العلاقات اﻹثيوبية السودانية المصرية الي اين ؟!

سعت اثيوبيا إلى توثيق العلاقات مع الدول الشقيقـــة والصديقـة . فكانت سياستها الخارجية مبنية على وضوح الهدف والثبات على المبدأ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وهي القاعدة التي انطلقت منها نهضتها وأمنها ورخاؤها .
ومن منطلق هذه التوجيهات السامية ،نستلهم آفاق المستقبل المشرق في مسـيرة وطننا بدعوة الجميع وخاصة السودان ومصر التى تربط بلدان بهما بروابط اخوية ونهر النيل الخالد إلى مزيد من الجهد والعمل المخلص من اجل رفاهية هذه الشعوب .

ومما لا شك فيه ،فان العلاقات بين إثيوبيا والسودان تتعزز يوما بعد يوم مندفعة إلى الأمام هادفة إلى إنشاء علاقات استراتيجية وتكامل إقتصادي نتيجة للجوار الجغرافي و الترابط الأسري وأواصر العلاقات القوية بين الشعبين الشقيقين و أن قيادات البلدين تبذلان جهود مكثفة لتعزيز روابطهما السياسية واﻹجتماعية واﻹقتصادية والأمنية والاستثمارية.

وأن التكامل الإقليمي الاقتصادي هو أحد الاستراتيجية التي يهدف كل من إثيوبيا والسودان إلى تحقيقها ويتعاون البلدان في العديد من المجالات لتحقيق هذا الهدف من بينها التجارة، والاستثمار والربط الكهربائي والميناء البحري “ميناء بور سودان”والنقل البري الذي يربط بين العاصمتين أديس أبابا والخرطوم الذي هو من أهم دعامات التكامل الاقتصادي الإقليمي إلى جانب التكامل الأمني.

هذا ما عبر عنه كل من رئيس الوزراء هيل ماريام دسالين ونائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن خلال لقائهما يوم الثلاثاء الماضي ورغبة البلدين في خلق التكامل الاقتصادي في أسرع وقت ممكن بجانب بحث سبل تعزيز الروابط والعلاقات الطويلة بين شعبي البلدين و خلق التكتل الاقتصادي في شرق أفريقيا تدريجيا من خلال تعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية,واستخدام ميناء بورتسودان بالنسبة للجزء الشمالي من اثيوبيا والكشف عن خطة لجمع الأموال من أجل ربط ميناء السودان مع إثيوبيا عبر السكك الحديدية.

وعلي هامش القمة الهندية الافريقية مؤخرا أكد السودان وإثيوبيا تطابق وجهات نظريهما فيما يتعلق بالأمن في الإقليم وذلك عقب جلسة مباحثات بين الرئيس عمر البشير ورئيس الوزراء الأثيوبي هيل ماريام دسالن في مبني السفارة السودانية بنيودلهي.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي في تصريح (لسونا) انه ناقش مع الرئيس البشير العلاقات الثنائية والوضع الأمني في دول الجوار وجهود تحقيق السلام فيها والتي تنعكس علي كل من السودان و إثيوبيا ، كما ناقش الجانبان التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
وقال دسالن إنهما ناقشا أيضا التعاون المائي وسير تنفيذ الاتفاق الذي وقعه كل من السودان و مصر وإثيوبيا .وهذا يؤكد مدى عمق العلاقات الاخوية بين البلدين .
وفيما يتعلق بالعلاقات بين إثيوبيا ومصر هناك حقبة جديدة من العلاقات المبنية على الروابط التاريخية الممتدة عبر آلاف السنين التي تجمع بين البلدين وهذه العلاقات بدأت تتعزز وتنمو باطراد في الآونة الأخيرة بإبداء البلدين رغبتهما الصادقة في التعاون في العديد من المجالات خاصة حول مياه نهر النيل وسد النهضة الاثيوبي والحفاظ على مصالح البلدين والإستفادة العادلة والمنصفة لمياه النيل وتقوية التعاون التنموي والتجاري والاستثماري بين الجانبين الشقيقين

وتوجت هذه الرغبة القوية بتوقيع البلدان الثلاث باتفاقية إعلان وثيقة مبادئ سد النهضة اﻹثيوبي التي وقعت في الخرطوم في شهر مارس الماضي والزيارة التاريخية للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إثيوبيا وإلقائه كلمة أمام مجلسي النواب والفيدرالي في اليوم التالي بعد توقيع إعلان وثيقة مبادئ سد النهضة, بجانب اللجنة الوطنية التي تم تكوينها باقتراح من رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي من كل من إثيوبيا ومصر والسودان لدراسة آثار بناء سد النهضة على بلدي المصب.

وأكد على هذه الرغبة السفير المصري الجديد لدى إثيوبيا أبو بكر حفني في تصريحه الصحفي لصحيفة- العلم الاثيوبية – بأنه يعمل على تحويل العلاقات الإثيوبية المصرية إلي شراكة استراتيجية شاملة,وأن بلاده لديها رغبة قوية في تعزيز العلاقات الشاملة مع إثيوبيا في مجال التجارة والاستثمار بالإضافة إلى تعزيز السلام ومكافحة الإرهاب.وفيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي قال إن بناء السد لا يضر شعبي البلدين وان مصر تعترف بحق إثيوبيا في التنمية.

وكان قد عقد المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة جلسة مباحثات مع محمود دردير، سفير إثيوبيا بالقاهرة حسب ما أكدته -اليوم السابع -تناول خلالها بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادى المشترك بين البلدين، والدفع بها لآفاق أرحب خلال المرحلة المقبلة . وقال قابيل فى بيان له اليوم، الخميس، إن اللقاء أكد على ضرورة زيادة معدلات التجارة البينية بين مصر وإثيوبيا لتعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وكذا سبل زيادة التعاون المشترك فى المجالات الصناعية والتجارية المختلفة والاستثمارات المشتركة خلال المرحلة المقبلة. إلا محمود دردير سفير إثيوبيا بالقاهرة أكد على تطلع إثيوبيا إلى انتهاء الجانب المصرى من إنهاء كافة الإجراءات الخاصة بإقامة المنطقة الصناعية المصرية فى إثيوبيا فى أقرب فرصة وذلك على غرار وجود العديد من المناطق الصناعية بإثيوبيا والتى تجتذب بالفعل العديد من الاستثمارات من كل من تركيا والهند والصين، داعيا المستثمرين المصريين للاستفادة من حزم الحوافز التى تتيحها الحكومة الإثيوبية للمستثمرين خاصة فى قطاعات الصناعات الدوائية والمنتجات الكهربائية. أكد على ضررة تفعيل مجلس الأعمال المصرى الإثيوبى للقيام بدور أكثر فاعلية خلال المرحلة المقبلة لتعزيز أواصر التعاون المشترك بين البلدين، لافتا إلى أنه سيلتقى مع أعضاء جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية خلال الأسبوع المقبل، وذلك لاستعراض أهم الفرص الاستثمارية ومجالات التعاون المحتملة بين مصر وإثيوبيا خلال المرحلة المقبلة.

ومن جهة اخري ، أكد محمود دردير، السفير الإثيوبى بالقاهرة عمق العلاقات التاريخية والثقافية التى تربط بين الشعبين المصرى والإثيوبى، مطالباً بزيادة المنح الدراسية للطلاب الأثيوبيين للدراسة بالجامعات المصرية وخاصة درجتى الماجستير والدكتوراة، وكذلك التبادل الطلابى بين الطلاب المصريين والأثيوبين، وتبادل الخبرات المشتركة بين الأساتذة المصريين والأثيوبيين، مشيراً إلى أن هناك العديد من المجالات التى يمكن التعاون فيها بين البلدين خاصة المجالات التعليمية والبحثية، وخاصة فى مجالى المياه والطاقة. ومن جانبه شدد الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، حسب بيان إعلامى اليوم، على حرص مصر على دعم العلاقات التعليمية والعلمية بين مصر وأثيويبا انطلاقاً من العمق التاريخى للعلاقة بين البلدين، مشيراً إلى ضرورة التركيز على التعاون فى البحوث العلمية ذات الاهتمام المشترك بين مصر وأثيوبيا.

وأن عمق ومتانة العلاقات التاريخية التي تربط بين اثيوبيا ومصر والسودان تؤكد على أنها ستظل الى الأبد لاسيما في ظل وجود نهر النيل العظيم الذي يمثل شريان الحياة لهذه البلدان وعاملا لتقوية علاقات المودة والوفاق بين هذه البلدان الشقيقة وثروة تعقد عليه آمال كبيرة للمساهمة في تحقيق التنمية والحد من الفقر الذي تعاني منه بلدان منابع النيل نتيجة الجفاف المتكرر .

وعليه ان تعمل البلدان الثلاثة على تعزز هذه العلاقات اكثر فاكثر لحاجة شعوب هذه المنطقة للامن والسلام والاستقرار وتبادل المنافع بينهما بعيدا من المهاترات السياسية العقيمة التى عكست صورة سلبية لهذه العلاقات سابقا وقتلت روح التعاون الأخوي والاستثمار والتنمية والاستفادة العادلة لمياه النيل فكان المتضرر الاكبر هم شعوب هذه الدول الثلاثة لا غير !! .

أيوب قدي

رئيس تحرير صحيفة العلم الاثيوبية
زر الذهاب إلى الأعلى