قراءة حول عمليَّة إزالة الأبنية غير الشرعية في كيسمايو

 تقوم إدارة جوبالاند منذ أبريل الماضي بعملية هدم المنازل والأبنية غير الشرعية في مدينة كيسمايو عاصمة محافظة جوبا السفلى بجنوب الصومال والتي تم بناء أكثرها إثر انهيار الحكم المركزي في الصومال عام 1991م، وذلك إثر مرسوم صادر من رئيس الإدارة أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي) في أبريل الماضي  حيث أمر  بهدم وإزالة المباني غير الشرعية  في المدينة، وتتركز عملية الهدم في أحياء مثل أرغو (aargada) ودلحيسكا (dalxiiska)، وتم حتى الآن هدم مئات المنازل غير الشرعية من تلك الأماكن.

جذور الأزمة:

 تعتبر مدينة كيسمايو من المدن الصومالية التي تعاني من سوء التخطيط في الأبنية خاصة بعد الهجرة الكبيرة من الريف إلى المدن بعد منتصف عام 1960م إبان استقلال البلاد من الاستعمار الأجنبي، ولم تستطع الحكومات المدنية في تلك الفترة إصدار قانون الإسكان وإعادة تخطيط المدن، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة العسكرية التي حكمت الصومال من 1969 -1991م من إعادة إسكان المدن الصومالية ومنها مدينة كيسمايو.

 إلا أنه بعد انهيار الحكم العسكري ودخول الصومال في الفوضى تسابق سكان كيسمايو إلى بناء المنازل غير الشرعية في المرافق الحكومية والأراضي العامة، ولم تهتم الإدارات المحلية المتعاقبة على حكم المدينة طيلة فترة الحرب الأهلية بإعادة تنظيم المنازل وتخطيط الإسكان، وأصبحت الممتلكات العامة تحت تصرف المجتمع المحلي.

الأهداف:

وتهدف إدارة جوبالاند من خلال عملية هدم وإزالة المباني والمنازل غير الشرعية إلى أهداف متنوعة نجملها فيما يلي:

1- إعادة هيبة الدولة المحلية:

  فبعد سنوات طويلة من الفوضى والحرب تطمح إدارة جوبالاند إلى إعادة هيبة الدولة من خلال تطبيق القوانين الصارمة، وإعادة الإعمار وتنظيم الحياة من جديد، وضمان عدم تكرار ما سبق من التدمير والتخريب، ويخشى بعض المراقبين أن التطبيق الصارم على قوانين مثل هذه لابد وأن يصاحبها بعض التوخي والتروّي، وينبغي إعلام المجتمع أن تنفيذ مثل هذه العمليات إنما هو لتحقيق المصلحة العامة، إضافة إلى تعويض السكان على ما افتقدوه من الممتلكات.

2- كسب ثقة السكان المحلي:

 وتطمح إدارة جوبالاند من خلال إزالة بعض المنازل والأبنية غير الشرعية وترميم بعض المرافق الحيوية كالقصر الرئاسي والميناء والمطار وغيرها كسب ثقة المجتمع المحلي بعد سنوات من الحرب والصراعات القبلية العنيفة التي وقعت في المدينة، وإبراز كون الإدارة كبديلة مفضَّلة عن الإدارات السابقة التي لم تهتم بهذا الجانب.

التحديات:

غير أن هناك تحديات عديدة تواجه إدارة جوبالاند في إنجاح مشاريعها التنموية – والتي منها إعادة إعمار المدينة والإسكان – من أهمها:

1- الصراعات القبلية: فقد عانت مدينة كيسمايو منذ عام 1991م وحتى سيطرة أحمد مدوبي عليها في عام 2012م من صراعات قبليَّة أودت بحياة الآلاف ودمَّرت الممتلكات العامة والخاصة في المدينة، وأن أحمد مدوبي سيطر على المدينة بقوَّة السلاح بعد صراع مرير مع زعماء منافسين له مثل العقيد بري شري هيرالي والزعيم إفتن باستو وغيرهما في منتصف عام 2013م، وبالتالي فإن إحقاق المصالحة الوطنية أهم من الإقدام على مشاريع وسنّ قوانين قد تسبب في حدوث فجوة  بين المجتمع المحلي.

2- قلة الإمكانيات المعنوية والمادية:  تواجه الإدارة قلة الإمكانيات المعنوية والمادية في تنفيذ مثل هذه المشاريع الكبيرة الذي يعد مشروعا وطنيا نافعا للجميع، حيث يواجه أصحاب المشروع مماطلات ودفع رشاوى من أصحاب المحلات التجارية غير المشروعة، على الرغم من حداثة الإدارة التي لم يترسخ مواردها المالية.

3- التحدي الزمني الأمني: إن إزالة الأبنية غير الشرعية في المدينة تحتاج إلى وقت طويل ودراسة حول مواجهة أزمة السكن والأحياء العشوائية والمرافق العامة، وتعميم ذلك في الأحياء المختلفة للمدينة، في حين تواجه الإدارة تحديات أمنية حيث تسيطر حركة الشباب على بعد 30 كيلو مترات عديدة خارج المدينة.

الجانب الإيجابي من المشروع:

  • إعادة النظام إلى المدينة: فعملية هدم الأبنية غير الشرعية وإخلاء ممتلكات الدولة في المدينة تهدف إلى إعادة تشغيل مرافق الحياة في المدينة مثل المكاتب الحكومية والمرافق العامة، وكذلك إعادة بهجة المدينة ورونقها الطبيعي، وقد تجاوب بعض الناس مع هذه الأوامر، وبدأوا يرحلون من المكان قبل أن يأتي دور الهدم إليهم.
  • حفظ الأمن وضبط الوضع المتدهور: وتهدف إدارة الإقليم من إزالة تلك الأبنية غير الشرعية السيطرة على الوضع الأمني وفلتان الأمور، حيث يعتقد أن بعض العناصر التخريبية تتخذ من الأبنية غير الشرعية مقرا لها.

  إلا أنه ينبغي مراعاة ظروف الضعفاء والطبقة الفقيرة التي أنشأت تلك الأبنية العشوائية بشق الأنفس لإيجاد مأوى أو متجر يكفل قوت يومه، وبالتالي يفقد معيشته بهذا القانون الصادر، وينبغي إعادة توطين أولئك الضعفاء وإسكانهم في أراض شرعية منحتها لهم الدولة.

زر الذهاب إلى الأعلى