هل يوم 21 أكتوبر يوم وطني…أين الخارجيَّة؟

يوم الحادي والعشرون من شهر أكتوبر عام 1969م هو اليوم الذي استولى العسكر على مقاليد الحكم في البلاد، وذلك بعد مقتل الرئيس المنتخب عبد الرشيد علي شرماركي – ثاني رئيس في البلاد- في مدينة لاسعانود في محافظة سول شمال  على يد أحد حراسه في 15 من نفس الشهر، وكان دستور البلاد ينص على أن يتولى حكم البلاد في حال خلوّ منصب الرئيس رئيس مجلس النواب ريثما يتم انتخاب رئيس جديد، وكان رئيس مجلس النواب حينها الشيخ مختار محمد حسين الذي ينحدر من قبيلة هدمى الرحوينية، ولكن نتيجة رفض بعض النواب الانصياع للدستور أدى إلى نزاع بين أعضاء البرلمان في اختيار عضو يكون رئيسا مؤقتا للبلاد، مما أعطى القيادة العسكرية فرصة القيام بانقلاب عسكري أبيض بقياد اللواء الراحل محمد سياد بري في ليلة 21 من شهر أكتوبر عام 1969م ومنذ ذلك اليوم وعلى مدى 22 عاما فترة حكم العسكر في البلاد كان هذا اليوم يقام فيه الاحتفالات الكبيرة، لا لأنه يوم وطني ولكن إحياء لذكرى ثورة أكتوبر “المجيدة” على حد تعبير أنصارها.

انتهت فترة الحكم العسكري فى البلاد في عام1991م بعد الإطاحة بالنظام الدكتاتوري السابق من قبل الجبهات القبلية المسلحة، ودخلت البلاد فى مرحلة جديدة كان عنوانها الرئيسي انهيار الدولة، وشيوع الفوضى وعدم الاستقرار السياسي، واختفت الاحتفالات والكرنفالات والمهرجانات التى كانت تقام في ذكراها، ولم نسمع منذ ذلك التاريخ من يذكر ثورة أكتوبر وأصبحت جزءا من الماضي.

التباس غريب وخلط عجيب:

وعلى الصعيد الدبلوماسي لوحظ في السنوات الأخيرة وخاصة بعد عودة الصومال إلى المحافل الإقليمية والدولية استمرار بعض الدول في إرسال التهاني والتبريكات إلى القيادة الصومالية بمناسبة يوم 21من أكتوبر؟! معتبرة بذلك اليوم أنه اليوم الوطني، ومعلوم أن اليوم الوطني هو يوم الاستقلال والوحدة، وهو يو 1 من تموز/يوليو حيث استقلت صوماليا من الاستعمار الإيطالي في الأول من شهر يوليو عام1960م، واتَّحدت مع الشمال الذى نال هو الآخر استقلاله من بريطانيا العظمى في 26 يونيو 1960م.

 إذا كان الأمر كذلك – وليس كذلك- فلماذا التجاسر على هذا الخطأ الجسيم، وهذه الخلطة العجيبة؟، والأغلب على الظن أن مردَّ هذا الإلتباس الذي يحصل لدى بعض الدول  هوالاحتفالات التي تحدثها جنرالات الإنقلاب في أفريقيا ودل العالم الثالث وتجعلها يوما مجيدا، والتى قد تعطي يوم انقلابها على السلطة الشرعية هالة من القدسية وتجعله “يوم نصر” لشعوبها لايقل أهمية عن اليوم الوطني، يضاف إلى ذلك أثر سنوات الغياب الدبلوماسي للصومال على المسرح السياسي.

أين دور الخارجية؟:

وزارة الخاجية هي الجهة المسؤولة عن تكوين وتنظيم العلاقات الخارجية مع الدول الأخرى، وإشرافها وتوجيهها ومن ثم تطويرها، والاستفادة من مخرجاتها لصالح الدولة، والدبلوماسية أداة لتنفيذ السياسة الخارجية، فكان من واجب وزارة الخارجية متمثلة في وزريرها السيد/ عبدالسلام عمر هدليه، أن يوضح لهذه الدول بأن يوم 21من أكتوبر ليس هو اليوم الوطني للجمهورية، وهذا التوضيح البسيط الذي لايأخذ من وقته الغالي الشيء الكثير بل يمكن له أن يكلف بهذه المهمة أحد سفراء الدولة المعتمدين لدى الدول العربية من شأنه تصحيح خطأ تاريخي ودبلوماسي يتكرر علينا كل سنة.

 ومن المعلوم لدى الجميع أن طواقم البعثات الدبلوماسية في الخارج تحتكرها بعض القبائل بعينها، ولا يسمح للأفراد المؤهّلين من ذوي الاختصاصات والكفاءات العالية أن ينخرطوا في السلك الدبلوماسي أو يحصلوا على الوظائف الدبلوماسية في الوزارة الخارجية أو في سفاراتنا فى الخارج ،وهذا أضرَّ كثيرا على مصالح الدولة والشعب الصومالي على السواء.

صحيح أننا لسنا بصدد استعراض سياسة الحكومة الحالية بخصوص اختيار  طواقم البعثات الدبلوماسية، ولا بمناقشة خروقات تلك البعثات غير المؤهلة بقواعد الدبلوماسية، وممارستها لأبشع صور القبلية في سفاراتنا فى الخارج، ولكن دور الخارجية في إخطار الدول الصديقة والشقيقة باليوم الوطني ليتسنى لهم إرسال التهاني على الوجه الصحيح.

ماذا عن وزارة الإعلام؟

وجزء من هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة الإعلام والإرشاد، والتى كان من المفترض توعية الشعب وتحديد الإجازات ومواسم والأعياد الوطني بالتعاون مع الوزارات المعنية خاصة وزارة العمل والعمال، ويبدو أن وزارة الإعلام غير آبهة بهذا الجانب، ويغلب لدى أغلب مسؤلي الوزارات فى بلادنا الطابع السياسي ،لذا لايعيرون أي اهتمام  باختصاص الوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى