حوار حصري مع السكرتير الأول ونائب القائم بأعمال سفارة المملكة في نيروبي والمسؤول عن ملف العلاقات السعودية الصومالية في السفارة.

تعد المملكة العربية السعودية من أهم الدول العربية الداعمة للشعب الصومالي طوال العقود الماضية، حيث قامت المملكة بتقديم مساعدات متنوعة للصومال وخصوصا في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة ، وساهمت بقوة  في جهود إعادة إعمار البلاد وبناء مؤسسات الدولة.

ولمعرفة مزيد من العلاقة الأخوية بين الصومال والمملكة العربية السعودية والجهود التي تبذلها المملكة لدعم الشعب الصومالي لتحقيق تطلعاته وأمنياته، أجرى مركز مقديشو حوارا حصريا مع سعادة على بن عبدالرحمن آل عثمان، سكرتير أول ونائب القائم بأعمال سفارة المملكة في نيروبي، والمسؤول عن  ملف العلاقات السعودية الصومالية في السفارة.

أكد سعادة السكرتير الأول ونائب القائم بأعمال سفارة المملكة في نيروبي على بن عبدالرحمن آل عثمان في حواره مع المركز على متانة العلاقة بين المملكة العربية السعودية والصومال وذكر بانها علاقة تقوم على قواعد راسخة من التاريخ والعقيدة والجغرافيا والإيمان بالمصير المشترك.

كما شدد  على موقف القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية، منذ عهد جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز مرورا بعهد جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز و حتی عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، الثابت والمبني على الأخوة، والمبادئ الانسانيةتجاه الصومال.

وكشف على آل عثمان لأول مرة  أن المملكة العربية السعودية تعهدت بتقديم نصف مليار دولار عام 2007 للصومال بموجب اتفاق بين البلدين، لكن تم تجميد هذا الاتفاق بسبب عدم جاهزية الحكومة الصومالية لاستيعاب ذلك الدعم في تلك الفترة.

وتحدث آل عثمان في حواره أيضا عن أوضاع العمالة الصومالية في المملكة وعن الجهود الجارية لإعادة افتتاح السفارة السعودية في مقديشو، مؤكدا على وجود ترتيبات لتحسين ظروف العمالة الصومالية بالمملكة والتي ستتم  في القريب العاجل.

وفيما يتعلق باستئناف التمثيل الدبلوماسي السعودي داخل مقديشو. اشار السكرتير الي  توجه سعودي لفتح سفارة المملكة  في أقرب وقت ممكن، شارحا بعض التفاصيل المتعلقة بهذا الشان.

وكذلك تناول سعادة الاستاذ علي آل عثمان الدعم المالي الذي تقدمه المملكة العربية السعودية للحكومة الصومالية والزيارة المرتقبة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود قريبا الي المملكة.

وفي ختام الحوار اوصى آل عثمان الجيل الحالي بتحمل مسؤولياتهم الدينية والتاريخية للنهوض بالأمة وحماية حق الأجيال القادمة في ظل عالم لا مستقبل فيه للضعفاء.

واليكم نص الحوار الذي أجرى معه الأستاذ/ عبدالوهاب علي مؤمن

مركز مقديشو:  الأول: سعادة السفير شكرا لكم  على قبولكم  إجراء هذه المقابلة الحصرية، ثانيا: هل لكم ان تعطونا نبذة تعريفية مختصرة عن شخصيتكم الكريمة وتاريخكم في العمل الدبلوماسي؟.

علي آل عثمان: أشكر لمركز مقديشو للبحوث والدراسات على جهوده الكبيرة في عرض الأخبار والدراسات حول الصومال،أنا علي بن عبدالرحمن آل عثمان سكرتير أوَّل، ونائب القائم بأعمال سفارة المملكة في نيروبي نائب المندوب الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة في نيروبي والمسؤول عن ملف العلاقات السعودية الصومالية في السفارة.

عملتُ كقائم بالأعمال ورئيسا للقسم القنصلي في تشاد عام 2007 ثم سكرتيرا ثانيا في سفارة المملكة في لندن ثم مساعدا لمدير إدارة تحالف الحضارات و الحوار الثقافي في وزارة الخارجية في الرياض.

مركز مقديشو: ما حجم المشاريع والمساعدات التي تقدمها المملكة للشعب الصومالي؟.

