن التزامهم اذا حدث أي تفاهم بينه و بين الادارة جلمدغ.

فشل مساعي زعماء العشائر .. وعودة الحرب!

أعلن بعض زعماء العشائر في جالكعيو عن بدئهم لمساعي سلام بين الإدارتين وتم الإعلان عن بنود لوقف إطلاق النار، وقد تحدث أحد زعماء العشائر إلى القسم الصومالي لإذاعة بي بي سي، و ذكر أن الجانبين طرحوا مواضيع كانت عالقة منذ زمان بعيد، وصرح أن مثل هذه الملفات القديمة لا شك أنها تعرقل مسيرة الاتفاقية، والوصول إلى تفاهم حول الحرب الجارية في جالكعيو، وفعلا فشل زعماء العشائر فى وقف الصراع بين الإدارتين مما أدى إلى تجدد القتال صباح اليوم في ” سوق درحمو “ الذي يفصل بين المدينة، ولحسن الحظ لم يدم الحرب طويلا كما صرح أحد أبناء المدينة لموقع مركز مقديشو، ولم يعرف حتى الآن الخسائر التى نجمت في الحرب الأخيرة.

وكان من المفترض أن يسعى زعماء العشائر إلى حل مشكلة الشارع المعبَّد الذي كان سبب بداية الحرب بعد فترة طويلة من التعايش السلمي بين أبناء المدينة، فلماذا يتم فتح ملفات أخرى بدون التوصل إلى تفاهم قضية الشارع. ونجد أن زعماء العشائر يتمتعون باحترام واسع في أوساط المجتمع المحلي هناك وبالتالي عليهم أن يعلنوا مؤتمرا تصالحيا بين طرفي الصراع في المدينة وأن يستفيدوا من نفوذهم في فرض حلّ جذري لمدينة جالكعيو.

جولة شرمأركي .. والحلول الناعمة:

أعلن رئيس الوزراء عمر عبدالرشيد شرمأركي أن مساعيه إزاء إنهاء حالة الحرب والتوصل الى سلام ووفاق في مدينة جالكعيو، تركز على نقاط أربع هي:

  • وقف كافة الأساليب التي تشعل الحرب سواء كانت سلاحا أو كلاما.
  • الابتعاد عن الظروف التي سبب الحرب، وإخرج القوات المسلحة من المدينة.
  • إعادة النازحين إلى المدينة في أقرب وقت ممكن.
  • تكوين لجنة تقيم أسباب الحرب وأن لا يتكرر مثل ذلك.

ولكن يبدو أن السيد شرمأركي لا يريد إنهاء الحرب بصورة نهائية لأن تلك النقاط الأربعة ترتكز فقط على الوصول إلى حلّ فى الواقعة الأخيرة، ومن الواضح أن مما يساهم في تكرار مثل هذا الصراع فى المدينة هى المبادرات الهشة التى تعالج الصراعات في حينها من غير معرفة جذور الصراع فى المدينة وتقديم مبادرات جادة من شأنها أن تجعل المدينة جالكعيو مدينة السلام.

توقعات الاتفاق بين الإدارتين بونت لاند و جلمدغ:

لا يوجد أي بوادر أمل لحل جذري لأزمة جالكعيو حاليا، لأن معظم المحاولات لوقف نزيف القتال فى جالكعيو توقفت على حلول سطحية تستمر لمدة شهور وسنوات قليلة فقط، وحتى الاتفاقية المشهورة الذي تم توقيعها قبل ربع قرن من الزمان (اتفاقية عام 1993م) لم تعد صالحة الآن، فكم مرّة وقع تصادم بين الجانبين؟!.وكم مرّة انتهكت لهذه الاتفاقية.

فالمساعي الأخيرة من قبل الحكومة الفيدرالية لا تأتي بحلّ جذري للأزمة، لأنها مشغولة بملفات أخرى أكثر أهمية من حرب جالكعيو اللامنتهية، فرجوع شرمأركي إلى مقديشو بدون التوصل إلى أي ضمانات لوقف القتال تدل على ضعف الحكومة الفيدرالية وعدم قدرتها على التعاطي مع ملفات ساخنة محلية مثل ملف غالكعيو، ولا يجدى الآن إرسال لجنة لتقصى الأزمة في جالكعيو في ظل استمرار الحرب، لكونها لا تستطيع وقف الحرب فورا.

وبدلا من أن تنفق الحكومة الفيدرالية بمبالغ هائلة لتأسيس ولايات فيدرالية جديدة وتعطي أولية قصوى لإقامات مؤتمرات تستمر شهورا فعليها أن تعطي الأولويات لأزمات مستعصية في بعض الولايات الفيدرالية القائمة وإيجاد حل جذري، مثل ملف جالكعيو، وملف سول وسناغ وخاتمو وغيرها؟

وفى خضم هذه الأجواء الملبدة بغيوم الحروب فمن الصعب التوصل إلى اتفاق عاجل، فجالكعيو تحتاج إلى مؤتمر تصالحيّ ينظر الأزمة بأبعادها المختلفة وإيجاد علاج حقيقي للملفات القديمة والحديثة،فلا تعنى أن الحرب يتوقَّف بمجرد التوصُّل إلى حلّ فى ” قضية تعبيد الشارع ” الذي سبب في اندلاع الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى