خريطة الأحزاب السياسية في جيبوتي (الجزء الثاني)

التعددية الحزبية المفتوحة:

  • المرحلة ما بين (2001 ـ 2005م):

ورغم أن حالة الأحزاب السياسية في جيبوتي لم تختلف كثيرا بعد تولي الرئيس إسماعيل عمر جيله للسلطة عما كانت عليه خلال حكم الرئيس الراحل حسن جوليد أبتدون.

إلا أن الحركة السياسية شهدت تطوراً محدوداً خلال الولاية الرئاسية الأولى لـلرئيس جيله وتحديداً بعد توقيع إتفاقية (أديس أبابا للسلام) بين الحكومة وجبهة إستعادة الوحدة والديمقراطية (الجناح المسلح ) في مايو 2001م.

في 4 سبتمبر 2002م، أقرت الحكومة لتطبيق التعددية الحزبية الكاملة (المفتوحة) وذلك بعد إنتها الفترة الزمنية (10) سنوات التي حدد دستور عام 1992م، بإطلاق مرحلة التعددية المفتوحة في البلاد.

وبموجب إقرار التعددية المفتوحة تمت الموافقة على تأسيس عدد من الأحزاب الجديدة من بينها:

  • التحالف الجمهوري من أجل التنمية (ARD)
  • حركة التجديد من أجل التنمية (MRD)
  • الحزب الإجتماعي الديمقراطي (PSD)
  • الإتحاد من أجل الديمقراطية والعدالة (UDJ)
  • الحزب الجيبوتي من أجل التنمية (PDD)

وبعدها عرف البلاد حراكاً سياسياً غير مسبوق ظهر بشكل جلي بعد تطبيق التعددية المفتوحة في 2002م، الأمر الذي شجع للأحزاب السياسية المعارضة على المشاركة بقوة للإنتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في يناير 2003م.

  • الخريطة الحزبية خلال الإنتخابات التشريعية 2003م:

وفي مطلع عام 2003م، بدأت تتشكل في الساحة تحالفات سياسية جديدة حيث توزعت الخريطة الحزبية خلال فترة الإنتخابات على النحو التالي:

  1. التحالف الأغلبية الرئاسية (UMP) الحاكم : بقيادة الرئيس إسماعيل عمر جيله، والذي يضم لعدد من الأحزاب السياسية من بينها:
  • حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم (RPP) بقيادة الرئيس إسماعيل عمر جيله.
  • جبهة إستعادة الوحدة والديمقراطية (FRUD) بقيادة السيد/ جون ماري في عام 1994م تحولت الجبهة إلى حزب سياسي قانوني وحالياً يعتبر ثاني حزب في التحالف من أجل الأغلبية الرئاسية الحاكم وذلك بعد حزب التجمع الشعبي.
  • الحزب الوطني الديمقراطي (PND) تأسس في عام 1992م، بزعامة السيد/ آدم روبله عواله الذي بدأ معارضته للنظام منذ خروجه من السلطة في عام 1986م، ومع أنه ظل يعارض بشدة للرئيس جيله وسياساته في إدارة الدولة إلا أنه تحالف معه في خلال الإنتخابات التشريعية في عام 2002م.
  • الحزب الشعبي الإجتماعي الديمقراطي (PSD) بقيادة السيد/ مؤمن بهدون فارح الذي إنشق من حزب التجمع الشعبي الحاكم في عام 1996م، وظل معارضاً للحكومة منذ ذلك الوقت ولكنه ما لبث أن تحالف مع الرئيس جيله بعد تأسيس حزبه في أكتوبر عام 2002م.
  1. والإتحاد من الأجل التدول الديمقراطي (UAD)المعارض: بزعامة رئيس الوزراء الأسبق السيد/ أحمد ديني أحمد، وقد ضم لعدد من الأحزاب المعارضة من أبرزها:
  2. الإئتلاف الجمهوري من أجل التنمية (ARD) بزعامة رئيس الوزراء الأسبق السيد/ أحمد ديني أحمد ويعتبر الحزب أمتدادا من جبهة إستعادة الوحدة والديمقراطية بيد أنه بموجب (إتفاقية أديس أبابا) تحول إلى حزب سياسي قانوني في سبتمبر 2002م..
  3. حركة التجديد من أجل التنمية (MRD) بزعامة السيد/ طاهر أحمد فارح (طاف).
  4. الإتحاد من أجل الديمقراطية والعدالة (UDJ) أسسه السيد/ إسماعيل جيدي حريد في أكتوبر عام 2002م.
  5. الحزب الجيبوتي للتنمية (PDD) أسسه السيد/ محمد داؤد شحم في نوفمبر 2002م.
  • أبرز ما تميزت به الإنتخابات التشريعية 2003م:

وجرت عملية الإنتخابات التشريعية في يناير 2003م، بجو من المنافسة الحرة حيث تميزت العملية بعديد من الخصائص من بينها:

  • وجود تنافس سياسي حقيقي بين الحكومة والمعارضة.
  • المشاركة الشعبية الكبيرة في عملية الإنتخابات.
  • إنخراط أحزاب سياسية جديدة في المعترك السياسي ولأول مرة.
  • إشراك العنصر النسائي في العملية ودخولها في البرلمان لأول مرة منذ الإستقلال حيث تنافست (14) سيدة من أجل شغل على المقاعد الـ(7) المخصصة لهم في الرلمان.
  • المظاهر السلبية :

وبرغم ما شهدته البلاد من تطور سياسي ملحوظ خاصة بعد تطبيق التعددية المفتوحة إلا أن الساحة لم تخل من بعض المظاهر السلبية إنعسكت سلباً على أداء ومساهمة الأحزاب السياسية في الإنتخابات التشريعية .

وكان من أبرز تلك المظاهر:

  1. فشل النخبة السياسية على طرح برنامج سياسي يقوم على أسس وطنية.
  2. عدم تشكل التحالف الحزبية على أساس برنامج سياسي مشترك بل كان للإنتماء القبلي دور بارز في توجهات بعض الأحزاب وتحالفاتها السياسية.
  3. بروز النعرات القبلية بقوة خلال حملة الإنتخابات.
  4. غياب تخطيط لحملات معظم الأحزاب السياسية ما أدى إلى خروجها من المسار الصحيح حيث تركزت الوعد الإنتخابية حول تحقيق التنمية المستدامة وحل أزمة الفقر والبطالة ورفع مستوى الدخل وغيرها وهي أمور ليس لها علاقة بالسلطة التشريعية.
  • نتائج الإنتخابات:

ورغم الجهود الكبيرة التي بدله التحالف من أجل التداول الديمقراطي خلال الحملة الإنتخابية إلا أن نتائج الإنتخابات لم تكن مفاجئ للقوى المعارضة وإنما جاءت على عكس التوقعات و(الإستطلاعات) المحلية والدولية.

حيث أعلنت وزارة الداخلية التي تشرف على العملية بفوز التحالف الرئاسي الحاكم في الإنتخابات بحصوله على (55.07) من أصوات المقترعين مقابل حصول التحالف من أجل التداول الديمقراطي المعارض بحوالي (44.93) من إجمالي أصوات المقترعين.

وهذا ما يعني وفقاً للنظام الإنتخابي القائم على الأغلبية البسيطة، إحتفاظ التحالف الأغلبية الرئاسية بكامل مقاعد البرلمان الـ65، ما يعني أيضاً بحرمان المعارضة لأي تمثيل في داخل الجمعية الوطنية (البرلمان) يعادل على النسبة التي حصلتها في الإنتخابات.

ومن جهته إعترض التحالف من أجل التداول الديمقراطي (المعارض) على هذه النتائج بدعوى حدوث عمليات تزوير واسعة من خلال التلاعب في قوائم الناخبين أو التغيير في النتائج النهائية لصالح الحكومة.

وقد لجأ إلى المجلس الديستوري لمنع إعتماد على هذه النتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية إلا أن المجلس الدستوري رفض النظر في هذه القضية.