علي آل عثمان: بالنسبة لمشاريع المملكة في الصومال فهي تقدم الآن وبشكل شبه حصري مشروع الحملة الوطنية السعودية لإغاثة الشعب الصومالي.

وفي موقع الحملة عرض لهذه المشاريع  وكانت علی حزمتين الحزمة الأولی تم الإنتهاء منها، والحزمة الثانية قيد العمل، وتشمل حفر آبار مياه وبناء مدارس ومراكز صحية بالإضافة إلى إنشاء مركز لغسيل الكلي في مقديشو، وهناك منح و مساعدات خارج هذا الإطار مثل منحة أدوية بمقدار 420 طن قدمت مطلع العام الحالي، و كذلك المساعدات المقدمة عن طريق برمانج الغذاء العالمي للاجئين الصوماليين في خارج وداخل الصومال و هذه كانت أكثر من 15 مليون خلال العام الماضي.

الحمدلله موقف القيادة في المملكة ثابت في ما يخص مساندة الشعب الصومالي ومساعدته للنهوض مجددا و تجاوز محنته.

منذ بداية الحرب الأهلية في عهد جلالة المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز مرورا بعهد جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز و حتی عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.

ولن تتردد المملكة في تقديم أي دعم للشعب والحكومة الصومالية إذا توافرت القناعة اللازمة بجدوى مساعدة الصومال علی استعادة عافيته.

مركز مقديشو : هناك أنباء تتحدث عن أن المملكة وافقت استقدام العمالة من الصومال .. فهل لكم ان توضحنا ذلك؟.

علي آل عثمان: نعم هذا صحيح و لكن الترتيبات لم تكتمل بعد، ونتمنی أن يتم ذلك في القريب العاجل، خلال الفترة الماضية كان الأخوة الصوماليين المحتاجين للعمل في المملكة يضطرون للذاهاب عبر اليمن وبشكل فيه الكثير من المخاطرة علی حياتهم وحتی عند وصولهم للمملكة فإنهم يضطرون للعمل بصفة غير نظامية مما يعرضهم لطائل العقوبة النظامية وكذلك فقدان الكثير من حقوقهم، و يزداد الأمر سوءا عند حدوث مشاكل أمنية علی الحدود السعودية اليمنية، و نأمل أن تنتهي هذه المعاناة الغير الضرورية بعد فتح باب الاستقدام.

مركز مقديشو: المملكة  في مقدمة الدول العربية الداعمة للحكومة الصومالية كيف تقيمون  العلاقة بين المملكة  والصومال؟  ومتى ستفتح السفارة  في مقديشو؟.

علي آل عثمان: بالنسبة للعلاقة مع الصومال فهي ترتكز على قواعد راسخة من التاريخ والعقيدة والجغرافيا والإيمان بالمصير المشترك، و هناك إمكانات كبيرة يمكن استثمارها لصالح تعزيز الشراكة بين البلدين، وتعتبر المملكة حاليا أهم سوق لصادرات المواشي الصومالية وهناك امكانية لتشغيل مئات الآلاف من الصوماليين في سوق العمل في المملكة إلی جانب استقطاب الاستثمارات في كل المجالات الاقتصادية الواعدة في الصومال.

بالنسبة لاستئناف التمثيل الدبلوماسي داخل مقديشو فهناك توجه لتحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن ولكن هذا يخضع للتقييم الأمني للوضع في مقديشو بشكل خاص وللصومال بشكل عام و هو حاليا تقييم إيجابي لحسن الحظ، لكن مازال الامر يخضع لمزيد من الدراسة.

مركز مقديشو: هل تدعم المملكة العربية السعودية الحكومة الصومالية ماليا؟.

علي آل عثمان: سبق وأن قدمت المملكة مساعدات متقطعة للحكومة الصومالية كما أن المملكة ملتزمة بدفع حصتها المقررة من خلال جامعة الدول العربية  لكن ليس هناك التزام مباشر و مستمر حتی الآن، وبشكل عام فالمملكة ملتزمة بدعم الحكومة الصومالية ولن تتردد في تقديم أي دعم إذا اقتنعت بجدواه وسبق أن تعهدت بتقديم نصف مليار دولار عام 2007و لكن تم تجميد هذا الاتفاق بسبب عدم جاهزية الحكومة الصومالية لاستيعاب ذلك الدعم في تلك الفترة.

