أسباب تراجع دور طرق الصوفية في الصومال

441 في مقال نشر في موقع الجزير.نت ، رى بعض الباحثين أن التيار السلفي جند  طاقاته الحركية وتمويله الخارجي لتشويه صورة الطرق الصوفية في الصومال، كما  ينتقدون اقتصار النشاط الصوفي على جوانب دعوية تقليدية دون التغلغل في  المجتمع كما تفعل السلفية، علما بأن التيارين يصطدمان عسكريا منذ سنوات.

لم يمنع التاريخ الحافل للتصوف في الصومال من تراجع نفوذ الطرق الصوفية في  المناطق الحضرية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حيث يرى أنصار هذا التيار أن  السلفية سحبت البساط من تحتها لأسباب عديدة.

ومع أن المؤرخين لم يتفقوا على تاريخ وصول الحركة الصوفية إلى الصومال، غير أن بعض الدراسات تشير إلى أنها سجلت حضورها في منطقة القرن الأفريقي ككل منذ بدايات القرن التاسع الهجري.

وإلى جانب سعيها ودعوتها لإعلاء نزعة الزهد وتزكية النفوس، فقد لعبت الطرق الصوفية دورا بارزا في الكفاح ضمن الحركات التحررية المناهضة للاستعمار في الصومال، مما أكسبها مكانة كبيرة في قلوب الصوماليين، إلى أن خطفت جماعات إسلامية أخرى زمام القيادة بشكل تدريجي.

ويتجسد تراجع النفوذ الصوفي في اختفاء طقوسها واحتفالاتها من الميادين العامة، مقابل صعود الجماعات السلفية التي لا تزال في صراع دائم مع الطرق الصوفية، بحجة أن بعض سلوكيات الأخيرة “مخالفة للسنة النبوية”.
وأضاف البصري المنتمي إلى الطرق الصوفية -للجزيرة نت- أن نفوذ السلفية في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياسة والإعلام شكل رافدا لنشاطاتها وفرض أجندتها وتحقيق طموحها الرامي إلى إبعاد الطرق الصوفية عن المشهد الصومالي، ووأد منجزاتها التاريخية والوصول إلى السلطة وحكم البلاد، وذلك باستخدام وسائل عدة لا تخلو من “العنف والتكفير والتفجير وبث الفرقة في المجتمع”.دعايات كاذبة
ويعزو الكاتب حسن معلم محمود البصري تراجع الصوفية إلى أن السلفية أو “الوهابية” جندت كل طاقاتها وتمويلها الضخم للتأثير على عقول الصوماليين، من خلال نشر دعايات وصفها بالكاذبة لتشويه صورة الطرق الصوفية وتكفير شيوخها الذين استقى منهم كثير من قادة السلفية فيما مضى، على حد قوله.

مداهنة الحكام
أما الباحث في مركز مودرن للدراسات عبد الرحمن محمد عادلي، فرأى أن ضعف دور الطرق الصوفية يعود لتفريطها في العلاقة مع الشعب، حيث حصرت أداءها في زوايا ضيقة لا تتعدى الجانب الديني دون التغلغل في المجتمع ودون الاعتماد على مشاريع تعليمية أو تجارية كبيرة.

وأضاف أن تلك الطرق لا ترتبط بجهات خارجية تمولها، وأن علاقتها بالتيارات الصوفية العالمية لا تعدو كونها مجرد مشاطرة في الفكر، علاوة على تشبثها بالأساليب التقليدية في الخطاب الدعوي مما أعطى فرصة لصعود التيارات السلفية والإخوانية التي تقدم دروسا دينية منظمة ومحاضرات مكثفة وتسجيلات صوتية ومرئية مؤثرة ومنتشرة، وفق رأيه.

بدروه، رأى الباحث في مركز مقديشو للبحوث والدراسات أنور محمد ميو، أن “مداهنة التيار الصوفي للحكام وزعماء الفصائل وعدم قدرته على الدفاع عن أفكاره بالحجج، تسببت في تراجع دوره وشعبيته”.

وبالرغم من أن الصوفية كانت المرجع الديني الرئيس للعلوم الدينية واللغة العربية في الصومال، فقد أخذت بالتراجع بسبب نمطها التقليدي في الدعوة، بينما نجحت تيارات الصحوة الإسلامية في استمالة الكوادر والشباب عبر هيمنتها على المؤسسات التعليمية، بحسب رأي ميو.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الفترة التالية لسقوط النظام العسكري السابق عام 1991 شهدت بداية الانحسار الصوفي، إلا أن الطرق الصوفية بدأت مؤخرا إقامة مدارس وجامعات وتبني أساليب جديدة في المعترك الفكري في محاولة لاستعادة دورها مجددا.

وتعد الطريقة القادرية هي الأكثر انتشارا في الصومال، كما تنتشر الطريقة الإدريسية -المعروفة محليا بالأحمدية- والصالحية المتفرعة عن الإدريسية، والرَّزاقية المتفرعة عن القادرية، إضافة إلى الرُّفاعية والدَنْدَراوية.

 

المصدر: الجزيرة . نت

زر الذهاب إلى الأعلى