  • المرحلة ما بين (2005م ـ 2010م)

ومنذ مطلع عام 2003م، بدأت تظهر قناعات كبيرة لدى معظم الأحزاب السياسية المعارضة بعدم وجود أي جدوى للإستمرار في العملية السياسية.

وتعززت هذه القناعات بشكل كبير بعد نتائج الإنتخابات التشريعية في يناير 2003م، التي أدت إلى فشل كافة الجهود السياسية لإحداث تغيير سياسي حقيقي في البلاد.

وبعدها قررت القوى المعارضة على مقاطعة جميع الإنتخابات وذلك لعدم توفر الشروط اللآزمة لإجراء إنتخابات حرة وديمقراطية في البلاد.

  • الإنتخابات الرئاسية في 2005م:

دعوة المعارضة لمقاطعة العملية السياسية إنعكست سلباً على الإنتخابات الرئاسية في 2005م، حيث إقتصر التنافس فقط بين الرئيس إسماعيل عمر جيله مرشح حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم ومرشح الحزب الجيبوتي من أجل التنمية السيد/ محمد شحم داؤد الذي إنسحب من المنافسة بدعوى عدم توافر الدعم المالي الذي يساعده في خوض الإنتخابات.

وبإعتبارها لأول إنتخابات رئاسية يخوضها مرشح واحد منذ إعتماد التعددية الحزبية (المقيدة) في البلاد عام 1992م، فقد كانت نتائج الإنتخابات محسوبة سلفاً بفوز الرئيس جيله لفترة رئاسية جديدة.

  • أزمة التحول السياسي في البلاد .. الأسباب والمآلات:

وفي الوقت الذي يرى المراقبون بأن سبب مقاطعة المعارضة للإنتخابات يرجع إلى وجود عقبات وخللاً كبيراً في النظام السياسي ما يجعل التحول الديمقراطي أمراً مستحيلاً للغاية.

ومن أبرز تلك العقبات:

  • طبيعة النظام الإنتخاباتي الذي يجعل مستحيلاً من قيام تعددية سياسية حقيقية في البلاد ولا يعبر عن الواقع التوازنات السياسية الموجودة على الساحة..
  • غياب اللآليات الضامنة على عملية التحول الديمقراطي وعلى رأسها مفوضية مستقلة تشرف على الإنتخابات.
  • ضعف إمكانات ومصادر التمويل لدى الأحزاب المعارضة.
  • إفتقار المعارضة شخصية سياسية كاريزمية قادرة بتوحيد صفوفها وذلك بعد رحيل زعيمها أحمد ديني أحمد في 2004م.

إلا أن الحكومة ترى أن سبب مقاطعة المعارضة يعكس لضعف سياسي داخل أحزاب المعارضة وفشلها في إيجاد شخصية سياسية قادرة على المنافسة.

  • الإنتخابات التشريعية في 2008م:

وكما كان متوقعاً فإن عملية الإنتخابات التشريعية التي تم إجراءها في 2008م، لم تختلف كثيراً في شكلها ومضمونها عن الإنتخابات الرئاسية التي سبقتها وذلك في ظل إستمرار أحزاب المعارضة للمقاطعة وتراجع في المشاركة الشعبية.

ما جعل البلاد في أزمة سياسية حقيقية وفتح جملة من التساؤلات حول مستقبل التحول الديمقراطي في البلاد وحول مدى شرعية النظام الحاكم لخوضه منفراً في الإنتخابات دون أي منافسة.

عبد الله الفاتح

باحث وكاتب صحفي. ماجستير في الإعلام بجامعة السودان للعلوم في الخرطوم (قيد الدراسة). حاصل على دبلوم عالي في الترجمة الصحفية في أكاديمية موزايك سنتر ـ أديس وبكالورياس في الإعلام بكلية الآداب في جامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم. يعمل محرر ومترجم في الوكالة الجيبوتية للأخبار.
زر الذهاب إلى الأعلى