مركز مقديشو: هل هناك تنسيق بين الصومال والمملكة في المجال الأمني؟.

علي آل عثمان: هناك عمل جدي لتطوير التعاون مع الصومال في المجال الأمني بشكل عام ومكافحة الارهاب بشكل خاص، ولكنه مازال في بدايته ولا يرقی لمستوی التحدي المطلوب ولكن نأمل أن يأخذ منحا تصاعديا في المستقبل القريب خصوصا مع تطوُّر ونضج الأجهزة الأمنية الصومالية.

مركز مقديشو: كيف تقيمون الوضع الأمني والسياسي في الصومال؟.

علي آل عثمان: بالنسة لتقييم الوضع الأمني و السياسي في الصومال فهو بشكل عام إيجابي ويسير من حسن إلى أحسن، و هناك تراجع من فترة لأخری لكن المسار صاعد بشكل عام.

وهناك شبه اجماع علی ضرورة عودة الدولة الصومالية ورغبة في استمرارية العملية الحالية و تطوُّر في القطاع الحكومي وقطاع الاعمال أيضا بالإضافة الی اهتمام دولي غير مسبوق بالشأن الصومالي و كل هذه الأمور سوف تدعم العملية الجارية الهادفة لاعادة الدولة الصومالية.

مركز مقديشو: للمملكة العربية السعودية باع طويل في مجال مكافحة مايسمى بالارهاب فما هي النصائح التي تقدمونها  للصومال؟.

علي آل عثمان: المنظمات الإرهابية في أي مكان في العالم تقوم علی أساسين، الأول حسّ المظلومية ويتضمن ذلك  إعطاء الانطباع بوجود تهديد وجودي للوجود المادي والمعنوي للفئة المستهدفة، والثاني المشروع البديل أو الجنَّة الموعودة، إذا استطاعت أي دولة أن تعالج اكبر قدر ممكن من هذين العاملين واستطاعت منع المنظمات الارهابية من استخدامها تكون قطعت نصف المشوار، وبقي بعد ذلك المعالجة الفردية و المعالجة الأمنية و الداخلية و الخارجية.

الصوماليون بحاجة إلی الأمل وبحاجة إلی المصداقية و بحاجة لاظهار أكبر قدر ممكن من الاحترام لهويتهم ومعتقداتهم، و هذا ما استثمرت المنظمات الإرهابية ضعف حضوره في الطبقة السياسية الصومالية في الفترة الماضية.

مركز مقديشوكما هو متوقع في يوم 27 من هذا الشهر سيزور رئيس الجمهورية إلى المملكة العربية السعودية، للقاء بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وهي زيارة يتمناها الجميع أن تكون فاتحة خير للشعب الصومالي،  إذا ما مغزى هذه الزيارة؟

علي آل عثمان: هذه زيارة عادية و متوقعه فالمملكة استقبلت كل الرؤساء الصوماليين السابقين وفخامة الرئيس حسن شيخ محمود ليس استثناءا ولكن يتوقع أن تحظی هذه الزيارة بنجاح استثنائي بسبب نضج الوضع السياسي في الصومال مما سيسمح لقيادتي البلدين البدء في مشاريع و مبادرات تعاونية غير مسبوقة.

مركز مقديشو: الصوماليون يتطلعون الي دور سعودي وعربي أكبر في الصومال  ما رأيكم؟ وماهي كلمتكم الأخيرة للشعب الصومالي؟.

علي آل عثمان:بالنسبة للدور العربي فالمفترض أن يكون اكبر، والأمل ان يتم تلاقي القصور في المرحلة القادمة والتوجه العربي عموما واعد.

وبالنسبة للشعب الصومالي  أقول إن علی الجيل الحالي مسؤولية دينية وتاريخية للنهوض بالامة الصومالية وحماية حق الأجيال القادمة في دولة قوية متماسكة تكون مظلة لهم وحامية لعقيدتهم ولحقوقهم ومصالحهم في عالم لا مستقبل فيه للضعفاء.

الصومال الدولة بيتكم الكبير اجتهدوا في تمتين بنيانه، ولو سكنتم داخله في الخيام، وبناء وطنكم متين سكنتم آمنين مطمئنين، و لكن اذا انهدم – لاقدر الله –  فلا أمن لكم فيه، ولو سكنتم في بروج مشيدة.

حفظكم الله و رعاكم

زر الذهاب إلى الأعلى